السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,,




نكمل الشرح وإن شاء الله يستفيد الجميع من الموضوع ,,,,



باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

المفطرات أصولها ثلاثة ، مذكورة في قوله تعالى :فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل
وقد أجمع العلماء على مدلول هذه الثلاثة. [378]


أولا : الأكل :

وهو : إدخال شيء إلى المعدة عن طريق الفم. ويشمل ما ينفع (كالخبز) وما يضر (كالحشيشة) ومالا نفع فيه ولا ضرر (كالخرزة). ووجه العموم إطلاق الآية :كلواوهذا يسمى أكلاً. [378]

ثانياً : الشرب :

وهو كالأكل يشمل ما ينفع ، وما يضر، وما لاينفع ولا يضر. [379]

ثالثاً : السعوط :

وهو : ما يصل إلى الجوف عن طريق الأنف. لأن الأنف منفذ يصل إلى المعدة، فيعتبر مفطراً. والدليل : قوله:وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً [أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح] [379]


رابعاً : الاحتقان :


وهو إدخال الأدوية عن طريق الدبر . والراجح أنها لا تفطر لأنه :
- لا يطلق عليها اسم الأكل والشرب لا لغة ولا عرفاً.
- وليس هناك دليل في الكتاب والسنة أن مناط الحكم وصول شيء إلى الجوف.
- والكتاب والسنة دلا على شيء معين وهو الأكل والشرب.
ولدينا قاعدة مهمة لطالب العلم : أننا إذا شككنا في شيء مفطر أم لا فالأصل عدم الفطر، فلا نجرؤ على أن نفسد عبادة متعبد لله إلا بدليل واضح يكون لنا حجة عند الله تعالى. [381]


خامساً : الاكتحال (بما يصل إلى الحلق) :


والراجح أنه لا يفطر، ولو وصل إلى الحلق؛ لأنه :
- ليس أكل ولا شرب، ولا في معنى الأكل والشرب. ولا يحصل به ما يحصل بهما.
- وليس عن النبيحديث صحيح صريح يدل على أنه مفطر.
- والأصل عدم التفطير وسلامة العبادة حتى يثبت لدينا ما يفسدها.
ويدخل في حكمه : القطرة في العين. [382]


مسألة : إذا أدخل المنظار إلى المعدة حتى وصل إليها هل يفطر؟

الصحيح أنه لا يفطر، إلا أن يكون في هذا المنظار دهن يصل إلى المعدة فإنه يكون مفطراً. [383]

مسألة : لو أدخل عن طريق الذكر خيط فيه طعم دواء هل يفطر؟

الصحيح أنه لا يفطر لأنه لا يسمى أكلاً ولا شرباً. [384]

سادساً : تعمد القيء :


يعتبر مفطراً، ولا فرق بين أن يكون القيء قليلاً، أو كثيراً ؛ لقوله:من استقاء عمداً فليقض ، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه.[أخرجه أحمد والترمذي وقال حديث حسن غريب]
أما إذا استقاء فلم يخرج القيء : فصومه صحيح. ولا يفطر إلا ما خرج من المعدة، أما ما خرج بالتعتعة من الحلق فلا. [384]


سابعا : الاستمناء :


وهو طلب خروج المني بأي وسيلة، فإذا أنزل المني فسد صومه. ودليله :
1- قوله في الحديث القدسي :يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي[رواه البخاري ومسلم] والاستمناء شهوة وخروج المني شهوة.
2- القياس : فكما أن المستقيء والمحتجم يفطران لأنهما بفعلهما هذا يضعف بدنهما، فكذلك الاستمناء، ولهذا أُمر بالاغتسال ليعود إليه النشاط. [386]


مسألة : لو باشر الرجل زوجته باليد أو التقبيل فأمذى ما الحكم؟

لا يفسد صومه بل هو صحيح. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، والحجة : عدم الحجة؛ لأن هذا الصوم عبادة شرع فيها الصوم على وجه شرعي فلا يمكن أن نفسد هذه العبادة إلا بدليل.


مسألة : ما الحكم لو كرر النظر فأنزل؟

فسد صومه. أما إن نظر نظرة واحدة فأنزل فلا يفسد صومه لعموم قوله:لك الأولى وليست لك الثانية[رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن غريب][390]
مسألة : ما الحكم لو فكر فأنزل؟

لا يفسد صومه لعموم قوله:إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. [متفق عليه] [390]

ثامناً : الاحتجام:


يشترط فيه خروج الدم. فمن احتجم فلم يخرج دمه لم يفطر سواء كان الدم قليلاً أو كثيراً . وسواء كانت الحجامة في الرأس أو في غيره. والدليل على ذلك :أفطر الحاجم والمحجوم. وهذا الحديث ضعفه البعض وقالوا لا يصح، وصححه البعض كالإمام أحمد وشيخ الإسلام وغيرهما، وعلى هذا يكون الحديث حجة عند من صححه.

ما الحكمة من فساد الصوم بالاحتجام؟

قال الفقهاء إنها تعبدية. وقال شيخ الإسلام : لذلك حكمة : أما المحجوم فلأن الحجامة تسبب له الضعف الذي يحتاج معه إلى غذاء؛ لأنه لو بقي بلا غذاء لأثر ذلك عليه في المستقبل. أما الحاجم : فلئلا يصل الدم إلى جوفه أثناء مصه لدم المحجوم.
ولو حجم بآلة منفصلة؟ بمعنى أنه لا يمص الدم :
فيه قولان : الراجح عند الشيخ أنه لا يفطر؛ لعدم وجود العلة. [391]


مسألة : هل يلحق بالحجامة الفصد، والشرط، والإرعاف المعتمد؟


(الفصد: شق العرق عرضاً. والشرط : شق العرق طولاً)
قولان : الأول : لا يلحق لأن العلة في الحجامة تعبدية، والتعبدي لا يقاس عليه.
الثاني وهو قول شيخ الإسلام : يلحق للحكمة السابقة. [396]

مسألة : خروج الدم القليل أثناء الاستياك، والحك، أو الرعاف بدون اختيار، أو قلع ضرسه :

قلع الضرس، ولو خرج دم لا يفطر؛ لأنه لم يقصد إخراج الدم، بل خروج الدم جاء تبعاً. وكذلك الحك وغيره لا يضر خروج الدم معه. [397]
مسالة : يشترط لفساد الصوم : أن يكون عامداً ذاكراً عالما :


دليل الأول : قوله تعالى : وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم.
دليل الثاني : قوله:من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه [أخرجه البخاري ومسلم]
دليل الثالث: قوله تعالى:ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا . [391]


مسألة : لو أكل ناسياً ثم ذكر أنه صائم واللقمة في فمه

: فإنه يلزمه أن يلفظها لأنها في حكم الظاهر إذ الفم في حكم الظاهر. أما لو ابتلعها حتى وصلت ما بين حنجرته ومعدته لا يلزمه إخراجها، ولو حاول وأخرجها لفسد صومه من جهة التقيؤ. [399]

مسألة : الاحتلام لا يفسد الصوم لأن النائم غير قاصد، وقد رفع عنه القلم. [405]


مسألة : لو تمضمض فدخل الماء إلى حلقه حتى وصل إلى معدته فإنه لا يفطر لعدم القصد. [406]

مسألة : هل يجوز للصائم أن يستعمل الفرشة والمعجون؟

يجوز ، لكن الأولى ألاّ يستعملها لما في المعجون من قوة النفوذ والنزول إلى الحلق، وبدلاً من أن يفعل ذلك في النهار يفعله في الليل. [407]

مسألة : من أكل وشرب ، وهو شاك في طلوع الفجر : فصومه صحيح لقوله تعالى :حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. وضد التبين الشك، فما دمنا لم يتبين له فلنا أن نأكل ونشرب حتى لو تبين لنا فيما بعد أن الفجر قد طلع فصومه صحيح.

فائدة : روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : أحل الله لك الأكل والشرب ما شككت. وروي عن ابن أبي شيبة من طريق أبي الضحي قال : سأل رجل ابن عباس عن السحور، فقال له رجل من جلسائه كل حتى لا تشك فقال ابن عباس إن هذا لا يقول شيئاً، كل ما شككت حتى لا تشك. قال ابن المنذر : وعلى هذا القول صار أكثر العلماء. [فتح الباري ج4 ص161]


مسألة : من أكل شاكاً في غروب الشمس : فصومه غير صحيح لأن الأصل بقاء النهار ، وعليه القضاء. [408]

مسألة : من غلب على ظنه غروب الشمس فأكل : فصومه صحيح ولا قضاء، سواء تبين أنها غربت أو تبين أنها لم تغرب. والدليل على جواز الفطر مع غلبة الظن مع أن الأصل بقاء النهار حديث أسماء قالت :أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي. وإفطارهم بناء على ظن قطعاً، فدل ذلك على أنه يجوز الفطر بالظن.


مسألة : من أكل معتقداً أنه ليل فبان نهاراً : (أي اعتقد أن الفجر لم يطلع، وكذلك من أكل معتقداً غروب الشمس) الراجح : لا قضاء عليه. [409]