نبذة مختصرة عن عقيدة الأشاعرة‏ - العلامة محمد بن أمان الجامي رحمه الله تعالى

يقول فضيلة الشيخ العلامة رحمه الله تعالى:

(( هذه السؤال قد لا يستفيد منه إلا بعض طلبة العلم لكن الآخرون فليسمعوا ولو كان لأول مرة، يقول: من هم الأشاعرة؟ يقول: أعطونا نبذة عن الأشاعرة. هذا السائل يقول.

الأشاعرة: فرقة من أهل الكلام، الأشاعرة: نسبة إلى أبي الحسن الأشعري - أبو الحسن الأشعري - ينتسب إلى أبي موسى الأشعري - الصحابي -، أبو الحسن الأشعري نشأ نشأته الأولى على طريقة تسمى طريقة المعتزلة، لأن شيخه كان زوج أمه، أخذ أمَّه وهو طفل صغير، تربى عند أبي علي الجُبَّائي - زوج أمه -، فتتلمذ عليه وأبو علي الجُبَّائي من كبار المعتزلة، والكلام يجر بعضه بعضًا، لسائل أن يقول ما هي المعتزلة نفسها؟!

المعتزلة: فرقة من أهل الكلام ينفون صفات الله - تعالى - لا يثبتون لله أي صفة، في زعمهم تنزيه الله تعالى معناه: نفي الصفات، لا قدرة له، ولا إرادة، ولا سمع، ولا بصر، ولا كلام إلى آخره، هذه يُقال لها: طريقة المعتزلة؛ لأنهم كانوا في مجلس أبي الحسن - مجلس الحسن البصري - واصل ابن عطاء - رئيسهم – اعتزل، خرج من مجلس الحسن، فاعتزله، فأتى بأفكار جديدة واعتزل المسلمين في عقيدتهم، لم يسموا معتزلة لكونه اعتزلوا مجلس الحسن فقط، اعتزلوا مجلس الحسن ثم اعتزلوا المسلمين في كثير من عقائدهم، أطلق عليهم: معتزلة، وهي طائفة كبيرة معروفة.

وإذا سألت هل لها وجود الآن !؟ نعم. كل شيعي فهو معتزلي، خذوا هذه قاعدة: كل شيعي بدءًا من أقرب الشيعة إلى السُّنَّة، وهم: الزيدية، ونهايةً إلى أبعدهم الإمامية الجعفرية كلهم على عقيدة الإعتزال في العقيدة، هذه قاعدة. هذه المعتزلة عاش فيها أبو الحسن الأشعري نحو أربعين عامًا حتى أصبح إمامًا بعد عمِّه، ولكن أراد الله، اختلف مع عمِّه في بعض المسائل منها: هل يجب على الله أن يفعل لعباده الأصلح فالأصلح؟! على عقيدة المعتزلة.

أبو الحسن أنكر بفطرته كون العبد يقول: يجب على الله أن يفعل كذا وكذا ففارقه، فجعل يبحث عن الحق، يشبه موقفه موقف سلمان الفارسي الذي فارق المجوسية ليبحث عن الحق وعكف عند الرهبان حتى هداه الله، ولحق برسول الله - عليه الصلاة والسلام - بالمدينة، تمامًا يشبه هذا، أبو الحسن خرج من الإعتزال فيبحث عن الحق وعكف عند ابن كُلاَّب فأخذ العقيدة الكُلاَّبية، ولكن لكونه كان إمامًا ومشهورًا، ولكونه عالي النسب، مشهور النسب، نُسِيَ صاحبُ العقيدة الكُلابيُّ فنُسي؛ فنسبت إليه العقيدة الأشعرية وهي التفريق بين الصفات، بدلاً أن تُنفى جميعُ الصفات على طريقة المعتزلة، يُفرَّق بين الصفات، ما كان من الصفات العقلية يُثبت لله، وما كان من الصفات الخبرية يُؤوَّل، هذه طريقة الأشعرية، عاش على هذا فترةً من الزمن وأخيرًا كما لحق سلمان الفارسي برسول الله - عليه الصلاة والسلام - وهداه الله إلى الحق، لحق أبو الحسن بمنهج السلف الصالح، وألَّف كتابًا سماه ((الإبانة))، وذكر في مقدمته - الكتاب مطبوع موجود - أنه على طريقة إمام أهل السنة والجماعة يعني: الإمام أحمد بن حنبل، وأثنى عليه ثناءً عاطرًا يليق به في مقدمة الكتاب، فأعلن أنه رجع إلى منهج السلف الصالح.

والأشعرية الموجودة الآن التي تدرس في كثير من الجامعات خارج هذا البلد؛ إنما هي على العقيدة الكُلابية التي كان أبو الحسن عليها بعد رجوعه من الإعتزال، لا يزالون يكذِّبون ما في ((الإبانة)) يقولون: ما هو صحيح رجوع أبي الحسن إلى منهج السلف، وهذا الكتاب ليس له، وإنما من يدَّعون السلفية هم الذين ألَّفوا على لسانه وكَذَبوا عليه، ولكن أراد الله، أن كبار أتباع أبي الحسن رجعوا منهم: الإمام الغزالي ندم ندمًا بكى فيه، وألَّف كتابًا سماه: ((إلجام العوام عن علم الكلام))، وإمام الحرمين، ووالد إمام الحرمين، والرازي، والشهرستاني - هؤلاء فطاحلة علماء الأشاعرة - كلهم ندموا، وذمُّوا علم الكلام بما فيه الأشعرية، أما والد إمام الحرمين فرجع رجوعًا صريحًا وألَّف رسالةً بيَّن فيها عقيدته، وكيف كان وكيف رجع، ورسالته موجودة ضمن مجموعة ((المتون المنيرية)) لكم أن ترجعوا إليها لتعرفوا، الأشعرية إذن، عقيدةٌ كان عليها أبو الحسن الأشعري قبل رجوعه إلى منهج السلف ثم رجع عنها، وهي المدروسة الآن في كثير من الجامعات التي تُسمَّى الجامعات الإسلامية خارج هذا البلد كـ ((الأزهر))، وفروع ((الأزهر)) كل ما يدرس في كلية الدعوة وأصول الدين في ((الأزهر الشريف)) وأتباع ((الأزهر الشريف)) كلها عقيدةٌ كُلابيةٌ أشعريةٌ تاب عنها أبو الحسن الأشعري. هذه هي الأشعرية.)). انتهى كلامه رحمه الله تعالى.