بسم الله الرحمن الرحيم


الاختيارات الفقهية لسماحة الإمام ابن باز في الصيام من فتاوى ورسائل الشيخ رحمه الله تعالى

كتاب الحج
1 - أداء الحج واجب على الفور في حق من استطاع السبيل إليه؛ لظاهر قوله تعالى: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين" وقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته: "أيها الناس، إن الله فرض عليكم الحج فحجوا"[1] أخرجه مسلم (16 / 30 ، 358)
2 - وردت أحاديث تدل على وجوب العمرة منها: قوله صلى الله عليه وسلم في جوابه لجبرائيل لما سأله عن الإسلام: قال صلى الله عليه وسلم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء، وتصوم رمضان"[2] أخرجه ابن خزيمة، والدارقطني، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال الدارقطني: هذا إسناد ثابت صحيح. (16 / 31 ، 355)
3 - لا يجب الحج والعمرة في العُمر إلا مرة واحدة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع"[3] (16 / 31)
4 - من اشتدت حاجته إلى الزواج وجبت عليه المبادرة به قبل الحج؛ لأنه في هذه الحال لا يسمى مستطيعاً، إذا كان لا يستطيع نفقة الزواج والحج جميعاً فإنه يبدأ بالزواج حتى يعف نفسه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"[4] متفق على صحته (16 / 359)
5 - لا نعلم في ذلك – الحد بين العمرة والعمرة - حداً محدوداً بل تشرع في كل وقت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"[5] متفق على صحته، فكلما تيسر للرجل والمرأة أداء العمرة فذلك خير وعمل صالح، وثبت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "العمرة في كل شهر" . وهذا كله في حق من يقدم إلى مكة من خارجها، أما من كان في مكة فالأفضل له الاشتغال بالطواف والصلاة وسائر القربات، وعدم الخروج إلى خارج الحرم لأداء العمرة إذا كان قد أدى عمرة الإسلام، وقد يقال باستحباب خروجه إلى خارج الحرم لأداء العمرة في الأوقات الفاضلة كرمضان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عمرة في رمضان تعدل حجة"[6] (16 / 362)
6 - بعض الشباب تتوق أنفسهم للحج خاصة في مجال الدعوة والتوجيه لإرشاد الحجاج لكن يخذلهم بعض الناس وبعض العوام يقولون: "من حج فرضه يقضب أرضه" أو "اترك المجال لغيرك" فما رأي سماحتكم ؟
الأفضل لمن استطاع الحج أن يحج؛ لعموم الأحاديث الدالة على فضل الحج وأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، فإذا كان الحاج من العلماء الذين يدعون إلى الله سبحانه ويفقهون الناس في دينهم وفي مناسك حجهم كان ذلك أفضل وأعظم أجراً.(16 / 364)
7 - أفضل زمان تؤدى فيه العمرة شهر رمضان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عمرة في رمضان تعدل حجة"[7] متفق على صحته، وفي رواية أخرى في البخاري: "تقضي حجة معي"[8] وفي مسلم: "تقضي حجة أو حجة معي "[9] – هكذا بالشك- يعني معه عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك العمرة في ذي القعدة، لأن عُمَرَهُ صلى الله عليه وسلم كلها وقعت في ذي القعدة، وقد قال سبحانه: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة"[10] . وبالله التوفيق. (17 / 431)
8 - لا حرج في ذلك – تكرار العمرة في رمضان-، النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"[11] متفق عليه . فإذا اعتمر ثلاث أو أربع مرات فلا حرج في ذلك . فقد اعتمرت عائشة رضي الله عنها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع عمرتين في أقل من عشرين يوماً .(17 / 432)
9 - المشهور عند أهل العلم أنه – صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر في شهر رجب، وإنما عمره صلى الله عليه وسلم كلها في ذي القعدة، وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم "اعتمر في رجب" وذكرت عائشة رضي الله عنها: "أنه قد وَهِم في ذلك" وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رجب " .
والقاعدة في الأصول أن المثبت مقدم على النافي، فلعل عائشة ومن قال بقولها لم يحفظوا ما حفظ ابن عمر (4 / 228) (11 / 168) (17 / 433)
10 - الصواب أن الحج والعمرة أفضل من الصدقة بنفقتهما لمن أخلص لله القصد، وأتى بهذا النسك على الوجه المشروع (16 / 368)

__________________________________________________ _________

[1]- رواه مسلم في (الحج) باب فرض الحج في العمر برقم 1337
[2]- رواه ابن خزيمة في (المناسك) باب ذكر البيان أن العمرة فرض وأنها من الإسلام برقم 3044، والدارقطني في (الحج) باب المواقيت برقم 2664
[3]- رواه الإمام أحمد في (مسند بني هاشم) بداية مسند عبد الله بن العباس برقم 2637، والدارمي في (المناسك) باب كيف وجوب الحج برقم 1788
[4]- رواه البخاري في (النكاح) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج" برقم 5065، ومسلم في (النكاح) باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه برقم 1400
[5]- رواه البخاري في (الحج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم 1773، ومسلم في (الحج) باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم 1349
[6]- رواه الإمام أحمد في (مسند بني هاشم) بداية مسند عبد الله بن العباس برقم 2804، وابن ماجة في (المناسك) باب العمرة في رمضان برقم 2994
[7]- رواه الإمام أحمد في (مسند بني هاشم) بداية مسند عبد الله بن عباس برقم 2804، وابن ماجة في (المناسك) باب العمرة في رمضان برقم 2994
[8]- رواه البخاري في (الحج) باب حج النساء برقم 1863
[9]- رواه مسلم في (الحج) باب فضل العمة في رمضان رقم 1256
[10]- سورة الأحزاب، الآية 21
[11]- رواه البخاري في (الحج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم 1773، ومسلم في (الحج) باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم 1349

منقول من كتاب الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية