صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 16 إلى 26 من 26

الموضوع: قطع لجاج الحائر بذكر الإجماع في الشهادة بالنار على المعين الكافر

  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    817
    .......................
    التعديل الأخير تم بواسطة المفرق ; 08-29-2013 الساعة 02:28 AM

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    817
    قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في كتابه حيث قال: (ولا يقطعون على أحد من أهل الملة أنه من أهل الجنة أو من أهل النار لأن علم ذلك يغيب عنهم لا يدرون على ماذا الموت؟ أعلى الإسلام أم على الكفر؟ ولكن يقولون: إن من مات على الإسلام مجتنبا للكبائر والأهواء والآثام فهو من أهل الجنة لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالِحَاتِ [البينة: 7]، ولم يذكر عنهم ذنبا أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَناتُ عَدْنٍ [البينة: 7- 8]، ومن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بعينه وصح ذلك عنه فإنهم يشهدون له بذلك اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقا لقوله)
    ( إعتقاد أئمة أهل الحديث 68/69)

    قال الإمام ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: (و أما الشخص المعين، إذا قيل: هل تشهدون أنه من أهل الوعيد و أنه كافر؟ فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة، فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار، فإن هذا حكم الكافر بعد الموت، ولهذا ذكر أبو داود في (سننه) في كتاب: الأدب، باب: النهي عن البغي. وذكر فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: ((كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب، و الآخر مجتهد في العبادة فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يوماً على ذنب، فقال له أقصر، فقال خليني وربي، أبعثت علي رقيباً؟ فقال: و الله لا يغفر الله لك، أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالماً؟ أو كنت على ما في يدي قادراً؟ وقال للمذنب اذهب فادخل الجنة برحمتي. وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار. قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده، لتكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته)) وهو حديث حسن، و لأن الشخص المعين يمكن أن يكون مجتهداً مخطئاً مغفوراً له، ويمكن أن يكون ممن لم يبلغه ما وراء ذلك من النصوص، ويمكن أن يكون له إيمان عظيم وحسنات أوجبت له رحمة الله)( شرح الطحاوية 357/358)


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فقد يكون الفعل أو المقالة كفراً، ويطلق القول بتكفير من قال تلك المقالة، أو فعل ذلك الفعل، ويقال: من قال كذا، فهو كافر، أو من فعل ذلك، فهو كافر. لكن الشخص المعين الذي قال ذلك القول أو فعل ذلك الفعل لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها. وهذا الأمر مطرد في نصوص الوعيد عند أهل السنة والجماعة، فلا يشهد على معين من أهل القبلة بأنه من أهل النار، لجواز أن لا يلحقه، لفوات شرط أو لثبوت مانع)( مجموع الفتاوى 165/35)

    قال الشيخ صالح آل الشيخ :
    السؤال : ما حكم تكفير الكافر المعين والحكم عليه بالخلود في النار بعد الممات، وما معنى قول أهل السنة ولا نشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له، إلى آخره ؟

    الجواب: أنَّ قول أهل السنة ولا نشهد لأحد بجنة ولا بنار إلا من شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ يعني من هذه الأمة من المنتسبين للقبلة، أما المشرك الأصلي أو الكافر اليهودي أو النصراني فإنه يستصحب الأصل الذي كان عليه؛ فإذا مات على الكفر فإننا نقول هو كافر ومات عليه وهو من أهل النار، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لنا (حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار)..أبشر بالنار، هذا لا يدخل في قول أهل السنة لأنَّ المقصود من ذلك أهل القبلة، لا نشهد لمعين بجنة من أهل القبلة ولا لمعين من أهل القبلة بنار، إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم في الذين يدخلون الجنة وفي الذي غلّ وفي الذي قتل نفسه؛ وجَعَ نفسه بحديدة ونحو ذلك، من شهد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنار من أهل القبلة فنشهد عليه بالنار وأما المشركون والكفار من أهل الكتاب فلا كرامة لهم فإذا ماتوا شهدنا عليهم بالنار وكفَّرْنَاهم في حياتهم وبعد مماتهم، ولا يقال في حقهم لا نكفر إلا من بلغته الحجة أو لا نشهد عليهم بالنار إلا من قامت عليه الحجة ونحو ذلك، كما بينا ذلك مرة في هذا المسجد حينما رددت على صاحب مقالة كفرية.شرح العقيدة الطحاوية (1 / 105).

  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    817
    جاء في كتاب (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء «المجموعة الثانية» ) ما يلي و قد سبق لي نقل هذه الفتوى في مقالي لكن أعيدها عليكم لوضوحها و عنوانها :

    المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا بشرط

    السؤال الخامس من الفتوى رقم ‏(‏6397‏)‏‏:‏

    السؤال ‏:‏ أسلمت حديثا إحدى الشابات البوذيات المثقفات بعد دراسة عميقة للإسلام استمرت سبع سنوات، وهي الآن نشطة في الدعوة للإسلام ولقد أسلم على يديها بعض الأفراد من رجال ونساء، وفي إحدى جولاتها مع بعض الذين اهتدوا للتعريف بالإسلام والدعوة إليه في إحدى المناطق النائية وجه إليها أحد البوذيين هذا السؤال‏:‏ كيف تحكمون بدخول النار لغير المسلم بينما نحن في هذه المنطقة لم عن نسمع عن الإسلام إلا الآن فهل آباؤنا في النار، وما ذنبهم طالما أنكم معشر المسلمين لم تبلغوا دين الحق إلينا‏؟‏ ولقد اتصلت بنا هذه الأخت المهتدية وتريد منا جوابا شافيا على سؤال الرجل الذي دخل في الإسلام بعد هذا اللقاء‏.‏

    الجواب‏:‏ المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا بشرط وهو‏:‏ أن يكونوا قد بلغهم القرآن أو بيان معناه من دعاة الإسلام بلغة المدعوين؛ لقول الله عز وجل‏:‏ سورة الأنعام الآية 19 ‏{‏وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ‏}‏ وقوله سبحانه‏:‏ سورة الإسراء الآية 15 ‏{‏وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا‏}‏ فمن بلغتهم الدعوة الإسلامية من غير المسلمين وأصر على كفره فهو من أهل النار لما تقدم من الآيتين، ولقول النبي صلى لله عليه وسلم‏:‏ أحمد ‏(‏2/ 317، 350‏)‏ و‏(‏4/ 396، 398‏)‏، ومسلم برقم ‏(‏153‏)‏، وابن مردويه وسعيد بن منصور وابن المنذر والطبراني، كما في ‏[‏الدر المنثور‏]‏ ‏(‏2/ 325‏)‏، والحاكم ‏(‏2/ 342‏)‏‏.‏ والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار خرجه مسلم في صحيحه والأدلة في هذا المعنى من الآيات والأحاديث كثيرة‏.‏ أما الذين لم تبلغهم الدعوة على وجه تقوم به الحجة عليهم فأمرهم إلى الله عز وجل، والأصح من أقوال أهل العلم في ذلك‏:‏ أنهم يمتحنون يوم القيامة فمن أطاع الأوامر دخل الجنة ومن عصى دخل النار، وقد أوضح هذا المعنى الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره؛ لقول الله عز وجل‏:‏ سورة الإسراء الآية 15 ‏{‏وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا‏}‏ والعلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه ‏[‏طريق الهجرتين‏]‏ في آخره تحت عنوان ‏(‏طبقات المكلفين‏)‏ فنرى لك مراجعة الكتابين لمزيد الفائدة‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

    الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

    نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

    عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

    عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

    قلت : و كما ترى أخي طالب الحق أن فتوى علماء اللجنة الدائمة -رحم الله الميت و حفظ الله الحي منهم- واضحة فقالوا : ( الملسمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا...إلخ) وهم يتكلمون عن كفار معينين كما جاء في السؤال ، فكلام العلماء يرد مجمله إلى مفصله و لا يضرب بعضه ببعض ، فتدبر و تمعن أخي طالب الحق في هذا تسلم من الزلل وفقنا الله لمرضاته.

  4. #19
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    817

    قال أحد طلبة العلم :(طلع علينا في هذا الزمان بعض من يزعم السلفية: بأنه لا يجوز الحكم على من مات على الشرك بالنار، ولو كان من أئمة الكفر، من النصارى واليهود ونحوهم... فتحيرنا، وحق لنا هذا.
    فهم لا يريدون تكفير المعين من المشركين، ولا يريدون تحقيق البراءة منهم، ثم من مات أيضًا على كفره، ولو كان مباينًا لملة المسلمين لا يريدون أن نحكم عليه أيضًا بالنار.
    ثم تراهم قد توغلوا بعنف في الحكم على كثير من مناطات الشرك الأكبر بأنه من الشرك الأصغر العملي، الذي لا يخرج صاحبه من الملة.
    ويا ليتهم وقفوا عند هذا الحد، بل قاموا بشن الغارة على دعاة التوحيد، ورموهم بالعظائم ونالوا من أعراضهم.
    فسبحان الله ما أعظم هذا الإشكال، وما أشد تلك المعضلة.
    ولم يدر هؤلاء أنهم يسعون في تهوين أمر الشرك في نفوس العباد شاءوا ذلك أم أبوا، ذاك الذنب الذي حرم الله على أصحابه الجنة، وأوجب لهم به الخلود في النيران، وحجب المولى -جل في علاه- مغفرته العظيمة، وعفوه -الذي لا يعلمه إلا هو سبحانه- عن أن ينال هذا الذنب الأكبر الأعظم.
    واستشهد القوم بقول الإمام الطحاوي في عقيدته: «ولا ننزل أحدًا منهم جنة ولا نارًا».
    ولو رجعنا إلى قول الإمام الطحاوي، لوجدناه يتحدث عن أهل القبلة، الذين ماتوا في الظاهر على التوحيد والإيمان، فهل بجرؤ أحد على الحكم على أمثال هؤلاء بأنهم من أهل النار، سبحانك هذا بهتان عظيم.
    قال الإمام الطحاوي -رحمه الله تعالى-: «وأهل الكبائر من أمة محمد ، في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين، بعد أن لقوا الله عارفين مؤمنين....ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة، ونصلي على من مات منهم.
    ولا ننزل أحدًا منهم جنة ولا نارًا، ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق ما لم يظهر منهم شيء من ذلك، ونذر سرائرهم إلى الله تعالى».

    وقال ابن أبي العز الحنفي مبينًا هذا المعنى في شرحه: «يريد: أنا لا نقول عن أحد معين من أهل القبلة إنه من أهل الجنة أو من أهل النار إلا من أخبر الصادق صلى الله عليه و سلم أنه من أهل الجنة، كالعشرة رضي الله عنهم، وإن كنا نقول: إنه لا بد أن يدخل النار من أهل الكبائر من شاء الله إدخاله النار، ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين، ولكنا نقف في الشخص المعين فلا نشهد له بجنة ولا نار إلا عن علم، لأن الحقيقة باطنة، وما مات عليه لا نحيط به، لكن نرجو للمحسنين ونخاف على المسيئين».

    فإذا كان هذا في حق من مات من أهل القبلة على التوحيد والإيمان، فلماذا يتوسع هؤلاء -وهذا دأبهم دائمًا في مثل هذه المسائل فانتبه- في جعل هذا الحكم ينطبق على المرتدين، وعلى أئمة الكفر المباينين للملة، فضلاً عن أتباعهم، من المقلدة لهم، والمقتدين لآثارهم.

    والرد على هذه الشبهة من وجوه:

    الوجه الأول: ما قاله صديق الأمة، أبو بكر الصديق رضي الله عنه في وجوب الشهادة على أعيان القتلى المرتدين بالنار، وكان في محضر من الصحابة، وانقضى عصرهم، ولم يظهر له مخالف في هذا فكان إجماعًا.

    وقد ذكرت هذا الوجه أولاً بسبب وروده في متن الرسالة محل الشرح.

    الوجه الثاني: قوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) [التوبة: 113]، فالآية نص في أن الكافر إذا مات على كفره فقد تبين لنا أنه من أهل النار، وأنه يعين بذلك.
    قال الإمام الطبري -رحمه الله تعالى-: «يقول تعالى ذكره: ما كان ينبغي للنبي والذين آمنوا به: أَنْ يَسْتَغْفِرُوا يقول: أن يدعوا بالمغفرة للمشركين، ولو كان المشركون الذين يستغفرون لهم أُولِي قُرْبَى ذوي قرابة لهم مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ يقول: من بعد ما ماتوا على شركهم بالله، وعبادة الأوثان، وتبين لهم أنهم من أهل النار، لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك، فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله».
    وقال الإمام ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-: «ومعنى قوله: مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ أي: من بعد ما بان أنهم ماتوا كفارًا».

    والعبرة في هذه المسألة بالخواتيم، فمن مات على الكفر حكمنا به عليه وشهدنا له بالنار في الظاهر، والله يتولى السرائر.

    قال الإمام القرطبي - رحمه الله تعالى- في هذه الآية: «ظاهر حالة المرء عند الموت يحكم عليه بها، فإن مات على الإيمان حكم عليه به، وإن مات على الكفر حكم له به، وربك أعلم بباطن حاله».

    وقال أيضًا -رحمه الله تعالى- مؤكدًا على هذا المعنى في أثناء تفسيره لقوله تعالى: وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا [النساء: 94] الآية. بعد عرضه لحديث أسامة بن زيد  لما قتل متأولاً الرجل الذي نطق بالشهادتين بعدما علاه بسيفه.
    قال القرطبي: «وفي هذه من الفقه باب عظيم: وهو أن الأحكام تناط بالمظان والظواهر، لا على القطع واطلاع السرائر».

    وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في قصة موت أبي طالب: «فهذا شأن من مات على الكفر -أي الخلود في النار- فلو كان مات على التوحيد لنجا من النار أصلا؛ والأحاديث الصحيحية، والأخبار المتكاثرة طافحة بذلك»

    الوجه الثالث: عن أنس  أن رجلاً قال: يا رسول الله أين أبي؟

    قال: «في النار» فلما قفى دعاه فقال: «إن أبي وأباك في النار» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وبوب الإمام النووي له بابًا: «بيان أن من مات على الكفر فهو في النار»، وقال فيه: «أن من مات على الكفر فهو في النار، ولا تنفعه قرابة المقربين».

    الوجه الرابع: جاء أعرابي إلى النبي  فقال يا رسول الله: «إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان. فأين هو؟ قال: «في النار»، قال: فكأنه وجد من ذلك. فقال يا رسول الله فأين أبوك؟ فقال رسول الله : «حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار» قال فأسلم الأعرابي بعد. وقال: لقد كلفني رسول الله  تعبًا، ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار».

    وقال الإمام السندي -رحمه الله تعالى- في شرحه لسنن ابن ماجه على هذا الحديث:

    والجواب: -أي من النبي صلى الله عليه و سلم - عام في كل مشرك ) اهـ.

    وقال العلامة علي القاري الحنفي فيه: «وفي هذا التعميم دلالة واضحة، وإشارة لائحة بأن أهل الجاهلية كلهم كفار، إلا ما خص منهم بالأخبار عن النبي المختار  ».

    وقال الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- معلقًا عليه: «وإذا زار قبر الكافر فلا يسلم عليه، ولا يدعو له، بل يبشره بالنار، كذلك أمر رسول الله ».
    وكان سلفنا الصالح، وأئمة الهدى إذا حكموا بالكفر على واحد، حكموا له بالخلود في النيران إذا مات عليه، وأجروا عليه أحكام التكفير، لأن باب الحكم بالكفر على معين، والشهادة له بالنار إن مات عليه واحد.
    قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: «والجهمية عند كثير من السلف، مثل عبد الله بن المبارك، ويوسف بن أسباط، وطائفة من أصحاب الإمام احمد، وغيرهم ليسوا من الثنتين والسبعين فرقة التي افترقت عليها هذه الأمة، بل أصول هذه عند هؤلاء هم: الخوارج، والشيعة، والمرجئة، والقدرية.
    وهذا المأثور عن أحمد، وهو المأثور عن عامة أئمة السنة والحديث أنهم كانوا يقولون: من قال القرآن مخلوق فهو كافر؛ ومن قال: إن الله لا يرى في الآخرة فهو كافر؛ ونحو ذلك.

    ثم حكى أبو نصر السجزي عنهم في هذا قولين:
    أحدها: أنه كفر ينقل عن الملة، قال: وهو قول الأكثرين.
    والثاني: أنه كفر لا ينقل. ولذلك قال الخطابي: أن هذا قالوه على سبيل التغليظ.
    وكذلك تنازع المتأخرون من أصحابنا في تخليد المكفر من هؤلاء، فأطلق أكثرهم عليه التخليد، كما نقل ذلك عن طائفة من متقدمي علماء الحديث، كأبي حاتم، وأبي زرعة، وغيرهم، وامتنع بعضهم من القول بالتخليد».

    وقال الإمام الفقيه ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: «ولا تجوز الصلاة على كافر لقول الله تعالى: وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ [التوبة: 84] وقال الله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى. ومن حكمنا بكفره من أهل البدع لم نصل عليه. قال أحمد: لا أشهد الجهمي ولا الرافضي ويشهدهما من أحب».

    وقال الإمام ابن أبي العز مؤكدًا على أن المعين من الكفار إذا مات على كفره فإنه يشهد له بالنار: «وعن أبي يوسف -رحمه الله- أنه قال: ناظرت أبا حنيفة -رحمه الله- مدة حتى اتفق رأيي ورأيه: أن من قال بخلق القرآن فهو كافر.
    وأما الشخص المعين إذا قيل: هل تشهدون أنه من أهل الوعيد، وأنه كافر؟
    فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة، فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه، بل يخلده في النار فإن هذا حكم الكافر بعد الموت».

    فهذه بعض من نصوص السلف في أهل البدع المغلظة.
    فمن حكم منهم عليهم بالكفر، حكم للميت على هذه البدعة المكفرة بالخلود في النار، وامتنعوا من الصلاة عليه والدعاء له، ومن دفنه في قبور المسلمين، ومن القيام على قبره، إلى غير ذلك من أحكام الكفر الثابتة من الشرع الحكيم.
    وقبل الانتقال من هذه المسألة المهمة، نذكر بأن المحذور فيها هو الشهادة على من مات على الكفر بالنار على وجه القطع واليقين، فهذا لا يكون إلا فيمن أخبر الوحي فيه بذلك.

    وأما ما دون ذلك فنحن نشهد له بغلبة الظن لظاهر حاله عند موته، ولأن الأحكام كما قدمنا من قبل منوط إجراؤها بالظواهر وغلبة الظن، دون اليقين والقطع، وإلا تعذر العمل بها. وبالله التوفيق، ومنه وحده العون والسداد.)

  5. #20
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    817
    قال الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني رحمه الله :

    (ويعتقد ويشهد أصحاب الحديث أن عواقب العباد مبهمة، لا يدري أحد بما يُختم له ولا يحكمون لواحد بعينه أنه من أهل الجنة، ولا يحكمون على أحد بعينه أنه من أهل النار؛ لأن ذلك مغيَّب عنهم، لا يعرفون على ما يموت عليه الإنسان؛ ولذلك يقولون: إنا مؤمنون إن شاء الله. أي: من المؤمنين الذين يختم لهم بخير إن شاء الله، ويشهدون لمن مات على الإسلام أن عاقبته الجنة.
    فإن الذين سبق القضاء عليهم من الله أنهم يعذبون بالنار مدة؛ لذنوبهم التي اكتسبوها ولم يتوبوا منها، فإنهم يُرَدُّون أخيرًا إلى الجنة، ولا يبقى أحد في النار من المسلمين؛ فضلًا من الله ومنَّة، ومن مات -والعياذ بالله- على الكفر فمردُّه إلى النَّار، لا ينجو منها، ولا يكون لمَقامه فيها منتهى.)
    شرح هذه الفقرة فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله بما يلي :
    (وهذا المسألة، وهي عواقب العباد: مبهمة، لا أحد يدري ما يُختم للإنسان؛ ولهذا فإن أهل السنة والجماعة لا يشهدون لأحد بعينه أنه من الجنة، ولا لأحد بعينه بأنه من أهل النار، إلا من شهدت له النصوص، كالعشرة المبشرين بالجنة، نشهد لهم بالجنة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح هؤلاء العشرة شهد لهم الرسول بالجنة؛ فنشهد لهم بالجنة.
    وكذلك الحسن والحسين وابن عمر وعبد الله بن سلام ممن شهد لهم النبي بالجنة، وعكاشة بن محصن وغيرهم، وكذلك أيضًا أهل بيعة الرضوان لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة أي: من شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة نشهد له بالجنة، ومن شهدت له النصوص بالنار نشهد له بالنار: كأبي لهب وأبي جهل ومن لم يُشهد له بالجنة.
    فإننا نشهد للمؤمنين بالعموم بأنهم في الجنة، ونشهد للكفار بالعموم بأنهم في النار، أما الشخص المعيَّن من المسلمين فلا نشهد له بعينه بالجنة، لكن نشهد له بالعموم، المؤمنون جميعًا في الجنة، والكفار جميعًا في النار، أما فلان ابن فلان من أهل القبلة لا نشهد له بالجنة إلا إذا شهدت له النصوص، ولا نشهد عليه بالنار إلا إذا علمنا أنه مات على الكفر، وقامت عليه الحجة: كيهودي قامت عليه الحجة، أو نصراني، أو إنسان يعبد الأصنام والأوثان والحجة قائمة عليه، ومات على ذلك، نشهد له بالكفر، ونشهد له بالنار.
    أما من لم تقم عليه الحجة، أو لم نعلم حاله، نشهد عليه بالعموم، كل كافر في النار، وكل يهودي في النار، وكل نصراني في النار، وكل وثنيّ في النار، وكل منافق في النار، أما فلان بن فلان فلا نشهد عليه إلا إذا علمنا أنه مات على الكفر وقامت عليه الحجة، وكذلك كل مؤمن في الجنة. أما فلان بن فلان فلا نشهد عليه بالجنة، ولا نشهد إلا لمن شهدت له النصوص.
    هذه عقيدة أهل السنة والجماعة ؛ ولهذا قال المؤلف -رحمه الله-: "ويعتقد ويشهد أصحاب الحديث أن عواقب العباد مبهمة"، أي: لا يدري أحد ما يُختم له، هل يُختم له بالخير؟ أو يُختم له بالشر؟ لا يدري أحد بما يُختم له. "ولا يحكمون لواحد بعينه أنه من أهل الجنة"، وينبغي أن نقيد كلام المؤلف، إلا لمن شهدت له النصوص.
    "ولا يحكمون على أحد بعينه أنه من أهل النار، إلا لمن شهدت له النصوص؛ لأن ذلك مغيب عنهم، لا يعرفون على ما يموت عليه الإنسان، أعلى إسلام أم على كفر؟ ولذلك يقولون -يعني المؤمنون-: إنا مؤمنون إن شاء الله "، فالمؤمن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله. أي: من المؤمنين الذي يختِم الله لهم بخير إن شاء الله، وكذلك أيضًا يقول المؤمن: أنا مؤمن إن شاء الله إذا أراد أنه لا يزكِّي نفسه، وأنه لا يدري أنه أدَّى ما عليه؛ لأن شعب الإيمان متعددة، ولا يجزِم بأنه أدى الواجبات، وترك المحرمات، فلا يزكي نفسه، بل يقول: أنا مؤمن إن شاء الله؛ لأنه لا يدري بما يُختم له.
    " ويشهدون - أهل السنة والجماعة - لمن مات على الإسلام أن عاقبته الجنة"، يعني: أن هذا على العموم، فكل من مات على الإسلام فهو من أهل الجنة، وكل مؤمن فهو من أهل الجنة، أما شخص بعينه، لا يُشهد له إلا لمن شهدت له بالنصوص.
    قال المؤلف: " فإن الذين سبق القضاء عليهم من الله أنهم يُعذبون بالنار مدة؛ لذنوبهم التي اكتسبوها ولم يتوبوا منها، فإنهم يُرَدُّون أخيرًا إلى الجنة، ولا يبقى أحد في النار من المسلمين فضلًا ومنَّة"، يعني من مات على التوحيد، ثم عذب بالنار، فإنه يعذب فيها مدة، ثم يخرج منها -كما سبق- إلى الجنة؛ لأنه مات على التوحيد والإسلام.
    ثم قال: "ومن مات -والعياذ بالله- على الكفر، فمرده إلى النار، لا ينجو منها، ولا يكون لمَقامه فيها منتهى". فمن مات على النار لا حيلة فيه، ولا تنفع فيه الشفاعة، ولا يدفع عنه عذاب الله أحد، ولو أتي بملء الأرض ذهبًا لم يدفع عنه عذاب الله، ولو اجتمع الخلق كلهم على أن ينقذوه من عذاب الله لم يستطيعوا.
    قال -تعالى-: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ .
    قال -سبحانه-: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ .
    وقال -سبحانه-: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ .
    وقال -سبحانه-: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ .
    وقال -سبحانه-: كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا .
    فمن مات على الكفر الأكبر، أو النفاق الأكبر، أو الشرك الأكبر، أو الظلم الأكبر - وهو ظلم الكفر -، أو الفسق الأكبر - فسق الكفر -، فلا حيلة فيه، وليس له شفاعة، ولا نصيب له في الرحمة، وهو آيس من رحمة الله.
    نسأل الله السلامة والعافية، ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يتوفانا على الإسلام وعلى التوحيد والإيمان، غير مغيرين ولا مبدلين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.)

    و قال الإمام الصابوني رحمه الله :(فأما الذين شهد لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أصحابه بأعيانهم بأنهم من أهل الجنة، فإن أصحاب الحديث يشهدون لهم بذلك؛ تصديقًا منهم للرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما ذكره ووعده لهم، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يشهد لهم بها إلا بعد أن عرَف ذلك، والله -تعالى- أطْلع رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما شاء من غيبه.
    وبيان ذلك في قوله -عز وجل-: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ .
    وقد بشَّر -صلى الله عليه وسلم- عشرة من أصحابه بالجنة، وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وأبو عبيدة بن الجراح
    وكذلك قال لثابت بن قيس بن شماس -رضي الله عنه-: إنه من أهل الجنة قال أنس بن مالك فلقد كان يمشي بين أظهرنا، ونحن نقول: إنه من أهل الجنة.)

    شرح هذه الفقرة فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله :

    (فإن عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم يشهدون لمن شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، كالعشرة المبشرين بالجنة، وثابت بن قيس بن شماس فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: أنت من أهل الجنة ؛ فقد كان خطيب النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان يرفع صوته في حضرة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه خطيب والخطيب يحتاج إلى رفع الصوت، فلما نزل قوله -تعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ خاف -رضي الله عنه- وجلس في بيته يبكي، وخاف أن يحبط عمله، فسأل عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فأرسل إليه، فقال للرسول: إنه من أهل النار؛ لأنه يرفع صوته فوق صوت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أخبروه أنه من أهل الجنة، وليس من أهل النار هذه شهادة من النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد له بها.
    وكذلك: الحسن والحسين شهد لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم سيدا شباب أهل الجنة، وكذلك: عكاشة بن محصن وعبد الله بن عمر وبلال بن رباح وأن النبي سمع خشخشة نعله في الجنة وعبد الله بن سلام وجماعة شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم.
    العشرة المبشرون بالجنة الذين عدَّهم المؤلف -رحمه الله- كلهم يُشهد لهم بالجنة، هذه عقيدة أهل السنة والجماعة من شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، نشهد لهم بالجنة.
    كذلك: أهل بيعة الرضوان: لا يلج النار أحد بايعني تحت الشجرة وكانوا ألفًا وأربعمائة، أهل بدر كذلك: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: وما يدريك يا عمر لعل الله اطَّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فأني قد غفرت لكم .
    أما من لم يشهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة فإنا نشهد له بالعموم، نشهد لجميع المؤمنين بالجنة، لكن لا نشهد بالخصوص إلا لمن شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما العموم: فكل مؤمن في الجنة، وكل كافر في النار، اليهود في النار، والنصارى في النار، والوثنيون في النار، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار.
    لكن فلان ابن فلان بعينه لا نشهد له بالجنة إلا لمن شهدت له النصوص، وفلان بن فلان بعينه في النار لا نشهد له بالنار إلا إذا علمنا أنه مات على الكفر، وقامت عليه الحجة، هذا هو عقيدة أهل السنة مثلًا أبو لهب شهدت له النصوص والقرآن بأنه في النار، وأبو جهل في النار، ومع ذلك فإنا نشهد للمؤمنين على العموم بالجنة، ونشهد للكفار بالنار.
    لكن أهل السنة والجماعة يرجون للمحسن، ويخافون على المسيء، إذا رأوا إنسان مستقيمًا على طاعة الله، يؤدي ما أوجب الله عليه، وينتهي عمَّا حرَّم الله عليه، يرجون له الخير، ويرجون أنَّ الله يغفر له ويدخله الجنة، لكن لا يشهدون له بالجنة، لأن النصوص لم تشهد له.
    والمسيء الذي يعمل المعاصي والكبائر، يخافون عليه من النار، ولا يشهدون عليه بالنار؛ ولهذا قال المؤلف -رحمه الله-: "فأما الذين شهد لهم رسول -صلى الله عليه وسلم- من أصحابه، بأعيانهم، بأنهم من أهل الجنة، فإن أصحاب الحديث يشهدون لهم بذلك؛ تصديقا للرسول -عليه الصلاة والسلام- فيما ذكره ووعده لهم، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يشهد لهم بها إلا بعد أن عرَف ذلك، والله -تعالى أطْلع رسوله على ما شاء من غيبه".
    وبيان ذلك في قوله -عز وجل-: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ والنبي -صلى الله عليه وسلم- ينزل عليه الوحي، فإذا شهد لأحد بالجنة فإن هذا من الغيب الذي أطْلعه الله عليه، قال الله -تعالى-: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى .
    وقد بشَّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشرة من أصحابه بالجنة، وهم أبو بكر وعمر عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد ابن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأبو عبيدة بن الجراح هؤلاء العشرة يقال لهم: العشرة المبشرون بالجنة، وكذلك -كما سبق- قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لثابت بن قيس بن شماس أنت من أهل الجنة -لما جلس في بيته يبكي- ولست من أهل النار قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: فلقد كان يمشي بين أظهرنا، ونحن نقول: إنه في الجنة، ومن أهل الجنة.)


    و قال الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر النجدي التميمي الحنبلي في ( مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى) ( 1 /113 /114):


    (وقال في (الباب السبعون) من الكتاب المذكور وقد ذكرنا في أول الكتاب جملة مقالة أهل السنة والحديث التي اجتمعوا عليها كما حكاه الأشعري عنهم، ونحن نحكي مسائله المشهورة هذا مذهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بها المقتدى بهم فيها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وأدركت من أدركت من علماء الحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائغ عن منهج أهل السنة وسبيل الحق. قال وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد وعبد الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن المسيب وغيرهما ممن جالسنا وأخذنا عنهم.... ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله ولا لكبير أتاها إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء على ما روي ولا بنص الشهادة، ولا نشهد أنه في الجنة بصالح عمله ولا بخير أتاه إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء على ما روي ولا بنص الشهادة. )

  6. #21
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    817
    سأنزل - إن شاء الله - نسخة مزيدة و منقحة من رسالة : " قطع لجاج الحائر بذكر الإجماع في الشهادة بالنار على المعين الكافر"

    و أحتاج إلى إعانة الإخوة و إفادتهم و توجيهاتهم في هذه المسألة ، فهل أترك العنوان على حاله أم أغيره و لعل الإخوان يفيدنا في ذلك حفظهم الله و سدد خطاهم .
    التعديل الأخير تم بواسطة المفرق ; 09-05-2013 الساعة 01:46 AM

  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    817
    قال الإمام ابن حزم رحمه الله في "الفصل الملل و الأهواء و النحل"4/52 :
    "فَلهَذَا وَجب أَن لَا نقطع على أحد بِعَيْنِه بجنة وَلَا نَار حاشا من جَاءَ النَّص فِيهِ من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم بِأَنَّهُم فِي الْجنَّة وَبِأَن الله علم مَا فِي قُلُوبهم فَأنْزل السكينَة عَلَيْهِم وَأهل بدر وَأهل السوابق فَإنَّا نقطع على هَؤُلَاءِ بِالْجنَّةِ لِأَن الله تَعَالَى أخبرنَا بذلك على لِسَان رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حاشا من مَاتَ مُعْلنا للكفر فَإنَّا نقطع عَلَيْهِ بالنَّار ونقف فِيمَن عدا هَؤُلَاءِ إِلَّا أننا نقطع على الصِّفَات فَنَقُول من مَاتَ مُعْلنا الْكفْر أَو مبطناً لَهُ فَهُوَ فِي النَّار خادلا فِيهَا وَمن لَقِي الله تَعَالَى رَاجِح الْحَسَنَات على السَّيِّئَات والكبائر أَو متساويهما فَهُوَ فِي الْجنَّة لَا يعذب بالنَّار وَمن لقى الله تَعَالَى رَاجِح الْكَبَائِر على الْحَسَنَات فَفِي النَّار وَيخرج مِنْهَا بالشفاعة إِلَى الْجنَّة وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق"إهــ

  8. #23
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    817
    نسأل الله أن يوفقنا لصالح الأعمال و أن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه لا لأحد غيره إنه سميع الدعاء.

  9. #24
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    الدولة
    ......
    المشاركات
    1,355
    قال معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ - حفظه الله - من شرحه على العقيدة الطحاوية


    س/ هل يحكم على اليهودي المعين الذي مات على اليهودية أنه من أهل النار؟

    ج/ نعم يحكم على المعين الذي مات على اليهودية أو على النصرانية بأنه من أهل النار، وهذا،
    لأنه كافر أصلي
    والنبي لما زار الغلام اليهودي وقال له « قل لا إله إلا الله » أو « قل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله »، فجعل الغلام ينظر إلى أبيه ولم يقلها فقال له والده اليهودي: أطع أبا القاسم. فقال الغلام وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم: ( أشهد أن لا إله إلا الله وأنمحمدارسول الله). فقال عليه الصلاة والسلام « الحمدلله الذي أنقضه الله بي من النار »،
    وقال عليه الصلاة والسلام « والله لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا أكبه الله في النار »،
    وقال أيضا كما في صحيح مسلم « حيث مامررت بقبر كافر فبشره بالنار»
    وقال أيضا جل وعلا ((وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ))،

    وهذا لا يدخل في قول أهل السنة والجماعة، ولا نشهد لمعين من أهل القبلة بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله هذا في حق المعين من أهل القبلة،
    أما من مات على كفره من اليهود والنصارى أو مات ونحن نعلم أنه يهودي أو نصراني فهذا كافر يشهد عليه بأنه من أهل النار. « حيث ما مررت بقبر كافر فبشره بالنار ».انتهى .والله الموفق.
    التعديل الأخير تم بواسطة عمر الاثري ; 10-18-2013 الساعة 09:22 PM

  10. #25
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    شبه الجزيرة العربية
    المشاركات
    86

    هذه فتوى اللجنة الدائمة في الكافر المعين هل نشهد له أنه يعذب بالنار إذا مات

    الفتوى رقم ( 18152 )
    س: هل نقول لليهودي أو النصراني الذي يعيش بين المسلمين، أو الذي قد سمع كثيرًا عن الإسلام والقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم،
    عندما يموت أنه ذاهب إلى النار،
    مع أنه مات على يهودية أو نصرانية ولم يبدلها،

    أو نتورع به كما نتورع في المسلم العاصي المصر على الكبائر ثم مات بعد ذلك أنه تحت مشيئة الله جل وعلا؟
    أفتونا مأجورين.
    ج: مذهب أهل السنة:
    أنه لا يحكم على معين بأنه من أهل النار أو من أهل الجنة ،

    إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم،
    ولكننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء،
    ولا يعلم الخواتيم وعواقب الأمور إلا الله سبحانه وتعالى،
    مع العلم بأن اليهود والنصارى كفار، وكل من مات على الكفر فهو من أهل النار، كما أن كل من مات على
    الإيمان بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فهو من أهل الجنة، كما قال سبحانه: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ الآية من سورة التوبة، وقال تعالى في شأن الكفار: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ .
    وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو
    الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله
    عضو
    الشيخ صالح الفوزان رحمه الله
    عضو
    الشيخ عبد الله بن غديان رحمه الله
    نائب الرئيس
    الشيخ عبد العزيز آل الشيخ رحمه لله

    الرئيس
    الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله


    http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
    التعديل الأخير تم بواسطة الشهاب اليماني ; 06-01-2017 الساعة 02:43 PM

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    شبه الجزيرة العربية
    المشاركات
    86
    أنا آسف يا عمر الأثري أنته تأخذ الحق من صاحب الأوصاف الكثيرة التي أنته من يصفه بالشيخ و المجاهد و إلى آخره فوزي الأثري
    أم فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء رحمه الله في علامة ؟
    هداك الله يا عمر الأثري

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •