متعلٌّق صفة القدرة لفضيلة الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله

قال الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله في شرح الواسطية ، الشريط الثالث عشر ، ابتداءً من الدقيقة 45:

- وأما القدرة فهي الصّفة التي تتعلق بالممكنات إيجاداً وإعداماً ؛ لعلّ هذا الأسلوب قد يكون جديدا على صغار الطلبة.
قدرة الله تعالى لها تعلق؛ بم تتعلق القدرة ؟

- الأشياء تنقسم إلى ثلاثة: واجبات، ومستحيلات، وجائزات، والجائز يقال له: ممكن ، الجائز والممكن بمعنى واحد، ما يقبل الوجود والعدم، أو ما وجد بعد أن كان معدوماً ثم يؤول أمره إلى العدم ، هذا يقال له: جائز، ويقال له: ممكن، الكون كله جائز وممكن.

- أما الواجبات فذاتُ الله سبحانه وتعالى وصفاته وأسماؤه ، أي: الثابت ، الذي لم يسبق بعدمٍ ولا يلحقه عدم ، لذلك يقال في حق الله تعالى: واجب الوجود ؛ لأنه وجوده لم يسبق بعدم، وجود أزلي ، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في تفسير بعض أسماء الله تعالى: " أنت الأوّل فليس قبلك شيء ، وأنت الآخِر فليس بعدك شيء"، هذا هو الواجب ، واجب الوجود الدائم الباقي ، الآخر الذي ليس بعده شيء. (أما الجائز، عفوا الجائز قد عرفناه).

- المستحيل: المستحيل ما لا وجود له، ما يستحيل وجوده ولا يليق بالله أن يوجد ذلك المستحيل لا عجزا ؛ بل لأن قدرته لا تتعلق بالمستحيل، ولا يليق بالله تعالى إيجاد المستحيل ، هذه النقطة مهمة جدا، قد يأتي سؤال المتعنّتين من علماء الكلام إذا ناقشك لإثبات الصفات ووُفّقت وأفهمته منها سؤال ؛ هذا السؤال ورد هذه الأيام : هل الله قادر على أن يخلق له شريكا أو صاحبة أو ولداً ؟ هكذا يسألك ، كما قيل: "لكل سؤال جواب" ، يجب أن تهيِّأ الإجابة لأنك تعيش في وقت اختلط فيه الصّالح بالطّالح وكثُرت الملل وإن كانت تنتَسِب إلى الإسلام فهي ملل، ملل غير إسلامية منتسبة للإسلام تعيش بين المسلمين.
من يجرؤون على مثل هذا السؤال للتشكيك إما إنهم كفار أو يقربون من الكفر وقد خرج من قلوبهم تعظيم الله ؛ وعلى كلٍّ لا بد من جواب.

- الجواب أن يقال: إن قدرة الله تعالى لا تتعلق بالمستحيلات ، أما الله سبحانه فهو على كل شيء قدير .
إن حققنا المسألة على أصول أهل الكلام لفظة: "شيء" لا تطلق على المستحيل ، والله على كل شيء قدير، المعدوم والمستحيل ليس بشيء ، أي: إن قدرة الله لا تتعلق بذلك لأن الله عليم حكيم لا يليق بالله سبحانه وتعالى أن تتعلّق قدرته بتلك المستحيلات فيوجدَها، لا لأنه عاجز عن إيجادها؛ تُثبت لله القدرة وتنفي عنه سبحانه وتعالى ما لا يليق به ، فإنه لا يفعل ذلك لأنها من الأمور التي لا تليق بالله تعالى وهي المعروفة عند علماء الكلام بالمستحيلات ؛ إذن قدرة الله تعالى لا تتعلق بالمستحيلات، ولا تتعلق بالواجبات ولكنها تتعلق بالممكنات فقط أو بالجائزات.
أما الواجبات، لماذا لا تتعلّق بالواجبات ؟ لأن الواجب لا يوصف بالإيجاد والإعدام ؛ ذات الله وصفات الله الذّاتية القديمة لا توصف لا بالإيجاد ولا بالإعدام ، إذن قدرة الله لا تتعلّق بالواجبات أي: لا تتعلق بذات الله تعالى وأسمائه وصفاته لأنها ليست بمخلوقة ، ولا تتعلق بالمستحيلات.
إذن بما تتعلق قدرة الله تعالى ؟ بالممكنات أو بالجائزات ؛ هذا معنى كلام الشيخ: "فهي الصفة التي تتعلق بالممكنات إيجاداً وإعداما" (1)
- ما لا يقبل ولا يخضع للإيجاد والإعدام كالواجبات لا تتعلق بها القدرة ، ما لا يقبل الإيجاد لكونه مستحيلا لا تتعلق به القدرة ، مفهوم؟ فرقوا بين الأمور هذه، ما لا يخضع للإيجاد والإعدام، لكونه واجباً أزليّاً كذات الله تعالى وأسمائه وصفاته لا تتعلق بها القدرة ، وما لا يخضع أو لا يصلح أو لا يليق إيجاده كالمستحيلات أو وهو المستحيلات لا تتعلق بها القدرة ، إذن قدرة الله تعالى تتعلّق بالممكنات أو بالجائزات.

- لعل هذا البحث حيث إنه بحث اصطلاحيّ من اصطلاح علماء الكلام ولكنه دخل على السلف المتأخر الذين ناقشوا الخلف ؛ ممكن الاستفادة من بعض كتب الأشاعرة في مثل هذه المسألة، بالنسبة للناضج، الطالب الناضج يمكن يرجع إلى حاشية البيجوري على جوهرة التوحيد أو حاشية البيجوري على السّنوسية ليبحث متعلّق قدرة الله تعالى ؛ متعلق الصفات كلها، هم يبحثون عن متعلق الصفات كلها، ممكن البحث وما فهمت فهمت وما لم تفهم تسأل وتكون على علم لأنك قد تُفاجأ في مناقشة ومناظرة من هذا الباب من القوم ، إذا كنت غافلا ولست على علم أو اطلاع قد تفاجأ بأن تنكر الحقّ وأنت لا تدري ، لذلك ينبغي الاطلاع على هذه الكتب وهي في متناول أيديكم فتطالعوا فتسألوا ما أشكل عليكم.

------
(1) الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله