بسم الله الرحمن الرحيم
لا يزال الدكتور ربيع يفاجئنا بمخترعاته و اكتشافاته غير المسبوقة ، و كلها مع الأسف الشديد هدفها النيل من أئمة التوحيد و دعاته . و من تلكم المفاجآت ما كتبه قبل أيام قلائل في مقال صب فيه جام غضبه و شديد سخطه على إمام من أئمة المالكية المعروفين بتبيين التوحيد و السنة و محاربة الشرك و البدعة ، إنه الإمام المبجل أبو بكر الطرطوشي رحمة الله عليه . حيث رماه و كتابَه بنشر أخطر أصول الجهمية و عقيدتهم الباطلة ، و أنه أخذ عقيدته من الجهمية و شحنها كتابه و نحى فيه منحى الجهمية والأشعرية ... فهذه هي مفاجأة ربيع و نسأل الله تعالى العفو و العافية .
فيا للعجب كيف يغفل الأئمة عن هذا الخطر العظيم و الكفر البواح و يتنبه له ربيع عام 1434 ! لكن لا عجب فقد باتت هذه الاكتشافات سمة بارزة على كتابات ربيع الأخيرة . فهو أول من ضعف أثر عبد الله بن شقيق في إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة ، و هو أول من ضعف الإمام هشام بن الغاز ، و هو أول من حارب مصطلح جنس العمل ، و هو أول من حزّب حوله الناس ببدعة سماها زورا : ( الجرح و التعديل) ، و هو أول من قال إن الخوارج عقديتهم سلفية ، و غير ذلك كثير مما لم يُسبق إليه . و لسان حاله يقول كما قال المعري :
وأنِّي وإنْ كنتُ الأخيرَ زمانه ... لآتٍ بما لمْ تستطعْهُ الأوائلُ

قال ربيع في مقاله : ( ومن جهله وضلاله تأييده ونشره لأخطر أصول الجهمية في تعليقاته على كتاب "الحوادث والبدع" للطرطوشي.
هذا، وليعرف القارئ أن كتاب الطرطوشي تحقيق وتعليق علي الحلبي ينتشر منذ ثلاثة وعشرين عاماً طُبع خلالها ثلاث طبعات في حدود علمي، فكم من القراء اغتر بهذه الأصول الجهمية التي يؤيدها الحلبي وينشرها.)

قلت : هذه هي قيمة كتاب الحوادث و البدع للإمام الطرطوشي رحمه الله عند الدكتور ربيع ؛ فهو يحمل أخطر أصول الجهمية . و أعلى أصول الجهمية كفرٌ صريح و أدناها بدعٌ مغلظة . و حيث أن الإمام الطرطوشي قرر أخطرها فهو الكفر الصريح لا محالة .

ثم قال ربيع : ( وقوله: "وهذا وذاك لا يُنْقِص قيمةَ الكتاب، ولا يُقلِّل من قدره".
نقول: هذا الكمال إنما هو عندك، أما عند أهل السنة فإنَّ ما تضمّنه هذا الكتاب من أصول باطلة تنقص قيمته إلى حد بعيد.)

قلت :
يقول هذا و هو القائل في كتابه: "دحر افتراءات أهل الزيغ والارتياب " : ( العلامة أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي المالكي المتوفى سنة 520 هـ صاحب كتاب الحوادث والبدع. حارب في كتابه المذكور البدع والضلالات ومن ضمنها البدع الشركية.)
و قال فيه أيضا : (قال أبو بكر محمد بن وليد الطرطوشي المتوفى سنة (520هـ) في كتابه القيم (الحوادث والبدع) التي من ضمنها البدع الشركية ....)
و قال في شريط " تأمّلات في أول سورة النحل " : (وهذا صاحب الحوادث والبدع الطرطوشي ـ بارك الله فيكم ـ له كتاب في الحوادث والبدع من أجود ما أُلّف في هذا الباب، لكنه وقع في أخطاء عقديّة ـ رحمه الله وغفر له ـ من حيث لا يدري ـ هو ممن يحب الحق ـ إن شاء الله ـ لكن بطول العهد على المسلمين وتغلغل الأشاعرة والمعتزلة والجهمية في صفوف المسلمين تأثر ببعض الأشياء ـ رحمه الله ـ نعم .)

قلت :
فاجمعوا بين الأقوال إن استطعتم لذلك سبيلا ، و إلا فاسألوا الله العافية و حسن الخاتمة . كيف يكون الكتاب قيّمًا و حرباً على البدع و الشركيات و من أجود ما أُلف ، ثم يكون كتابا لأخطر الأصول الجهمية ، و قيمته ناقصة إلى حد بعيد !
قال الإمام الفوزان : (أما ما يختص بالنهي عن البدع والتحذير منها ، فهناك كتب مفيدة وميسورة ، ولله الحمد ، وهي : أولاًَ : اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ، لشيخ الإسلام ابن تيمية . ثانيًا : الاعتصام ، للإمام الشاطبي - رحمه الله - . ثالثًا : كتاب : " الحوادث والبدع " ، للإمام الطرطوشي . رابعًا : البدع والنهي عنها ، لابن وضاح .) .
و من أقوال ربيع الشنيعة في الإمام الطرطوشي و كتابه في مقاله هذا قوله : ( فهذا القاضي أبو بكر ابن العربي صرّح بأن ما يذهب إليه من أن أفعال القديم تعالى غير معللة.
وأقرَّه الطرطوشي، وأقرَّهما الحلبي على ذلك، فهل عنده علم بأن هذا كلام باطل وضلال، وأنه يخالف العشرات من نصوص الكتاب والسنة ويخالف منهج السلف الصالح، وأقرّه راضياً به، أو أنه جاهل بمنهج السلف وجاهل بأن هذا الاعتقاد من عقائد الجهمية الضالة، إنَّ كُلّاً من الأمرين لقبيح جداً وأحلاهما مر جداً.)
و قال : ( خامساً- وفي (ص135-136) ينحى الطرطوشي منحى الجهمية والأشعرية في نفيهم تعليل أفعال الله القائمة على الحكمة.)
و قال : ( أقرَّ المؤلف الطرطوشي على هذا الضلال الجهمي، الذي يتضمن نفي التعليل لأفعال الله القائمة على العلم الواسع والحكمة البالغة وما فيها من المصالح العظيمة، ودفع المفاسد المهلكة.)
و قال : (فهو وسلفه – يقصد الطرطوشي - تلقوا هذا عن الجهمية الذين ينفون الحكمة في أفعال الله والتعليل لأفعاله تعالى، وأن لفعله تعالى غاية محبوبة وعاقبة محمودة. ينفون هذا زاعمين أنهم ينـزهون الله عن أن يفعل لغرض وعلة، وهذا عين الضلال؛ لأنه تعطيل لحكمة الله في أفعاله، وإنكار لتضمُّنِها للمصالح والنهي عن المفاسد. والحلبي أقرَّ هذا الباطل.)

قلت :
أسأل الله جل و علا أن يعافيني و جميع إخواني المسلمين من الحور بعد الكور ، و أسأله السلامة و العافية في ديني و دنياي ، و أسأله أن يجزي علماءنا و أئمتنا الذين سبقونا بالإيمان و العلم خيرا ، لاسيما الإمام مفخرة المالكية و المغاربة غصة المشركين و المبتدعين أبا بكر الطرطوشي رحمه الله تعالى .
و ليعلم ربيع أنه شأنه و الطرطوشي ليس إلا كما قال الشاعر :
كناطح صخرةً يوماً ليفلقها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ
و الحمد لله رب العالمين


*********************

أخي الكريم مذهب الأشاعرة في هذا الباب مذهب باطل ضال

قال الإمام ابن القيم: "(السبب الثاني) أن يخرج المعنى الذي يريد إبطاله في صورة مستهجنة تنفر عنها القلوب، وتنبوا عنها الأسماع، فيسمى عدم الانبساط إلى الفساق: سوء خلق، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فتنة وشرا وفضولا، ويسمون إثبات الصفات لكمال اللّه تعالى تجسيما وتشبيها وتمثيلا ويسمون العرش حيزا وجهة ويسمون الصفات أعراضا، والأفعال حوادث، والوجه واليدين أبعاضا، والحكم والغايات التي يفعل لأجلها أعراضا، فلما وضعوا لهذه المعاني الصحيحة، تلك الألفاظ المستكرهة تم لهم تعطيلها ونفيها على ما أرادوا.

فقالوا لضعفاء العقول: اعلموا أن ربكم منزه عن الأعراض، والأغراض، والأبعاض، والجهات والتركيب، والتجسيم، والتشبيه، ولم يشك أحد للّه في قلبه وقار وعظمة في تنزيه الرب تعالى عن ذلك. وقد اصطلحوا على تسمية سمعه وبصره وعلمه وقدرته وإرادته وحياته أعراضا. وعلى تسمية وجهه الكريم ويديه المبسوطتين أبعاضا. وعلى تسمية استوائه على عرشه وعلوه على خلقه تحيزا. وعلى تسمية نزوله إلى سماء الدنيا وتكليمه بقدرته ومشيئته إذا شاء، وغضبه بعد رضاه، ورضاه بعد غضبه: حوادث. وعلى تسمية الغاية التي يتكلم ويفعل لأجلها: غرضا. واستقر ذلك في قلوب المبلغين عنهم، فلما صرحوا لهم بنفي ذلك بقى السامع متحيرا أعظم حيرة بين نفي هذه الحقائق التي أثبتها اللّه لنفسه وأثبتها له جميع رسله وسلف الأمة بعدهم، وبين إثباتها. وقد قام معه شاهد نفيها بما تلقاه عنهم.
فأهل السنة هم الذين كشفوا زيف هذه الألفاظ وبينوا زخرفها وزغلها" مختصر الصواعق 119

وقال أيضا : (معنى قولهم: الأعراض، والأغراض، والأبعاض)

فتنزيههم عن الأعراض: هو من أحد صفاته كسمعه وبصره وحياته، وعلمه، وكماله، وإرادته، فأن هذه أعراض لا تقوم إلا بجسم، فلو كان متصفا بها لكان جسما وكانت أعرضا له وهو منزه عن الأعراض.

وأما الأغراض: فهي الغاية والحكمة التي لأجلها يخلق ويفعل، ويأمر وينهي ويثيب ويعاقب، وهي الغايات المحمودة المطلوبة له من أمره ونهيه وفعله؛ فيسمونها أغراضا وعللا ينزهونه عنها.

مختصر الصواعق 194

وقال: "فانظر ما ذا تحت تنزيه المعطلة النفاة بقولهم: ليس بجسم ولا جوهر ولا مركب، ولا تقوم به الأعراض، ولا يوصف بالأبعاض، ولا يفعل بالأغراض" مختصر الصواعق 201

وكلام ربيع في إنكار هذا المذهب الباطل حق في نفسه لكنه يريد به الحسابات الشخصية كما هو عادته

كتبه : أبو عبد الله يوسف المغربي