سأل سائل: كيف صورة التوكل وتوضيحه ؟
بسم الله الرحمن الرحيم



قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعـدي - رحمه الله تعالى –

( سأل سائل: كيف صورة التوكل وتوضيحه؛
فإني لا أكاد أتصور معناه فضلاً عن كوني متصفاً به ؟

فأجيب: معلوم أن الحاجة والضرورة هي التي تدعـو إلى التوكل،


وأنت محتاج لإصلاح دينك في القيام بالواجبات وترك المنهيات،


وإلى إصلاح دنياك في تحصيل الكفاية في المعاش،


فإذا علمت أن الله بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير،


وأنه المتفرد بالعـطاء والمنع وجلب المنافع ودفع المضار،


وهو مع ذلك كامل الحكمة واسع الرحمة أرحم بك من نفسك ومن كل أحد،


ومع ذلك أيضاً؛ فقد أمرك بالتوكل عليه، ووعدك بالكفاية؛


فمتى تحققتَ ذلك تحققاً قلبياً يقينياً؛



فقم بجد واجتهاد في امتثال الأمر واجتـناب النهي بحسب مقدورك،


وأنت في ذلك معـتمداً غاية الاعتماد بقلبك على الله في حصول ما سعيت فيه وتكميله،


وواثق به وطامع في فضله في تيسيره لك ما سعيت فيه،


ومتبرئ من حولك وقوتك، عالم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله،


وأنك وجميع الخلق أضعـف وأعجز من أن تقوموا بأمر من الأمور بغير معـونة الله وتيسيره ؛



فمتى دمت على هذا العمل والاعتماد والتفويض وحسن الظن؛ فقد حققتَ مقام التوكل،


وكذلك فاصنع في أمور معاشك، اعمل كل ما يناسبك من الأسباب النافعة متوكلاً على الله،


راجياً فضله، مطمئـناً لكـفايته، معتمداً عـليه غاية الاعـتماد،


راضياً بما قدره ودبره لك من مُسرٍّ ومحزن ،


والتوكل على هذا الوجه نصف الإيمان،


والله تعالى قد ضمن الكفاية للمتوكلين،


ومما يـقـوي الـتوكل الدعـاء بقلب حاضر ورجاء قـوي.


والله أعـلم. )
( مجموع الفوائد واقـتـناص الأوابد ) ص 38-39 ما نصه: