بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجري رحمة الله عليه:
ألا ترون رحمكم الله إلى مولاكم الكريم كيف يحث خلقه على أن يتدبروا كلامه، ومن تدبر كلامه عرف الرب عز وجل، وعرف عظيم سلطانه وقدرته، وعرف عظيم تفضله على المؤمنين، وعرف ما عليه من فرض عبادته، فألزم نفسه الواجب، فحذر مما حذره مولاه الكريم، ورغب فيما رغبه فيه، ومن كانت هذه صفته عند تلاوته للقرآن وعند استماعه من غيره كان القرآن له شفاء، فاستغنى بلا مال، وعز بلا عشيرة، وأنس بما يستوحش منه غيره، وكان همه عند التلاوة السورة إذا افتتحها: متى أتعظ بما أتلوه? ولم يكن مراده متى أختم السورة? وإنما مراده متى أعقل من الله الخطاب? متى أذدجر? متى أعتبر? لأن تلاوته للقرآن عبادة، والعبادة لا تكون بغفلة، والله الموفق.
و قال رحمه الله :
واعلموا رحمكم الله أني قد رويت فيما ذكرت أخباراً تدل على ما كرهته لأهل القرآن فأنا أذكر منها ما حضرني ليكون الناظر من كتابنا ينصح نفسه عند تلاوته للقرآن ويلزم نفسه الواجب والله الموفق
حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال أنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال أنا بقية بن الوليد عن شعبة عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي فراس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لقد أتى علينا حين وما نرى أن أحداً يتعلم القرآن يريد به إلا الله فلما كان ههنا بآخرة خشيت أن رجالاً يتعلمونه يريدون به الناس وما عندهم، فأريدوا بقراءتكم وأعمالكم وإنا كنا نعرفكم إذ فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا ينزل الوحي وإذ ينبئنا الله من أخباركم، فأما اليوم فقد مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي وإنما أعرفكم بما أقول من أعلن خيراً أحببناه عليه وظننا به خيراً، ومن أظهر شراً بغضناه عليه وظننا به شراً، سرائركم فيما بينكم وبين الله عز وجل.
قال محمد بن الحسين: فإذا كان عمر بن الخطاب قد خاف على قوم قرأوا القرآن في ذلك الوقت ميلهم إلى الدنيا فما ظنك بهم اليوم. وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكون أقوام يقرأون القرآن يقيمونه كما تقيمون القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه يطلبون به عاجلة الدنيا ولا يطلبون به الآخرة.
وحدثنا ابن عبد الحميد أيضاً قال أنا زهير بن محمد قال أنا أبو نعيم قال أنا إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر قال سمعت أبي يذكر عن مجاهد عن ابن عمر قال: كنا صدر هذه الأمة وكان الرجل من خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معه إلا السورة من القرآن أو شبه ذلك وكان القرآن ثقيلاً عليهم ورزقوا العمل به، وإن آخر هذه الأمة يخفف عليهم القرآن حتى يقرآه الصبي والأعجمي فلا يعملون به.
وحدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال سمعت أبا الحسن محمد بن محمد بن أبي الورد يقول كتب حذيفة المرعشي إلى يوسف بن أسباط.
بلغني أنك بعت دينك بحبتين وقفت على صاحب لبن فقلت بكم هذا? فقال لك: بسدس. فقلت: لا بثمن. فقال: هو لك، وكان يعرفك، اكشف عن رأسك قناع الغافلين وانتبه من رقدة الموتى واعلم أنه من قرأ القرآن ثم آثر الدنيا لم آمن أن يكون بآيات الله من المستهزئين.
أخبرنا ابو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال نا مخلد بن الحسن ابن أبي زميل قال أنا أبو المليح قال كان ميمون بن مهران يقول: لو صلح أهل القرآن صلح الناس.
وحدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال سمعت أبا الحسن محمد بن محمد بن أبي الورد يقول كتب حذيفة المرعشي إلى يوسف بن أسباط.
بلغني أنك بعت دينك بحبتين وقفت على صاحب لبن فقلت بكم هذا? فقال لك: بسدس. فقلت: لا بثمن. فقال: هو لك، وكان يعرفك، اكشف عن رأسك قناع الغافلين وانتبه من رقدة الموتى واعلم أنه من قرأ القرآن ثم آثر الدنيا لم آمن أن يكون بآيات الله من المستهزئين.
أخبرنا ابو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال نا مخلد بن الحسن ابن أبي زميل قال أنا أبو المليح قال كان ميمون بن مهران يقول: لو صلح أهل القرآن صلح الناس.
ثم قال رحمه الله: جمع ما ذكرته ينبغي لأهل القرآن أن يتأدبوا به ولا يغفلوا عنه فإذا انصرفوا عن تلاوة القرآن اعتبروا أنفسهم بالمحاسبة لها فإن تبينوا منها قبول ما ندبهم إليه مولاهم الكريم مما هو واجب عليهم من أداء فرائضه واجتناب محارمه فحمدوه في ذلك وشكروا الله على ما وفقهم له وإن علموا أن النفوس معرضة عما ندبهم إليه مولاهم الكريم قليلة الاكتراث به استغفروا الله من تقصيرهم وسألوه النقلة من هذه الحال التي لا تحسن بأهل القرآن ولا يرضاها لهم مولاهم إلى حال يرضاها فإنه لا يقطع بمن لجأ إليه ومن كانت هذه حاله وجد منفعة تلاوة القرآن في جميع أموره .