قال الله تعالى : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ( 56 ) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ (57 ).

_القول في تأويل قوله تعالى : { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لمشركي قومك الذين يعبدون من دون الله من خلقه : ادعوا أيها القوم الذين زعمتم أنهم أرباب وآلهة من دونه عند ضر ينزل بكم , فانظروا هل يقدرون على دفع ذلك عنكم , أو تحويله عنكم إلى غيركم , فتدعوهم آلهة , فإنهم لا يقدرون على ذلك , ولا يملكونه , وإنما يملكه ويقدر عليه خالقكم وخالقهم . وقيل : إن الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم هذا القول , كانوا يعبدون الملائكة وعزيرا والمسيح , وبعضهم كانوا يعبدون نفرا من الجن . ذكر من قال ذلك : 16889 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قوله : { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا } قال : كان أهل الشرك يقولون : نعبد الملائكة وعزيرا , وهم الذين يدعون , يعني الملائكة والمسيح وعزيرا .

_القول في تأويل قوله تعالى : { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا } يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين يدعوهم هؤلاء المشركون أربابا { يبتغون إلى ربهم الوسيلة } يقول : يبتغي المدعوون أربابا إلى ربهم القربة والزلفة , لأنهم أهل إيمان به , والمشركون بالله يعبدونهم من دون الله { أيهم أقرب } أيهم بصالح عمله واجتهاده في عبادته أقرب عنده زلفة { ويرجون } بأفعالهم تلك { رحمته ويخافون } بخلافهم أمره { عذابه إن عذاب ربك } يا محمد { كان محذورا } متقى . وبنحو الذي قلنا في ذلك , قال أهل التأويل , غير أنهم اختلفوا في المدعوين , فقال بعضهم : هم نفر من الجن . ذكر من قال ذلك : 16890 - حدثني أبو السائب , قال : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن عبد الله , في قوله : { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة } قال : كان ناس من الإنس يعبدون قوما من الجن , فأسلم الجن وبقي الإنس على كفرهم , فأنزل الله تعالى { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة } يعني الجن
تفسير الطبري