جاء في كتاب (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء «المجموعة الثانية» ) ما يلي و قد سبق لي نقل هذه الفتوى في مقالي لكن أعيدها عليكم لوضوحها و عنوانها :

المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا بشرط

السؤال الخامس من الفتوى رقم ‏(‏6397‏)‏‏:‏

السؤال ‏:‏ أسلمت حديثا إحدى الشابات البوذيات المثقفات بعد دراسة عميقة للإسلام استمرت سبع سنوات، وهي الآن نشطة في الدعوة للإسلام ولقد أسلم على يديها بعض الأفراد من رجال ونساء، وفي إحدى جولاتها مع بعض الذين اهتدوا للتعريف بالإسلام والدعوة إليه في إحدى المناطق النائية وجه إليها أحد البوذيين هذا السؤال‏:‏ كيف تحكمون بدخول النار لغير المسلم بينما نحن في هذه المنطقة لم عن نسمع عن الإسلام إلا الآن فهل آباؤنا في النار، وما ذنبهم طالما أنكم معشر المسلمين لم تبلغوا دين الحق إلينا‏؟‏ ولقد اتصلت بنا هذه الأخت المهتدية وتريد منا جوابا شافيا على سؤال الرجل الذي دخل في الإسلام بعد هذا اللقاء‏.‏

الجواب‏:‏ المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا بشرط وهو‏:‏ أن يكونوا قد بلغهم القرآن أو بيان معناه من دعاة الإسلام بلغة المدعوين؛ لقول الله عز وجل‏:‏ سورة الأنعام الآية 19 ‏{‏وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ‏}‏ وقوله سبحانه‏:‏ سورة الإسراء الآية 15 ‏{‏وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا‏}‏ فمن بلغتهم الدعوة الإسلامية من غير المسلمين وأصر على كفره فهو من أهل النار لما تقدم من الآيتين، ولقول النبي صلى لله عليه وسلم‏:‏ أحمد ‏(‏2/ 317، 350‏)‏ و‏(‏4/ 396، 398‏)‏، ومسلم برقم ‏(‏153‏)‏، وابن مردويه وسعيد بن منصور وابن المنذر والطبراني، كما في ‏[‏الدر المنثور‏]‏ ‏(‏2/ 325‏)‏، والحاكم ‏(‏2/ 342‏)‏‏.‏ والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار خرجه مسلم في صحيحه والأدلة في هذا المعنى من الآيات والأحاديث كثيرة‏.‏ أما الذين لم تبلغهم الدعوة على وجه تقوم به الحجة عليهم فأمرهم إلى الله عز وجل، والأصح من أقوال أهل العلم في ذلك‏:‏ أنهم يمتحنون يوم القيامة فمن أطاع الأوامر دخل الجنة ومن عصى دخل النار، وقد أوضح هذا المعنى الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره؛ لقول الله عز وجل‏:‏ سورة الإسراء الآية 15 ‏{‏وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا‏}‏ والعلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه ‏[‏طريق الهجرتين‏]‏ في آخره تحت عنوان ‏(‏طبقات المكلفين‏)‏ فنرى لك مراجعة الكتابين لمزيد الفائدة‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

قلت : و كما ترى أخي طالب الحق أن فتوى علماء اللجنة الدائمة -رحم الله الميت و حفظ الله الحي منهم- واضحة فقالوا : ( الملسمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا...إلخ) وهم يتكلمون عن كفار معينين كما جاء في السؤال ، فكلام العلماء يرد مجمله إلى مفصله و لا يضرب بعضه ببعض ، فتدبر و تمعن أخي طالب الحق في هذا تسلم من الزلل وفقنا الله لمرضاته.