بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمَّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فإنها بشارة عظيمة لكل مسلم من ذكر وأنثى هذا الشهر العظيم، الذي حل بالمسلمين ضيفاً كريماً، موسماً عظيماً لمن وفقه الله لفعل الخيرات والطاعات، فهو موسم عظيم جعله الله غنيمةً في حياة المسلم، وأودع فيها من الخيرات ما لا يعلمه إلا هو سبحانه تعالى كل ساعاته وكل أوقاته ليله ونهاره كله طاعات لمن وفقه الله، واستغله في طاعة الله عز وجل قال الله سبحانه وتعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).

مزايا هذا الشهر عظيمة أعظمها: أن الله أنزل فيه القرآن يعني: ابتدأ إنزاله في شهر رمضان تولى بعد ذلك على مدى ثلاثٍ وعشرين سنة من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى وفاته والقرآن ينزل عليه مجزئا ولكنه ابتدأ إنزاله في شهر رمضان في ليلة القدر كما قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) هذا من أعظم مزايا هذا الشهر (الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).

ومن خصائص هذا الشهر العظيم أن الله فرض صيامه على الأمة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ) ثم بين هذه الأيام في قوله: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) فصيامه فريضة، وقيام ليله تطوع، فهو شهر كله خير لياليه وأيامه لمن وفقه الله، وأمَّا الغافل والمضيع هذا لا قيمة للشهر عنده شهر رمضان وغيره سوا بالنسبة للمضيع الغافل، أمَّا المؤمن فإنه ينتبه ويستدرج ما فاته ويستعد لمستقبله، فهذا الشهر منطلقٌ إلى الخيرات.

ومن مزايا هذا الشهر: أنه تفتح فيه أبواب الجنان للأعمال الصالحة، فأصحاب الأعمال الصالحة يدخلون هذه الأبواب كلٌ يدخل من الباب الذي يوافق عمله، أهل الصيام لهم باب، أهل القيام لهم باب، أهل الجهاد لهم باب وهكذا تفتح فيه هذه الأبواب لأهل الخير وأهل الطاعات، تغلق فيه أبواب النيران عن أهل الإيمان، تقل فيه المعاصي، وتكثر فيه الطاعات، ويصفد فيه الشيطان عن أهل الخير، أما أهل الشر فإنه يسلط عليهم في رمضان وفي غيره لكنه يصفد عن أهل الخير لئلا يفسد عليهم أعمالهم، فهذا من فضل الله سبحانه وتعالى أنه يأسر عنهم عدوهم الذي كان يشغلهم طوال السنة فإذا جاء رمضان يصفد عن أهل الخير ليتمكنوا من الأعمال الصالحة ويسلموا من عدوهم، وينادي منادي كل ليلة يا باغي الخير أقبل هذه دعوة من الله عز وجل ينادي بها من شاء الله من خلقه يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر يعني: امتنع لا تأتي.

فهذا شهر عظيم، وموسم كريم، وخير وفير لمن وفقه الله وأدركه وصام أيامه وقام لياليه، واستغل أوقاته بالخير، فإنه شهر مبارك بجميع أنواع البركة ليس فيه دقيقة وليس فيه ساعة وليس فيه لحظة من لحظاته إلا وفيها خير للمؤمن الذي يوفقه الله سبحانه وتعالى، يتنبه لنفسه فهو موسم عظيم.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم هذا الشهر ويحثهم على اغتنامه وعلى الانتباه له حتى يستعدوا له ويفرحوا به، ويستبشروا به، ويهنئ بعضهم بعضا على إدراكه ويسألون الله أن يتم لهم وأن يوفقهم للأعمال الصالحة فيه وأن يتقبل منهم، وأن يضاعف لهم أجورهم، فهذا خير كثير يستبشر به المسلم ويفرح به المؤمن، ويُقبل على طاعة ربه عز وجل لأنه موسم عظيم من مواسم الجنة، سوق من أسواق الآخرة، أتاحه الله لنا.

فعلينا أن نهتم بهذا الشهر، وأن نسابق فيه إلى الخيرات قبل فواتها.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

***

كلمات رمضانية 01/09/1435هـ