النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: وجوب الصيام وفوائده

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2004
    المشاركات
    2,615

    وجوب الصيام وفوائده

    بسم الله لرحمن الرحيم
    وجوب الصيام وفوائده


    قال الله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ إلى قوله : وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة : 183 - 185] .
    يخبر تعالى بمنته على عباده المؤمنين بفرضه عليهم الصيام كما فرضه على الأمم السابقة ، لأنه من الشرائع الكبار التي هي مصلحة للخلق في كل زمان ، وفي هذا حث للأمة أن ينافسوا الأمم في المسارعة إليه وتكميله ، وبيان عموم مصلحته ، وثمراته التي لا تستغني عنها جميع الأمم ; ثم ذكر حكمته بقوله : لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى ؛ لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه .
    فالصيام هو الطريق الأعظم للوصول إلى هذه الغاية التي فيها سعادة العبد في دينه ودنياه وآخرته ، فالصائم يتقرب إلى الله بترك المشتهيات ؛ تقديما لمحبة ربه على محبة نفسه ، ولهذا اختصه الله من بين الأعمال حيث أضافه إلى نفسه في الحديث الصحيح ، وهو من أعظم أصول التقوى ، فإن الإسلام والإيمان لا يتم بدونه .
    وفيه من حصول زيادة الإيمان ، والتمرن على الصبر والمشقات المقربة إلى رب العالمين ، وأنه سبب لكثرة الطاعات من صلاة وقراءة وذكر وصدقة وغيرها ما يحقق التقوى ، وفيه من ردع النفس عن الأمور المحرمة من أقوال وأفعال ما هو من أصول التقوى .
    ومنها : أن في الصيام من مراقبة الله بترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه - لعلمه باطلاع ربه عليه - ما ليس في غيره ، ولا ريب أن هذا من أعظم عون على التقوى .
    ومنها : أن الصيام يضيق مجاري الشيطان فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فبالصيام يضعف نفوذه ، وتقل معاصي العبد .
    ومنها : أن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك ، وحمله على مواساة الفقراء المعدمين ، وهذا كله من خصال التقوى .
    ولما ذكر أنه فرض عليهم الصيام أخبر أنها أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ أي : قليلة سهلة ، ومن سهولتها أنها في شهر معين يشترك فيه جميع المسلمين ; ولا ريب أن الاشتراك هذا من المهونات المسهلات ، ومن ألطاف المولى ومعونته للصائمين ، ثم سهل تسهيلا آخر فقال : فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وذلك للمشقة - غالبا - رخص الله لهما في الفطر .
    ولما كان لا بد من تحصيل العبد لمصلحة الصيام أمرهما أن يقضياه في أيام أخر ، إذا زال المرض ، وانقضى السفر ، وحصلت الراحة .
    وفي قوله : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ دليل على أنه يقضي عدد أيام رمضان كاملا كان أو ناقصا ، وعلى أنه يجوز أن يقضي أياما قصيرة باردة عن أيام طويلة حارة كالعكس .
    وبهذا أجبنا عن سؤال ورد علينا : أنه يوجد مسلمون في بعض البلاد التي يكون في بعض الأوقات ليلها نحو أربع ساعات أو تنقص ، فيوافق ذلك رمضان ، فهل لهم رخصة في الإطعام إذا كانوا يعجزون عن تتميمها ؟
    فأجبنا : إن العاجز منهم في هذا الوقت يؤخره إلى وقت آخر ، يقصر فيه النهار ، ويتمكن فيه من الصيام كما أمر الله بذلك المريض ، بل هذا أولى ، وأن الذي يقدر على الصيام في هذه الأيام الطوال يلزمه ولا يحل له تأخيره إذا كان صحيحا مقيما ، هذا حاصل الجواب .
    وقوله : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ قيل : هذا في أول الأمر وفي ابتداء فرض الصيام لما كانوا غير معتادين للصيام ، وكان ابتداء فرضه حتما فيه مشقة عليهم ، درجهم الرب الحكيم بأسهل ما يكون ، وخير المطيق للصوم بين أن يصوم ، وهو الأفضل الأكمل ، أو يطعم ويجزيه ، ثم لما تمرنوا على الصيام ، وكان ضروريا على المطيقين فرضه عليهم حتما .
    وقيل إن قوله : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ أي : يتكلفون الصيام ، ويشق عليهم مشقة لا تحتمل كالكبير والمريض الميئوس من برئه ، فدية طعام مسكين عن كل يوم يفطره .
    وقوله : شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ أي : الصوم المفروض عليكم هو شهر رمضان ، الشهر العظيم الذي حصل لكم من الله فيه الفضل العظيم ، وهو إنزال القرآن الذي فيه هدايتكم لجميع مصالحكم الدينية والدنيوية ، وفيه بيان الحق وتوضيحه ، والفرقان بين الحق والباطل ، والهدى والضلال ، وأهل السعادة من أهل الشقاوة ، فحقيق بشهر هذا فضله ، وهذا إحسان الله العظيم فيه عليكم أن يكون معظما محترما ، موسما للعباد مفروضا فيه الصيام .
    فلما قرر فرضيته ، وبين حكمته في ذلك وفي تخصيصه قال : فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ أي : من حضر الشهر وهو قادر تحتم عليه صيامه ، وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ : أعاد ذلك تأكيدا له ، ولئلا يظن أنه أيضا منسوخ مع ما نسخ من التخيير للقادر .
    يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ أي : يريد الله أن ييسر ويسهل عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير ليسهل سلوكها ، ويعين عليها بكل وسيلة ؛ ليرغب فيها العباد ، وهذا أصل عظيم من أصول الشريعة ، بل كلها تدور على هذا الأصل ، فإن جميع الأوامر لا تشق على المكلفين ، وإذا حصل بعض المشاق والعجز خفف الشارع من الواجبات بحسب ما يناسب ذلك ، فيدخل في هذا جميع التخفيفات في جواز الفطر ، وتخفيفات السفر ، والأعذار لترك الجمعة والجماعة .
    وقوله : وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وذلك لئلا يتوهم متوهم أن صيام رمضان يحصل المقصود ببعضه دفع هذا الوهم بقوله : وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وأمر بشكره على إتمامه ؛ لأن من أكبر منن الله على عبده توفيقه لإتمامه وتكميله وتبيين أحكامه للعبيد ، وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ هداية التعليم وهداية التوفيق والإرشاد .
    منقول من كتاب تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير الأحكام
    للإمام العلامة المفسرعبدالرحمن السعدي رحمه الله
    قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: فمن أعرض عن الله بالكلية أعرض الله عنه بالكلية، ومن أعرض الله عنه لزمه الشقاءُ والبؤس والبخس فى أحواله وأعماله وقارنه سوءُ الحال وفساده فى دينه ومآله، فإن الرب تعالى إذا أعرض عن جهة دارت بها النحوس وأظلمت أرجاؤها وانكسفت أنوارها وظهرت عليها وحشة الإعراض وصارت مأْوى للشياطين وهدفاً للشرور ومصباً للبلاءِ، فالمحروم كل المحروم من عرف طريقاً إليه ثم أَعرض عنهاْ....

    موقع فضيلة العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه الله
    http://www.sh-faleh.com/index.php

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    1,656
    جزاك الله خيرا وبارك الله فيك.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •