جماعة التبليغ خطر يهدد وحدة المجتمع


علي بن يحيى الحدادي
إن من أجل نعم الله علينا أن هدانا للإسلام وأن وفقنا للسنة وأن جمعنا تحت راية شرعية تحكم فينا بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعت الكلمة وأمن الناس واطمأنت القلوب وعصمنا الله من الفتن والمحن التي تتخطف الناس من حولنا.
وما نحن فيه من نعمة فبفضل الله وحده ثم بما قامت عليه هذه البلاد من نصرة التوحيد وحماية السنة والقضاء على مظاهر الشرك والوثنية ورد البدع وقمعها مصداقاً لقوله تعالى «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدوني لايشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون».
وآفة النعم الكفر بها وجحودها ومن كفر النعمة التي ننعم بها الخروج على الجماعة والشذوذ عنها وذلك بالانضواء تحت ألوية الجماعات الوافدة بالولاء لقادتها، والالتزام بأفكارها، ونشر دعوتها، وتحزيب أفراد المجتمع وتفريق كلمته. وزعزعة الثقة في حكامه وعلمائه.
فماذا تريد بنا هذه الجماعات؟
أتريد بنا العودة إلى الشرك بعد التوحيد؟
أتريد بنا العودة إلى البدعة بعد السنة؟
أتريد بنا العودة إلى الجهل بعد العلم؟
أتريد بنا العودة إلى الفرقة والاختلاف بعد اجتماع الكلمة والائتلاف؟
أتريد بنا العودة إلى التباغض والتدابر بعد المحبة والألفة والتناصر؟
ماذا يريدون؟
شريعة قائمة، وسنة ظاهرة، ومساجد معمورة، وولاية شرعية، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر. ألا إنهم لايريدون إلا الإفساد.
أيها القارئ الكريم:
لقد ابتليت بلادنا بجماعات وافدة تزعم الدعوة والإصلاح وهي تحمل في طياتها الضلال الكبير والشر المستطير ومن تلك الجماعات جماعة التبليغ والتي يطلق عليها أيضاً جماعة التبليغ والدعوة ويعرف المنتمون إليها بالتبليغيين أو «بالأحباب».
ومن علاماتهم المشهورة التي يعرفون بها: زيارة البيوت وحث الناس على الخروج معهم.
والغالب عليهم الجهل لأنهم لايتعلمون، فدعوتهم مبنية على الجهل، يكثر في كلامهم ذكر الكرامات، وفوائد ما يقومون به من الزيارات، وما حصل من الخير لهم ولمن خرج معهم.
ويحرص بعض دعاة هذه الجماعة على جذب الشباب واستقطابهم بالنكت المضحكة والقصص والقصائد مما يستهوي عقول الجهال ويغريهم بالانضمام إليهم.
وجماعة التبليغ نشأت في الهند على يد رجل صوفي خرافي ثم انتشرت في العالم (ومن أراد التفاصيل فعليه بالكتب المؤلفة المتخصصة في الجماعة أو البحوث التي كتبت عنهم).
وقد جاؤوا أول الأمر إلى هذا البلد بصورة علنية وطلبوا الإذن لهم بممارسة دعوتهم فأصدر سماحة مفتي المملكة في زمانه الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله فتوى في شأنهم جاء فيها: ( هذه الجمعية لاخير فيها؛ فإنها جمعية بدعة وضلالة وبقراءة الكتيبات المرفقة بخطابهم وجدناها تشتمل على الضلال والبدعة والدعوة إلى عبادة القبور والشرك، الأمر الذي لايسع السكوت عنه). اه مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (1/267 - 268).
عند ذلك رجعوا بالأسلوب الخفي فأخذوا ينتشرون شيئاً فشيئاً مع الحرص التام على التخفي والتستر ولكن الله تعالى كشف أمرهم، وهتك سترهم، فأرصد لهم ورثة النبيين من العلماء الربانيين، من علماء هذه البلاد ومن غيرها فما زالوا يفتون بأنها جماعة بدعية، وما زالوا يحذرون من شرها وباطلها.
ومن كلام أهل العلم فيهم مايلي:
قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: (جماعة التبليغ المعروفة الهندية عندهم خرافات، عندهم بعض البدع والشركيات، فلا يجوز الخروج معهم، إلا إنسان عنده علم يخرج لينكر عليهم ويعلمهم. إلى أن قال: أو إنسان عنده علم وبصيرة يخرج معهم للتبصير والإنكار والتوجيه إلى الخير وتعليمهم حتى يتركوا المذهب الباطل، ويعتنقوا مذهب أهل السنة والجماعة). أ ه
وسئل أيضاً عن جماعة الاخوان المسلمين وعن جماعة التبليغ وهل تدخلان في الفرق الثنتين وسبعين الهالكة فقال:
(تدخل في الثنتين والسبعين، من خالف عقيدة أهل السنة دخل في الثنتين والسبعين)ه في شريط مسجل بصوته إصدار تسجيلات منهاج السنة بالرياض، وقال العلامة الألباني رحمه الله:
(جماعة التبليغ لاتقوم على منهج كتاب الله وسنة رسوله عليه السلام وما كان عليه سلفنا الصالح. وإذا كان الأمر كذلك؛ فلا يجوز الخروج معهم) ا ه.
وقال الشيخ عبدالرزاق عفيفي نائب رئيس اللجنة الدائمة للإفتاء سابقاً رحمه الله:
(الواقع أنهم مبتدعة محرفون وأصحاب طرق قادرية وغيرهم، وخروجهم ليس في سبيل الله، ولكنه في سبيل إلياس - أحد قادة الجماعة - ، هم لايدعون إلى الكتاب والسنة إلى أن قال: أنا أعرف التبليغ من زمان قديم، وهم المبتدعة في أي مكان كانوا هم في مصر، وإسرائيل وأمريكا والسعودية، وكلهم مرتبطون بشيخهم إلياس).
وقال العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله:
(بلغني عن زعماء لهؤلاء الجماعة في الأقطار الإسلامية خارج بلادنا أنهم على انحراف في العقيدة فإذا صح ذلك فإن الواجب التحذير منهم والاقتصار على الدعوة داخل بلادنا على الوجه المشروع) ا ه
وقال العلامة الناصح الشيخ حمود التويجري رحمه الله:
(اني أنصح السائل وأنصح غيره من الذين يحرصون على سلامة دينهم من أدناس الشرك والغلو والبدع والخرافات أن لاينضموا إلى التبليغيين ولايخرجوا معهم أبداً وسواء كان ذلك في البلاد السعودية أو في خارجها، لأن هؤلاء أهون مايقال في التبليغيين أنهم أهل بدعة وضلالة وجهالة في عقائدهم وفي سلوكهم ومن كانوا بهذه الصفة الذميمة فلا شك أن السلامة في مجانبتهم والبعد عنهم) ا ه
وقال الشيخ عبدالقادر الأرناؤوط رحمه الله:
(جماعة التبليغ صوفية نقشبندية قادرية يخلطون بين العقيدة الصحيحة والعقيدة الفاسدة وبين السنة والبدعة وبين الولاء لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والولاء للمناهج البشرية تفسر النصوص على منهجها لاعلى منهج السلف الصالح) ا ه
وقال الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله:
(إن هؤلاء الجماعة لايريدون العلم ولايطلبونه فبهذه الطريقة يفسدون أكثر مما يصلحون وجماعة التبليغ أعرفها جيداً هم في العقيدة ماتريدية جشتية وفي المذهب أحناف متعصبة) ه.
وقال (كل من كان على فكر مخالف لأهل السنة فليس منهم فجماعة الإخوان والتبليغ ليسوا من أهل السنة لأنهم على أفكار تخالفهم) ا ه.
وقال الشيخ عبدالله بن غديان عضو اللجنة الدائمة للإفتاء حفظه الله مجيباً على سؤال يقول صاحبه: نحن في قرية ويتوافد علينا بما يسمى جماعة التبليغ فهل نمشي معهم أم لا؟ نرجو التوضيح. فقال الشيخ.
(لاتمش معهم إنما تمشي مع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم) ا ه
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
(نصيحتي لأخواني العوام وغير العوام أن لايصحبوهم وإذا أرادوا الخير فهو موجود ولله الحمد في بلادهم إذا أرادوا العلماء فالعلماء موجودون إذا أرادو العبادة المساجد مفتوحة إذا أرادوا أي شئ من أمور الدين فهو متوفر ولله الحمد).
وقال أيضاً حين قيل له بأن جماعة التبليغ يرفضون دعوة التوحيد وإذا بين لهم التوحيد نفروا فقال الشيخ حفظه الله:
(أنا شاهدت بنفسي أنا ألقيت محاضرة في التوحيد في بعض مساجد الرياض وكانوا مجتمعين فيه فخرجوا خرجوا من المسجد ومثلي أيضاً بعض المشايخ ألقوا في هذا المسجد محاضرة عن التوحيد فخرجوا منه لأنهم كانوا نازلين فيه فإذا سمعوا الدعوة إلى التوحيد خرجوا من المسجد مع أنهم يدعون إلى الاجتماع في المسجد لكن لما سعوا التوحيد خرجوا من المسجد أما إنهم لايقبلو ممن دعاهم إلى التوحيد نعم وهذا ليس خاصاً بهم بل كل من يسير على منهج ومخطط لايقبل التنازل عنه لوكانوا وقعوا في هذا الأمر عن جهل فهم يمكن أن يرجعوا إلى الصواب لكن هم وقعوا في هذا الأمر عن تخطيط وعن منهج يسيرون عليه من قديم مخطط لهم فلا يمكن أن يرجعوا عن منهجهم لأنهم لو رجعوا عن منهجهم لانحلت جماعتهم وهم لايريدون هذا) ا ه.
ولعلنا نكتفي بهذا القدر من الفتاوى التي صدرت عن كبار علماء الأمة والتي اتفقت في إدانة هذه الجماعة وتحذير المسلمين منها لما تحمله من المخالفات العقدية وانحر افها عن عقيدة السلف الصالح وهي في كتاب الكشف الستار عما تعمله بعض الجماعات من اخطار شريط «فتاوى العلماء في الجماعات» من اصدار تسجيلات منهاج السنة بالرياض.
وإليك أخي القارئ الكريم تلخيصاً لبعض المخاطر المنتظرة من جراء الانضمام لهذه الجماعة أو من جراء انتشارها.
أولاً:
هي جماعة بدعية تدعو إلى البدع وقد قال صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وقال صلى الله عليه وسلم (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) وقال صلى الله عليه وسلم (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا من هي يارسول الله قال الجماعة وفي رواية من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي).
وكل من ليس من أهل السنة والجماعة كان من الفرق الهالكة والعياذ بالله وكفى بهذا الأثر منفراً عنها وموجباً للبعد عن الانتماء إليها.
ثانياً:
من آثار ها السيئة أنها تخرج أتباعها من نور السنة إلى ظلمات البدعة فكم من سني عامي تحول بسببها إلى صوفي خرافي داعية ضلالة وفتنة وهذه ثمرة مرة من ثمار مخالطة أهل البدع ومجالستهم وتحسين الظن بهم، ولذا حذر السلف من مجالسة أهل البدع وأكثروا في ذلك.
ثالثاً:
أن انتشار دعوتهم في المجتمع يعني التمهيد لظهور البدع والشركيات لأنهم لايدعون إلى التوحيد ولايبينونه، ولايحذرون من الشرك ولايوضحونه ليحذره الناس، بل ولاينكرون على أصحاب المعاصي لأنهم يرون أن الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك وإنكار المنكرات مما ينفر الناس عنهم.
رابعاً:
أن دعوتهم تقوم على الجهل وكل من دعا على جهل أفسد وما أصلح وضر وما نفع فهم يكرهون مجالس العلماء ويسيئون بهم الظن ويضربون لهم الأمثال المنفرة عنهم والعياذ بالله، وإذا فشا الجهل وقل العلم ظهرت المخالفات الشرعية وقامت سوق البدع، ونبت الشرك شيئاً فشيئاً كما حصل في الشرك أول مرة في بني آدم فإنه ماظهر الشرك إلا حين مات العلماء ونسي العلم.
خامساً:
أنهم يجرئون الجهال على القول على الله بغير علم - والقول على الله بغير علم من أعظم الذنوب - ووجه تجريئهم الجهال على القول على الله بغير علم أنهم يخرجون بالجهال والعصاة ثم يأمرونهم بإلقاء البيانات والمواعظ والتذكير في البيوت والمساجد ولهذا يكثر في كلامهم الكذب والخرافات واللعب بالدين وتقرير الأباطيل والعياذ بالله.
سادساً:
تجرئ أتباعها على الخروج على ولاة الأمور وتبين ذلك من خلال الفقرات التالية:
أ- من تمادى معهم وأمنوا جانبه ووثقوا فيه أخذوا منه البيعة لأمير الجماعة، مع إنه لايحل لمؤمن أن يبايع رجلاً وفي عنقه بيعة لولي الأمر وفي بيعته لأمير الجماعة مخالفة صريحة للنصوص الشرعية التي تحرم البيعة الثانية لأنها تعني نكث البيعة الأولى بغير وجه حق.
ب- يسمون كبيرهم في القرية أو الحي أو المدينة يسمونه الأمير لايكادون يسمونه إلابذلك، فيستمرئ أحدهم هذا اللقب ولاشك أن لهذه التسمية تبعاتها فبما أنه الأمير فلا بد من طاعته إذا أمر وإلا لما صار أميراً.
وكيف يستسيغ المسلم أن يكون في عنقه طاعة لأميرين؟
ثم بأي حجة تنصب هذه الجماعة أميراً في البلد للدعوة غير مكلف من قبل ولي الأمر؟ ومن أين جاء في الإسلام أن يكون لجماعة من الناس أمير في الحضر ليس هو بالإمام الأعظم ولامفوض من قبله؟.
ج- يعزلون أفرادهم واتباعهم عن المجتمع حكومة وعلماء وشعباً بل وأسرة فالولاء للجماعة، والأمير هو أمير الدعوة، والهم الأكبر هو الخروج في سبيل الجماعة، وهذه العزلة الشعورية والتي تلبس بلباس التفرغ للدعوة هي من المدارج الأولى نحو تكفير الدولة والمجتمع ومن ثم التمرد عليه.
ولذا فلا عجب أن تكون هذه الجماعة من المحاضن الأولية التي ينطلق منها الفكر الإرهابي التكفيري التدميري إذ أن أفراد هذه الجماعة بحكم ما تلقوه من التربية وبحكم ما أشربوه من المفاهيم ليس عندهم ما يردعهم أو يقيهم من ا لانضمام إلى الخلايا التكفيرية وصدق من أشار من السلف إلى أن أهل البدع مهما اختلفوا فإنهم يجتمعون على السيف أي يجتمعون في الخروج على الجماعة وعلى ولاة امور المسلمين نسأل الله العافية.
أيها القراء الكرام:
إن جماعة التبليغ لايخرجونكم إلا إلى شر وبلاء، فلا تفتحوا لهم بيوتكم، ولا تأذنوا لهم في مساجدكم، وحولوا بينهم وبين ابنائكم في مدارسهم، ومن كانت لديه القدرة على نصحهم وموعظتهم فليفعل ومن لم تكن لديه القدرة على ذلك فلينأ بنفسه عنهم.
وفي الختام أتوجه بالشكر بعد شكر الله إلى معالي وزير الشؤون الإسلامية العالم الناصح الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله ورعاه وسدد على درب الخير خطاه على توجيهه للدعاة والخطباء بالتحذير من جماعة التبليغ فإنها خطوة رائدة نأمل أن يتبعها التوجيه بالتحذير من الجماعات الأخرى، ولاسيما جماعة الإخوان المسلمين إذ لايخفى على معاليه ما ذاقته البلاد من ويلات بسبب فكر هذه الجماعة كما سبق وصرح بذلك صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود وزير الداخلية وفقه الله في جريدة السياسة الكويتية.
اللهم إن نسألك أن تحفظ بلادنا من الأفكار الفاسدة والمناهج المضلة وسائر بلاد المسلمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان.
إمام وخطيب جامع أم المؤمنين
عائشة بنت أبي بكر الصديق بالرياض