الزواج من الأقارب في ميزان الشرع
سماحة العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


[justify]حذر الطب من الزواج من الأقارب مثل: بنت العم، وبنت الخال، وبنت الخالة، حيث قالوا: إنه يسبب انتقال الأمراض الوراثية، ما حكم الشرع في مثل هذا؟ نرجو أن تتفضلوا بالإجابة جزاكم الله خيراً، مع أن الإسلام حدد المحارم وحرمها علينا، - كما يقول أخونا في رسالته -؟

لا ينبغي للمؤمن أن يلتفت إلى أقوال الأطباء أو غيرهم في كل ما يخالف الشرع المطهر ، فالشرع مقدم على الأطباء وعلى غير الأطباء ، والزواج من الأقارب أمرٌ مطلوب وفيه فائدة كثيرة في صلة الرحم ، في تقارب الأقارب ، وتعاونهم على الخير ، وكثرة النسل فيهم ، فلا ينبغي أن يلتفت إلى هؤلاء ، لكن من كان من الأقارب سيئ السيرة هذا له بحث آخر ، إذا كان سيئ السيرة أو البنت سيئة السيرة ، أو هناك أمراض يخشى منها في نفسه في الأسرة التي يريد الزواج منها فلا مانع من اختياره غيرها والاحتياط ، أما مجرد النهي عن نكاح الأقارب فهذا غلط لكونه يدعى أن الزواج من الأقارب أمرٌ مرغوب عنه ، فهذا غلط ومنكر ، فقد تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - من أقاربه ، ومن بنات عمه ، فأم حبيبة بنت أبي سفيان ابنة عمه ؛ لأن أم حبيبة بنت أبي سفيان – صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف جد النبي - عليه الصلاة والسلام - وعائشة كذلك بنت الصديق ابنة عمه ، فإن كانت في جد أعلى من ابن عبد مناف وكذلك حفصة بنت عمر كلهم من بنات العم من الأقارب ، وهكذا سودة. فالمقصود أن القول بالتزوج من الأقارب أمرٌ مرغوب عنه هذا قول باطل لا ينبغي أن يلتفت إليه بالكلية إلا لعذر شرعي من سوء السيرة ، أو مرض بالمرأة أو مرض بأهلها يخشى منه فهذا له وجه. المقدم: جزاكم الله خيراً.. أخونا يذكر أن الإسلام حرم المحارم وبين هنا لنا وحرم علينا النكاح بهن لا أدري ما مدعاة هذا شيخ عبد العزيز؟ الشيخ: هذا لحكمة بالغة ، الله حرم بعض الأقارب ، ما هم كل الأقارب ، حرم المحارم المعروفين : الأمهات والجدات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخت وبنات الأخ هؤلاء لقربهن ، وقال جمع من أهل العلم ومن حكمة ذلك أنه قد يطلق فيكون بينهم سوء الاتصال ، وقطيعة الرحم بسبب ما جرى من الطلاق والوحشة ، فمن رحمة الله أن حرم المحارم حتى تبقى المودة والمحبة والصلة بينهم ، والتعاون على الخير ، فلو أبيحت الخالة أو الأم أو البنت أو العمة أو الأخت أو بنت الأخ أو بنت الأخت لربما جرى طلاق، وسوء نزاع بينهما فيفضي إلى القطيعة المستمرة ، وعدم الصلة للرحم ، وكذلك في الأم والبنت هي الأخرى كونها ابنته أو أمه ، كونه يفترسها ويجعلها كالخادم ، وهي أمه من حكمة الله - جل وعلا - أن حرمها وحرم الجدات لعظم حقهن ، ولأن في ذلك إساءة لهن لو أمرهن بما لا ينبغي أو أساء عشرتهن أو غير ذلك. فالحاصل أن ربك حكيم عليم ، لله الحكمة البالغة في تحريم ذوات المحارم ، لحكم عظيمة ، ومنها ما يبين للعبد ، ومنها ما لا يبين للعبد ، لكن مما يظهر للعباد أن من حكمة ذلك أن الطلاق قد يسبب سوء الصلة ، وحصول القطيعة بعد الطلاق لو طلقها ؛ لأن الوئام قد لا يحصل بين الرجل وبين قريبته ذات المحرم لو كانت حلالاً لها ، فمن رحمة الله أن حرم هؤلاء القريبات حتى تبقى المودة والمحبة والصلة والتعاون على الخير بين الأقرباء ، ولا يكون هناك وسائل تفضي إلى النزاع والقطيعة ، وقد تكون هناك حكم أخرى الله أعلم بها ، كما قد يظهر فيما قد يتعلق بالأم والبنت ولاسيما الأم بوجه أخص والجدات فإن حقهن عظيم فمن رحمة الله أن حرم عليهن وعلى أولادهن النكاح أن ينكحهن أولادهن لما في ذلك مما قد يقع من الإساءة إليهن وحقهن عظيم. جزاكم الله خيراً.
[/justify]