النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: جوابُ الشّيخ الألبانى فى صيام السبت

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2003
    الدولة
    بلد اسلامي
    المشاركات
    18

    جوابُ الشّيخ الألبانى فى صيام السبت

    جوابُ الشّيخ الألباني
    لمّا سئل عن
    صيام يوم السّبت
    [مفرّغ من:
    • شريط بعنوان الطائفة المنصورة.
    • الشريط رقم 380 من سلسلة الهدى والنور.
    • الشريط رقم 7 من فتاوى جدة1410.
    • الشريط رقم 18 من فتاوى جدة1410.
    • الشريط رقم 24 من فتاوى جدة1410.
    • الشريط رقم 29 من فتاوى جدة1410.
    • الشريط رقم 31 من فتاوى جدة1410]

    
    بسم الله الرحمن الرحيم
    صيام يوم السّبت( )
    نقلا من شريط بعنوان الطائفة المنصورة
    بسم الله الرحمن الرحيم

    إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له.
    وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
    بمناسبة صوم يوم عاشوراء، وباختلاف الرزنامات أو المفكرات في تحديد يوم عاشوراء ما بين يوم الجمعة وما بين يوم السبت، وليس من المهم الآن أن نبحث عن سبب هذا الاختلاف؛ لأنني سأدير كلمتي أو سانحتي التي سنحت لي آنفا حول موضوع صيام يوم عاشوراء إذا صادف يوما منهيا عن صيامه.
    فسواء كان يوم عاشوراء يوم جمعة وهو منهي عن صيامه وحده، أو صادف يوم السّبت وهو منهي عن صيامه نهيا مطلقا سواء اقترن يوم بعده أو قبله إلا فيما فرض الله عز وجل.
    فخطر في بالي الحديث التالي والتعليق عليه:
    الحديث التالي مما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه:
    أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم سُئل عن صوم يوم عاشوراء فقال «ذاك يوم صيامه يُكَفِّر السنةَ الماضية»، فسئل عن صيام يوم عرفة فقال «يكفِّر السنة الماضية والسنة الآتية»، فقيل له ماذا تقول في صوم يوم الاثنين؟ قال «ذاك يوم وُلدت فيه ويوم بعثت فيه» وفي لفظ «نزل القرآن عليَّ فيه».
    فجمع هذا الحديث التنصيص على فضيلة ثلاثة أيام؛ يوم في كل أسبوع ألا وهو يوم الاثنين ويومان في كل سنة؛ ألا وهو يوم عاشوراء ويوم عرفة.
    فالذي خطر في بالي التنبيه عليه أنّ هذه الأيام الثلاثة الفاضلة والفضيلة تُرى إذا صادفت يوما نهى الشارع الحكيم عن صيامه لأمرٍ عارضٍ، فهل نَظَلُّ على الأصل الذي هو فضيلة صيام الثلاثة أم نخرج عن ذلك الفضيلة إذا ما عرض لذلك اليوم عارض من نهي؟ هنا تُحَلُّ المشكلة التي تغيب عن أذهان كثير من الناس في مثل هذه المناسبة.
    يوم عاشوراء إذا كان يوم السبت، فيوم السبت قد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح «لا تصوموا يوم السبت إلا في ما أفترض عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلا لِحاء شجرة فليمضغه» الشاهد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى في هذا الحديث الصحيح عن صيام يوم السبت مطلقا إلا في الفرض، وذلك لا يكون إلا فيما فرضه الله كشهر رمضان إما أداء وإما قضاء، وإلا -مع احتمال الخلاف والنزاع- فيما نذره المسلم إذا نذر أن يصوم شهرا كاملا أو أن يصوم أسبوعا كاملا صار فرضا عليه لزاما أن يصوم هذا الشهر أو هذا الأسبوع.
    أما في ما لم يفرض عليه مثل ما نحن فيه الآن صيام عاشوراء عرفتم أنه يكفر السنة الماضية ولكن ليس فرضا.
    كذلك عرفة، قد يصادف عرفة أن يكون يوم السبت، هل يصام؟ لا يصام، إلا في ما أفترض عليكم، الحديث صريح.
    يوم الاثنين إذا صادف يوم عيد كما صادف في العيد الماضي يوم خميس، يوم الخميس أيضا من الأيام الفاضلة التي حضّ الشارع الحكيم صيامه أيضا فإذا صادف يوم عيد يوم الاثنين أو يوم الخميس فهل نُغَلِّب الفضيلة أم النهي عن الفضيلة؟
    تُحل المشكلة بقاعدة علمية فقهية أصولية وهي:
    إذا تعارض حاظرٌ ومبيح قُدِّم الحاظر على المبيح.
    إذا تعارض نصان –هذه قاعدة مهمة جدا- نهى عن كذا وفعل كذا، نهى أن يتزوج بأربع وتزوج بأكثر من أربع، نهى عن الشرب قائما وشرب قائما، أشياء كثيرة وكثيرة جدا، يُغلَّب الحاظر على المبيح، الآن هنا أمام مشكلة إذا كان يوم عاشوراء يوم السبت فلا يصام لأنه ليس فرضا.
    فكما عالجنا مشكلة يوم الاثنين أو يوم الخميس ليوم عيد غلَّبنا النهي على فضيلة الصيام لأنه عرض هذا النهي قلنا: لا نصوم يوم الاثنين ولا يوم الخميس إذا وافق يوم عيد، كذلك لا نصوم يوم السبت إذا وافق يوم فضيلة.
    كثيرا ما نُسأل إنسان يصوم أفضل الصيام بنص حديث الرسول صيام داوود عليه السلام يصوم يوما ويفطر يوما، فقد يصادف يوم سبت، هل يصومه؟ نقول:لا، لأن هذا ليس فرضا، إذن دَعْهُ.
    كذلك يصادف يوم من الأيام البيض ثلاثة عشرة، أربعة عشرة، خمسة عشرة، يوم سبت هل نصومه؟ الجواب:لا.
    وهكذا خذوها قاعدة واستريحوا: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما أفترض عليكم.
    فإذا اعترض عليكم معترض فأتوه من باب العيد، ولا محيص له عنه إطلاقا، ولا يستطيع أحدا أن يؤثر صيام يوم العيد صادف فضيلة كيوم الاثنين أو يوم الخميس، ماذا يفعل هنا المعترض إذا كان عالما؟ يرجع على عقبيه؛ يقول ما نصومه، لماذا؟ لأنّ الرسول نهى عن صيام يوم العيد، إذن قدم النهي عن الفضيلة، هذه قاعدة مطردة فاستريحوا.
    هذا الذي أردت أن أذكر به بمناسبة حديث أبي قتادة الذي جمع فيه فضيلة ثلاثة أيام، كيف تعالج هذه الفضائل إذا تعارضت مع نهي؟ النهي يقدم عن الفضل.
    ولكن قد ذكرت سابقا وأعيد التذكير والذكرى تنفع المؤمنين به أنهي هذه الجلسة التي خاصة بي أنا، فأقول قال عليه الصلاة والسلام «من ترك شيئا لله عوَّضه الله خيرا منه» فالمسلم الذي ترك صيام يوم الاثنين أو صيام يوم الخميس؛ لأنه صادف نهيا، هل ترك صيام هذا اليوم أو ذاك عبثا أم تجاوبا مع الشارع الحكيم مع طاعة رسوله الكريم؟ مع طاعته عليه الصلاة والسلام، إذن هو ترك صيام هذا اليوم لله، فهل يذهب عبثا؟ الجواب: لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال «من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه».
    فأرجو أن تحفظوا عني هاتين الكلمتين، من عارضكم كيف تترك صيام عاشوراء يكفر السنة الماضية ويوم عرفة يكفر السنتين من أجل هذا الحديث، يا أخي هذا حديث غريب هذا حديث شاذ.
    هذا الحديث صحيح وكل من يضعه فهو الضعيف المضعّف؛ لأنه يضعف بدون علم.
    فالشاهد فمن عارضكم، عارضوه لماذا لا تصوم يوم الاثنين يوم عيد، يقول لأنه نهى عن صوم يوم العيد، جوابنا هو جوابك تماما.
    واحفظوا الأمر الثاني وهو حديث الرسول «من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه».
    نحن واقعنا الآن أو اليوم إن كان يوم عاشوراء يوم الجمعة كما هو التقويم الأردني، فنحن سنصوم غدا لأننا صمنا يوم خميس فإننا أدركنا كفارة سنة، وإن كان كما جاءنا عن السعودية بأن عاشوراء هو يوم السبت فنحن تركناه وما خسرنا.
    على كل حال نحن كما يقول المثل الشامي: مثل المنشار يأكل على الطالع وعلى النازل، فنحن رَبْحَانِين سواء كان عاشوراء غدا أو بعد غدا؛ لأنه إذا كان غدا فنحن نصومه لأننا قدما قبل يوم الجمعة يوم الخميس، وإن كان بعد غد فنحن تركناه لله وسيعوضنا الله خيرا منه.
    هذا الذي أردت أن أذكركم به.
    وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

    نقلا من الشريط رقم 380 من سلسلة الهدى والنور

    السائل: بالنسبة لمسألة صيام السبت هذه إنها تكاد تكون جديدة عن الأفهام فاعترضها بعض المنتسبين للعلم في مصر، فنرجوا الإفاضة -الحقيقة- عن هذه المسألة، والإجابة عن الشبهات التي تعترض هذا الحكم، لاسيما أحيانا يوم السبت قد يوافق يوم عرفة وقد يوافق يوم عاشوراء؟
    الشيخ: الحقيقة أن هذه المسألة لكثرة ما سُئلت عنها وأجبت عنها تارة بالتفصيل دون مناقشة أو مجادلة، وتارة مع التفصيل مع تلقي الاعتراضات والأسئلة، ومن هذا النوع ما كان في هذه السّفرة الأخيرة في المدينة المنورة، وقد كان في ذلك المجلس بعض أفاضل أهل العلم من الدكاترة وغيرهم من المدرسين في الجامعة الإسلامية، فلا أدري من المفيد أن نخوض مرة أخرى في مثل هذه المسألة، وإن كانت النفس لا تنشط عادة لتكرار ما مضى فيه البحث مرارا وتكرارا، وعلى كل حال فأنا أَكِلُ، أقول لعل عند الأخ هنا أشرطة، ومع ذلك فأنا معكم إن رأيتم أن نخوضها مرة أخرى فعلتُ إن شاء الله وأرجو من الله التوفيق.
    ترى ذلك؟
    السائل: نعم جزاك الله خيرا.
    الشيخ: القضية في الواقع كما أشرت إليها في مطلع كلامك أنها مفاجئة بالنسبة لعامة الناس وبخاصة الذين لا يُشغلون أنفسهم بدراسة السنة، وإنما هم قد يراجعون من كتب السنة ما يوافقون فيها مذاهبهم وعاداتهم وتقاليدهم، وهذا الحديث كان في الحقيقة مع أنه قد ورد في بطون كتب السنة التي حفظها الله تبارك وتعالى لنا من باب حفظه للقرآن الكريم، كما قال عز وجل ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾[الحجر:9]، قد كان هذا الحديث محفوظا في كتب السنة، ولكن لما كان دراسة السنة كادت أن تُصبح نسيا منسيا في آخر الزمان هذا، ولذلك ما إذا أثير مثل هذا الحديث المحفوظ في بطون الكتب جاء غريبا على أذهان الناس، وبخاصة إذا كان مخالفا لما جاء في بعض المذاهب وما كان مخالفا لما اعتادوا عليه من العبادات سواءً ما كان منه من السنن أو المستحبات.
    ويعود عهدي للانتباه لهذا الحديث حينما كنت شرعت بتخريج منار السبيل في الكتاب المعروف لدى طلاب العلم اليوم بإرواء الغليل في تخريج منار السبيل فقد مر هذا الحديث في ذاك الكتاب -منار السبيل- وهو في الفقه الحنبلي فوجدت نفسي مضطرا للعناية به، فجريت على تخريجه تخريجا علميا كما هو ديدني بالنسبة للأحاديث التي نتبناها تصحيحا أو تضعيفا، فوجدت هذا الحديث من الناحية الحديثية لا مناص للباحث من تصحيحه؛ لأن له طرقا كثيرة وبعضها صحيح لا إشكال ولا ريب فيه، وذلك كله مشروح في الكتاب المشار إليه إرواء الغليل.
    وبعد أن اطمأننت لصحة الحديث كان لابد لي من التوجه لدراسة الحديث من الناحية الفقهية، وجدت الحديث صريح الدِّلالة لا يقبل نقاشا ولا جدلا في أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى فيه عن صيام يوم السبت إلا في الفرض فقال عليه الصلاة والسلام –نذكر هذا الحديث تذكيرا للحاضرين، وتنبيها للغافلين- فقال عليه الصلاة والسلام «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما أفترض عليكم ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه»، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه،لم يقتصر هذا الحديث على الأمر بالإفطار يوم السبت إلا في الفرض؛ بل أضاف إلى ذلك تأكيدا بالغا بقوله عليه الصلاة والسلام (ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة) ولحاء الشجرة هو القشر الذي ليس من عادة الناس أنْ يستفيدوا منه إلا حطبا للنار، بالغ الرسول عليه الصلاة والسلام في الأمر بالإفطار يوم السبت فقال (ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه) فتأملت في هذا الحديث فوجدته نصا صريحا في أنه لا يجوز صيام يوم السبت إلا في الفرض.
    وكلمة (الفرض) هنا لا يقتصر كما توهم بعض الدكاترة الصوم في رمضان فقط، بل هو أعم من ذلك؛ لأن من الفرض قضاء مما عليه من رمضان، ومن الفرض مثلا صيام أيام التشريق لمن لم يجد الهدي بالنسبة للمعتمر، وهكذا من الفرض من كان نذر عليه صياما معينا فعليه أن يلتزم ذلك؛ لأنه بالنذر صار فرضا، وهكذا.
    والشاهد أن هذا نقطة وقفنا عندها لأننا وجدنا بعضهم يتوهم أن هذا الاستثناء ينحصر في رمضان فقط، والأمر أوسع من ذلك؛ ولكنه مع هذه التوسعة فيما يتعلق فيما كان فرضا، فهذا الاستثناء ينفي بكل صراحة ما لم يكن فرضا.
    على ذلك تأتي الإشكالات التي أشار إليها أخونا أبو إسحاق آنفا فإذا اتفق صوم يوم عرفة يوم السبت فماذا يفعل المتسنن والمتّبع لهذا الحديث الصحيح بعد أن يتفهّم معناه؟
    فنحن نقول كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام (إلا فيما افترض عليكم) وصيام يوم عرفة مع الفضيلة المعروفة في السنة فهو ليس فرضا، كذلك إذا اتفق مثلا يوم عاشوراء كان يوم سبت، الجواب هو الجواب.
    وقد قربنا هذه المسألة لبعض المتوقِّفين عن العمل بهذا الحديث الصحيح الصريح، قربنا لهم ذلك بمسألتين اثنتين:
    الأولى تتعلق بقوله عليه الصلاة والسلام «من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه» وقلت بكل صراحة إن الذي يفطر مثلا يوم عاشوراء أو يوم عرفة لموافقته ليوم السبت لا يتركه كسلا ولا هملا ولا رغبة عن الفضل الوارد لصيام يوم عاشوراء وفي صيام يوم عرفة وإنما يترك ذلك لله، وإن الأمر كذلك فالذي يفطر يوم عرفة لموافقته ليوم السبت يكون أجره عند الله عز وجل -فيما نحسب- أكثر من الذي يصومه لأن الذي أفطره، أفطره وتركه وترك صيامه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي نهيه عن صوم يوم السبت إلا فيما أفترض علينا، أما الذي صامه فقد صامه رغبة في الأجر المنصوص عليه في الحديث.
    ولكن هنا لابد لنا من لفتة نظرٍ إلى مسألة فقهية هامة أصولية هامة، ثم يأتي الأمر الثاني الذي أشرت إليه آنفا، إذا تعاض حكمان أو حديثان من الأحاديث الصحيحة عن الرسول عليه السلام أحدهما يبيح شيئا والآخر ينهى عنه أو يُحَظِّر عنه أو يحرمه، فهنا من قواعد التوفيق في علم أصول الحديث أنه يُقدَّم الحاضر على المبيح.
    الآن في الصورة السابقة صوم يوم عاشوراء أو صوم يوم عرفة وقد اتفقا مع يوم السبت، وقد نهينا عن صيام يوم السبت كما ذكرنا حينئذ لا بد من تطبيق القاعدة التي ذكرت آنفا؛ تقديم الحاضر على المبيح، يقول لا تصوموا يوم السبت إلا في الفرض، ويوم عاشوراء ويوم عرفة ليس فرضا هو مباح بل هو مستحب، لكن إذا تعارض الحاظر والمبيح قُدِّم الحاضر على المبيح، قربنا لهم بالحديث الذي ألمحت إليه أولا وهو الشيء الثاني الحديث الأول «من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه».
    الشيء الآخر وهو مهم جدا ولعله يزيل الإشكال والاضطراب من بعض الأذهان إذا اتفق يوم الاثنين ويوم خميس يوم عيد، وكلنا يعلم إن شاء الله أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم العيد؛ عيد الفطر أو عيد الأضحى، فهما يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما كما جاء ذلك في صحيح البخاري وغيره، فإذا اتفق يوم العيد يوم الاثنين أو يوم الخميس أيهما يقدم على الآخر وقد كان الجواب مع الحاضر من المشايخ والدكاترة أنه يقدم النهي هاهنا على فضيلة صيام يوم الاثنين وصيام يوم الخميس، فسألناهم تحت أي قاعدة يدخل جوابكم هذا –وهو صحيح- حينما قدمتُم النهي عن صوم يوم العيد على فضيلة يوم الاثنين ويوم الخميس، أليس أنكم قدمُتم الحاظر على المبيح؟ لقد أقروا على ذلك، فقلنا لهم ما الفرق حين ذاك بين أن يتفق يوم سبت مع يوم عرفة أو يوم عاشوراء، لا فرق بين هذه الصورة والصورة التي اتفقنا جميعا على تغليب الحاظر على المبيح؛ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يومي العيد وحضّ على صوم يوم الاثنين والخميس فاتفق صوم يوم العيد يوم خميسٍ أو يوم اثنين، ماذا فعلنا هنا؟ كما قلت آنفا قدمنا الحاظر على المبيح.
    وشيء آخر ربما لم أذكره في ذلك المجلس وألهمني الله عز وجل أن أذكره الآن وهو إن صوم يوم الاثنين والخميس أمر عام؛ أي كلما تردد يوم الاثنين بتردد الأسبوع وكذلك الخميس، أستحب للمسلم أن يصومهما، فكأن هذا هو نص عام أن يصوم المسلم كل يوم خميس كما ثبت على الرسول عليه السلام وكل يوم اثنين، فإذا جاء النهي فذلك من باب الاستثناء للقليل من الكثير، وهذا من جملة الطرق التي يوفق العلماء بها بين الأحاديث التي يظهر التعارض بينها أحيانا. فإذن أصل الحض على صيام يوم الاثنين والخميس فإذا تعرض هذا الأصل مع نهي عارضٍ، هنا يعرض يوم السبت وهناك يعرض يوم العيد فقدمنا العارض على الأصل جمعا بين النصوص.
    لهذا أنا أقول بأنه لا إشكال إطلاقا في إعمال هذا الحديث على عمومه، وهو قولٌ قد قال به بعض من مضى من أهل العلم كما حكى ذلك أبو جعفر الطحاوي في كتابه شرح معاني الآثار.
    فلا ينبغي للمسلم بعد مثل هذا البيان أن يتردد أو أن لا يبادر إلى الانتهاء عما نهى الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم عنه ركونا منه إلى القاعدة العامة وإلى الفضيلة الخاصة التي جاءت في بعض الأيام الفضيلة، ولكنها تعارضت مع نهي خاص، فهذا النهي إذن مقدم أولاً لأنه خاص والخاص يقضي على العام، ولأنه حاظر والحاظر مقدّم على المبيح، وقبل ذلك كما ذكرنا لكم في مطلع هذا الجواب «من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه».
    لذلك لن يطمئن القلب ولم ينشرح الصدر للذين تأولوا حديث النهي عن صيام يوم السبت بأنه مقصود منفردا، فإذا انضم إليه يوم آخر جاز لسببين اثنين:
    أحدهما يمكن أن نستشفه من الكلام السابق وهو أنّ الحاظر مقدم على المبيح.
    والشيء الثاني أنّ هذا التقييد معناه الاستدراك أو لنقل بما هو ألطف من ذلك معناه أنه شبه استدراك على استثناء الرسول عليه الصلاة والسلام وبدون حجة قوية ملزمة: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم وإلا مقرونا بغيره. هذا أعتبره شبه استدراك، على من؟ على أفصح من نطق بالضاد وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان حديث (أنا أفصح من نطق بالضاد) من حيث الرواية لا أصل له، لكن من حيث الواقع لا شك أنه عليه الصلاة والسلام أفصح من نطق بالضاد، وإذا كان الأمر كذلك فالاستدراك عليه بمثل هذا الاستثناء الثاني -لا تصوموا يوم السبت إلا فيما أفترض عليكم وإلا مقرونا بغيره- تُرى هل من شك في أن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان يريد هذا الاستثناء الثاني -إلا مقرونا بغيره- أليس يكون أفصح من أن يقتصر عليه السلام على قوله إلا فيما أفترض عليكم؟ الذين ذهبوا إلى هذا التقدير الثاني الذي استهجن نسبته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولو في المعنى وليس في اللفظ إنما يحتجوا بحديث جويرية كما دخل عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي صائمة يوم الجمعة قال لها «أَصُمتى أمس» قالت: لا، «تريدين أن تصومي غدا» قالت: لا، قال لها «فأفطري»، وكذلك حديث مسلم «لا تختصّوا ليلة الجمعة بقيام ولا نهارها بصيام، ولكن صوموا يوما قبله أو يوما بعده» والجواب على هذا أظن أيضا سبق فيما تقدّم من الكلام؛ إنّ هذا الحديث يبيح صيام السبت إذا ما صام الإنسان يوم الجمعة، فهنا يعترضنا صورتان تتعلقان في صيام السبت:
    إما أن يكون قد صام يوم الجمعة فحينئذ تنفيذا لهذا الأمر لا بد أن يصوم يوم السبت.
    والصورة الأخرى أن يصوم يوم السبت ومعه الأحد وليس معه الجمعة، هذه الصورة الثانية لا دليل عليها إطلاقا؛ صيام يوم السبت وصيام يوم الأحد، أما صيام يوم السبت من أجل الخلاص أو التخلص من صيام يوم الجمعة المنهي صومه مفردا، فهذا فيه هذا الحديث، فلو كان لنا أن نقف عند هذا الحديث ولا نطبّق القاعدة السابقة ولا بد منها وهي أن هذا يبيح لمن يريد أن يصوم يوم الجمعة أن يصوم يوم السبت، لكنّ الحديث الذي نحن بصدد شرحه والكلام عليه قلنا أنه حاظر والحاظر مقدّم على المبيح، فلو أردنا أن نُعمل حديث جويرية وما في معناه إعمالا خاصا، حينئذ لا ينبغي أن نضرب حديث النهي عن صوم يوم السبت مطلقا، وإنما نقول نستثني أيضا هذه الصورة الخاصة وهي صيام يوم الجمعة مع يوم السبت.
    هذا إذا لم يمكن وإذا لم يمكن تطبيق قاعدة الحاظر مقدم على المبيح، وذلك ممكن.
    هذا ما لديّ حول هذا السؤال، فمن كان عنده شيء من العلم نستفيده، أو من السؤال يوجهه، فننظر فيه ونرجوا الله عز وجل أن يوفقنا جميعا لمعرفة الحق والعمل به، ولكني أقول شيئا: ما دام أن السؤال مصري فأرجو أن نسمع من ممثل أهل مصر إن كان عنده شيء هذا من باب التقديم للأَولى، فإن كان ليس عنده شيء فكما قلت الأمر مشاع.
    السائل: ليس عندي شيء.
    سائل: ...النهي عن صيام يوم السبت عام، وصيام يوم الجمعة ويوم قبله أو بعده خاص، فنخصص صيام يوم السبت.
    الشيخ: سؤالك سبق الجواب عليه بارك الله فيك. أو ما انتبهت؟
    أنا قلت أخيرا، وأكرر ما قلت: «حديث صوموا يوما قبله ويوما بعده»، قلت إذا لم نعمل قاعدة الحاظر مقدم على المبيح تبقى هذه الجزئية خاصة وهو أن يصوم يوم السبت، أما جاء يوم عرفة وما صمنا شيئا فنصوم يوم عرفة واليوم يوم سبت؟ الجواب:لا، الحاظر مقدم على المبيح.
    لكني ينبغي أن أقول من سلم بهذا فينبغي أن يسلم أيضا بخلاف ما ذكرت آنفا وأنا أجبت عنه، قلت آنفا يمكن أن يقال أن صوم يوم الجمعة مع يوم السبت مستثنى، طيب، لكن هل هذا تخريج صحيح من الناحية العلمية الأصولية؟ الجواب:لا، لأن الإذن بصوم يوم السبت مع الجمعة هو إذنٌ وليس من باب الإيجاب، واضح إلى هنا، وإذا الأمر كذلك فلا فرق بين أن تصوم يوم عرفة أو يوم عاشوراء يوم السبت وبين أن تصوم يوم السبت مع يوم الجمعة؛ لأن كل هذه الصيامات -إذا صح التعبير- داخلٌ في الإباحة وفي الإذن، وإذا تعارض المباح أو المبيح مع الحاظر قُدِّم الحاظر على المبيح، واضح الجواب بالنسبة لسؤالك؟
    السائل: لكن يا شيخ...
    الشيخ: أسألك قبل أن تقول فيه أو ما فيه: واضح الجواب؟
    السائل: واضح الجواب.
    الشيخ: الأمر هنا للوجوب أو للاستحباب؟
    السائل: النهي عن صوم يوم السبت؟
    الشيخ: بمعنى أنا أجيب لك صورة إنسان يريد أن يصوم يوم الجمعة وهو يعلم أن بعده يوم السبت زائد يعلم أن يوم السبت منهي عن صيامه، أيجوز له أن يصوم يوم الجمعة ليتبعه بصيام يوم السبت وهو مستحضر أنه قد نُهي عن صيام يوم السبت؟ واضح هذا السؤال؟ وأظن الجواب أنه لا يجوز له.
    طيب غيره، تفضل.
    سائل: ...هل يجوز له أن ينذر صيام يوم السبت؟
    الشيخ: لا، ما يجوز أن يتقصّد ذلك لكن إن وقع له وجب الوفاء به.
    السائل: فهل هو نذرا في طاعة الله، يعني يلزمه الوفاء؟
    الشيخ: إذا نذر وهو يعلم لا يكون نذر طاعة، ولكن كما أنت تعلم الآن بدون نذرٍ يصومون يوم السبت بمناسبة من المناسبات التي ذكرناها، فهل نقول هذا الصيام صيام معصية بالنسبة لأولئك الناس؟ لا نقول لهم أنه صيام معصية، أما بالنسبة إلينا وقد عرفنا نهي الرسول عليه السلام عن صيام يوم السبت، فهو بالنسبة إلينا معصية، يعني قضية تدخل في موضوع أنه ليس لأحد من المسلمين أن يفرض رأيه فرضا على عامة المسلمين، وإنما هو يعرض ما عنده من العلم فمن اقتنع به فَبِهَا، ولزمه ما يلزم المقتنع الأول وإلا فهو يمشي على قناعته السابقة.

    نقلا من الشريط رقم 7 من فتاوى جدة

    السائل: شيخ، توضيح مسألة صيام يوم السبت في غير الفريضة، توضيح...
    الشيخ: إذا ذكرتنا بالحديث أو الأحاديث المعارضة أو بحديث من الأحاديث المعارضة بكرت بالجواب.
    الشيخ: أيوى حديث جويرية.
    السائل: إي نعم.
    الشيخ: هنا فيه تعارض ولا شك نطبق القواعد، حديث جويرية ماذا يفيد؟ هل يفيد وجوب صيام يوم السبت؟
    السائل: ما فيه.
    الشيخ: طيب، وحديث لا تصوموا يوم السبت يفيد ماذا؟
    السائل: النهي.
    الشيخ: النهي، وإذا تعرض مبيح وحاظر ما ذا يُقدم؟
    السائل: الحاظر.
    الشيخ: فكفى الله المؤمنين القتال.
    وكيف لا.
    السائل: لا يصام يوم السبت إلا في الفريضة أو الـ...
    الشيخ: في الفريضة، لا يصام يوم السبت إلا في الفريضة، ولذلك وضعت في السؤال هل صيام يوم السبت واجب؟ قلنا: لا، إذن لا يصام لدلالة الحديث.
    السائل: إذا وافق يوم السبت عاشوراء؟
    الشيخ: لا يصام، لا يصام لا يوم عاشوراء ولا يوم عرفة ولا يوم من وسط الشهر أيضا الأيام البيض، ما طابق وما وافق يوم السبت، لقوله عليه السلام الصريح «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما أفترض عليكم» تأكيدا يقول وهذا شيء عظيم «ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه»، يؤكد الفطر.
    لكن هناك شبهة يجب الإطاحة بها وهي: كيف نحن نخسر فضيلة صوم يوم بسنة؛ كفارة سنة، أو فضيلة صوم يوم بكفارة سنتين؛ الأول صيام عاشوراء والثاني صيام عرفة.
    الجواب لا نخسر شيئا هذا وهم بسبب الجهل ولا أقول بسبب الغفلة، الغفلة أحيانا تعتري بعض الناس، لكنه سرعان ما يستيقض، أما الجاهل فيحتاج إلى ملاحقة بالتنبيه والتنبيه حتى يستقيم فهمه، الغافل إذا قيل له، الولد يقال لصاحبه الصغار الصبيان: قنطار من قطن أثقل ولّى من رصاص؟ لا انتاع الرصاص أثقل من قنطار قطن. لماذا؟ لأنّ الرصاص ثقيل لكن غفل عن الوزن، الوزن قنطار!! فقد يكون حجم القنطار من الرصاص هكذا، لكن [...] من القطن هذا وَهْم وغفلة، لكن هنا يجب التنبيه إلى ما يشبه هذه الغفلة، يشبه لكن هو جاهل، الجاهل بقوله عليه السلام، وقد يكون غفلة، معي هنا نكتة أذكرها الآن بعض المشايخ السلفيين في دمشق الشام كانوا إذا جلسوا يتندرون بمواقف الخرافيين والصوفيين يقولون: والله عجيب موقف هؤلاء ما نعرف لما نحدثهم بقال الله وقال الرسول وقال أصحاب رسول الله إلى آخره، ما يفيد فيهم شيء ويظلون عند جمودهم، فما ندري أن هذه غفلة ولى تلبسة؛ تلبسة يعني شيطنة بلاهة ولى شيطنة. ناس يقولوا شيطنة، فقال أحدهم يا أخي يجتمعان. فحل المشكلة، يجتمعان، فقد تجتمع الغفلة والجهل في الحديث الآتي وهو قوله عليه السلام «من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه» هذا ليس حديثا اكتشفناه من بطون المخطوطات التي لم تقع عليها أعين أكثر العلماء فضلا عن غيرهم، بل هو حديث معروف؛ لكن مع كونه معروفا عند بعض أهل العلم فقد كاد أن يصير نسيا منسيا، هنا تأتي مناسبته؛ أنت إذا تركت صيام يوم السبت تجاوبا مع قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «لا تصوموا يوم السبت» فقد تركت صيام يوم السبت لله تبارك وتعالى فالله يعوضك خيرا منه، فإذن أنت واهم حينما تقول: خسرتُ صيام يوم يساوي كفارة سنة أو صيام يومين يساوي كفارة سنتين. الوهم، يجب أن تتذكر هذه الحقيقة ألا وهي «من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه»، هذا في العبادات وما بالكم في الماديات، من ترك الحرام عوضه الله خيرا منه كما قال عليه الصلاة والسلام «فإن ما عند الله لا ينال بالحرام» قد غفل أيضا جماهير المسلمين الذين يتعاملون مع البنوك الربوية، فلكني حينما أقول الربوية ليست صفة كاشفة؛ لأن الصفة الكاشفة تعني أن هناك بنوك غير ربوية، أنا لا أعتقد أن هناك بنوك غير ربوية، فهؤلاء الذين اُبتلوا بإيداع الأموال في البنوك إذا ما ذكرتهم بالله وخوفتهم بعاقبة الربا وبقوله عليه السلام خاصة «لعن الله آكل الربا أو موكله وكاتبه وشاهديه» يقول لك يا أخي شو بدك نعمل نحن نخشى أن الأموال لو وضعناها في بيوتنا أن يسطوا علينا السفاكون واللصوص ووو إلى آخره، هذا كأنه لم يقرأ قوله تعالى ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا(2)وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾[الطلاق:2-3] كأنه لم يقرأ هذه الآية أو قرأها فعرفها ولكنه لم يؤمن بها، وهذه المشكلة التي قد يقع فيها كثير من الناس يعرفون أحكام الله ثم ينكرونها، اليهود وصفهم الله عز وجل في القرآن الكريم بأنهم بالنسبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ليسوا جاهلين بحقيقة أمره وبأنه نبي صادق وأنه هو نبي مبشر به في الكتب السابقة على القرآن الكريم، ما يجهلون ذلك بل يعرفونه كما قال عليه السلام في القرآن ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾( ) لكن المعرفة شيء والإيمان شيء آخر، فلذلك فمعرفة هؤلاء الأولياء الذين يودعون أموالهم في البنوك ويساعدون البنوك على أن تقوم قائمتها، هؤلاء يعرفون الحكم الشرعي وأن الربا من أكبر الكبائر، لكنهم لا أدري والله نقول عنهم لا يؤمنون لأنهم لو آمنوا لاستجابوا فسحبوا أموالهم وأودعوها في مكان حريز أمين، وليس كما يتوهمون أنه يجب أن يضعوا هذا المال في مكان مكشوف واضح ويضع عليه علم يرفرف مكتوب عليه هنا كنز ثمين...
    هكذا يتخيلون كأنهم يرفعون أعلاما على أموالهم إذا ما ودعوها في مكان حريز أمين.
    المهم أننا يجب أن نتذكر دائما في معاملاتنا وفي أحكامنا الشرعية قوله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا(2)وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
    نقلا من الشريط 18 من فتاوى جدة

    السائل:......لاسيما إن وافق يوم فضل كيوم عاشوراء أو يوم عرفة، وما قولكم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أأصوم الدهر؟ قال «لا تطيق ذلك»، أأصوم ثلاثة أيام كل شهر؟ ثم قال له يوم الخميس؟ ثم قال «تصوم يوما وتفطر يوما فإن ذلك سنة داوود عليه السلام»
    الشيخ: كل هذه الأدلة بل جلها استدلال بعمومات معارضة للحديث الخاص، وهذا لا يجوز، بعض الأدلة التي جاء ذكرها أو الأحاديث التي جاء ذكرها في سؤالك هذا يُردّ على السائل بالتالي: أرأيت لو أفطر حسب نظامه يصوم يوما ويفطر يوما كان فطره قبل يوم العيد، نفترض أن يوم العيد كان يوم الثلاثاء فأفطر على قاعدة يصوم يوما ويفطر يوما، فأفطر يوم الاثنين وهو معلوم أنه يوم فضيلة، وهذا مثال ولا يقصد بالمثال التحديد، فلنقل مثلا أفطر يوم الأحد ثم جاء يوم الاثنين ويشرع صيام الاثنين لكن اتفق أنه يوم عِيد، فهنا وجد مسوغان للصيام المسوغ الأول هو صوم يوم الاثنين، والمسوغ الثاني هو أنه أفطر يوم الأحد، ومن عادته أنه يفطر يوما ويصوم يوما، فهل يصومه سيكون جواب الجميع لا يصومه، فماذا فعلنا بالأحاديث التي تحضّ على صيام الاثنين والأحاديث التي ذكرتْ وذكرتَ أنت طرفا منها صم يوما وأفطر يوما فإنه أفضل الصيام وهو صوم داوود عليه السلام، ماذا نفعل مع هذه الأدلة العامة؟ نقيدها ونقول صم يوما وأفطر يوما إلا إذا صادفت في صيامك صوم يومٍ منهي عنه، أليس هكذا نوفق؟ كذلك الجواب عن مشكلة الحديث الذي لا يزال الناس يتجادلون فيه؛ وهو نص صريح لا يقبل الجدل إطلاقا لولا غلبة العادات، صيام الأيام البيض؛ ثلاثة أيام صادف يوم السبت، صيام يوم عاشوراء، صيام يوم عرفة صادف يوم السبت، لم يعد الناس يستطيعون أن يهضموا بعض الأحكام الشرعية لغلبة العادات على الناس، وها نحن قد أجبناكم عن حل مشكلة تقع في التوفيق بين المستحب من العبادات والمنهي عنها، فقلنا النهي مقدم، وهذا يعبر عنه بعض علماء الأصول بأنه: إذا تعارض مبيح وحاظر قدم الحاظر على المبيح. فالأمثلة كثيرة وكثيرة جدا، أهمها لإبراز كيفية التوفيق بين الأحاديث المتعارضة في أذهان بعض الناس ما صوّرته لكم آنفا، رجل يصوم يوما ويفطر يوما اتفق أنه أفطر يوم الأحد، وعليه بالنظر لعادته أن يصوم يوم الاثنين، ويوم الاثنين له فضيلة خاصة كما هو معروف في السنة، لكن هذا اتفق أن هذا اليوم كان يوم عيد، أفيصومه كان؟ الجواب: لا، ولا أحد يخالف في هذا.
    ما هي القاعدة التي يستند إليها العلماء في مثل هذا الموقف؟ صوم يوم الاثنين لوحده مشروع، وبخاصة إذا جاء حتى الترتيب الذي جرى المعتاد أن يفطر يوما وأن يصوم يوما، ما هي القاعدة التي جرى عليها العلماء؟ هي الحاضر مقدم على المبيح.
    فالآن لا شجاعة ولا بطولة علمية أن نكثّر الأمثلة لضرب حديث «لا تصوم يوم السبت» فنقول مثلا:
    اتفق أن يوم السبت كان يوم عاشوراء لا نصومه؟ خسارة كفارة سنة.
    اتفق أن يوم عرفة يوم سبت، لا نصومه، خسارة كفارة سنتين، كذلك الأيام البيض ونحو ذلك.
    الجواب الحاضر مقدم على المبيح، ثلاثة الأيام البيض اتفق أنه يوم سبت دعه، عاشوراء يوم السبت دعه، عرفة يوم السبت دعه، ولستَ بالخاسر، وهذه يجب أنْ نتنبه لها، لماذا؟ لأنك أولا وقفت عند نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤكَّد حيث قال «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما أفترض عليكم ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه»، هذا تأكيد للنهي، وأنكَ يجب عليك يوم السبت أن تؤكد للناس أنك مفطر ولو كان يوم فضيلة في الأصل، اتفق عاشوراء مع السبت، عرفة مع السبت، يوم من الأيام البيض مع السبت، إلى آخره، فأنت تدع صيام هذا اليوم وقوفا مع نهي الرسول عليه السلام عنه، فهل نتصور من قدم الحاظر على المبيح أنه خسر؟ ففكروا في المثال الأول؛ يوم الاثنين يوم عيد فهل نصومه؟ لا، هل خسر؟ الجواب: لا، لم؟ احفظوا هذا الحديث من كان منكم لا يحفظه وليتذكره من كان يحفظه ألا وهو قوله عليه السلام «من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه»، الذي ترك صيام يوم الاثنين لموافقته يوم عيد، وامشوا بالأمثلة ما شئتم، هل هو خسر أم ربح؟ الجواب ربح، لماذا؟ لأنه كان ناويا أنْ يصوم هذا اليوم لو لا أنه جاء النهي عن صيام هذا اليوم، فقُدِّم النهي على المبيح.
    فإذن يصدق على كل من ترك صيام يوم له فضيلة خاصة؛ لأنه اتفق أنه كان يوم سبت، فحينئذ يصدق عليه قوله عليه السلام «من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه».
    فنسأل الله عز وجل أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يزيدنا علما، وأن يلهمنا العمل فيما علمنا إنه سميع مجيب، وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

    نقلا من الشريط رقم 24 من فتاوى جدة

    السائل: ما قولكم في الحديث الذي جاء فيه «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما أفترض عليكم» هل هذا صحيح أم لا؟ وهل نصوم في يوم الوقفة وغيره؟
    الشيخ: هناك تساجيل معنا قريب كنا في جمع مبارك، وجرى بحث طويل في هذه المسألة، وهناك بعض إخواننا يسجلون مثل هذه المجالس الطيبة إن شاء الله، وخلاصة ذلك أنّ هذا الحديث حديث صحيح ونصه «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما أفترض عليكم ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه»، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه، والأيام الفضيلة التي لها فضائل خاصة كيوم عرفة عاشوراء والأيام البيض ونحو ذلك، إذا اتفق يوم منها يوم سبتٍ فهنا قاعدة فقهية تقول: إذا تعارض حاظر -أي مانع ناهٍ- مع نص مبيح قُدِّم النص الحاظر على النص المبيح.
    مثاله الذي يقرب لكم هذه القضية إذا جاء يوم الاثنين يوم عيد فهو يوم فضيلة، كذلك يوم الخميس جاء يوم عيد الفطر فهل يصام؟ هل تتغلب فضيلة صيام هذا اليوم على النهي؛ عن صوم يوم العيد، أما العكس هو الصواب؟ لا شك أن الصواب تقديم النهي على فضيلة صيام يوم الاثنين عند التعارض.
    هذا مثال لما يقوله العلماء إذا تعارض الحاضر والمبيح قُدِّم الحاظر على المبيح، ثم لا يتوهمن أحد أن في تقديم الحاظر على المبيح خسارة لفضيلة ذلك اليوم الذي تركناه اتباعا لنهيه عليه الصلاة والسلام، ليس في ذلك شيء من الخسارة كما يتوهم الكثيرون من الناس؛ ذلك لقوله صلى الله عليه وآله وسلم «من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه» فمن وقع في حيص بيص يوم العيد لاتفاق هذا اليوم مع يوم اثنين، فتسائل أصوم يوم الاثنين لفضيلته؟ أم أدعه لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم العيد؟ فترك صيام يوم الاثنين لنهي الرسول عن صوم يوم العيد؟ هنا يأتي الحديث السابق «من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه» فهذا الذي لم يصم يوم العيد مع موافقته ليوم الاثنين لم يخسر بل ربح لشهادة هذا الحديث.
    كذلك نقول لا تصوموا يوم السبت إلا فيما أفترض عليكم فمن ترك صيام يوم نفل له فضيلة لموافقته يوم الاثنين( ) عوضه الله خيرا منه هذا ما يذكر في هذا السؤال في هذا الباب.
    إذا وافق يوم السبت وأنا آسف لأني أخطئ أحيانا لأني أحصر ذهني للوصول إلى الغاية التي أريد أنْ أبينها للناس.
    نقلا من الشريط 29 من فتاوى جدة

    السائل: حديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل على إحدى زوجاته فوجدها صائمة يوم الجمعة ثم قال لها «أصمتي يوما قبله أم تريدين أن تصومي يوما بعده»، فهذا الحديث يا شيخ أشكل عليَّ مع حديث «لا تصوموا يوم السبت» فما هو جوابكم؟
    الشيخ: لا إشكال في هذا وفي أمثاله؛ ذلك لأنّ من القواعد المعروفة في التوفيق بين الأحاديث أنه: إذا تعارض حاظر ومبيح قُدِّم الحاظر على المبيح. فالحديث الذي ذكرتّه هو حديث جويرية رضي الله عنها، الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تصوم إذا صامت يوم الجمعة أنْ تصوم معه يوما قبله أو يوما بعده، الحديث، فهذا يجيز الإباحة وقوله عليه الصلاة والسلام «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما أفترض عليكم» يفيد النهي ويفيد الحظر هنا تطبق القاعدة السابقة إذا تعارض حاظر ومبيح قدم الحاظر على المبيح، فإذن من كان يريد أن يصوم يوم الجمعة فعليه أن يصوم يوم الخميس وإلا لا يصوم يوم الجمعة والسبت؛ لأن حديث النهي عن السبت وقعت الإباحة التي جاءت في حديث جويرية.
    وهذه خطة لا بد للعالم أن يسلكها ليدفع نوعا من التعارض قد يقع في الصائم؛ مثلا نحن نعلم أنّ صيام يوم الخميس مرغوب فيه كيوم الاثنين، فإذا اتفق أنه كان يوم عيد الفطر يوم الاثنين أو يوم الخميس، كذلك يوم من أيام عيد الأضحى كان يوم اثنين أو يوم خميس، فهل يصام؟ حتما سيكون الجواب: لا. فعندئذ ما هو التوفيق بين ما كان معهودا سابقا من شرعية صيام يوم الاثنين والخميس والآن في هذه الصورة لذاتها؟ اختلف حكم يوم الاثنين ويوم الخميس وصار ذلك مما لا يجوز، هو هذه القاعدة إذا تعارض حاظر ومبيح قدم الحاظر على المبيح، صيام يوم الاثنين له فضيلة أو مباح صيامه لكن صوم يوم العيد منهي عنه فقُدِّم النهي على الإباحة وهكذا. نعم
    نقلا من الشريط 31 من فتاوى جدة

    السؤال: ماذا عن صيام يوم السبت ولو في ثلاث الأيام البيض أو عاشوراء أو عرفة.
    الجواب: السؤال مفهوم والجواب كالتالي باختصار لأننا تكلمنا على هذه المسألة كثيرا: قال عليه الصلاة والسلام «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما أفترض عليكم ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه»، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء -أي قشر شجرة- فليمضغه، هذا تأكيد لاستجابة المسلم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإفطار يوم السبت، ولو لم يجد من يشربه أو ما يأكله إلا لحاء شجرة فليمضغه تحقيقا للإفطار، هذا الحديث –اسمعوا- ينهى عن صيام يوم السبت أي وقت صادف؛ أي سواء صادف يوما من الأيام البيض أو صادف يوم عاشوراء أو صادف يوم عرفة وهو اليوم الذي يكفر السنة الماضية والسنة الآتية، حينئذ لابد من إفطار هذا اليوم، وليتذكر أحدُنا صوم يوم الاثنين وصوم يوم الخميس المشروع صيامهما، والمفضل على كثير من أيام الأسبوع صيامهما إذا اتفق يوم الاثنين مع يوم عيد أو يوم الخميس مع يوم عيد، ماذا يفعل المسلم؟ حينئذ لا يصوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم العيد، فحينئذ ما هو الجمع بين فضيلة صوم يوم الاثنين أو الخميس وبين النهي عن صوم يوم العيد؟ الجمع حسب القاعدة الأصولية الفقهية؛ تقول القاعدة: إذا جاء نص حاظر -أي محرِّم- مخالف لنص مبيح قُدِّم النص المحرم على النص المبيح.
    على هذه القاعدة جرى علماء الأصول يقدم النهي على الإباحة فصوم هذه الأيام التي ذكرناها وأفضلها يوم عرفة يُترك إذا صادف يوم السبت لأنه ينهى عن الصيام وذاك يوم مُفَضَّل فعندئذ يقدم الحاظر على المبيح.
    هذا خلاصة الجواب والله أكبر الله أكبر وانصرفن الآن راشدات.
    أعدّ هذه المادّة: سالم الجزائري.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2003
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    278
    بارك الله فيك أخي على هدا الموضوع الماتع و الهام و جعله الله في ميزان حسناتكم و رحم الله العلامة الشيخ ناصر رحمة واسعة
    قال عتبة الغلام : (( من لم يكن معنا فهو علينا ))
    [ الإبانة 2/427 - رقم 487 ]...



    قال شيخ الإسلام " فلا يجوز لنا أن نعدل عن قول ظهرت حجته بحديث صحيح إلي قول أخر قاله عالم قد يكون معه ما يدفع به هذه الحجة وإن كان أعلم إذ تطرق الحطأ إلي آراء العلماء أكثر من تطرقه إلي الأدلة الشرعية فالأدلة الشرعية حجة الله علي جميع عباده بخلاف رأي العالم" رفع الملام




    شعيب بن نور الدين الدكالي

  3. #3
    جزاك الله خير ورحم الله العلا المحد ث الشيخ ناصر الالباني واسكنه في جنة الفردوس.، امين امين امين ..

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 03-21-2010, 03:26 PM
  2. فتاوى في صيام الست من شوال: مجموعة من العلماء الأثريين.
    بواسطة أبوالفاروق العنزي الآثري في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-25-2007, 04:52 AM
  3. جديد /// المجموع البديع في الرد على شنشنة التمييع /// ؟؟؟.....
    بواسطة محمد الصميلي في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 04-15-2007, 09:07 PM
  4. مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 02-17-2005, 08:35 AM
  5. مجموع ما كُتب في إفراد صيام يوم السبت
    بواسطة عبيد الأثري في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-27-2004, 12:56 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •