صفحة 4 من 4 الأولىالأولى ... 234
النتائج 46 إلى 48 من 48

الموضوع: فوائد منهجية من شرح كتاب التوحيد لعلامة الشيخ صالح الفوزان

  1. #46
    تاريخ التسجيل
    Aug 2004
    المشاركات
    2,615
    باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله
    وقول الله تعالى: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه تابعٌ للباب الذي قبله؛ لأن الذي قبله فيه بيان حكم الذبح لغير الله، وهذا الباب فيه منع الوسيلة الموصلة إلى ذلك ومنع التشبه بأهله.
    يذبح فيه لغير الله: أي أُعد لذلك وقصد لأجله.
    لا تقم فيه؛ أي لا تصلّ في مسجد الضرار.
    لمسجد أسس: بني.
    على التقوى: على طاعة الله ورسوله.
    المطهرين: الذين يتطهرون من الأنجاس الحسية والمعنوية.
    المعنى الإجمالي للآية: ينهى الله سبحانه رسوله –صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في مسجد الضرار الذي بناه المنافقون مضارة لمسجد قباء وكفراً بالله ورسوله وطلبوا من الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن يصلي فيه؛ ليتخذوا من ذلك حجة يبررون بها عملهم ويسترون بها باطلهم فوعدهم –صلى الله عليه وسلم- أن يفعل ما طلبوا ولم يعلم قصدهم السيء، فنهاه الله عن ذلك وحثه على الصلاة في مسجد قباء الذي بُني على طاعة الله ورسوله أو في مسجده –صلى الله عليه وسلم- على
    اختلافٍ بين المفسرين في ذلك، ثم أثنى على أهل ذلك المسجد بتطهّرهم من الشرك والنجاسات، والله يحب مَن هذه صفته.
    مناسبة الآية للباب: هي قياس الأمكنة المعدة للذبح لغير الله على المسجد الذي أُعد لمعصية الله في منع عبادة الله فيه، فكما أن هذا المسجد لا تجوز الصلاة فيه لله، فكذلك هذا الموضع الذي أُعد للذبح فيه لغير الله لا يجوز الذبح فيه له سبحانه.
    ما يستفاد من الآيات:
    1- منع الذبح لله في المواضع المعدة للذبح لغيره، قياساً على منع الصلاة في المسجد المؤسس على معصية الله.
    2- استحباب الصلاة مع الجماعة الصالحين المتنزهين عن ملابسة القاذورات.
    3- إثبات المحبة لله على الوجه اللائق به سبحانه كسائر صفاته.
    4- الحث على إسباغ الوضوء والتطهر من النجاسات.
    5- أن النية تؤثر في البقاع.
    6- مشروعية سد الذرائع المفضية إلى الشرك.
    * * *
    عن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل أن ينحر إبلاً بِبُوانة فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: "هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟" قالوا: لا. قال: "فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟" قالوا: لا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم""1" رواه أبو داود وإسنادها على شرطهما.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ثابت بن الضحاك: هو ثابت بن الضحاك بن خليفة بن ثعلبة بن عديّ الأشهليّ الخزرجيّ الأنصاريّ صحابيّ مشهورٌ مات سنة 64هـ.
    نذر: النذر لغة الإيجاب، وشرعاً هو أن يلزم الإنسان نفسه بشيء من العبادات لم يكن لازما ً عليه شرعاً.
    بوانة: هضبةٌ من وراء ينبع.
    وثن: الوثن: كل ما عُبد من دون الله من قبر وغيره.
    عيد: العيد: اسمٌ لما يعود من الاجتماع على وجهٍ معتادٍ.
    على شرطهما: أي ينطبق عليه شرط البخاري ومسلم الذي هو اتصال السند بالعدول الضابطين من غير شذوذ ولا علة.
    المعنى الإجمالي للحديث: يذكر الراوي أن رجلاً التزم لربه أن ينحر إبلاً في موضع معين على وجه الطاعة والقربة، وجاء ليسأل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن التنفيذ فاستفصل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن ذلك المكان هل سبق أن وُجد فيه

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    شيءٌ من معبودات المشركين أو سبق أن المشركين يعظمونه ويجتمعون فيه فلما علم –صلى الله عليه وسلم- بخلوّ هذا المكان من تلك المحاذير أفتى بتنفيذ النذر، ثم بين –صلى الله عليه وسلم- النذر الذي لا يجوز الوفاء به، وهو ما كان المنذور فيه معصية لله أو لا يدخل تحت ملك الناذر.
    مناسبة الحديث للباب: أن فيه المنع من الذبح لله في المكان الذي كان فيه وثنٌ من أوثان الجاهلية أو فيه عيدٌ من أعيادهم –ولو بعد زواله-.
    ما يستفاد من الحديث:
    1- المنع من الوفاء بالنذر إذا كان في المكان الذي عُين له وثنٌ ولو بعد زواله.
    2- المنع من الوفاء بالنذر بمكان عيدِ الجاهلية ولو بعد زواله.
    3- استفصال المفتي من المستفتي قبل الفتوى.
    4- سد الذريعة المفضية إلى الشرك.
    5- ترك مشابهة المشركين في عبادتهم وأعيادهم وإن كان لا يُقصد ذلك.
    6- أن الذبح لله في المكان الذي يذبح فيه المشركون أو يتخذونه محلاً لعيدهم معصية.
    7- أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به.
    8- أن النذر الذي لا يملكه الناذِر – كأن قال: لله عليَّ أن أعتق عبد فلان. لا وفاء له.
    9- وجوب الوفاء بالنذر الخالي من المعصية الداخل تحت ملك الناذر.
    10- أن النذر عبادة لا يجوز صرفه لغير الله
    قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: فمن أعرض عن الله بالكلية أعرض الله عنه بالكلية، ومن أعرض الله عنه لزمه الشقاءُ والبؤس والبخس فى أحواله وأعماله وقارنه سوءُ الحال وفساده فى دينه ومآله، فإن الرب تعالى إذا أعرض عن جهة دارت بها النحوس وأظلمت أرجاؤها وانكسفت أنوارها وظهرت عليها وحشة الإعراض وصارت مأْوى للشياطين وهدفاً للشرور ومصباً للبلاءِ، فالمحروم كل المحروم من عرف طريقاً إليه ثم أَعرض عنهاْ....

    موقع فضيلة العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه الله
    http://www.sh-faleh.com/index.php

  2. #47
    تاريخ التسجيل
    Aug 2004
    المشاركات
    2,615
    باب من الشرك النذر لغير الله
    وقول الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7].
    وقوله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: 270].
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن المصنف رحمه الله بين فيه نوعاً من أنواع الشرك المنافي للتوحيد، وهو النذر لغير الله؛ ليُحذر ويُجتنب.
    من الشرك: أي الأكبر.
    النذر لغير الله: لأنه عبادة. وصرف العبادة لغير الله شرك. والنذر: مصدر نذر ينذُر أوجب على نفسه شيئاً لم يكن واجباً عليه شرعاً تعظيماً للمنذور له. وأصله في اللغة والإيجاب.
    يوفون بالنذر: يتممون ما أوجبوا على أنفسهم من الطاعات لله.
    ما: شرطيةٌ، ويجوز أن تكون موصولة.
    أنفقتم من نفقة: يشمل كل صدقة مقبولة وغير مقبولة.
    أو نذرتم من نذر: يشمل كل نذر مقبول وغير مقبول.
    فإن الله يعلمه: أي فيجازيكم عليه، ففيه معنى الوعد والوعيد.
    المعنى الإجمالي للآيتين: أن الله يمدح الذين يتعبدون له بما أوجبوه على أنفسهم من الطاعات. كما أنه يخبر سبحانه أنه يعلم كل
    صدقة تصدقنا بها وكل عبادة التزمناها له أو لغيره وسيجازي كلاً على حسب نيته وقصده.
    مناسبة الآيتين للباب: أنهما لا يدلان على أن النذر عبادةٌ حيث مدح الموفين به، وهو لا يمدح إلا على فعل مأمور أو ترك محظور، كما أنه أخبر أنه يعلم ما يصدر منا من نفقات ونذور، وسيجازينا على ذلك، فدلَّ ذلك على أن النذر عبادةٌ وما كان عبادةً فصرفُه لغير الله شرك.
    ما يستفاد من الآيتين:
    1- أن النذر عبادة فيكون صرفه لغير الله شركاً أكبر.
    2- إثبات علم الله تعالى – بكل شيء.
    3- إثبات الجزاء على الأعمال.
    4- الحث على الوفاء بالنذر.
    * * *
    وفي الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه""1".
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    عائشة: هي أم المؤمنين زوج النبي –صلى الله عليه وسلم- وبنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وهي أفقه النساء مطلقاً، وأفضل أزواج النبي –صلى الله عليه وسلم- ما عدا خديجة، ففي تفضيلها عليها خلافٌ، توفيت سنة 57هـ.
    في الصحيح: أي صحيح البخاري.
    فليطعه: أي ليفعل ما نذره من طاعته.
    فلا يعصه: أي فلا يفعل ما نذره من المعصية.
    المعنى الإجمالي للحديث: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- يأمر من صدر منه نذرُ طاعةٍ أن يوفي بنذره: كمن نذر صلاةً أو صدقة أو غير ذلك، وينهى من صدر منه نذر معصية عن تنفيذ نذره: كمن نذر الذبح لغير الله أو الصلاة عند القبور أو السفر لزيارتها أو غير ذلك من المعاصي.
    مناسبة الحديث للباب: أنه دل على أن النذر يكون طاعةً ويكون معصيةً، فدلّ على أنه عبادة؛ فمن نذر لغير الله فقد أشرك به في عبادته.
    ما يستفاد من الحديث:
    1- أن النذر عبادة، فصرفه لغير الله شرك.
    2- وجوب الوفاء بنذر الطاعة.
    3- تحريم الوفاء بنذر المعصية.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    "1" أخرجه البخاري برقم "6696" وأبو داود برقم "3289" والترمذي برقم "1526" وابن ماجه برقم "2126"، وأحمد في مسنده "6/36، 41".
    قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: فمن أعرض عن الله بالكلية أعرض الله عنه بالكلية، ومن أعرض الله عنه لزمه الشقاءُ والبؤس والبخس فى أحواله وأعماله وقارنه سوءُ الحال وفساده فى دينه ومآله، فإن الرب تعالى إذا أعرض عن جهة دارت بها النحوس وأظلمت أرجاؤها وانكسفت أنوارها وظهرت عليها وحشة الإعراض وصارت مأْوى للشياطين وهدفاً للشرور ومصباً للبلاءِ، فالمحروم كل المحروم من عرف طريقاً إليه ثم أَعرض عنهاْ....

    موقع فضيلة العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه الله
    http://www.sh-faleh.com/index.php

  3. #48
    تاريخ التسجيل
    Aug 2004
    المشاركات
    2,615
    باب من الشرك الاستعاذة بغير الله
    وقوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: 6].
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن فيه بيانَ نوعٍ من أنواع الشرك المنافي للتوحيد، وهو الاستعاذة بغير الله ليُحذر ويُجتنب.
    الاستعاذة: لغة: الالتجاء والاعتصام والتحرّز. وحقيقتها: الهرب من شيء تخافه إلى من يعصمك منه.
    يعوذون: بأن يقولَ أحدهم إذا أمسى بوادٍ وخاف من الجن: أعوذ بسيِّد هذا الوادي من سفهاء قومه.
    رهقاً: خوفاً أو إثماً.
    المعنى الإجمالي للآية: أن الله سبحانه يخبر أن بعض الإنس يلجئون إلى بعض الجن لتأمنهم مما يخافون، وأن الملتجأ بهم زادوا الملتجئين خوفاً بدل أن يؤمنوهم، وهذا معاملةٌ لهم بنقيض قصدهم وعقوبة من الله لهم.
    مناسبة الآية للباب: أن الله حكى عن مؤمني الجن أنهم لما تبين لهم دين الرسول –صلى الله عليه وسلم- وآمنوا به ذكروا أشياءً من الشرك كانت تجري من الإنس في الجاهلية من جملة الاستعاذة بغير الله، وذلك من باب
    الاستنكار لها.
    ما يستفاد من الآية:
    1- أن الاستعاذة بغير الله شرك، لأن مؤمني الجن قالوا: {وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 2]. ثم ذكروا بعد ذلك على وجه الاستنكار {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ} [الجن: 6].
    2- عموم رسالة محمد –صلى الله عليه وسلم- للثقلين.
    3- أن الاستعاذة بغير الله تورث الخوف والضعف.
    4- يفهم من الآية أن الاستعاذة بالله تورث قوة وأمناً.
    * * *
    وعن خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك""1" رواه مسلم.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    خولة بنت حكيم: هي بنت حكيم بن أمية السلمية كانت زوجةً لعثمان بن مظعون رضي الله عنه وكانت صالحة فاضلة.
    بكلمات الله: المراد بها هنا القرآن.
    التامات: الكاملات التي لا يلحقُها نقصٌ ولا عيبٌ.
    من شر ما خلق: أي من كل شر في أي مخلوق قام به الشر من حيوان أو غيره.
    المعنى الإجمالي للحديث: يرشد النبي –صلى الله عليه وسلم- أمته إلى الاستعاذة النافعة التي يندفع بها كل محذور يخافه الإنسان عندما ينزل بقعة من الأرض بأن يستعيذ بكلام الله الشافي الكافي الكامل من كلِّ عيبٍ ونقصٍ، ليأمن في منزله ذلك ما دام مقيماً فيه من كل غائلة سوء.
    مناسبة الحديث للباب: أن فيه إرشاداً إلى الاستعاذة النافعة المشروعة بدلاً من الاستعاذة الشركية التي كان يستعملها المشركون.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    "1" أخرجه مسلم برقم "2708"، والترمذي برقم "3433"، وابن ماجه برقم "3547"، وأحمد في مسنده "6/377، 409".
    ما يستفاد من الحديث:
    1- بيان أن الاستعاذة عبادة.
    2- أن الاستعاذة المشروعة هي ما كانت بالله أو بأسماء الله وصفاته.
    3- أن كلام الله غيرُ مخلوق؛ لأن الله شرع الاستعاذة به، والاستعاذة بالمخلوق شركٌ كما سبق، فدلّ على أنه غير مخلوق.
    4- فضيلةُ هذا الدعاء مع اختصاره.
    5- أن نواصي المخلوقات بيد الله.
    قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: فمن أعرض عن الله بالكلية أعرض الله عنه بالكلية، ومن أعرض الله عنه لزمه الشقاءُ والبؤس والبخس فى أحواله وأعماله وقارنه سوءُ الحال وفساده فى دينه ومآله، فإن الرب تعالى إذا أعرض عن جهة دارت بها النحوس وأظلمت أرجاؤها وانكسفت أنوارها وظهرت عليها وحشة الإعراض وصارت مأْوى للشياطين وهدفاً للشرور ومصباً للبلاءِ، فالمحروم كل المحروم من عرف طريقاً إليه ثم أَعرض عنهاْ....

    موقع فضيلة العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه الله
    http://www.sh-faleh.com/index.php

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •