بسم الله الرحمن الرحيم


تعليق الشيخ تقي الدين الهلالي على كتاب تعريف أهل الإيمان بصحة حديث إن آدم خلق للشيخ حماد الأنصاري


تعليق الشيخ تقي الدين الهلالي على ما جاء في هذه الرسالة و كلامه في المسألة

أقول : قد أجاد أخونا الأستاذ حماد بن محمد الأنصاري ، نزيل المدينة النبوية – فيما جمعه من الأحاديث و أقوال العلماء في معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم : " خلق الله آدم على صورته " ، و قد استوفى الكلام حتى تبين الحق لكل منصف ، و قامت الحجة على كل متعسف ، من نفاة الصفات ، الذين يشبهون الله تعالى بالمعدومات .
و قد ظهر لي أن أضيف إلى كلامه حديثا آخر في هذا المعنى رواه البخاري ، و نصه بعد السند : عن أبي هريرة رضي الله : "
أَنَّ النَّاسَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتْبَعْهُ فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا شَافِعُوهَا أَوْ مُنَافِقُوهَا شَكَّ إِبْرَاهِيمُ فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَنَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ ([1]) ".
قال محمد تقي الدين الهلالي – عفا الله عنه - : تضمن هذا الحديث الشريف ثلاث صفات لله عز وجل :
أولها : إتيان الله تعالى .
ثانيها : الصورة
ثالثها : رؤيته لهم بأبصارهم .
و قد غص بذلك نفاة الصفات المعطلة الجهمية ،و تخطفتهم شياطينهم ، فأخذوا يهرفون و يهذرون بأنواع من التأويلات الباطلة ، التي تضحك الثكلى ، و تكشف عن تمكن البدعة من قلوبهم ، و سريانها في عروقهم و دمائهم . و صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم حين شبه البدعة بداء الكلب ، لا يترك عرقا و لا مفصلا إلا سرى فيه .
و الحق الذي عليه أهل السنة ، من الصحابة و التابعين و الأئمة المجتهدين ، و من تبعهم بإحسان الإيمانُ بكل ما وصف الله به نفسه ، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه و سلم ، مع تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقين ، فيقولون : إن لله وجها و عينين و يدين و قدمين و أصابع ، و كذلك له صورة و علم و سمع و بصر و غير ذلك من الصفات ، لا تشبه صفات الخلق .
و هذا الذي نعتقده و ندين الله به ، حتى نلقاه إن شاء الله ، و من أراد أن يقف على تخبط المبتدعين و هذيانهم ، فلينظر شرح هذا الحديث في فتح الباري "([2]) انتهى



من كتاب " تعريف أهل الإيمان بصحة حديث إن آدم خلق على صورة الرحمن " ضمن مجموع الرسائل الأنصارية في العقيدة من الصفحة 179 إلى 180 طبعة مكتبة الفرقان