النتائج 1 إلى 15 من 78

الموضوع: متى يحتاج إلى بيان سبب الجرح

مشاهدة المواضيع

  1. #29
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    قال الحافظ العراقي رحمه الله في شرح التبصرة والتذكرة
    :( اختلف في التعديل والجرح ، هل يقبلان ، أو أحدهما من غير ذكر أسبابهما ، أم لا يقبلان إلا مفسرين ؟ على أربعة أقوال :
    الأول : وهو الصحيح المشهور : التفرقة بين التعديل والجرح ، فيقبل التعديل من غير ذكر سببه ؛ لأن أسبابه كثيرة ، فتثقل ويشق ذكرها ؛ لأن ذلك يحوج المعدل إلى أن يقول ليس يفعل كذا ولا كذا ، ويعد ما يجب عليه تركه . ويفعل كذا وكذا ، فيعد ما يجب عليه فعله . فيشق ذلك ، ويطول تفصيله . وأما الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسرا مبين السبب ؛ لأن الجرح يحصل بأمر واحد ، فلا يشق ذكره ؛ ولأن الناس مختلفون في أسباب الجرح . فيطلق أحدهم الجرح بناء على ما اعتقده جرحا ، وليس بجرح في نفس الأمر ، فلا بد من بيان سببه ، ليظهر أهو قادح أم لا ؟
    ويدل على أن الجرح لا يقبل غير مفسر ، أنه ربما استفسر الجارح ، فذكر ما ليس بجرح .
    فقد روى الخطيب بإسناده إلى محمد بن جعفر المدائني ، قال : قيل لشعبة : لم تركت حديث فلان؟ قال : رأيته يركض على برذون ، فتركت حديثه .
    وقولي في آخر البيت: ( فما )، أي: فماذا يلزم من ركضه على برذون . وروى بن أبي حاتم ، عن يحيى بن سعيد ، قال : أتى شعبة المنهال بن عمرو ، فسمع صوتا فتركه . قال بن أبي حاتم : سمعت أبي يقول : يعني أنه سمع قراءة بألحان فكره السماع منه من أجل ذلك . هكذا قال أبو حاتم في تفسير الصوت . وقد روى الخطيب بإسناده إلى وهب بن جرير ، قال : قال شعبة : أتيت منزل المنهال بن عمرو فسمعت منه صوت الطنبور ، فرجعت . فقيل له : فهلا سألت عنه أن لا يعلم هو . وروينا عن شعبة قال : قلت للحكم بن عتيبة : لم لم ترو عن زاذان ؟ قال : كان كثير الكلام . وقال محمد بن حميد الرازي : حدثنا جرير قال : رأيت سماك بن حرب يبول قائما ، فلم أكتب عنه . وقد عقد الخطيب لهذا بابا في " الكفاية " .
    والقول الثاني : عكس القول الأول ، أنه يجب بيان سبب العدالة ، ولا يجب بيان سبب الجرح ؛ لأن أسباب العدالة يكثر التصنع فيها ، فيبني المعدلون على الظاهر . حكاه صاحب " المحصول " ، وغيره . ونقله إمام الحرمين في " البرهان " ، والغزالي في " المنخول " تبعا له ؛ عن القاضي أبي بكر . والظاهر أنه وهم منهما ، والمعروف عنه أنه لا يجب ذكر أسبابهما معا ، كما سيأتي .

    والقول الثالث : أنه لابد من ذكر أسباب العدالة والجرح معا . حكاه الخطيب، والأصوليون ، قالوا : وكما قد يجرح الجارح بما لا يقدح ، كذلك قد يوثق المعدل بما لا يقتضي العدالة . كما روى يعقوب الفسوي في " تاريخه " ، قال : سمعت إنسانا يقول لأحمد بن يونس : عبد الله العمري ضعيف. قال : إنما يضعفه رافضي مبغض لآبائه، لو رأيت لحيته ، وخضابه ، وهيئته ؛ لعرفت أنه ثقة . فاستدل أحمد بن يونس على ثقته بما ليس بحجة ، لأن حسن الهيئة يشترك فيه العدل والمجروح .
    والقول الرابع : عكسه : أنه لا يجب ذكر سبب واحد منهما ، إذا كان الجارح والمعدل عالما بصيرا . وهو اختيار القاضي أبي بكر ، ونقله عن الجمهور فقال : قال الجمهور من أهل العلم : إذا جرح من لا يعرف الجرح ، يجب الكشف عن ذلك . ولم يوجبوا ذلك على أهل العلم بهذا الشأن . قال : والذي يقوي عندنا ترك الكشف عن ذلك ، إذا كان الجارح عالما ، كما لا يجب استفسار المعدل عما به صار عنده المزكى عدلا ، إلى آخر كلامه . وممن حكاه عن القاضي أبي بكر، الغزالي في "المستصفى" خلاف ما حكاه عنه في " المنخول " . وما ذكره عنه في " المستصفى " هو الذي حكاه صاحب " المحصول " ، والآمدي ، وهو المعروف عن القاضي ، كما رواه عنه الخطيب في " الكفاية " .
    والقول الأول هو الذي نص عليه الشافعي . وقال الخطيب: هو الصواب عندنا. وقال ابن الصلاح : إنه الصحيح المشهور . وحكى الخطيب أنه مذهب الأئمة من حفاظ الحديث ونقاده ، مثل البخاري ، ومسلم ، وغيرهما ، إلى أن الجرح لا يقبل إلا مفسرا . قال ابن الصلاح : وهو ظاهر مقرر في الفقه وأصوله )0
    التعديل الأخير تم بواسطة الناصر ; 03-27-2010 الساعة 03:24 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •