النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية فى الصيام من الفتوى الكبرى

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    255

    فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية فى الصيام من الفتوى الكبرى

    سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَمْ لَا ؟

    فَأَجَابَ : وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ الْغَيْمِ إذَا حَالَ دُونِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ غَيْمٌ أَوْ قَتَرٌ ، فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ عِدَّةُ أَقْوَالٍ وَهِيَ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ .

    أَحَدُهَا : إنَّ صَوْمَهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ . ثُمَّ هَلْ هُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ ؟ أَوْ تَنْزِيهٍ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ . وَاخْتَارَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : كَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ ، وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ مَنْدَهْ الْأَصْفَهَانِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ .

    وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ صِيَامَهُ وَاجِبٌ كَاخْتِيَارِ الْقَاضِي ، وَالْخِرَقِيِّ ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ ، وَهَذَا يُقَالُ إنَّهُ أَشْهُرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ ، لَكِنَّ الثَّابِتَ عَنْ أَحْمَدَ لِمَنْ عَرَفَ نُصُوصَهُ ، وَأَلْفَاظَهُ ، أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ صِيَامَ يَوْمِ الْغَيْمِ إتْبَاعًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُوجِبُهُ عَلَى النَّاسِ ، بَلْ كَانَ يَفْعَلُهُ احْتِيَاطًا ، وَكَانَ الصَّحَابَةُ فِيهِمْ مَنْ يَصُومُهُ احْتِيَاطًا ، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، وَمُعَاوِيَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَعَائِشَةَ ، وَأَسْمَاءَ ، وَغَيْرِهِمْ . وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ لَا يَصُومُهُ مِثْلُ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَنْهَى عَنْهُ . كَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، وَغَيْرِهِ . فَأَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَصُومُهُ احْتِيَاطًا . وَأَمَّا إيجَابُ صَوْمِهِ فَلَا أَصْلَ لَهُ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ ، وَلَا كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ : لَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اعْتَقَدُوا أَنَّ مَذْهَبَهُ إيجَابُ صَوْمِهِ ، وَنَصَرُوا ذَلِكَ الْقَوْلَ .

    وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : إنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُهُ ، وَيَجُوزُ فِطْرُهُ ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ الْمَنْصُوصُ الصَّرِيحُ عَنْهُ ، وَهُوَ مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَوْ أَكْثَرِهِمْ . وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْإِمْسَاكَ عِنْدَ الْحَائِلِ عَنْ رُؤْيَةِ الْفَجْرِ جَائِزٌ . فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ ، وَإِنْ شَاءَ أَكَلَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ طُلُوعَ الْفَجْرِ ، وَكَذَلِكَ إذَا شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ ؟ أَمْ لَا ؟ إنْ شَاءَ تَوَضَّأَ ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَتَوَضَّأْ . وَكَذَلِكَ إذَا شَكَّ هَلْ حَالَ حَوْلُ الزَّكَاةِ ؟ أَوْ لَمْ يَحُلْ ؟ وَإِذَا شَكَّ هَلْ الزَّكَاةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ مِائَةٌ ؟ أَوْ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ؟ فَأَدَّى الزِّيَادَةَ . وَأُصُولُ الشَّرِيعَةِ كُلُّهَا مُسْتَقِرَّةٌ عَلَى أَنَّ الِاحْتِيَاطَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَلَا مُحَرَّمٍ ، ثُمَّ إذَا صَامَهُ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ ، أَوْ بِنِيَّةٍ مُعَلَّقَةٍ ، بِأَنْ يَنْوِيَ إنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ كَانَ عَنْ رَمَضَانَ ، وَإِلَّا فَلَا . فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَحْمَدَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ ، وَهِيَ الَّتِي نَقَلَهَا الْمَرْوَزِيِّ وَغَيْرُهُ . وَهَذَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ فِي شَرْحِهِ لِلْمُخْتَصَرِ ، وَاخْتِيَارُ أَبِي الْبَرَكَاتِ وَغَيْرِهِمَا . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : إنَّهُ لَا يُجْزِيهِ إلَّا بِنِيَّةِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ ، كَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ ، اخْتَارَهَا الْقَاضِي ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ . وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ : هَلْ هُوَ وَاجِبٌ ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ :

    أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ رَمَضَانَ ، فَإِنْ صَامَ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ ، أَوْ مُعَلَّقَةٍ ، أَوْ بِنِيَّةِ النَّفْلِ أَوْ النَّذْرِ ، لَمْ يُجْزِئْهُ ذَلِكَ كَالْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ، وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ .

    وَالثَّانِي : يُجْزِئُهُ مُطْلَقًا كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ .

    وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ يُجْزِئُهُ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ ، لَا بِنِيَّةِ تَعْيِينِ ، غَيْرِ رَمَضَانَ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ عَنْ أَحْمَدَ ، وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ ، وَأَبِي الْبَرَكَاتِ . وَتَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : أَنَّ النِّيَّةَ تَتْبَعُ الْعِلْمَ ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ . فَإِنْ نَوَى نَفْلًا أَوْ صَوْمًا مُطْلَقًا لَمْ يُجِزْهُ : لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يَقْصِدَ أَدَاءَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي عَلِمَ وُجُوبَهُ ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ الْوَاجِبَ لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ . وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَهُنَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعْيِينُ ، وَمَنْ أَوْجَبَ التَّعْيِينَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ فَقَدْ أَوْجَبَ الْجَمْعَ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ . فَإِذَا قِيلَ إنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُهُ وَصَامَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ ، أَوْ مُعَلَّقَةٍ أَجْزَأَهُ . وَأَمَّا إذَا قَصَدَ صَوْمَ ذَلِكَ تَطَوُّعًا ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ أَيْضًا ، كَمَنْ كَانَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ ، وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ ، فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّبَرُّعِ ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَقُّهُ ، فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعْطَائِهِ ثَانِيًا ، بَلْ ذَلِكَ الَّذِي وَصَلَ إلَيْك هُوَ حَقٌّ كَانَ لَك عِنْدِي ، وَاَللَّهُ يَعْلَمُ حَقَائِقَ الْأُمُورِ . وَالرِّوَايَةُ الَّتِي تُرْوَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ النَّاسَ فِيهِ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ فِي نِيَّتِهِ ، عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ بِحَسَبِ مَا يَعْلَمُهُ النَّاسُ ، كَمَا فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ ، وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ ، وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ } . وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي " الْهِلَالِ " : هَلْ هُوَ اسْمٌ لِمَا يَطْلُعُ فِي السَّمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ؟ أَوْ لَا يُسَمَّى هِلَالًا حَتَّى يَسْتَهِلَّ بِهِ النَّاسُ وَيَعْلَمُوهُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ . وَعَلَى هَذَا يَنْبَنِي النِّزَاعُ فِيمَا إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُطْبَقَةً بِالْغَيْمِ ، أَوْ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ مُطْلَقًا . هَلْ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ :

    أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ ، بَلْ الشَّكُّ إذَا أَمْكَنَتْ رُؤْيَتُهُ ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ .

    وَالثَّانِي : أَنَّهُ شَكٌّ لِإِمْكَانِ طُلُوعِهِ .

    وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ حُكْمًا ، فَلَا يَكُونُ يَوْمَ شَكٍّ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ .

    وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُنْفَرِدِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ ، هَلْ يَصُومُ وَيُفْطِرُ وَحْدَهُ ؟ أَوْ لَا يَصُومُ وَلَا يُفْطِرُ إلَّا مَعَ النَّاسِ ؟ أَوْ يَصُومُ وَحْدَهُ وَيُفْطِرُ مَعَ النَّاسِ ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ، مَعْرُوفَةٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ .



    332 - 2 وَسُئِلَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ ، عَنْ رَجُلٍ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ ، وَتَحَقَّقَ الرُّؤْيَةَ : فَهَلْ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَحْدَهُ ؟ أَوْ يَصُومَ وَحْدَهُ ؟ أَوْ مَعَ جُمْهُورِ النَّاسِ ؟

    فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . إذَا رَأَى هِلَالَ الصَّوْمَ وَحْدَهُ ، أَوْ هِلَالَ الْفِطْرِ وَحْدَهُ ، فَهَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ بِرُؤْيَةِ نَفْسِهِ ؟ أَوْ يُفْطِرَ بِرُؤْيَةِ نَفْسِهِ ؟ أَمْ لَا يَصُومُ وَلَا يُفْطِرُ إلَّا مَعَ النَّاسِ ؟ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ، هِيَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَنْ أَحْمَدَ :

    أَحَدُهَا : أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ ، وَأَنْ يُفْطِرَ سِرًّا ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ .

    وَالثَّانِي : يَصُومُ وَلَا يُفْطِرُ إلَّا مَعَ النَّاسِ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ ، وَمَالِكٍ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ .

    وَالثَّالِثُ : يَصُومُ مَعَ النَّاسِ ، وَيُفْطِرُ مَعَ النَّاسِ ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ : لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ ، وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ ، وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ } " . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ، وَقَالَ : حَسَنٌ غَرِيبٌ . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَابْنُ مَاجَهْ ، وَذَكَرَ الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى فَقَطْ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ } " . قَالَ التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، قَالَ : وَفَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ : إنَّمَا مَعْنَى هَذَا الصَّوْمُ وَالْفِطْرُ مَعَ الْجَمَاعَةِ ، وَعِظَمِ النَّاسِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ آخَرَ : فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ فَقَالَ : { وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ . وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ . وَكُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ ، وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ مَنْحَرٌ ، وَكُلُّ جَمْعٍ مَوْقِفٌ } " . وَلِأَنَّهُ لَوْ رَأَى هِلَالَ النَّحْرِ لَمَا اشْتَهَرَ ، وَالْهِلَالُ اسْمٌ اُسْتُهِلَّ بِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْهِلَالَ مَوَاقِيتَ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا اسْتَهَلَّ بِهِ النَّاسُ ، وَالشَّهْرُ بَيِّنٌ . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هِلَالًا وَلَا شَهْرًا . وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَّقَ أَحْكَامًا شَرْعِيَّةً بِمُسَمَّى الْهِلَالِ ، وَالشَّهْرِ : كَالصَّوْمِ وَالْفِطْرِ وَالنَّحْرِ ، فَقَالَ تَعَالَى : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ } . فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْأَهِلَّةَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ . قَالَ تَعَالَى : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ } - إلَى قَوْلِهِ - { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ } . أَنَّهُ أَوْجَبَ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، لَكِنْ الَّذِي تَنَازَعَ النَّاسُ فِيهِ أَنَّ الْهِلَالَ هَلْ هُوَ اسْمٌ لِمَا يَظْهَرُ فِي السَّمَاءِ ؟ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ النَّاسُ ؟ وَبِهِ يَدْخُلُ ؟ الشَّهْرُ ، أَوْ الْهِلَالُ اسْمٌ لِمَا يَسْتَهِلُّ بِهِ النَّاسُ ، وَالشَّهْرُ لِمَا اُشْتُهِرَ بَيْنَهُمْ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ :

    فَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ يَقُولُ : مَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ فَقَدْ دَخَلَ مِيقَاتُ الصَّوْمِ ، وَدَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فِي حَقِّهِ ، وَتِلْكَ اللَّيْلَةُ هِيَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ رَمَضَانَ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ غَيْرُهُ .

    وَيَقُولُ مَنْ لَمْ يَرَهُ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ طَالِعًا قَضَى الصَّوْمَ ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي شَهْرِ الْفِطْرِ ، وَفِي شَهْرِ النَّحْرِ ، لَكِنَّ شَهْرَ النَّحْرِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا قَالَ مَنْ رَآهُ يَقِفُ وَحْدَهُ ، دُونَ سَائِرِ الْحَاجِّ ، وَأَنَّهُ يَنْحَرُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ، وَيَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ، وَيَتَحَلَّلُ دُونَ سَائِرِ الْحَاجِّ .

    وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي الْفِطْرِ : فَالْأَكْثَرُونَ أَلْحَقُوهُ بِالنَّحْرِ ، وَقَالُوا لَا يُفْطِرُ إلَّا مَعَ الْمُسْلِمِينَ ؛ وَآخَرُونَ قَالُوا بَلْ الْفِطْرُ كَالصَّوْمِ . وَلَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ الْعِبَادَ بِصَوْمِ وَاحِدِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا ، وَتَنَاقُضُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ هُوَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي ذِي الْحِجَّةِ . وَحِينَئِذٍ فَشَرْطُ كَوْنِهِ هِلَالًا وَشَهْرًا شُهْرَتُهُ بَيْنَ النَّاسِ . وَاسْتِهْلَالُ النَّاسِ بِهِ حَتَّى لَوْ رَآهُ عَشَرَةٌ ، وَلَمْ يَشْتَهِرْ ذَلِكَ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْبَلَدِ ، لِكَوْنِ شَهَادَتِهِمْ مَرْدُودَةً ، أَوْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَشْهَدُوا بِهِ ، كَانَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ ، فَكَمَا لَا يَقِفُونَ وَلَا يَنْحَرُونَ وَلَا يُصَلُّونَ الْعِيدَ إلَّا مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، فَكَذَلِكَ لَا يَصُومُونَ إلَّا مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ : { صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ ، وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ ، وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ } " .

    وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ : يَصُومُ مَعَ الْإِمَامِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ . قَالَ أَحْمَدُ : يَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ . وَعَلَى هَذَا تَفْتَرِقُ أَحْكَامُ الشَّهْرِ : هَلْ هُوَ شَهْرٌ فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَلَدِ كُلِّهِمْ ؟ أَوْ لَيْسَ شَهْرًا فِي حَقِّهِمْ كُلِّهِمْ ؟ يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } . فَإِنَّمَا أَمَرَ بِالصَّوْمِ مَنْ شَهِدَ الشَّهْرَ ، وَالشُّهُودُ لَا يَكُونُ إلَّا لِشَهْرٍ اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ ، حَتَّى يُتَصَوَّرَ شُهُودُهُ ، وَالْغَيْبَةُ عَنْهُ . وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا ، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا ، وَصُومُوا مِنْ الْوَضَحِ إلَى الْوَضَحِ } " . وَنَحْوُ ذَلِكَ خِطَابٌ لِلْجَمَاعَةِ ، لَكِنْ مَنْ كَانَ فِي مَكَان لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ ، إذَا رَآهُ صَامَهُ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُهُ .

    وَعَلَى هَذَا فَلَوْ أَفْطَرَ ثُمَّ تَبَيَّنَّ أَنَّهُ رُئِيَ فِي مَكَان آخَرَ أَوْ ثَبَتَ نِصْفَ النَّهَارِ ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ . وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ . فَإِنَّهُ إنَّمَا صَارَ شَهْرًا فِي حَقِّهِمْ مِنْ حِينِ ظَهَرَ ، وَاشْتُهِرَ . وَمِنْ حِينَئِذٍ وَجَبَ الْإِمْسَاكُ كَأَهْلِ عَاشُورَاءَ : الَّذِينَ أُمِرُوا بِالصَّوْمِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ ، وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالْقَضَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَحَدِيثُ الْقَضَاءِ ضَعِيفٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . -



    337 - 7 - وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ، مَا يَقُولُ سَيِّدُنَا فِي صَائِمِ رَمَضَانَ ، هَلْ يَفْتَقِرُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى نِيَّةٍ ؟ أَمْ لَا ؟

    فَأَجَابَ : كُلُّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ ، وَهُوَ يُرِيدُ صَوْمَهُ ، فَقَدْ نَوَى صَوْمَهُ ، سَوَاءٌ تَلَفَّظَ بِالنِّيَّةِ ، أَوْ لَمْ يَتَلَفَّظْ . وَهَذَا فِعْلُ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، كُلُّهُمْ يَنْوِي الصِّيَامَ .



    338 - 8 - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ : هَلْ يَجُوزُ لِلصَّائِمِ أَنْ يُفْطِرَ بِمُجَرَّدِ غُرُوبِهَا ؟

    فَأَجَابَ : إذَا غَابَ جَمِيعُ الْقُرْصِ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْحُمْرَةِ الشَّدِيدَةِ الْبَاقِيَةِ فِي الْأُفُقِ . وَإِذَا غَابَ جَمِيعُ الْقُرْصِ ظَهَرَ السَّوَادُ مِنْ الْمَشْرِقِ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَهُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ } " .



    339 - 9 - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَمَّا إذَا أَكَلَ بَعْدَ أَذَانِ الصُّبْحِ فِي رَمَضَانَ ، مَاذَا يَكُونُ ؟

    فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، كَمَا كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَكَمَا يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُونَ فِي دِمَشْقَ وَغَيْرِهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، فَلَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ . وَإِنْ شَكَّ : هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ ؟ أَوْ لَمْ يَطْلُعْ ؟ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الطُّلُوعَ ، وَلَوْ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَكَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، فَفِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ نِزَاعٌ . وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ ، وَقَالَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، وَالْقَضَاءُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ الْأَرْبَعَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .



    وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَنْ رَجُلٍ كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَصُومَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ، وَيَزْبِدُ وَيَخْبِطُ ، فَيَبْقَى أَيَّامًا لَا يُفِيقُ ، حَتَّى يُتَّهَمَ أَنَّهُ جُنُونٌ . وَلَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ مِنْهُ ؟

    فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . إنْ كَانَ الصَّوْمُ يُوجِبُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْمَرَضِ ، فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَيَقْضِي ، فَإِنْ كَانَ هَذَا يُصِيبُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ صَامَ ، كَانَ عَاجِزًا عَنْ الصِّيَامِ ، فَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكَيْنَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .



    341 - 11 - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَنْ امْرَأَةٍ حَامِلٍ رَأَتْ شَيْئًا شَبَهَ الْحَيْضِ وَالدَّمِ مُوَاظِبَهَا ، وَذَكَرَ الْقَوَابِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُفْطِرُ لِأَجْلِ مَنْفَعَةِ الْجَنِينِ ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَرْأَةِ أَلَمٌ : فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا الْفِطْرُ ؟ أَمْ لَا ؟ .

    فَأَجَابَ : إنْ كَانَتْ الْحَامِلُ تَخَافُ عَلَى جَنِينِهَا ، فَإِنَّهَا تُفْطِرُ ، وَتَقْضِي عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يَوْمًا ، وَتُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ، رِطْلًا مِنْ خُبْزٍ بِأَدَمِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .



    342 - 12 - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَنْ رَجُلٍ بَاشَرَ زَوْجَتَهُ ، وَهُوَ يَسْمَعُ الْمُتَسَحِّرَ يَتَكَلَّمُ ، فَلَا يَدْرِي : أَهُوَ يَتَسَحَّرُ ؟ أَمْ يُؤَذِّنُ ؟ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَتَسَحَّرُ ، فَوَطِئَهَا ، وَبَعْدَ يَسِيرٍ أَضَاءَ الصُّبْحُ ، فَمَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ .

    فَأَجَابَ : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا : عَلَيْهِ الْقَضَاءُ ، وَالْكَفَّارَةُ . هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ . وَقَالَ مَالِكٌ : عَلَيْهِ الْقَضَاءُ لَا غَيْرُ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْهُ ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا . وَالثَّالِثُ : لَا قَضَاءَ ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ . وَهَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَفَا عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ ، وَأَبَاحَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ . وَالْجِمَاعَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ . وَالشَّاكُّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ بِالِاتِّفَاقِ ؛ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إذَا اسْتَمَرَّ الشَّكُّ .



    343 - 13 وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَنْ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يُوَاقِعَ زَوْجَتَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِالنَّهَارِ ، فَأَفْطَرَ بِالْأَكْلِ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ ، ثُمَّ جَامَعَ ، فَهَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا ؟ وَمَا عَلَى الَّذِي يُفْطِرُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ؟

    فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ مَشْهُورَانِ :

    أَحَدُهُمَا : تَجِبُ ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِهِمْ : كَمَالِكٍ ، وَأَحْمَدَ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ .

    وَالثَّانِي : لَا تَجِبُ ، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِيِّ ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مَبْنَاهُمَا : عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ سَبَبُهَا الْفِطْرُ مِنْ الصَّوْمِ ، أَوْ مِنْ الصَّوْمِ الصَّحِيحِ ، بِجِمَاعٍ ، أَوْ بِجِمَاعٍ وَغَيْرِهِ ، عَلَى اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ .

    فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُ الْفِطْرَ بِأَعْلَى جِنْسِهِ ، وَمَالِكٍ يَعْتَبِرُ الْفِطْرَ مُطْلَقًا ، فَالنِّزَاعُ بَيْنَهُمَا إذَا أَفْطَرَ بِابْتِلَاعِ حَصَاةٍ أَوْ نَوَاةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ إذَا أَفْطَرَ بِالْحِجَامَةِ كَفَّرَ ، كَغَيْرِهَا مِنْ الْمُفْطِرَاتِ . بِجِنْسِ الْوَطْءِ ، فَأَمَّا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَنَحْوُهُمَا فَلَا كَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ . ثُمَّ تَنَازَعُوا هَلْ يُشْتَرَطُ الْفِطْرُ مِنْ الصَّوْمِ الصَّحِيحِ ؟

    فَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ ، فَلَوْ أَكَلَ ثُمَّ جَامَعَ ، أَوْ أَصْبَحَ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ ثُمَّ جَامَعَ ، أَوْ جَامَعَ وَكَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ : لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَأْ فِي صَوْمٍ صَحِيحٍ . وَأَحْمَدُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَغَيْرُهُ يَقُولُ : بَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ ، وَنَحْوِهَا ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَهُوَ صَوْمٌ فَاسِدٌ ، فَأَشْبَهَ الْإِحْرَامَ الْفَاسِدَ . وَكَمَا أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ إذَا أَفْسَدَ إحْرَامَهُ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ مَحْظُورَاتِهِ ، فَإِذَا أَتَى مِنْهَا شَيْئًا كَانَ عَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِحْرَامِ الصَّحِيحِ ، وَكَذَلِكَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ فِيهِ وَصَوْمُهُ فَاسِدٌ ، لِأَكْلٍ أَوْ جِمَاعٍ ، أَوْ عَدَمِ نِيَّةٍ ، فَقَدْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ عَنْ مَحْظُورَاتِ الصِّيَامِ . فَإِذَا تَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْهَا كَانَ عَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ فِي الصَّوْمِ الصَّحِيحِ . وَفِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ . وَذَلِكَ لِأَنَّ هَتْكَ حُرْمَةِ الشَّهْرِ حَاصِلَةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ ؛ بَلْ هِيَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَشَدُّ ؛ لِأَنَّهُ عَاصٍ بِفِطْرِهِ أَوَّلًا ، فَصَارَ عَاصِيًا مَرَّتَيْنِ ، فَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ أَوْكَدَ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ عَلَى مِثْلِ هَذَا لَصَارَ ذَرِيعَةً إلَى أَنْ لَا يُكَفِّرَ أَحَدٌ ، فَإِنَّهُ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ أَنْ يُجَامِعَ فِي رَمَضَانَ إلَّا أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْكُلَ ، ثُمَّ يُجَامِعُ بَلْ ذَلِكَ أَعْوَنُ لَهُ عَلَى مَقْصُودِهِ ، فَيَكُونُ قَبْلَ الْغَدَاءِ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ، وَإِذَا تَغَدَّى هُوَ وَامْرَأَتُهُ ثُمَّ جَامَعَهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَهَذَا شَنِيعٌ فِي الشَّرِيعَةِ لَا تَرِدُ بِمِثْلِهِ . فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَقَرَّ فِي الْعُقُولِ وَالْأَدْيَانِ أَنَّهُ كُلَّمَا عَظُمَ الذَّنْبُ كَانَتْ الْعُقُوبَةُ أَبْلَغَ ، وَكُلَّمَا قَوِيَ الشَّبَهُ قَوِيَتْ ، وَالْكَفَّارَةُ فِيهَا شَوْبُ الْعِبَادَةِ ، وَشَوْبُ الْعُقُوبَةِ ، وَشُرِعَتْ زَاجِرَةً وَمَاحِيَةً ، فَبِكُلِّ حَالٍ قُوَّةُ السَّبَبِ يَقْتَضِي قُوَّةَ الْمُسَبَّبِ . ثُمَّ الْفِطْرُ بِالْأَكْلِ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا مُسْتَقِلًّا مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ . كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَمَالِكٌ ، فَلَا أَقَلَّ أَنْ يَكُونَ مُعِينًا لِلسَّبَبِ الْمُسْتَقِلِّ ، بَلْ يَكُونُ مَانِعًا مِنْ حُكْمِهِ ، وَهَذَا بَعِيدٌ عَنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ .

    ثُمَّ الْمُجَامِعُ كَثِيرًا مَا يُفْطِرُ قَبْلَ الْإِيلَاجِ ، فَتَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ بِذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .



    351 - 21 - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَنْ الْمَيِّتِ فِي أَيَّامِ مَرَضِهِ أَدْرَكَهُ شَهْرُ رَمَضَانَ ، وَلَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ ، وَتُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ مُدَّةَ مَرَضِهِ ، وَوَالِدَيْهِ بِالْحَيَاةِ . فَهَلْ تَسْقُطُ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ عَنْهُ إذَا صَامَا عَنْهُ ، وَصَلَّيَا ؟ إذَا وَصَّى ، أَوْ لَمْ يُوَصِّ ؟

    فَأَجَابَ : إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَرَضُ ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْقَضَاءُ ، فَلَيْسَ عَلَى وَرَثَتِهِ إلَّا الْإِطْعَامُ عَنْهُ . وَأَمَّا الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ ، فَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ ، وَلَكِنْ إذَا صَلَّى عَنْ الْمَيِّتِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَطَوُّعًا ، وَأَهْدَاهُ لَهُ ، أَوْ صَامَ عَنْهُ تَطَوُّعًا وَأَهْدَاهُ لَهُ ، نَفَعَهُ ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .



    350 - 20 - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَنْ الْفِصَادِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، هَلْ يُفْسِدُ الصَّوْمَ ؟ أَمْ لَا ؟

    فَأَجَابَ : إنْ أَمْكَنَهُ تَأْخِيرَ الْفِصَادِ أَخَّرَهُ ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِمَرَضٍ افْتَصَدَ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .



    348 - 18 - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَنْ الْمَضْمَضَةِ ، وَالِاسْتِنْشَاقِ ، وَالسِّوَاكِ ، وَذَوْقِ الطَّعَامِ ، وَالْقَيْءِ ، وَخُرُوجِ الدَّمِ ، وَالِادِّهَانِ ، وَالِاكْتِحَالِ ؟

    فَأَجَابَ : أَمَّا الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فَمَشْرُوعَانِ لِلصَّائِمِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ . وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةُ يَتَمَضْمَضُونَ ، وَيَسْتَنْشِقُونَ مَعَ الصَّوْمِ . لَكِنْ { قَالَ لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ : وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا } " . فَنَهَاهُ عَنْ الْمُبَالَغَةِ ؛ لَا عَنْ الِاسْتِنْشَاقِ . وَأَمَّا السِّوَاكُ فَجَائِزٌ بِلَا نِزَاعٍ ، لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي كَرَاهِيَتِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ . وَلَمْ يَقُمْ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ يَصْلُحُ أَنْ يَخُصَّ عُمُومَاتِ نُصُوصِ السِّوَاكِ ، وَقِيَاسُهُ عَلَى دَمِ الشَّهِيدِ وَنَحْوِهِ ضَعِيفٌ مِنْ وُجُوهٍ ، كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ . وَذَوْقُ الطَّعَامِ يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ؛ لَكِنْ لَا يُفْطِرُهُ . وَأَمَّا لِلْحَاجَةِ فَهُوَ كَالْمَضْمَضَةِ وَأَمَّا الْقَيْءُ : فَإِذَا اسْتِقَاءَ : أَفْطَرَ ، وَإِنْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ لَمْ يُفْطِرْ . وَالِادِّهَانُ : لَا يُفْطِرُ بِلَا رَيْبٍ . وَأَمَّا خُرُوجُ الدَّمِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ ، كَدَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ ، وَالْجُرُوحِ ، وَاَلَّذِي يُرْعَفُ ، وَنَحْوُهُ ، فَلَا يُفْطِرُ ، وَخُرُوجُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ يُفْطِرُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ . وَأَمَّا الِاحْتِجَامُ : فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ ، وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ وَكَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُ يُفْطِرُ ، وَالْفِصَادُ وَنَحْوُهُ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِهِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ كَالِاحْتِجَامِ . وَمَذْهَبُهُ فِي الْكُحْلِ الَّذِي يَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ ، أَنَّهُ يُفْطِرُ ، كَالطِّيبِ وَالْحَاجَةِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ نَحْوُ ذَلِكَ ، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَلَا يَرَيَانِ الْفِطْرَ بِذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .



    347 - 17 - وَسُئِلَ عَمَّنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ ؟

    فَأَجَابَ : إذَا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مُسْتَحِلًّا لِذَلِكَ ، وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِهِ اسْتِحْلَالًا لَهُ ، وَجَبَ قَتْلُهُ ، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا عُوقِبَ عَنْ فِطْرِهِ فِي رَمَضَانَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ ، وَأَخَذَ مِنْهُ حَدَّ الزِّنَا ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا عُرِّفَ بِذَلِكَ ، وَأُخِذَ مِنْهُ حَدُّ الزِّنَا ، وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .



    346 - 16 - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَمَّا إذَا قَبَّلَ زَوْجَتَهُ ، أَوْ ضَمَّهَا ، فَأَمْذَى . هَلْ يُفْسِدُ ذَلِكَ صَوْمَهُ ؟ أَمْ لَا ؟ .

    فَأَجَابَ : يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِذَلِكَ ، عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ .



    344 - 14 - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَنْ رَجُلٍ أَفْطَرَ نَهَارَ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا ، ثُمَّ جَامَعَ : فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ ؟ أَمْ الْقَضَاءُ بِلَا كَفَّارَةٍ ؟

    فَأَجَابَ : عَلَيْهِ الْقَضَاءُ . وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَتَجِبُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ ، وَأَحْمَدَ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ ، وَلَا تَجِبُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ .
    قال الإمام وكيع بن جراح(من طلب الحديث كما جاء فهو صاحب سنة ومن طلبه ليقوى به رأيه فهو صاحب بدعة ) ذم الكلام للهروي 2ص 274

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    الدولة
    algerie
    المشاركات
    347
    بارك الله فيك يا أبو الفداء .
    ماذا يرى إبن تيمية رحمه الله في صوم يوم الغيم جزاك الله خير ؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    255
    أخى سلفى شيخ الإسلام ذكر أراء الصحابة والأئمة فى المسألة وعلى حسب ما فهمت أنه لم يذكر رأيه
    وفيما يخص رأيه فى المسألة فالله أعلم
    قال الإمام وكيع بن جراح(من طلب الحديث كما جاء فهو صاحب سنة ومن طلبه ليقوى به رأيه فهو صاحب بدعة ) ذم الكلام للهروي 2ص 274

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    الدولة
    الجزائرالعاصمة
    المشاركات
    214
    الذي يتبين لي أن شيخ الاسلام ذكر الراجح عنده والله أعلم:
    وذلك بعد أن ذكر نصوص العلماء في المسألة قال:"وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ : هَلْ هُوَ وَاجِبٌ ؟..."ثم قال رحمه الله بعد أن ذكر الخلاف الحاصل من أصل المسألة التي نبحث عن رأي ابن تيمية فيها:"وَتَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : أَنَّ النِّيَّةَ تَتْبَعُ الْعِلْمَ ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ . فَإِنْ نَوَى نَفْلًا أَوْ صَوْمًا مُطْلَقًا لَمْ يُجِزْهُ : لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يَقْصِدَ أَدَاءَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي عَلِمَ وُجُوبَهُ ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ الْوَاجِبَ لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ . وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَهُنَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعْيِينُ ، وَمَنْ أَوْجَبَ التَّعْيِينَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ فَقَدْ أَوْجَبَ الْجَمْعَ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ . فَإِذَا قِيلَ إنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُهُ وَصَامَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ ، أَوْ مُعَلَّقَةٍ أَجْزَأَهُ . وَأَمَّا إذَا قَصَدَ صَوْمَ ذَلِكَ تَطَوُّعًا ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ أَيْضًا ، كَمَنْ كَانَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ ، وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ ، فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّبَرُّعِ ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَقُّهُ ، فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعْطَائِهِ ثَانِيًا ، بَلْ ذَلِكَ الَّذِي وَصَلَ إلَيْك هُوَ حَقٌّ كَانَ لَك عِنْدِي ، وَاَللَّهُ يَعْلَمُ حَقَائِقَ الْأُمُورِ . وَالرِّوَايَةُ الَّتِي تُرْوَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ النَّاسَ فِيهِ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ فِي نِيَّتِهِ ، عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ بِحَسَبِ مَا يَعْلَمُهُ النَّاسُ ، كَمَا فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ ، وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ ، وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ } ......"

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    الدولة
    الجزائرالعاصمة
    المشاركات
    214
    وقد وقفت ولله الحمد على كلام للشيخ عبد الرحمن آل بسام رحمه الله في كتابه:"تيسير العلام بشرح عمدة الأحكام"فذكر أن شيخ الاسلام هذا هو ما يرجحه-أي ما ذكرته لكم آنفا-وهو أنه لا يوجب صيام يوم الغيم ومن صامه أجزأه وذكر الشيخ البسام أن قول مالك وأبي حنيفة والشافعي ورواية عن الامام أحمد أنه لا يجب صومه ولا يجزؤه إن صامه لأنه في نية مترددة ولا بد عندهم من النية.
    والله أعلم.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    بلاد الله
    المشاركات
    1,500
    بارك الله فيك
    قال الشيخ العلامة الإمام صالح الفوزان حفظه الله (( فلا يُقاوم البدع إلا العلم والعلماء ، فإذا فقد العلم والعلماء أتيحت الفرصة للبدع أن تظهر وتنتشر ولأهلها ما يشاءون ))


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    1,656
    جزاك الله خيرا وبارك الله فيك .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    الدولة
    الجزائرالعاصمة
    المشاركات
    214
    ############

    لست أنت من يخطأ شيخ الإسلام ابن تيمية

    اكتف بنقل كلام العلماء ودع التخطئه لهم

    #########

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •