قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الصواعق المرسلة على الجهميه والمعطلة (1/30,29):

ولما كان مفتاح الدعوة الإلهية معرفة الرب تبارك وتعالى , قال أفضل الداعيين إليه سبحانه

لمعاذ بن جبل وقد أرسله إلى اليمن ((إنك تأتي قوماً أهل كتاب , فليكن أول ما تدعوهم إليه

شهادة ألا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله , فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن قد فرض عليهم خمس

صلوات في اليوم والليلة)) وذكرباقي الحديث . وهو في الصحيحين وهذا اللفظ لمسلم .

فأساس دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم معرفة الله سبحانه بأسمائه , وصفاته , وأفعاله , ثم يتبع ذلك أصلان عظيمان :

أحدهما: تعريف الطريق الموصلةإليه , وهي شريعته المتضمنة لأمره ونهيه.

الثاني: تعريف السالكين ما لهم بعد الوصول إليه من النعيم الذي لاينفد, وقرة العين التي لاتنقطع .

وهذان اصلان تابعان للأصل الأول , ومبنيان عليه, فأعرف الناس بالله , أتبعهم للطريق الموصل

إليه , وأعرفهم بحال السالكين عند القدوم عليه, ولهذا سمى الله سبحانه ما أنزل على رسوله

روحا لتوقف الحياة الحقيقية عليه , ونورا لتوقف الهداية عليه , قال تعالى (( يلقي الروح من
أمره على من يشاء من عباده))

في موضعين من كتابه ,, وقال عز وجل ((وكذلك اوحينا إليك روحاً من أمرنا ماكنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا))

فلا روح إلا فيما جاء به , ولانور إلا في الاستضاءة به , فهو الحياة , والنور , والعصمة والشفاء

والنجاة والأمن , والله سبحانه وتعالى أرسل رسوله بالهدى , ودين الحق , فلا هدى إلا فيما جاء

به ولا يقبل الله من احد ديناً يدينه به إلا أن يكون موافقا لدينه , وقد نزه سبحانه وتعالى نفسه عما يصفه به العباد إلا ما وصفه به المرسلون فقال ((سبحان الله عما يصفون , إلا عباد الله المُخلصين))

قال غير واحد من السلف : هم اتباع الرسل.

فنزه نفسه عما يصفه به الخلق , ثم سلم على المرسلين لسلامة ما وصفوه به من النقائص

والعيوب , ثم حمد نفسه على تفرده بالأوصاف التي يستحق عليها كمال الحمد... )) انتهى كلامه رحمه الله تعالى .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين,,