مطلب دعواهم إرتداد الصحابة رضي الله عنهم
منها أنه روى الكشي() منهم وهو عندهم أعرفهم بحال الرجال وأوثقهم في رجاله وغيره عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه وحاشاه من ذلك أنه قال : " لما مات النبي صلى الله عليه وسلم ارتد الصحابة كلهم إلا أربعة : المقداد و حذيفة وسلمان وأبو ذر رضي الله عنهم 0 فقيل له : كيف حال عمار بن ياسر ؟0 قال : حاص حيصة ثم رجع " هذا العموم المؤكد يقتضي إرتداد علي وأهل البيت ، وهم لا يقولون بذلك ، وهذا هدم لأساس الدين لأن أساسه القرآن والحديث ، فإذا فرض إرتداد من أخذ من النبي صلى الله عليه وسلم إلا النفر الذين لا يبلغ خبرهم التواتر وقع الشك في القرآن والأحاديث ، نعوذ بالله من إعتقاد يُوجب هدم الدين 0 وقد إتخذ الملاحدة كلام هؤلاء الرافضة حجة لهم فقالوا : كيف يقول الله تعالى ) كنتم خير أمة أُخرجت للناس ( وقد ارتدوا بعد وفاة نبيهم إلا نحو خمسة أو ستة أنفس منهم لامتناعهم من تقديم أبي بكر على علي وهو الموصى به 0
فانظر إلى كلام هذا الملحد تجده من كلام الرافضة ، فهؤلاء أشد ضرراً على الدين من اليهود والنصارى ، وفي هذه الهفوة الفساد من وجوه: فإنها تُوجب إبطال الدين والشك فيه ، وتجوّز كتمان ما عُورض به القرآن ، وتجوّز تغيير القرآن ، وتخالف قوله تعالى ) رضي الله عن المؤمنين(() وقوله تعالى ) رضي الله عنهم ورضوا عنه ( () وقوله في من آمن قبل الفتح وبعده ) وكلاً وعد الله الحسنى (() وقوله في حق المهاجرين والأنصار ) أولئك هم الصادقون ( () )وأولئك هم المفلحون(() وقوله ) وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونا شهداء على الناس()( وقوله ) كنتم خير أمة أُخرجت للناس ()( وغير ذلك من الآيات والأحاديث الناصة على أفضلية الصحابة وإستقامتهم على الدين ، ومن إعتقد ما يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد كفر ، ما أشنع مذهب قوم يعتقدون إرتداد من إختاره الله لصحبة رسوله ونصرة دينه 0
مطلب دعواهم نقص القرآن
ومنها ما ذكروه في كتبهم الحديثية والكلامية أن عثمان رضي الله عنه نقص من القرآن() ، فإنه كان في سورة " ألم نشرح " بعد قوله تعالى ) ورفعنا لك ذكرك ( وعلياً صهرك() ، فأسقطها بحسد إشتراك الصهرية()، قالوا وكانت سورة الأحزاب مقدار سورة الأنعام ، فأسقط عثمان منها ما كان في فضل القربى 0 قيل أظهروا في هذه الأزمنة سورتين يزعمون أنهما من القرآن الذي أخفاه عثمان كل سورة مقدار جزء وألحقوهما بآخر المصحف ، سموا إحداهما سورة النورين وأخرى سورة الولاء() 0
يلزم من هذا تكفير الصحابة حتى علي حيث رضوا بذلك فهي كالتي قبلها في المفاسد وتكذيب قوله تعالى : ) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (() وقوله ) إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون( () ومن اعتقد عدم صحة حفظه من الإسقاط واعتقد ما ليس منه فقد كفر() ، ويلزم من هذا رفع الوثوق بالقرآن كله ، وهو يؤدي إلى هدم الدين ، ويلزمهم عدم الإستدلال به والتعبد بتلاوته إحتمال التبدّل ، ما أخبث قول قوم يدهم دينهم ، روى البخارى أنه قال إبن عباس ومحمد بن الحنفية : "ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدفتين() " 0