قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تفسيره عند قوله تعالى :
{ ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم } .
هذا عام لجميع المصائب في النفس والمال والولد والأحباب ونحوهم .
فجميع ما أصاب العباد بقضاء الله وقدره قد سبق بذلك علم الله وجرى به قلمه ونفذت مشيئته واقتضته حكمته ولكن الشأن كل الشأن هل يقوم العبد بالوظيفة التي عليه في هذا المقام أم لا يقوم بها ؟
فإن قام بها فله الثواب الجزيل والأجر الجميل في الدنيا والآخرة .
فإذا آمن أنها من عند الله فرضي بذلك وسلم لأمره هدى الله قلبه فاطمأن ولم ينزعج عند المصائب كما يجري ممن لم يهد الله قلبه بل يرزقه الثبات عند ورودهاوالقيام بموجب الصبر فيحصل له بذلك ثواب عاجل مع ما يدخر له يوم الجزاء من الأجر العظيم كما قال تعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } .
وعلم من ذلك أن من لم يؤمن بالله عند ورود المصائب بأن لم يلحظ قضاء الله وقدره بل وقف مع مجرد الأسباب أنه يخذل ويكله الله إلى نفسه .
وإذا وكل العبد إلى نفسه فالنفس ليس عندها إلا الهلع والجزع الذي هو عقوبة عاجلة على العبد قبل عقوبة الآخرة على ما فرط في واجب الصبر .
هذا ما يتعلق بقوله : { ومن يؤمن بالله يهد قلبه } في مقام المصائب الخاص .
وأما ما يتعلق بها من حيث العموم اللفظي فإن الله أخبر أن كل من آمن أي : الإيمان المأمور به وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خير وشره .
وصدق إيمانه بما يقتضيه الإيمان من لوازمه وواجباته أن هذا السبب الذي قام به العبد أكبــــــــــر سبب لهداية الله له في أقواله وأفعاله وجميع أحواله وفي علمه وعمله .
وهذا أفضل جزاء يعطيه الله لأهل الإيمان كما قال تعالى - مخبراً - أنه يثبت المؤمنين في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
وأصل الثبات : ثبات القلب وصبره ويقينه عند ورود كل فتنة فقال :
{ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } فأهل الإيمان أهدى الناس قلوباً وأثبتهم عند المزعجات والمقلقات وذلك لما معهم من الإيمان .

تفسير سورة التغابن الآية (11) .