رد على بعض غلاة الصوفية
الكاتب : الشيخ تقي الدين الهلالي - رحمه الله تعالى -
من فاته المصطفى المختــار من مضر ** و قــد قفــــى نهجــه ما ذاك محـــــروم
إن رد كـــل نــزاع لــــلإلــه إلـــــــــــــى ** كــتـــابــه فــــــله يــحــق تــحـكيـــــــم
وللــــرســول إلــــى حديثــــــه فــــبـذا ** أمــر الإلــه أتــانــا و هــو مــحــتـــــــوم
لا للــــشيــوخ ولا للــــرأي مــن شيـع ** لــديــهــم حــبــل ذكــر الله مــصـــــروم
و كــم حــديــث بــه عـرض الجدار رموا ** إسنــــاده مثل صحو الشمس معلــوم
إذ خــالــف الــرأي و هو الأصل عندهم ** كــأن صــــاحــب هــذا الــرأي معصــوم
مــا للرسول لديــــهم غير الاسم فقط ** وصــاحــب الــرأي متبــــوع ومأمـــــوم
وآيــة مــن كــتــاب الله مــحــكــمـــــــة ** تفســــيرهــا عــن نبــي الله مفهـــوم
تــعــمــدوا سلــب معنــــاها المراد بها ** و حملــوها مفــاهــيــما بهــــا ليــــموا
مضــى الصحــابــة لــم تخطـــر ببالهم ** و التــابعــــون و عقــد الديــن منظـوم
كــذا الأئمــة مثــل الشــافعــي و مــــا ** لك و أحمــد لــم يلمــز لــــهم خيــــم
و جــاء من بعدهم خلــف أتــوا بدعــــا ** قد اقتفــوا أثــر يــونــان مشــائــيــــــم
و حكمــوا عقلـهم فـي الله جل و هــم ** جهــال أنــفــســهــم و ذاك مــذمــــوم
فــوصفــوه بــما أوحــت وساوســــــهم ** و عنــدهم وصفــه بــالــذكر تجسيــــم
إن قصر الله و الــمختـار فــي صفـــــــة ** و صحبــه كيــف يرجــــى بعد تفهيــــم
أو أنــــزل الله آيــــــــات مــكــفـــــــــــرة ** فــــالــكفر يــحمد و الإســلام مذمــوم
تــالله إن أولاء الــقوم فــــــــي عــمـــه ** بنــوا علــــى غــيــر أس فــهو مهــدوم
قد أعرضــــوا عــن كتــاب الله وانتبــذوا ** بيــداء ســــالكــهــا لاشك مقصـــــــوم
من رام تكذيــــب قــول الله أوسنـــــن ** يــقــــــــول ذا لازم وذاك مــلـــــــــــزوم
و الــحق أوضــح مــن أن يــستـــدل له ** لكــن طــرف أخــــي الــتقليد مخــروم
الله أعطــــاه طــرفــا يــستــدل بــــــــه ** فــــــسده و اقتفــى من هو مشـــؤوم
و قــال إنــا وجــدنــــــا الأقــدميـــن كذا ** والأقــدمــــون لــهــم يــحـق تقديــــــم
و الــحق أقــدم و الــــمختــار سابقهم ** لــقولــــــه حــق تــبجيــــل وتــعظيــم
و ليــس رب الــــــورى بــــسائل أحــدا ** عــن غيــره فــــــعليــه دامت سليــــــم
يــا ويــل مــن لــم يــكــن لــه بـــمتبع ** شــرابــــه يوم يظمــى الناس يحمـوم
و كــيــف يــتبــع ذو الــــتقليــد سنتــه ** و أنفــه بــــحبــال الــــجهــل مخـــــزوم
إذا عصيــــتم رســول الله فــــاتبعــــــوا ** مــن شئــــتم جمعكم لا شك مهــزوم
إن قلــت قــال رســــول الله ينتفشــوا ** و ينفضــــون رؤوســــــهم و هـم بـــوم
و يــنبــزونــك بــالألقــــاب منسفــــه ** فــعندهــم قــول خير الرسل مســؤوم
كونــــوا حجــارة أو حديــــدا أوخشبـــا ** و أنفــــــكم أبــدا بــــالتــرب مرغــــــوم
مــن كــان قــول رســــــول الله يغضبـه ** فــــذاك فــــي النــاس مدحـور ومذؤوم
و إن تستــر بــالتحريــــف يــخدعــــــنا ** فــليس يخفــى على العلام مكتــــوم
أمــر النبــــي و أمــر من إمــامــــــــهم ** ذا حــاكم عنــدهم و ذاك مــحـكــــــوم
لــو وفقــوا حكمــــوا قــول النبي على ** قــول الإمــــام وذا فــــي الذكــر مرقوم
فــــأين الإيمــــــان منــهم أيــن آيتــــه ** و أيــن الــــــمـحبة أيــن أيــن تعظـــيم
و هــم يقــولــــون نحن الــوامقــون له ** و خــالفــــوا أمــره فـــالحب مزعــــــوم
إن كــنت وامــقــــه فــالتقف سنتــــــه ** و الــــحب منــــك إذا خالفـــــت معدوم
و كل ما كــــان مــن نقــص فــــمصدره ** مشــــــايخ دينــــهم و الـــعرض مثلوم
هم زينــــوا للــــــعوام كل فاحشـــــــة ** و منــهم نتــن أكل السحت مشمــوم
رامــــوا التأكل بالـــــفتوى فصار لديهم بالــــدراهــم تحــــريــــــم وتــحليـــــل
لا كســب عنــدهــم إلا الــعمائم كالـــ ** ـيقطيــــن والكــم مثل الخرج مرسـوم
يرخــــون للــــــناس أيديــــهم تقبلــها ** و من أبــــى فهــو ملحــي ومشتــــوم
إن كــان حــال هداة الــناس يـــاأسفا ** كــما رأيــت استــــوى جهــل وتعليــم
أم ذووا الــطرق من للــصوف قدنسبوا ** فــلا تســل عنــــهم فــــهم مشائيـــم
لم ترضــــهم شرعة المختــار فانتحلوا ** شرائعــــــا كلــــها إفــك وتأثيــــــــــــم
و استعبدوا الناس باستتباعهم سفها ** فالــــحر مستخــدم و الــعبد مخــــدوم
قالــــوا عــن الله أخذنــــا الشرائــع بل ** مــن الشياطيــــن شرع القوم مفهوم
هــل فـــي شريعــة خير الخلق عربدة ** مثــل السكــــارى و رقص ثم هينــــوم
هــل فــي شريعــة خير الخلق تصدية ** مــع البكــا و تــجــنــن وتــهــويـــــــــم
هــل للــــخــلائــق أربــاب تقسمـــــها ** كــل لــه جــزء فــي النــاس مقســوم
أم للــخلائــــــــق رب واحــد صــمــــــد ** و غيــره مــا له فــــي الخلق برعــــوم
هــل فــــي الــشريعــــة أقــوال تكذبها ** يقــــول أصحابــــها ذا الــسر مكتـــــوم
هــل فــي الــشريعــــة أوثـان مقدسة ** و حولــهــــــا دم ذبــح الـقوم مسجوم
لا يــخشعــــون لــــــربنــا خشوعـــهم ** لهــــا لأوجهــــهم ويــل وتسخيــــــــم
لــو آمنــــوا بــــــــإله النــاس ماقصدوا ** من دونــــه مــن بــــكل الفقـر موسوم
مــا قــــدروا الله حــــق قــدره أبــــــــدا ** إذ كان منــهم علــى الــمقبور تحويـم
إذ كــــان حيــا بــــــكل الــــفقر متصف ** فــكيف و هو بــترب اللحــــد مغمــــوم
قــد أخبــر الــــمصطفــى بكل مافعلوا ** صــلاة ربــي عليــــــه ثــم تسليـــــــم
والله أســــأل أن الــــحفظ يصحبنـــــي ** والــــعمر بــالــــعمل الــمرضي مختـوم