روى الإمامُ الخلالُ (في كتاب السُّنَّةِ، ح98) بإسنادٍ صَحِيحٍ عن أبي الحارِثِ الصَّائِغِ، أنَّه سألَ إمامَ أهلِ السُّنَّةِ أبا عبدِ اللهِ أحمدَ بنَ حنبلَ في أمرٍ كان حَدَثَ بِبَغدادَ، وَهَمَّ قومٌ بِالخُرُوجِ، فقال أبو الحارِثِ: يا أبا عبدِ الله! ما تَقُولُ في الخُرُوجِ مع هؤلاءِ القَومِ؟.
فأنكَرَ ذلك عليهم، وجَعَلَ يَقُولُ: "سُبحانَ اللهِ! الدِّماءُ الدِّماءُ!، لا أرى ذلك، ولا آمُرُ به، الصَّبرُ على ما نَحنُ فيه خَيرٌ مِنَ الفِتنَةِ؛ يُسفَكُ فيها الدِّماءُ، ويُستَباحُ فيها الأموالُ، ويُنتَهَكُ فيها المَحارِمُ، أما عَلِمتَ ما كان النّاسُ فيه؟". ـ يَعنِي أيّامَ الفِتنَةِ ـ .
قال أبو الحارِثِ: والنّاسُ اليومَ، أليسَ هم في فِتنَةٍ يا أبا عبدِ اللهِ؟.
قال: "وإنْ كان!، فإنّما هي فِتنَةٌ خاصَّةٌ، فإذا وَقَعَ السَّيفُ، عَمَّتِ الفِتنَةُ، وانقَطَعَتِ السُّبُلُ، الصَّبرُ على هذا ويَسلَمُ لك دِينُكَ خيرٌ لك".