أنا قيدت كلامي بذكر حقيقة العلم, وإلا مجرد ذكر العلم فحتى من جاءهم الرسول كان عندهم علم ( فرحوا بما عندهم من العلم ) , ومن الدعاء المأثور اللهم إني اسألك علماً نافعا واعوذ بك من علم لا ينفع, وقد ذكر العلماء ذلك راجع رسالة "فضل علم السلف على علم الخلف" لابن رجب, ثم ما لخصته في كلامي هي حقيقة الحال التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم جميعا وإليك شرح ذلك :
قول "اعلم أن المطالعة والاستماع والحفظ ليست هي العلم .."
فليس بمجرد حصول هذه الامور الا وهي المطالعة والاستماع والحفظ يكون العبد قد حصل حقيقة العلم فمجرد الاطلاع على الأمر ليس له معنى مالم يتنج عنه عمل, فإذا اطلع العبد على حكم الكذب ثم لم يترك الكذب هل صار لطلاعه على حكمه فائدة إلا زيادة حجة عليه, كذالك ( الاستماع ) فهاك فعل اليهود إذ قالوا سمعنا وعصينا فقد يستمع الإنسان لكن لا ينتفع من سماعه, ومثله الحفظ فإذا حفظ نصوص لاعد لها لكنه خذل فخالف قوله فعله فهي حجة عليه ,
وقول "وحتى تعلم حقيقة العلم وأنه منّة من الله وأن على من أراده فعليه التوجه إلى الله حتى يفتح الله عليه"
يكفيك لتعلم حقيقة هذا الأمر قوله تعالى ( إن الله يسمع من يشاء )
وقول " وأنه يكفي في أن يثمر آية وحديث كما كان على ذلك أئمة الإسلام في تصنيفهم للعلم وهو ما يعرفه الناس اليوم بكتب الحديث ... فهي ترجمه تأخذ منها فقه ما تحتها من آية وحديث ...
"
فهذه هي الأسباب التي تسلك ولا يتعب الإنسان نفسه قالت أم لابنها الذي صار أحد أئمة السلف عندما أراد الخروج لطلب العلم يابني خذ حديث أو حديثين فإن انتفعت وإلا لا تتعب نفسك .
ثم شرحت ذلك وبيينته من فهم السلف لهذا المعنى .
"وحتى تفهم معنى قول أحد العلماء عندما سئل من أعلم أهل هذه البلد قال اتقاهم ,[و] تفهمه من فهم الصحابة لمعنى العلم ففي الحديث الذي ذكر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم اختلاس العلم وذهابه من الناس فسر الصحابي هذا العلم بنوع منه فقال أول علم يذهب الخشوع في الصلاة فسمى الخشوع علما وكذلك ما جاء في حديث قبض الأمانة من صدور الرجال جاء فيه أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم علموا من الكتاب والسنة فعلى قدر الأمانة التي في قلب العبد يكون علمه .
ومن الأقوال المأثورة عن السلف من قال هو عالم فهو جاهل , تعرف منها أن الإنسان قد يكون عالما في ساعة ثم يصير جاهلا في أخرى وهكذا وتعرف فهمهم لحقيقة العلم . "
ثم بعد فهم هذه الحال نبهت على المعنى الحقيق من ذكر العلم والعلماء الذي ورد في القرآن .
" تفهم الآن معنى قوله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ومعنى الزيادة في قوله ( وقل رب زدني علما) والمراد بقوله ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ). "
ثم ذكرت لك الطريق التي كان عليها الصحابة والتي سلكوها وقد اجمعت الامة على انهم أعلم الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم, فإذا تاملت ذلك في النصوص وأنهم امروا بالطاعة والاتباع والاهتداء وتلاوة الوحي والصبر والتقوى, و الاستمساك بالوحي و أمور عدة ذكرت لك شيء منها فإذا عرفت هذا عرفت الحال التي كانوا عليها والطريق التي سلكوها .
اللهم نور بصائرنا يا رب العالمين .