بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة المفهوم الحقيقي للصيام لسماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله

ألقاها فضيلة الشيخ في 8رمضان 1433


الخطبة الأولى

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:

فيا أيُّها النَّاسَ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى، عباد الله، نحن في شهر كريم، وموسم عظيم، فسارعوا فيه إلى فعل الخيرات (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)، (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).

أمَّة الإسلام، مفهوم الصيام عند بعض من الناس مجرد ترك الأكل والشرب والنساء من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ما جرى أن هذه غاية، الغاية من الصوم أن يمتحن العبد بترك الطعام والشراب والشهوة إلى غروب الشمس، وهذا المفهوم مفهوم قاصر، فإن الشرع أمر بترك هذه الملذات لتكون وسيلة لغاية نبيلة وهي تحقيق التقوى في قلب المسلم المستجيب لله ورسوله المتمثل بأوامره والمجتنب نواهيه، جاء الصوم ليزكي النفس ويطهر الأخلاق، ويعد العبد في مستقبل أمره إلى عمل صالح واستقامة على الهدى، فكما تغلب المسلم على ترك مشتهيات النفس المباحة له تركها لأن الله يريد منه تركها فإنها وسيلة إلى أن يترك المحرمات التي حرمها الله عليه في الصوم وغيره.

أيُّها المسلم، فالصوم جاء لتهذيب الأخلاق، وتعديل السلوك، جاء لينظم حياة المسلم، جاء ليقوي صلة المسلم بربه، ويكون العبد دائما على صلة بربه بقول الأوامر واجتناب النواهي.

أيُّها الصائم، أشكر الله إن كنت صائما وسأله التوفيق والسداد، وتذكر حال قوم حل عليهم رمضان وقد ابتلوا بأنواع الأمراض والأسقام فحيل بينهم وبين صيام رمضان، فشكر الله على صحة بدنك وعافية جسمك وسأله التوفيق والقبول وسداد العمل.

أيُّها الصائم العزيز، إن الصوم وسيلة لغاية عظمى هي تحقيق التقوى في قلب المسلم، فكن أخي حريصاً على صيانة صيامك، وحفظه لكل ما ينقصه ويقلل ثوابه، أسمع نبيك صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في ترك طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"، "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"، من لم يدع قول الزور والعمل بالزور فليس لله حاجة في أن يدع الطعام والشراب، إنما جاء ترك الطعام والشراب ليحقق الغاية وهي السموم والارتفاع بالنفس عن قول الزور وعمل الزور، الزور هو البهتان والضلال وكلام خاطئ، فالكذب من الزور؛ لأنه أخبار بخلاف الواقع، فالمسلم مترفع عن الكذب في رمضان وفي غيره؛ لأنه يعلم أن الكذب من أخلاق المنافقين وخصال المنافقين: (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)، الصائم مجتنب لشهادة الزور فلا يشهد إلا بحق، ولا يشهد إلى على حق واضح لا يجامل شهادته فلا يظلم زورا وظلما وعدوانا، الصائم يحافظ على فرائض الإسلام، يحافظ على الصلوات الخمس ويؤديها جماعة في أوقاتها، لأن ذلك مما يرضي الله عنه، الصائم مسارع لفعل الخيرات، ملتمس الأعمال الصالحة مسارعا لها جدا واجتهادا وإخلاصا لله بالقول والعمل، الصائم بعيد عن الغش والعدوان فلا يغش في بيعه وشراءه؛ لأنه يسمع رسول الله يقول: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا"، الصائم بعيد عن ظلم الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، بعيدا كل البعد فلا يرضى دم مسلم في أن يسفك دما حراما، ولا أن ينتهك عرضه، ولا أن يجحد ماله، ولا أن يماطل بالحق الواجب عليه، الصائم متخلق بالحلم والأناءة والرفق فلا يخوض مع الخائضين في خوضهم ولا مع السفهاء في سفهم، فليترفع عن دنايا الأمور ويتخلق بالحلم والصفح: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، وفي الحديث: "وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ، وَلاَ يَسْخَبْ، فَإِنْ أَحَد ٌسَابَّهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّى امْرُؤٌ صَائِمٌ"، فصومي يحجزوني أن أجهل معك في جهلك، أو أخوض معك في باطلك، صومي يصون لساني عن الكلام البذيء والكلام القذر من الغيبة والنميمة والسباب والشتام والرمي بالآثام والعدوان.

أيُّها الصائم، إن الصوم يجب أن يشمل جميع الجوارح ليكون صوما حقيقيا، صوم اللسان، وصوم البصر، والسمع، وصوم كل الجوارح، صوم اللسان عن كل الكلام البذيء الذي لا خير فيه غيبةٍ نميمةٍ بهتان كذب، قول الزور سخرية استهزاء واستحقار، وانتقاص للآخرين، صوم البصر إلى النظر إلى ما حرم الله على النظر إليه (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)، صوم السمع فلا يصغي ويسمع الباطل والزور وما لا خير فيه، فكره سليم يفكر فيما ينفعه ويعود عليه بالخير في آجل أمره وعاجله، يقول جابر بن عبدالله رضي الله عنه مبيناً حقيقة الصيام ومفهومه الحق: إذا صمت فليصن سمعك وبصرك ولسانك عن المحارم، ودع عنك أذى الجار وليكون عليك سكينة ووقار أثناء صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء، أنظر إلى التصوير الحق في الصيام وأنه الصوم النافع الذي صامت به كل الجوارح عن محارم الله، فلا أذى للجار ولا غيره سكينة ووقار وامتثال للأمر وصبر وحلم وأناء وتخلق بكل خلق كريم، فنسأل الله أن يجعل صيامنا صيام حق، أن يجعله صياما مقبولا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا.

أيها الصائم العزيز، إن للصوم مفسدات يجب على المؤمن البعد عنها لأنها تنافي حقيقة الصيام، فقد أجمع المسلمون على أن الصائم لو تعمد في صيامه الجماع مع امرأته أو تعمد الأكل أو تعمد الشرب أن هذا منافي للصيام كما دل القرآن وسنة نبينا على ذلك، فهذه أمور محرمة تنافي حقيقة الصيام بلا إشكال كما دل القرآن والسنة عليه، فالمسلم في رمضان يبتعد عن امرأته لأنه يعلم أن هذا ينافي الصيام، يبتعد عن كل وسيلة تفضي إلى هذا من قول أو فعل لعله أن يسلم صيامه من أن يقع في المحظور جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فقال يا رسول الله: هلكت وأهلكت، قال: "ما شئنك"، قال: أتيت امرأتي في رمضان، قال: "هل تستطيع أن تعتق رقبة"، قال: لا، قال: "هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين"، قال:لا، قال: "هل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا"، قال: لا، فأوتي للنبي بعرق فيه خمس صاعه، فقال: "خذ تصدق به"، قال: أعلى أفقر مني، فو الله يا رسول الله ما بين لافتي المدينة أهدل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال له: "خذه وتصدق به على اهلك"، إذا فالجماع موجبٌ الكفارة المغلظة عتق رقبة فإن عجز عن ثمنها أو عن عينها، صام شهرين كاملين متتابعين فإن أعجزه المرض أو الكبر أطعم ستين مسكينا، كل هذا حمايةً للمسلم من أن يقع فيما ينافي الصيام، الأكل والشرب عمدا منافي للصيام، لأنه ينافي حقيقة الصيام؛ ولكن لأن الله يقول: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)؛ لكن لو وقع الأكل والشرب نسيانا فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ نَسِيَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صومَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمُهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ"، كذلك مما يفسد الصيام محاولة إخراج المادة المنوية سوا كان بالطريق العادة المستهجنة المسمى بالعادة السرية القبيحة فإن هذا منافي للصيام لأن الله يقول: "يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ لأَجْلِي"، ومما يلحق بالأكل والشرب لذلك أمران: الأول: الإبر المغضية التي يعطها المريض لتكون عوضا عن تناول الطعام والشراب فهذه بلا شك مفطر للصيام؛ لأنه أكل وشرب حقيقي وإلا لم يكن من طريق الفم لكنها تغني المريض عن الطعام والشراب فهذه منافية لحقيقة الصيام؛ لأنه تغنيه عن طلب الأكل والشرب، كذلك لو حقن فيه دم وأسعف بدم؛ لأن هناك دم ناقص وجب الإسعاف الدم له فإن هذا الدم المحقن فيه هو غاية الغذاء فإن ذلك منافي لصيامه، ومما ينافي الصيام أيضا تعمد إخراج القيء فإن من تعمد الاستفراغ وإخراج القيء فذلك منافي لصيامه لأنه يضعفه عن مواصلة الصيام يقول صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَىْءُ فَلا شيء عَلَيْهِ"، فمن خرج القيء منه من غير اختيار وطلب فإن ذلك خارج عن قدرته فلا يضره شيء، وإن تعمد إخراجه فإن إخراج القيء ينافي الصيام كما دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحجامة للصائم تنافي الصيام على الصحيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ" وهذا حديث ثابت، وهذا هو الحق فإن الحجامة تضعف الصائم وقد لا يستطيع مواصلة الصيام بعد هذه الحجامة التي أخرجت جزءا من الدم ولهذا منع منها الصائم خوفا من أن تضعفه عن مواصلة صيامه، وكذلك أيها الأخ المسلم، لو اضطرت إلى إسعاف أحد بشيء من دمك مريضا توقف ذلك على التبرع بالدم فسحب منك الدم لإنقاذ هذا المريض المحتاج إليه فساعدته بذلك فإنك تفطر هذا اليوم وتقضيه لأن سحب الدم مثل الحجامة أو أعظم من ذلك.

أخيَّ المسلم، ومما ينافي الصيام خروج دم الحيض من المرأة المسلمة إذا خرج دم الحيض وعرفت ذلك بأن هذا دم الحيض الحقيقي فإن ذلك منافي لصيامها ولو كان قبل المغرب بدقائق، أما لو غربت الشمس ثم رأت دم الحيض بعد غروب الشمس فصومها صحيح، وهذا الدم الذي يفسد صيامها هو دم الحيض المعتاد الذي تعرف المرأة حالها من لونه ورائحته وأعراضه فهذا الدم المنافي للصيام، أما دم يخرج من الحامل فإن الحامل لا تحيض وخروج الدم منها يعتبر دم فسادا أو دم خرج من التنظيف في إسقاط الجنين قبل الثمانين يوما فخرج دم فإن هذا الدم دم فساد لأنه ليس نفاس ولا حيض.

أيُّها المسلم، قد تسأل عن بعض الأشياء عن البخاخ الذي يستعمله بعض الناس في الفم أو يستعمله في الأنف فنقول هذا شيء لا يضر الصائم لأنه فقط عبارة عن توسيع قصبات الهوائية وليس طعاما ولا شرابا، فلا مانع من استخدام البخاخ من طريق الفم أو من طريق الأنف، وقد تسأل أيضا عن ما يعطى بعض المرضى من هواء الأكسجين الذي يضطر له البعض من يصاب بالربو فنقول هذا لا مانع منه لأنه مجرد هواء فلا طعام ولا شراب فيه، وقد تسأل عن الحبوب الذي توضع تحت اللسان لبعض المصابين بأمراض القلب فنقول هذه لا مانع منها فليست بطعام ولا شراب، وقد تسأل عن حقنة العين وعن قطرة العين وقطرة الأذن فنقول لا مانع منها فليست منفذا للجوف، أما قطرة الأنف فإن وصلت إلى الحلق فإنها تفطر وأما إن كان موضع فقط في جزء من الأنف ولا تصل إلى داخله فأرجوا أن لا حرج في ذلك، قد تسأل أيها الصائم عن الجلوس في حمامات التبول أو نحو ذلك فإن ذلك لا مانع منه ولا يؤثر على الصائم، فتقي الله في صيامك وصنه وحفظه فإن ذلك من نعمة الله عليك، قد تسأل أخي عن ما يأخذه بعض المصابين بداء السكر من إبر الأنسولين إما في أول النهار أو في آخره فنقول هذه منظمة فقط فلا مانع منها ولا تؤثر على الصائم، وقد تسأل أيضا عن بعض من يحتاج إلى قلع السن ويوضع بنج في الفم للتخدير للموضع الذي سوف يتم خلع السن منه أو نحو ذلك فهذا أيضا لا مانع منه لأن هذا ليس أكلا ولا شربا ولكنه علاج ضروري، وقد تسأل عن بعض العلاجات المرهمية توضع على الجروح ونحو ذلك فليست هذه مفطرة ولا منافيةً لحقيقة الصيام، علينا جميعا أن نصون صيامنا ونحفظه من كل منقصاته، ونستعين بالله ونتفقه في ديننا، أسأل الله أن يوفقني وإياكم لصالح القول والعمل، وأن يجعلنا وإياكم ممن يصوم هذا الشهر ويقومه طاعةً لله وإخلاصا لله وابتغاء مرضاة الله، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني إيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفروا الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ،

أخيِّ المسلم، حافظ على صلاة التراويح ولازمها وفقك الله وحمد الله إن كنت قائما على أداءها فنبيك صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غَفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، ويقول أيضا: "مَنْ صلى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ".

فيا أخي المسلم، المحافظة على صلاة التراويح سنة محمد صلى الله عليه وسلم، فلنحافظ عليها ونلازمها في هذا الشهر المبارك ولا نتخلف عنها، فالبعض يتخلف عنها لأمور تافهة بإمكانه تأخيرها وتأجيلها إلى أن يؤدي هذه السنة بإخلاص، فحافظ على هذه التراويح ولازمها ولا تدعها واستمر عليها وسأل الله القبول والسداد والهداية.

أخيِّ المسلم، أغتنم هذا الشهر ولياليه بالدعاء لله، والتضرع بين يديه، فإن دعاء الصائم مستجابة، فحرص أخي على تحري أوقات الفضيلة عند السحر وعند الإفطار تسأل الله من خير الدنيا والآخرة فالله جلَّ وعلا يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).

أخي المسلم، أحذر رفع الصوت والصخب بالأقوال السيئة وتأدب بآداب الشرع، وروض نفسك على الصبر والتحمل ودفع الأذى ومقابلة الإساءة بالإحسان، فعسى الله أن يمن عليك بقبول عملك، أسأل الله للجميع التوفيق والسداد والعون على كل خير.

واعلموا رحمكم الله أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.

وصَلُّوا رحمكم الله على عبد الله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائه الراشدين، الأئمة المهدين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.

اللَّهمَّ أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدالله بنَ عبدِالعزيزِ لكل خير، اللَّهمَّ سدده في أقواله وأعماله، اللَّهمَّ بارك له في عمره وعمله، اللَّهمَّ اجعله بركة على نفسه وعلى مجتمع المسلم، اللَّهمَّ أعنه على كل مهماته، اللَّهمَّ سدده في أقواله وأفعاله، وجعله موفق للخير أين كان وحيث كان، اللَّهمَّ شد أزره بولي عهده سلمان بن عبدِالعزيزِ ووفقه لصالح القول والعمل وأعنه على مسئوليته إنَّك على كل شيء قدير، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، اللَّهمّ أنصر عبادك المجاهدين، اللَّهمَّ سدد خطاهم، اللَّهمَّ اجمع كلمتهم، اللَّهمَّ ألقي الرعب في قلوب أعدائهم إنك على كل شيء قدير، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.