وسئل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى السؤال التالي :
ما موقف الشرع الإسلامي الحنيف من ترشيح امرأة نفسها لرئاسة الدولة ، أو رئاسة الحكومة ، أو
الوزارة ؟
فأجاب :
تولية المرأة واختيارها للرئاسة العامة للمسلمين لا يجوز، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على ذلك ،
فمن الكتاب : قوله تعالى : { الرجال قوَّامون على النساء بما فضَّل الله بعضهم على بعض } ، والحكم
في الآية عام شامل لولاية الرجل وقوامته في أسرته ، وكذا في الرئاسة العامة من باب أولى ، ويؤكد
هذا الحكم ورود التعليل في الآية ، وهو أفضلية العقل والرأي وغيرهما من مؤهلات الحكم والرئاسة .
ومن السنَّة : قوله صلى الله عليه وسلم لما ولَّى الفرسُ ابنةَ كسرى : ( لن يفلح قومٌ ولَّوا أمرَهم
امرأة ) ، رواه البخاري .
ولا شك أن هذا الحديث يدل على تحريم تولية المرأة لإمرة عامة ، وكذا توليتها إمرة إقليم أو بلد ؛ لأن
ذلك كله له صفة العموم ، وقد نفى الرسول صلى الله عليه وسلم الفلاح عمَّن ولاها ، والفلاح هو الظفر
والفوز بالخير .
وقد أجمعت الأمة في عهد الخلفاء الراشدين وأئمَّة القرون الثلاثة المشهود لها بالخير عمليّاً على عدم
إسناد الإمارة والقضاء إلى امرأة ، وقد كان منهن المتفوقات في علوم الدين ، اللاتي يُرجع إليهن في
علوم القرآن والحديث والأحكام ، بل لم تتطلع النساء في تلك القرون إلى تولي الإمارة ، وما يتصل بها
من المناصب ، والزعامات العامة ، ثم إن الأحكام الشرعية العامة تتعارض مع تولية النساء الإمارة ؛
فإن الشأن في الإمارة أن يتفقد متوليها أحوال الرعية ، ويتولى شؤونها العامة اللازمة لإصلاحها ؛
فيضطر إلى الأسفار في الولايات ، والاختلاط بأفراد الأمة ، وجماعاتها ، وإلى قيادة الجيش أحياناً في
الجهاد ، وإلى مواجهة الأعداء في إبرام عقود ومعاهدات ، وإلى عقد بيعات مع أفراد الأمَّة ،
وجماعتها ، رجالاً ونساء في السلم والحرب ونحو ذلك ، مما لا يتناسب مع أحوال المرأة وما يتعلق بها
من أحكام شرعت لحماية عرضها ، والحفاظ عليها من التبذل الممقوت .
وأيضاً : فإن المصلحة المدركة بالعقل تقتضي عدم إسناد الولايات العامة لهن ، فإن المطلوب فيمن
يُختار للرئاسة أن يكون على جانب كبير من كمال العقل ، والحزم ، والدهاء ، وقوة الإرادة ، وحسن
التدبير ، وهذه الصفات تتناقض مع ما جُبلت عليه المرأة من نقص العقل ، وضعف الفكر ، مع قوة
العاطفة ، فاختيارها لهذا المنصب لا يتفق مع النصح للمسلمين ، وطلب العز والتمكين لهم ،
والله الموفق ،وصلى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه.