بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله؛ نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا،

من يهده الله فلا مضلّ له، و من يضلل فلا هادي له.

و أشهد أن لا إله إلا الله - وحده لا شريك له -

و أشهد أنّ محمداً عبده و رسوله.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران:102)

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } (النساء:1)

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } (الأحزاب:71)

أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، و أحسن الهدي هدي محمّد ، و شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار


السؤال :-

يتعرض الإسلام اليوم ، وفي هذه الأيام بالذات إلى النيل منه عن طريق بعض جماعات التصوف والدجل والشعوذة والأساطير والخرافات فما هو المنهج الذي ينبغي على علماء الإسلام أن يواجهوا به هذه الدعوات الكاذبة والبدع المضللة؟ .

الجواب :-


للأسف أن أعداء الإسلام يستعينون بمن ينتسبون إلى الإسلام من الخرافيين والصوفيين ،

وسائر أهل البدع .

ليروجوا باطلهم وليشغلوا المسلمين بما يضرهم ويسبب افتراقهم واختلافهم ،

حتى يتمكنوا من الحصول على مرادهم ، والاستيلاء على ثروات البلاد ، وتمزيق شمل المسلمين .

مقاومة أهل البدع والضلالات :-

ولا سبيل إلى السلامة من ذلك . إلا بأن يقوم العلماء العارفون بدين الله سبحانه وتعالى ،

والمتبصرون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

بتوجيه المسلمين إلى التمسك بحقيقة دينهم .

ونبذ كل بدعة وكل خرافة من طرق التصوف المختلفة والمتنوعة والمخالفة لشرع الله ومن سائر أنواع البدع التي روجها كثير من الناس ،

والواجب على علماء المسلمين أيضا أن يحثوا المسلمين ويؤكدوا عليهم أنه لا سبيل إلى نجاتهم ، وإلى اجتماع شملهم إلا بالتمسك بكتاب الله العظيم وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام ،

وترك ما خالف ذلك من سائر الأهواء والبدع .

المنهج واحد :

وقد أكمل الله الدين ، وأتم النعمة ، فلا حاجة إلى التمسك بما خالف ذلك ، والتعصب لذلك

والاختلاف من أجل ذلك .

بل يجب أن يكون المنهج واحدا وهو التمسك بالقرآن العظيم والسنة المطهرة ،

بتوحيد الله سبحانه وإخلاص العبادة له وترك عبادة ما سواه وترك الغلو في القبور ، وأهل القبور ،

ودعائهم والاستغاثة بهم ونحو ذلك . فإن هذا من الشرك بالله عز وجل ، والعبادة حق لله وحده ،

قال الله تعالى :

{ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ }

وقال سبحانه :

{ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }

وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث معاذ بن جبل رضي لله عنه :

" حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا " .

فالواجب على علماء الإسلام أن ينشروا دين الله بين الناس ، وأن يوضحوا لأهل البدع والتصوف والخرافات والانحراف بطلان ما هم عليه من البدع

ويوضحوا لهم السنة الغراء والطريقة السمحة الواضحة ،

وأن يبينوا لهم أدلتها من الكتاب والسنة ، وأن ينبهوهم إلى أخطائهم بالأسلوب الحسن ، والدليل الواضح .

والبرهان القوي والحجة الدامغة ، والعبارات البينة .

من غير عنف ولا شدة بل بالعبارة الواضحة ، والجدال بالتي هي أحسن ،

حتى يعرفوا الحق ويهتدوا إلى الصواب ، وحتى يتبصروا وحتى يدعوا الخرافات والشركيات والبدع

التي هم عليها على غير هدى وعلى غير بصيرة .

والحق ضالة المؤمن متى وجده أخذه وقد قال الله تعالى

{ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا }

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " .

يجب ترك البدع والتصدي لها :

وكل بدعة وكل ضلالة وكل منهج يخالف شرع الله يجب تركه ويجب أن يسير الناس جميعا على المنهج الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ،

ثم سار عليه صحابته والخلفاء الراشدون من بعده

ثم تابعهم الأئمة المهتدون والسلف الصالحون ،

تابعوهم على المنهج القويم ،

والصراط المستقيم .

هذا هو المنهج الذي يجب الأخذ به والتمسك به .

والسير عليه .

والدعوة إليه وكل ما يخالف ذلك مما أحدثه الناس يجب أن يترك وأن يرفض مع البيان والإيضاح

حتى لا يهلك هالك إلا عن بينة .

واجب العلماء وأجهزة الإعلام :-

: وتحدث سماحته عن واجب العلماء ووسائل الإعلام تجاه ما يروجه الذين ينتسبون إلى العلم والدين

في بعض الدول الإسلامية من بدع وخرافات وضلالات فقال .

نحن في آخر الزمان ونحن الآن في القرن الخامس عشر الهجري .

وقد انتشر الجهل .

وقل العلم .

كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم

" يتقارب الزمان ويظهر الجهل ويقل العلم .."

والعلماء المتبصرون اليوم في أوطان المسلمين قليلون .

وعلماء السوء وأدعياء العلم من الذين يدعون أنفسهم علماء - وليسوا بعلماء -

وينتسبون إلى العلم كذبا وباطلا ، هؤلاء كثيرون

ولكن لا عبرة بهم

ولا قيمة لهم لعدم علمهم بالحق .


وعدم نصرهم للحق وحجة المخالفين والمبتدعين والضالين ضعيفة واهية .

ومن الواجب على علماء الحق .

الذين وفقهم الله سبحانه وتعالى للعلم بكتابه وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وبصرهم بالحق .

حتى عرفوا طريق النبي صلى الله عليه وسلم وطريق أصحابه ،

وعرفوا أن النصر إنما يكون بالتمسك بدين الله والعض عليه بالنواجذ .

ودعوا إلى ذلك وعرفوا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وتمسكوا بالشرع الحنيف .

ودانوا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم أن ينشروا الدعوة الإسلامية

ويقوموا بتنقية العقيدة من البدع والضلالات والانحرافات .

هؤلاء هم العلماء الذين تعلق عليهم الآمال وتجب عليهم دعوة الناس إلى الحق ،

وهؤلاء يلزمهم أن يصبروا على الأذى وأن يبشروا الناس بدين الله ،

ويوضحوا لهم سبيل الحق ،

ويشرحوا لهم حقيقة الإسلام الذي بعث الله به النبي صلى الله عليه وسلم

حتى يزول الجهل وينقشع اللبس ،

ويتضح الحق لطالب الحق .

الرجوع إلى الحق والصواب

وحتى يعلم أهل البدع والخرافات ،

من الصوفية

وغيرهم ما هم عليه من الباطل فيرجعوا إلى الصواب

ويأخذوا بالحق ،

لأن الكثير منهم قد التبس عليه الحق ،

فلو عرف الحق لأخذ به ،

وسار على طريقه .

فإذا نشر أهل العلم والبصيرة والإيمان الحقيقة الإسلامية ،

وبصروا الناس بأحكام الله ،

ودعوا إلى شريعة الله ،

وأوضحوا لهم الأدلة على ذلك فإن الله يهدي من يشاء ،

وبذلك يكون علماء الإسلام قد أحسنوا إلى الناس وبلغوا ما عليهم وأدوا واجبهم ،

ثم بعد ذلك فإن من ضل على بصيرة فأمره إلى الله في ذلك

وقد وعد النار ملئها

ووعد الجنة ملئها ،

وقال سبحانه وتعالى :

{ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ }

إنما على أهل العلم البلاغ والبيان والتبصير ،

وإقامة الأدلة ،

والصبر على ذلك ،

والله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء .

هذه أسئلة مختارة أجاب عنها سماحة الشيخ عبد العزيزبن عبد الله بن باز - رحمه الله تعالى وغفر له - لمندوب مجلة التضامن في عدد رجب عام 1404 هـ . منقول