( 4 )

سئل شيخنا العلامة السلفي صالح الفوزان حفظه الله قذى في أعين أهل الباطل " الأجوبة المفيدة ص 46 " هل بيان الأخطاء في الكتب الحزبية ، أو الجماعات الوافدة إلى بلادنا ، يُعتبر من التعرض للدعاة ؟

فقـال : ( لا .. هـذا ليس مـن التعرض للـدعاة ؛ لأن هذه الكتب ليست كتب دعوة ، وهؤلاء ـ أصحاب هذه الكتب والأفكار ـ ليسوا من الدعاة إلى الله على بصيرة ، وعلى علم ، وعلى حق . فنحن حين نبين أخطاء هذه الكتب ـ أو هؤلاء الدعـاة ـ ليس من باب التجريح للأشخاص لذاتهم ، وإنما من باب النصيحة للأمة أن تتسـرب إليها أفكار مشبوهـة ، ثم تكون الفتنة ، وتتفرق الكلمة ، وتتشتت الجماعة ، وليس غرضنا الأشخاص ، غرضنا الأفكار الموجودة في الكتب التي وفدت إلينا باسم الدعوة ) أ . هـ .

2 ــ قوله ( اولائك المساكين الجميع يعرفهم انهم من يدعون السلفية وهم في الحقيقة قد خالفوا منهج السلف في الاخلاق والسلوكيات والتعامل مع اخوانهم من اهل السنة والجماعة فعادوهم ومكروا ... وخاصموهم وفجروا .. وصاروا ألعوبة لبعض اجهزة الاستخبارات العربية للاطاحة ببعض اهل العلم والدعوة من باب المصالح المشتركة ) .

ــ أقول لهذا الأخ المسكين أما ادعاء السلفية فهي من نصيب من يريد أن يجمع بين الضب والنون بين سلفية العقيدة وإخوانية المنهج ، من نصيب من يريد أن يجمع بين منهج أئمة الإسلام كابن تيمية وابن عبد الوهاب وابن اباز وابن عثيمين وبين منهج أفكار حسن البنا وسيد قطب والمودودي ،

أين أنتم من منهج السلف وكلما قام علماؤكم في فتنة كنتم في الجهة الأخرى ، من الذي وزع مناشير المسعري ، ومن الذي يستميت في الدفاع عن ابن لادن الذي يكفر حكام بلاد التوحيد ويجعل علماءها ممن باعوا دينهم للسلطان .

أما الأخلاق فأين أنتم منها أيها الأدعياء يـا مـن تلبسـون مسـوح الضـأن ، ألستم من تربى شبابنا من خلال صحوتكم على الصياح والاعتصامات والمظاهرات ، وعلى القدح في العلماء والأمراء وكل من خالفكم .

ألستم من رمى مخالفكم بكل عظيمة من العمالة وسوء النية وقلة العلم .

أما استغلال الاستخبارات للسلفيين فيصح عليها قول القائل : رمتني بدائها وانسلت ،

ألا تذكر ماذا فعل عبد الناصر حينما ركب أسلافكم للوصول للحكم ألم تقرأ التأريخ السري للإخوان المفلسين ،

ألا تذكر استغلال أمريكا لتنظيمكم الإخواني العالمي في أفغانستان باسم الجهاد فلما انتهت منكم فيما تريد انقلبت عليكم باسم الإرهاب .

ألستم الذين يستغلكم الآن أعداء الدعوة السلفية لحرب السلفية في بلدها ومهدها يا أعشى البصر والبصيرة .

أحيلك لبعض ما تفوه به بعض دعاة صحوتكم في علمائنا آنفاً فهو غيظ من فيض لتعلم كم أنتم مؤدبون مع العلماء ولتعلم من هو الذي إذا خاصم فجر .

أنا أسألك أيها المسكين عن مصطلح الجامية الذي أجدتموه على طريقة أعداء الدعوة السلفية حين سموها الوهابية ليسمونها بغير اسمها ، فهل تأتي لي أيها الخصم الألد بعالم واحد ممن يوثق بعلمه ودينه اعترف بوجودها ؟ بينما تكلم عنكم كثير من علمائنا وميزكم عن جماعة المسلمين تحت اسم : الإخوان المسلمون كما قال شيخنا محمد العثيمين فيما نقلت آنفاً ، أو القطبيون كما تراه في كتابة الشيخ رحمه الله على خاتمة كتاب " براءة علماء الأمة من تزكية أهل البدعة والمذمة " للشيخ السلفي رغم أنفك عصام السناني حين قال حفظه الله : ( الخاتمة : طريقان لا يلتقيان شتان بين مشرق ومغرب ) :

( الأول المنهج القطبي ) : قال سيد قطب " الظلال : " 2 / 1057 " : ( لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بـ " لاإله إلا الله " ؛ فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد ، وإلى جور الأديان ، ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن : لا إله إلا الله ؛ دون أن يدرك مدلولها ، ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها ، ودون أن يرفض شرعية الحاكمية التي يدَّعيها العباد لأنفسهم ) .

ويقول سيد " الظلال : 4 /2122 " : ( إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي ) .

ويقول أيضاً " الظلال : 3 /1451 " : ( لعلك تبينت مما أسلفنا آنفاً أن غاية الجهاد في الإسلام هي هدم بنيان النظم المناقضة لمبادئه وإقامة حكومة مؤسسة على قواعد الإسلام في مكانها واستبدالها بها وهذه المهمة مهمة إحداث انقلاب إسلامي عام غير منحصر في قطر دون قطر بل مما يريده الإسلام ويضعه نصب عينيه أن يحدث هذا الانقلاب الشامل في جميع أنحاء المعمورة هذه غايته العليا ومقصده الأسمى الذي يطمح إليه ببصره ، إلا أنه لا مندوحة للمسلمين أو أعضاء الحزب الإسلامي عن الشروع في مهمتهم بإحداث الانقلاب المنشود والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها ) أ. هـ .

( الثاني ) المنهج السلفي : قال سماحة الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : ( إن كان أحد من الدعاة في الجزائر قال عني : قلت لهم : يغتالون الشّرطة أو يستعملون السّلاح في الدعوة إلى الله هذا غلط ليس بصحيح بل هو كذب ، إنما تكون الدعوة بالأسلوب الحسن : قال الله ، قال رسوله ، بالتذكير والوعظ والترغيب والترهيب ، هكذا الدعوة إلى الله كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة المكرمة قبل أن يكون لهم سلطان ، ما كانوا يدعون الناس بالسلاح ، يدعون النّاس بالآيات القرآنية والكلام الطيّب والأسلوب الحسن لأن هذا أقرب إلى الصلاح وأقرب إلى قبول الحق ، أما الدعوة بالاغتيالات أو بالقتل أو بالضرب فليس هذا من سنـة النبي صلى الله عليه وسلم ولا من سنة أصحابه ، لكن لمّا ولاه الله المدينة وانتقل إليها مهاجراً كان السلطان له في المدينة وشرع الله الجهاد وإقامة الحدود ، جاهد عليه الصلاة والسلام المشركين وأقام الحدود بعد ما أمر الله بذلك ) .

وقال العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ عندما نسب إليه أحدهم تأييده لتطبيق المنهج القطبي في الجزائر، قال : ( إذا كان هذا الداعية تعرفه فاقرأ عليه قوله تعالى ; يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ; إلى آخر الآية ، وقال عليه الصلاة والسلام : " بحسب امرىء من الكذب أن يحدث بكل ما سمعه " .

وقال في رسالة للقادة في الجزائر : ( … أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بدأ بإقامة الدولة المسلمة بالدعوة إلى التوحيد والتحذير من عبادة الطواغيت وتربية من يستجيب لدعوته على الأحكام الشرعية حتى صاروا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كما جاء في الحديث الصحيح ، ولم يكن فيهم من يُصِرّ على ارتكاب الموبقات والربا والزنا والسرقات إلا ما ندر. فمن كان يريد أن يقيم الدولة المسلمة حقاً لا يكُتِّل الناس ولا يجمعهم على ما بينهم من خلاف فكري وتربوي كما هو شأن الأحزاب الإسلامية المعروفة اليوم ، بل لا بد من توحيد أفكارهم ومفاهيمهم على الأصول الإسلامية الصحيحة : الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ) .

وسئل الشيخ العلامة محمد العثيمين ــ حفظه الله ــ في سياق نفس هذه الأحداث : هل كذلك أنكم قلتم باستمرار المواجهة ضد النظام بالجزائر ؟

فأجاب الشيخ : ( ما قلنا بشيء من ذلك ) . قال السائل : في اشتداد هذه المضايقات هل تُشرع الهجرة إلى بلاد الكفر ؟ قال الشيخ : ( الواجب الصبر ؛ لأن البلاد بلد إسلام ، ينادى بها للصلوات الخمس وتقام فيها الجمعة والجماعات ، فالواجب الصبر حتى يأتي الله بأمره ) .أ.هـ

فماذا كتب الشيخ بيمينه حرمها الله على النار وبخط يده ؟ كتب بجانب كلمة ( الثاني المنهج السلفي ) كما تراه في الكتاب المتداول قائلاً : ـــ ( يقدم المنهج السلفي إلا أن يكون هناك سبب لم يتبين لي ) .

وهذا حكم من الشيخ بخطورة فكر الإخوان المسلمين الذي منه المنهج القطبي ، ووجوب التحذير منه ، وأنه مباين تماماً لمنهج السلف الصالح ودعوة علماء السنة .

فنحن ولله الحمد رضينا بالمنهج السلفي وأنتم رضيتم بمنهج القطبي الذي تدافعون عنه ، وهما طريقان لا يلتقيان بإقرار الشيخين العالمين العثيمين والفوزان .