[grade="00008B FF6347 008000 DEB887"]
بسم الله الرحمن الرحيم
[/grade]


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :

فهذه بعض المواقف النيرة من تاريخ سلفنا الصالح أنقلها لك اخي في الله لكي نتآسى بهم ، ونقتدي بهم ، ونعتبر فيهم ، ونحدوا حدوهم ، فالمرء مع من أحب كما ثبت في النص ، وقديماً قيل :

وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم **************** إن التشبه بالكرام فلاح

عن القعنبيي قال : كان ابن عون لا يغضب فإذا أغضبه رجل قال : بارك الله فيك . [ السير 6/366]

وكان لابن عون ناقة يغزو عليها ويحج ، وكان بها معجباً . فامر غلاماً له يستقي عليها ، فجاء بها وقد ضربها على وجهها ، فسالت عينها على خدها . فقلنا : إن كان من ابن عون شيء فاليوم !!
قال : فلم يلبث أن نزل ، فلما نظر إلى الناقة قال : سبحان الله ، أفلا غير الوجه ، بارك الله فيك ، اخرج عني ، اشهدوا انه حر . [ السير 6/370]

عن سلام قال : كان أيوب السختياني يقوم الليل كله ، فيخفي ذلك ، فإذا كان الصباح رفع صوته ، كأنه قام تلك الساعة . [ السير 6/17] .

وعن رجل قال : رأيت أثر الغم في وجه أبي عبد الله ( الإمام أحمد بن حنبل ) وقد اثنى عليه شخص . وقيل له : جزاك الله عن الإسلام خيراً . قال : بل جزى الله الإسلام عني خيراً ، ومن أنا ومن أنا ؟؟
[ السير 11/225] .

قلت : رحم الله هذين الإمامين فهكذا كان شأن معظم السلف أما شأننا وحالنا فمثل ذلك الأعرابي الذي ذكره ابن الجوزي في كتابه [ أخبار الحمقى والمغفلين ص 90] حيث قال رحمه الله : وكان أعرابي يصلي ، فأخذ قوم يمدحونه ويصفونه بالصلاح ، فقطع صلاته وقال : مع هذا إني صائم !!!

وفي ترجمة ابن عون عبد الله الحافظ البصري : أن أمه نادته فأجابها ، فعلا صوته صوتها ، فأعتق رقبتين . [ السير 6/366] .

وعن ابن عون دخل رجل على محمد بن سيرين عند أمه فقال : ما شأن محمد ، يشتكي شيئا ؟؟ فقالوا : لا ، لكن هكذا يكون إذا كان عند أمه . [ صفوة الصفوة 3/245] .

وروى جعفر بن سليمان ، عن محمد بن المنكدر ، أنه كان يضع خده على الأرض ، ثم يقول لأمه : ضعي قدمك على خدي . [ السير 5/356] .

قلت : رحم الله هؤلاء الأئمة الأبرار أما حالنا نحن أبناء آخر الزمان فهو كما ذكره ابن الجوزي في كتابه [ أخبار الحمقى والمغفلين ص 88] حيث يقول رحمه الله : وعنه ( يعني الأصمعي ) رأيت أعرابياً يضرب أمه فقلت : يا هذا أتضرب أمك ؟؟ فقال : اسكت فإني أريد أن تنشأ على أدبي .
فهذا هو حالنا اليوم !! فالله وحد المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به .

وعن علي ابن المديني سمعت سفيان يقول : كان ابن عياش المنتوف يقع في عمر بن ذر ويشتمه . فلقيه عمر ، فقال : يا هذا لا تفرط في شتمنا ، وأبق للصلح موضعاً ، فإنا لا نكافيء من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه . [ السير6/388-389] .

عن أبي يعقوب المدني قال : كان بين حسن بن حسن وبين علي بن الحسين بعض الأمر . فجاء حسن بن حسن إلى علي بن الحسين وهو في المسجد في أصحابه .فما ترك شيئا إلا قاله له . وعلي ساكت . فانصرف حسن فلما كان من الليل أتاه في منزله فقرع عليه باب فخرج عليه ، فقال له علي : يا ابن أخي إن كنت صادق فيما قلت لي فغفر الله لي ، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك ، والسلام عليكم . وولى قال : فاتبعه حسن فالتزمه من خلفه وبكى حتى رثى له ، ثم قال : لا جرم لا عدت في أمرتكرهه . فقال علي : وأنت في حل مما قلت لي . [ صفوة الصفوة 2/94] .

وفي السير في ترجمة يحي بن سعيد القطان قال يحي ابن معين : جعل جار له يشتمه ( يعني يشتم يحي القطان ) ، ويقع فيه ، ويقول : هذا الخوزي ، ونحن في المسجد ، قال : فجعل يبكي ، ويقول : صدق ، ومن أنا ؟ وما أنا ؟؟؟ [ السير 9/180] .

قلت : سبحان الله !! لله درهم من رجال !!

وعن عبيد الله بن السري قال : قال ابن سيرين إني لأعرف الذنب الذي حُمل به علي الدين ما هو ، قلت لرجل منذ أربعين سنة : يا مفلس . فحدثت به أبا سليمان الداراني ، فقال : قلت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون ، وكثرت ذنوبي وذنوبك فليس ندري من أين نؤتي ؟؟؟؟ [ صفوة الصفوة 3/246]

قلت : رحمك الله يا أبا سليمان هذا تقوله عن نفسك فكيف بنا نحن وقد أهلكتنا الذنوب والمعاصي ، حتى أصبحنا لا نفرق بين الحسنة والسيئة !!!

قيل دخل لص عليه ( مالك بن دينار ) فما وجد ما يأخذ ، فناداه مالك : لم تجد شيئاً من الدنيا ، فترغب في شيء من الآخرة ؟؟ قال : نعم . قال : توضأ ، صل ركعتين ، ففعل ثم جلس وخرج إلى المسجد . فسئل من ذا ؟؟ قال : جاء ليسرق فسرقناه . [ السير5/563] .

قال العلاء بن سالم : كان منصور ( ابن المعتمر الكوفي ) يصلي في سطحه ، فلما مات ، قال غلام لأمه : يا أمه الجدع الذي في سطح آل فلان ، ليس أراه ، قالت : يا بني ليس ذاك بجدع ، ذاك منصور ، وقد مات رحمه الله . [ السير 5/406] .


قال خلف بن تميم : حدثنا زائدة ، أن منصوراً صام أربعين سنة ، وقام ليلها ، وكان يبكي ، فتقول له أمه يا بني : قتلت قتيلاً ؟؟ فيقول : أنا أعلم بما صنعت بنفسي ، فإذا كان الصبح ، كحل عينيه ، ودهن رأسه ، وبرق شفتيه وخرج إلى الناس . [ السير 5/406] .

قلت : رحم الله هذا الإمام فهكذا كان حاله عبادة وقيام وصيام ، وأما حالنا نحن فهو حال ذاك الأعرابي الذي ذكره ابن الجوزي في كتابه [ أخبار الحمقى والمغفلين ص 90] حيث قال رحمه الله : تذاكر قوم قيام الليل وعندهم أعرابي ، فقالوا له : أتقوم الليل ؟؟ قال : أي والله ، فقالوا : فما تصنع ؟؟ أبول وأرجع أنام .

ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في ترجمة محمد بن أحمد بن علي أبو نصر المروزي أنه كان إماماً في القراءات ، وله فيها المصنفات ، وسافر في ذلك كثيراً ، واتفق له أنه غرق في البحر في بعض أسفاره ، فبينما الموج يرفعه ويضعه ، إذا نظر إلى الشمس قد زالت ، فنوى الوضوء وانغمس في الماء ثم صعد فإذا خشبة فركبها وصلى عليها ، ورزقه الله السلامة ببركة امتثاله للأمر ، واجتهاده على العمل . [ البداية والنهاية 21/123حوادث سنة 484هـ ] .

قلت: سبحان الله ومن يطيق مثل ذلك في هذا الزمن !!