ففركوس جعل إختلاف حال المجتمع أو البلد الذي يعيش فيه هذا الرجل المعين الذي سب الله عز وجل أو سب النبي صلى الله عليه و سلم سببا و عذرا و مانع من موانع تكفيره لأن المكان الذي يعيش فيه هذا المعين يجعلون مثل هذه الألفاظ في سب لله عز وجل و سب النبي صلى الله عليه و سلم غاية ما فيها أنها سب أي بمعنى لا يقصدون و لا يعتقدون بسبهم الكفر فهم معذرون بالجهل عنده حتى تنتفى عنهم الموانع و تتحقق فيهم الشروط و تتوفر فيهم الأركان و هذا كله كلام باطل مخالف للنصوص القطعية من كتاب الله و السنة و إجماع الأئمة و العلماء .
** أقوال العلماء فى عدم اعتبار شرط قصد الكفر واعتقاده فى المسائل الظاهرة .
** أولا : أقوال أئمة الآحناف:
1ـ كلام الشيخ ملا على القارى الحنفى ، قال رحمه الله فى شرح كلام القاضى عياض ولم يقصد سبه إذ لايعذر أحد فى الكفر بالجهالة) يقول شارحا: ( إذ معرفة ذات الله تعالى وصفاته ومايتعلق بأنبيائه فرد عين مجملا فى مقام الإجمال ومفصلا فى مقام الإكمال نعم إذا تكلم بكلمة عالما بمبنها ولا يعتقد معناها يمكن أن صدرت عنه من غير إكراه بل طواعية فى تأديتها فإنه يحكم عليه بالكفر ) شرح الشفا للإمام على القارى 2/429
2ـ يقول صدر الدين القونوى الحنفى
( ولو تلفظ بكلمة الكفر طائعا غير معتقد له يكفر لإنه راض بمباشرته وإن لم يرضى بحكمه كالهازل به فإنه يكفر وإن لم يرضى بحكمه ولا يعذر بالجهل عند عامة العلماء) شرح الفقه الآكبر لعلى القارى (ص421 )
3 ـ يقول الإمام شمس الدين السرخسى
( وكذا لو صلى لغير القبله أو بغير طهارة متعمدا يكفر وإن وافق ذلك القبله وكذا إن وافق الطهارة وكذا لو أطلق كلمة الكفر إستخفافا لا اعتقاد) شرح الفقه الآكبر على القارى ص228/229
5ـ يقول بن الهمام الحنفى نقله عنه الإمام الكشميرى الحنفى فى (فيض البارى)
( والحق فى الجواب ماذكره بن الهمام إمام الاحناف رحمه الله تعالى : وحاصله أن بعض الافعال تقوم مقام الجحود نحو العلائم المختصه بالكفر وإنما يجب فى الايمان التبرؤ عن مثلها أيضا كما يجب التبرؤ عن نفس الكفر ولذا قال تعالى ( لاتعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) فى جواب قولهم : ( إنما كنا نخوض ونلعب) ولم يقل أنكم كذبتم فى قولكم بل أخبرهم بأنهم بهذا اللعب والخوض الذين هما من أخص علائم الكفر خلعوا ربقة الإسلام من اعناقهم وخرجوا عن حماه إلى الكفر فدل على أن مثل تلك الافعال إذا وجدت فى رجل يحكم عليه بالكفر ولا ينظر إلى تصديقه فى قلبه ولا يلتفت إلى أنها كانت منه خوضا وهزوا فقط أو كانت عقيده) فيض البارى شرح صحيح البخارى للكشميرى 1/50
** ثانيا : أقوال المالكيه والشافعيه
1 ــ قال القاضى عياض( من تكلم غير قاصد بالسب له ولا معتقد له فى جهته صلى الله عليه وسلم بكلمة الكفر من لعنه أو سبه أو تكذيبه أو إضافة مالا يجوز عليه أو ينفى مايجب له فى حقه صلى الله عليه وسلم نقيصه مثل أن ينسب إليه الكبيرة أو المداهنه فى تبليغ الرساله أو فى حكم بين الناس أو يغض من مرتبته أو شرف نسبه أو وفور علمه أو زهده أو يكذب بما أشتهر من أمور أخبر بها صلى الله عليه وسلم وتواتر الخبر بها عنه عن قصد لرد خبره أو يأتى بسفه من القول ونوع من السب فى جهته وإن ظهر بدليل حاله أنه لم يتعمد زمه ولم يقصد سبه إما لجهاله عملته على ماقال أو لضجر أو سكر إضطره إليه أو قلة مراقبه وضبط للسانه فحكمه القتل دون تلعثم إذ لايعذر أحد فى الكفر بالجهالة ولا بدعوى زلل اللسان ولا بشيئ مما ذكرناه إذ كان عقله فى فطرته السليمه إلا من إكره وقلبه مطمئن
بالإيمان ) الشفا بشرح على القارى 2/438
2ـ قال الشيخ الدردير المالكى:
( ولا يعذر الساب بجهل لآنه لايعذر أحد فى الكفر بالجهل أو تهور ( كثرة الكلام بدون ضبط) ولا يقبل منه سبق اللسان أو غيظ فلا يعذر إذا سب حال الغيظ بل يقتل ( أو بقوله أردت كذا) أى أنه إذا قيل له : بحق رسول الله فلعن ثم قال أردت العقرب أى أنها مرسله لمن تبلغه فلا يقبل منه ويقتل ) الشرح الصغير باب الرده( ص347 )
** يقول إبن تيميه رحمه الله
( وبالجمله فمن قال أو فعل ماهو كفر كفر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرا إذ لايقصد الكفر أحد إلا ماشاء الله) الصارم المسلول ص177/178
**ويقول إبن تيميه أيضا :
( وهذا مثل مايغضب فيذكر له حديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أو حكم من حكمه أو يدعى إلى سنته فيلعن ويقبح ونحو ذلك قد قال تعالى ( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) ( النساء 65) فأقسم سبحانه بنفسه أنهم لايؤمنون حتى يحكموه ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا من حكمه فمن شاجر غيره فى حكم وحرك لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحش فى منطقه فهو كافر بنص التنزيل ولا يعذر بأن مقصوده رد الخصم فإن الرجل لايؤمن حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهم وحتى يكون الرسول أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) الصارم المسلول( ص528 )
ويقول ابن تيمية في كتابه الصارم المسلول: وهذا نص في أن الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله كفر فالسب المقصود بطريق الأولى. انتهى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى: فلا شبهة تدعوه إلى هذا السب ولا شهوة له في ذلك, بل هو مجرد سخرية واستهزاء واستهانة وتمرد على رب العالمين, تنبعث عن نفس شيطانية ممتلئة من الغضب, أو من سفيه لا وقار لله عنده. انتهى.
** يقول العلامه بن قدامه المقدسى:
( ومن سب الله تعالى كفر سواء كان مازحا أو جادا وكذلك من استهزء بالله تعالى أو بأياته أو برسله أو بكتبه قال تعالى ( ولئن سألتهم ليقولون إنما كنا نخوض ونلعب) المغنى الشرح الصغير 8/150
3 ـ يقول الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخفى شرح باب ( من هزل لشيئ فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول ) قال: شيئ أى : أنه يكفر بذلك لاستخفافه بجناب الربوبيه والرساله وذلك مناف للتوحيد ولهذا اجمع العلماء على كفر من فعل شيئ من ذلك فمن أستهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله أو بدينه كفر إجماعا ولو هازلا لم يقصد حقيقة الاستهزاء ) تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد( ص 617 )
4 ـ قال الشيخ نصير الدين محمد بن عبد الله السامرى الحنبلى:
( ومن هزل بكلمة الكفر حكم بكفره ) المستوعب فى الفقه الحنبلى 3/233
** أقوال الائمة المجتهدين:
** قال الشوكانى رحمه الله(وغالب الرعايا لا يصومون وإن صاموا ففى النادر من الاوقات وفى بعض الاحوال فربما لايكمل شهر رمضان صوما الا القليل ولاشك ان تارك الصيام على الوجه الذى يتركونه كافر وكم يعد العاد من واجبات يخلون بها وفرائض لايقيمون ومنكرات لا يجتنبونها وكثيرا ما يأتى هؤلاء الرعايا بألفاظ كفريه فيقول هو يهودى ليفعلن كذا ولا يفعل كذا ومرتد تارة بالفعل وهو لايشعر ) الرسائل السلفيه فى إحياء سنة خير الباريه الرساله الثانيه (ص29 )
2 ـ يقول الصنعانى رحمه اللهصاحب سبل السلام ناقلا عن الفقهاء( قلت : قد خرج الفقهاء فى كتب الفقه فى باب الردة أن من تكلم بكلمة الكفر يكفر وإن لم يقصد معناها ) تطهير الاعتقاد ص 36/37
3ـ جاء فى الموسوعه الفقهيه : عن عامة العلماء
**قال الحموى : ( إن من تلفظ بكلمة الكفر عن اعتقاد لاشك أنه يكفر وإن لم يعتقد أنها لفظ الكفر إلا انه اتى به عن اختيار فيكفر عند عامة العلماء ولا يعذر بالجهل) الموسوعة الفقهيه
16/206ـ 207
4 ـ قال الشيخ محمد بن إبراهيم: ( س : يقول بعضهم إن كان مراده كذا فهو كذا ؟؟ قال : مراد هؤلاء أنه لايكفر إلا المعاند فقط وهذا من أعظم الغلط فإن اقسام المرتدين معروفة منهم من ردته عناد وبعضهم لا وفى القرأن يقول الله عز وجل ( ويحسبون أنهم مهتدون) وحسبانهم أنهم على شيئ لاينفعهم وبعضهم يقول إن كان مرادهم كذا فهذه شبه كالشبه الاخرى وهى عدم تكفير المنتسب إلى الاسلام وتلك شبه عدم تكفير المعين وصريح الكتاب والسنه يرد هذا ) فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم 12/191
5 ـ قال الشيخ حمد بن عتيق ناقلا عن الفقهاء : فقالوا أن المرتد هو الذى يكفر بعد إسلامه إما نطقا وإما فعلا وإما اعتقادا وقرروا أن من قال الكفر كفر وإن لم يعتقده ولم يعمل به إذا لم يكن مكرها وفى ذلك إذا فعل الكفر كفر وإن لم يعتقده ولا نطق به) رسالة الدفاع عن أهل السنه والاتباع لابن عتيق ص 28
6 ـ قال الشيخ سليمان بن عبد الله النجدى فى قوله تعالى ( لاتعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) ( والايه دليل على أن الرجل إذا فعل الكفر لو لم يعلم أو يعتقد أنه كافر لا يعذر بذلك بل يكفر بفعله القولى والعملى) تيسير العزيز الحميد ص 554 /555
يتبع