قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في كتابه حيث قال: (ولا يقطعون على أحد من أهل الملة أنه من أهل الجنة أو من أهل النار لأن علم ذلك يغيب عنهم لا يدرون على ماذا الموت؟ أعلى الإسلام أم على الكفر؟ ولكن يقولون: إن من مات على الإسلام مجتنبا للكبائر والأهواء والآثام فهو من أهل الجنة لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالِحَاتِ [البينة: 7]، ولم يذكر عنهم ذنبا أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَناتُ عَدْنٍ [البينة: 7- 8]، ومن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بعينه وصح ذلك عنه فإنهم يشهدون له بذلك اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقا لقوله)
( إعتقاد أئمة أهل الحديث 68/69)

قال الإمام ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: (و أما الشخص المعين، إذا قيل: هل تشهدون أنه من أهل الوعيد و أنه كافر؟ فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة، فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار، فإن هذا حكم الكافر بعد الموت، ولهذا ذكر أبو داود في (سننه) في كتاب: الأدب، باب: النهي عن البغي. وذكر فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: ((كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب، و الآخر مجتهد في العبادة فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يوماً على ذنب، فقال له أقصر، فقال خليني وربي، أبعثت علي رقيباً؟ فقال: و الله لا يغفر الله لك، أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالماً؟ أو كنت على ما في يدي قادراً؟ وقال للمذنب اذهب فادخل الجنة برحمتي. وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار. قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده، لتكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته)) وهو حديث حسن، و لأن الشخص المعين يمكن أن يكون مجتهداً مخطئاً مغفوراً له، ويمكن أن يكون ممن لم يبلغه ما وراء ذلك من النصوص، ويمكن أن يكون له إيمان عظيم وحسنات أوجبت له رحمة الله)( شرح الطحاوية 357/358)


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فقد يكون الفعل أو المقالة كفراً، ويطلق القول بتكفير من قال تلك المقالة، أو فعل ذلك الفعل، ويقال: من قال كذا، فهو كافر، أو من فعل ذلك، فهو كافر. لكن الشخص المعين الذي قال ذلك القول أو فعل ذلك الفعل لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها. وهذا الأمر مطرد في نصوص الوعيد عند أهل السنة والجماعة، فلا يشهد على معين من أهل القبلة بأنه من أهل النار، لجواز أن لا يلحقه، لفوات شرط أو لثبوت مانع)( مجموع الفتاوى 165/35)

قال الشيخ صالح آل الشيخ :
السؤال : ما حكم تكفير الكافر المعين والحكم عليه بالخلود في النار بعد الممات، وما معنى قول أهل السنة ولا نشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له، إلى آخره ؟

الجواب: أنَّ قول أهل السنة ولا نشهد لأحد بجنة ولا بنار إلا من شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ يعني من هذه الأمة من المنتسبين للقبلة، أما المشرك الأصلي أو الكافر اليهودي أو النصراني فإنه يستصحب الأصل الذي كان عليه؛ فإذا مات على الكفر فإننا نقول هو كافر ومات عليه وهو من أهل النار، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لنا (حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار)..أبشر بالنار، هذا لا يدخل في قول أهل السنة لأنَّ المقصود من ذلك أهل القبلة، لا نشهد لمعين بجنة من أهل القبلة ولا لمعين من أهل القبلة بنار، إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم في الذين يدخلون الجنة وفي الذي غلّ وفي الذي قتل نفسه؛ وجَعَ نفسه بحديدة ونحو ذلك، من شهد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنار من أهل القبلة فنشهد عليه بالنار وأما المشركون والكفار من أهل الكتاب فلا كرامة لهم فإذا ماتوا شهدنا عليهم بالنار وكفَّرْنَاهم في حياتهم وبعد مماتهم، ولا يقال في حقهم لا نكفر إلا من بلغته الحجة أو لا نشهد عليهم بالنار إلا من قامت عليه الحجة ونحو ذلك، كما بينا ذلك مرة في هذا المسجد حينما رددت على صاحب مقالة كفرية.شرح العقيدة الطحاوية (1 / 105).