تعليم التكفير من منظور إسلامي

[علي]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد ... وبعد :-


تعال معي على مركب من مراكب العلم نبحر لنستكشف حقائق امر لطالما اختلف الناس فيه , فلما الانتظار في مقام الحيرة والاضراب بل لنركب مبادرين هذا المركب شاقين لجج الفكر راشدين على الطريق نحو الكشف عن الامر بعين البصيرة , ولننفظ عن اثوابنا غبار الكآبة المتراكم بالمكوث في مقام الاضطراب والخذلان.

اعلم أولاً أن لفظ ( الكفر ) أخ للفظ ( المرض ) , فكما أن المرض يسم من وقع به بـ اسم ( مريض ) فكذلك الكفر فإنه يسم من وقع به بـ اسم ( كفور ) , فأنت تعلم أن ما أخرج الإنسان عن حال صحته يطلق عليه مرض وصاحبه مريض, وهذا لا يختلف فيه أحد , فينبغي أن تعلم أصل كلمة كفر في اللسان العربي فمعناها ( الستر والتغطية ) , فالفلاح حين يغطي البذور بالتراب يسمى كفر البذور , واليوم يسمي بعض الناس بعض الأغطية بـ كفر , لأنها تغطي وتستر .

فبعد أن تعرفنا على أصل المعنى وأنه وصف لا ينفك على من قام به كالمرض والشبع والري , ينبغي أن نتعرف على حد ذلك في الوحي المنزل , ولمعرفة ذلك يجب معرفة حقيقة الأمر الذي جاء به لنعرف ما الامر الذي من اخفاه وسترة وقع في كفره, ولفتح نافذة فهم هذا للنظر في حال الناس بعضهم مع بعض , مثال هذا الرجل مع امرأته فحين تنكر المرأة حق زوجها وتنسى احسانه لها في العشرة وما انفق عليها من ماله وما قدم من مشقة في تحصيله , والذي يظهر منها بالقول كان تقول له ( ما رأيت منك خير قط, او لم تحسن معاملتي ابدا ) او لا تتعامل مع زوجها بافعال توجبها ما يقدمه لها من احسان وانفاق , فإنها في كلا الحالتين سواء تكلمت بكلام او اساءت التعامل , فإنها تكفر بحق زوجها , وهذا النكران وترك الشكر مرتبط بترك شكر الخالق , قال صلى الله عليه وسلم ( من لا يشكر الناس لا يشكر الله ) , فأصل الاقرار واحد بأن يقر الانسان بأن للمنعم حق لا يجوز كفرانه , ومن هنا جعل الله الاحسان للوالدين في المرتبة الثانية بعد افراده بالعبودية , قال تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) , ومعلوم ان بر الوالين وترك عقوقهماي كون بالكلام ويكون بالفعال , فكذلك الامر مع الخالق جل وعلا , ولا سبيل لمعرفة ذلك على وجه التمام الا بواسطة الرسل عليهم الصلاة والسلام , فكل امر لزم الايمان به فتركه كفر , والامور التي يلزم الإيمان بها جاءت في نص القرآن والحديث النبوي في ذكر أن الإيمان يكون بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والإيمان باليوم الآخر وبالقدر خيره وشره , وكذلك الايمان بالبعض والكفر بالبعض يعد كفر بها كلها وهذا جاء بنص القرآن في قوله تعالى (إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا ) .

ومما يجب معرفته أن خطاب الرسل عليهم الصلاة والسلام لأقوامه نصيحة لهم وسعيا في هدايتهم وبيان لحالهم ليتوبوا لربهم لا مجرد تصنيف اوتعالي على الخلق , فتنبه لهذا جيدا .

ويبقى معرفة الحد الذي يدخل صاحبه به في صراحة الكفر , فكما تقدم لفظ الكفر يطلق على من تلبس بما يصلح ان يطلق على فاعله بأنه كافر ,وليتوسع ادراكك حول هذا الامر تأمل في وصف المرض كما أن المرض قد يكون ظاهر حتى لا يختلف اثنان في وصف صاحبه بأنه مريض , وقد يختلف في الحد الذي يمكن أن يلحق صاحبه بوصف المرض وقد يوصف بالمرض تجوزا وقد يكون في عداد الاصحاء مقارنة بمن به مرض مزمن فمن به رشح ليس كمن به سرطان , فكذلك الكفر .

راجع للفائدة
* الايمان .
* ذلك أمر الله انزله إليكم .

[علي]

والله الموفق