فائدة بديعة تفسير اهدنا الصراط المستقيم

ابن القيم الجوزية

قوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم الفاتحة 6 7 فيها عشرون مسألة
أحدها ما فائدة البدل في الدعاء والداعي مخاطب لمن لا يحتاج إلى البيان والبدل القصد به بيان الإسم الأول
الثانية ما فائدة تعريف الصراط المستقيم باللام وهلا أخبر عنه بمجرد اللفظ دونها كما قال وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم الشورى 52
الثالثة ما معنى الصراط ومن أي شيء اشتقاقه ولم جاء على وزن فعال ولم ذكر في أكثر المواضع في القرآن الكريم بهذا اللفظ
وفي سورة الأحقاف ذكر بلفظ الطريق فقال يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم الأحقاف 30الرابعة ما الحكمة في إضافته إلى قوله تعالى الذين أنعمت عليهم بهذا اللفظ ولم يذكرهم بخصوصهم فيقول صراط النبيين والصديقين فلم عدل إلى لفظ المبهم دون المفسر
الخامسة ما الحكمة في التعبير عنهم بلفظ الذي مع صلتها دون أن يقال المنعم عليهم وهو أخصر كما قال المغضوب عليهم وما الفرق
السادسة لم فرق بين المنعم عليهم والمغضوب عليهم فقال في أهل النعمة الذين أنعمت وفي أهل الغضب المغضوب بحذف الفاعل
السابعة لم قال اهدنا الصراط المستقيم فعدى الفعل بنفسه ولم يعده بإلى كما قال تعالى وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم وقال تعالى واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم الأنعام 87
الثامنة أن قوله تعالى الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم يقتضي أن نعمته مختصة بالأولين دون المغضوب عليهم ولا الضالين
وهذا حجة لمن ذهب إلى أنه لا نعمة له على كافر فهل هذا استدلال صحيح أم لا
التاسعة أن يقال لم وصفهم بلفظ غير وهلا قال تعالى لا المغضوب عليهم كما قال والضالين وهذا كما تقول مررت بزيد لا عمرو وبالعاقل لا الأحمق
العاشرة كيف جرت غير صفة على الموصوف وهي لا تتعرف بالإضافة وليس المحل محل عطف بيان إذ بابه الإعلام ولا محل لذلك إذ المقصود في باب البدل هو الثاني والأول توطئة وفي باب الصفات المقصود الأول والثاني بيان وهذا شأن هذا الموضع فإن المقصود ذكر المنعم عليهم ووصفهم بمغايرتهم معنى الغضب والضلال
الحادية عشرة إذا ثبت ذلك في البدل فالصراط المستقيم مقصود الإخبار عنه بذلك وليس في نية الطرح فكيف جاء صراط الذين أنعمت عليهم بدلا منه وما فائدة البدل هنا
الثانية عشرة أنه قد ثبت في الحديث الذي رواه الترمذي والإمام أحمد وابن أبي حاتم تفسير المغضوب عليهم بأنهم اليهود والنصارى بأنهم الضالون . حسن . فما وجه هذا التقسيم والإختصاص وكل من الطائفتين ضال مغضوب عليه
الثالثة عشرة لم قدم المغضوب عليهم في اللفظ على الضالين
الرابعة عشرة لم أتى في أهل الغضب بصيغة مفعول المأخوذة من فعل ولم يأت في أهل الضلال بذلك فيقال المضلين بل أتى فيهم بصيغة فاعل المأخوذة من فعل
الخامسة عشرة ما فائدة العطف ب لا هنا ولو قيل المغضوب عليهم والضالين لم يختل الكلام وكان أوجز
السادسة عشرة إذ قد عطف بها فيأتي العطف بها مع الواو للمنفى نحو ما قام زيد ولا عمرو وكقوله تعالى ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج التوبة 91 إلى قوله تعالى ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم التوبة 92 وأما بدون الواو فبابها الإيجاب نحو مررت بزيد لا عمرو
السابعة عشرة هل الهداية هنا هداية التعريف والبيان أو هداية التوفيق والإلهام
الثامنة عشرة كل مؤمن مأمور بهذا الدعاء أمرا لازما لا يقوم غيره مقامه ولا بد منه وهذا إنما نسأله في الصلاة بعد هدايته فما وجه السؤال لأمر حاصل وكيف يطلب تحصيل الحاصل
التاسعة عشرة ما فائدة الإتيان بضمير الجمع في اهدنا والداعي يسأل ربه لنفسه في الصلاة وخارجها ولا يليق به ضمير الجمع ولهذا يقول رب اغفر لي وارحمني وتب علي
العشرون ما حقيقة الصراط المستقيم الذي يتصوره العد وقت سؤاله
فهذه أربع مسائل حقها أن تقدم أولا ولكن جر الكلام إليها بعد ترتيب المسائل الست عشرة
الجواب بعون الله وتعليمه أنه لا علم لأحد من عباده إلا ما علمه ولا قوة له إلا بإعانته
بدائع الفوائد.الجزء2.ص
248
ابن القيم الجوزية