قيل للإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله :
" رَجُلٍ مُحَدِّثٍ ، يُكْتَبُ عَنْهُ الْحَدِيثُ ، قَالَ : مَنْ شَهِدَ أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ ، فَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ ، وَقَالَ : لَعَلَّهُ جَاهِلٌ ، لا يَدْرِي ، يُقَالَ لَهُ " . أخرجه الخلال في (( السنة ))1/ 369)
((و سئل أيضا : ما تقول فيمن لم يثبت خلافة علي ؟ قال : بئس القول هذا .
زاد أحمد بن حسن ، عن بكر ، عن ابيه قلت : يكون من أهل السنة ؟ قال الإمام أحمد : ما أجترئ أن أخرجه من السنة ، تأول فأخطأ)) ( أخرجه الخلال ( السنة ) 1/ 428)
قال ذلك القول الإمام أحمد رحمه الله مع قوله في مواضع أخرى :
قال الخلال في السنة ( 1\280) :
الشَّهَادَةُ لِلْعَشَرَةِ بِالْجَنَّةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الشَّهَادَةِ لِلْعَشَرَةِ , قَالَ: «نَعَمْ , أَشْهَدُ لِلْعَشَرَةِ بِالْجَنَّةِ»
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: حُجَّتُنَا فِي الشَّهَادَةُ لِلْعَشَرَةِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ حَدِيثُ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ: قَرَأَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: لَمَّا صَالَحَ أَبُو بَكْرٍ أَهْلَ الرِّدَّةِ قَالَ: صَالَحَهُمْ عَلَى حَرْبٍ مُجْلِيَةٍ أَوْ سِلْمٍ مُخْزِيَةٍ. قَالَ: قَالُوا: قَدْ عَرَفْنَا الْحَرْبَ الْمُجْلِيَةَ، فَمَا السِّلْمَ الْمُخْزِيَةَ؟ قَالَ: «أَنْ تَشْهَدُوا أَنَّ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَأَنَّ قَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ» ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَةَ امْرَأَةُ فُلَانٍ، وَأَنَا لَمْ أَشْهَدِ النِّكَاحَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا كَانَ الشَّيْءُ مُسْتَفِيضًا فَاشْهَدْ بِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ دَارَ بَخْتَانَ هِيَ لِبَخْتَانَ وَلَمْ يُشْهِدْنِي؟ قَالَ: هَذَا أَمْرٌ قَدِ اسْتَفَاضَ , اشْهَدْ بِهَا لَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَظُنُّ أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: هَذَا كَمَنْ يَقُولُ: إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَا أَشْهَدُ إِنَّهَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ يَقُولُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ: إِنَّهُ قَالَ لَهُمْ: «تَشْهَدُونَ أَنَّ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ» وَمَا رَضِيَ , يَعْنِي أَبَا بَكْرِ حَتَّى شَهِدُوا ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَذَا أَثْبَتُ وَأَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي الشَّهَادَةِ "
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ ابْنُ الدَّوْرَقِيِّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَالِمٍ شَيْءٌ , قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ لَكُمْ: لَا أَقُولُ إِنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَلَا نَشْهَدُ؟ هَذَا كَلَامُ سَوْءٍ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَدِمَ إِلَى هَا هُنَا، وَأَظْهَرَ هَذَا الْقَوْلَ، وَتَابَعَهُ قَوْمٌ عَلَى ذَا , فَأَنْكَرْنَا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , وَتَابَعَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ , وَقُلْنَا: نَشْهَدُ "
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ أَبُو بَكْرٍ، أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ بَخْتَانَ حَدَّثَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشْهَدُ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ» ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا يَقُولُ: هُمْ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أَشْهَدُ، فَقَالَ: «هَذَا رَجُلٌ جَاهِلٌ، أَيْشِ الشَّهَادَةُ إِلَّا الْقَوْلُ»
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ ابْنَ الْهَيْثَمِ الْمُقْرِئَ قَدْ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَشْهَدُ لِلْعَشَرَةِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: لَمْ يُذَاكِرْنِي بِشَيْءٍ، قُلْتُ لَهُ: فَلَا يُجَانَبُ صَاحِبُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ؟ قَالَ: قَدْ جَفَاهُ قَوْمٌ , وَقَدْ لَقِيَ أَذًى.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَمَّنْ لَا يَشْهَدُ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ بِالْجَنَّةِ , فَقَالَ: هَذَا قَوْلُ سَوْءٍ، وَقَدْ كَانَ عِنْدِي مُنْذُ أَيَّامٍ مَنْ هُوَ ذَا يُخْبِرُ عَنْهُ بِهَذَا , وَلَوْ عَلِمْتُ لَجَفَوْتُهُ، قُلْتُ لَهُ: ابْنُ الْهَيْثَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ أَخْبِرُونِي أَنَّهُ وَضَعَ فِي هَذَا كِتَابًا، وَقَالَ: «وَاللَّهِ مَا رَضِيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ حَتَّى شَهِدُوا أَنَّ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ، وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ» ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى مَسْأَلَةِ الْمَرُّوذِيِّ , قُلْتُ: إِنَّ ابْنَ الدَّوْرَقِيِّ أَحْمَدَ قَالَ لِي: إِنَّهُ نَاظَرَكَ عَلَى بَابِ إِسْمَاعِيلَ فَقُمْتَ تَجُرُّ ثَوْبَكَ مُغْضَبًا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي "
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ عَلَى بَابِ عَفَّانَ، فَذَكَرُوا الشَّهَادَةَ لِلَّذِينَ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: نَعَمْ نَشْهَدُ، وَغَلَّظَ الْقَوْلَ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدْ، وَاحْتَجَّ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، وَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِأَشْيَاءَ فَغَضِبَ حَتَّى قَالَ: صِبْيَانٌ نَحْنُ لَيْسَ نَعْرِفُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ، وَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، فَقَالَ , عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ مَنْ هُوَ؟ أَيْ مَعَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ "
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ أَبُو بَكْرٍ، أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ بَخْتَانَ حَدَّثَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشْهَدُ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ» ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا يَقُولُ: هُمْ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أَشْهَدُ، فَقَالَ: «هَذَا رَجُلٌ جَاهِلٌ، أَيْشِ الشَّهَادَةُ إِلَّا الْقَوْلُ»
ماذا سيقول هذا الجويهل المتعالم عماد فراج في الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله بعد هذه النقول
هل سيحكم عليه بالتناقض أم سيطعن فيه كما طعن في علماء اللجنة الدائمة و سائر العلماء الأبرار رحم الله الميت و حفظ الله الحي منهم
أم سيقول أن كلام الإمام أحمد في التبديع من كلام المتأخرين فلا يؤخذ به و لا يحتج به و لا يعول
قاتل الله الجهل و الهوى.
و لإزالة هذا الإشكال قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله شارحا لنا أجوبة الإمام أحمد رحمه الله و غيره من أئمة أهل السنة : (( و كثير من أجوبة الإمام أحمد و غيره من الأئمة خرج على سؤال سائل قد علم المسؤل حاله ، أو خرج خطابا لمعين قد علم حاله ، فيكون بمنزلة قضايا الأعيان الصادرة عن الرسول ، إنما يثبت حكمها في نظيرها )) ( مجموع الفتاوى ) 28/ 213)
هذا الحق ليس به خفاء فدعني من بنيات الطريق