المحسن في إسلامه.

عن علي بن الحسين رحمه الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "من حُسْن إسلام المرء تَرْكُه ما لا يَعنيه".
رواه مالك1. ورواه ابن ماجه عن أبي هريرة2، ورواه الترمذي عن علي بن الحسين3 وعن أبي هريرة4.
الإسلام – عند الإطلاق – يدخل فيه الإيمان، والإحسان. وهو شرائع الدين الظاهرة والباطنة. والمسلمون منقسمون في الإسلام إلى قسمين، كما دلّ عليه فحوى هذا الحديث.
فمنهم: المحسن في إسلامه. ومنهم:المسيء.
فمن قام بالإسلام ظاهراً وباطناً فهو المحسن {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125]. فيشتغل هذا المحسن بما يعنيه، مما يجب عليه تركه من المعاصي والسيئات، ومما ينبغي له تركه، كالمكروهات وفضول المباحات التي لا مصلحة له فيها، بل تفوت عليه الخير.
فقوله صلّى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" يعم ما ذكرنا.
ومفهوم الحديث: أن من لم يترك ما لا يعنيه: فإنه مسيء في إسلامه. وذلك شامل للأقوال والأفعال، المنهي عنها نهي تحريم أو نهي كراهة.
فهذا الحديث يُعدّ من الكلمات العامة الجامعة, لأنها قسمت هذا التقسيم الحاصر، وبينت الأسباب التي يتم بها حسن الإسلام، وهو الاشتغال بما يعني، وترك ما لا يعني من قول وفعل. والأسباب التي يكون بها العبد مسيئاً. وهي ضد هذه الحال. والله أعلم.

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
للعلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله