قال الذهبي رحمه الله في مقدمة ميزان الإعتدال :(والساعة فقد استخرت الله عزوجل في عمل هذا المصنف، ورتبته على حروف المعجم حتى في الآباء، ليقرب تناوله، ورمزت على اسم الرجل من أخرج له في كتابه من الائمة الستة: البخاري، ومسلم، وأبى داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه برموزهم السائرة، فإن اجتمعوا على إخراج رجل فالرمز (ع) وإن اتفق عليه أرباب السنن الاربعة فالرمز (عو).
وفيه من تكلم فيه مع ثقته وجلالته بأدنى لين، وبأقل تجريح، فلولا أن ابن عدى أو غيره من مؤلفي كتب الجرح ذكروا ذلك الشخص لما ذكرته لثقته، ولم أر من الرأى أن أحذف اسم أحد ممن له ذكر بتليين ما في كتب الائمة المذكورين، خوفا من أن يتعقب على، لا أنى ذكرته لضعف فيه عندي، إلا ما كان في كتاب البخاري وابن عدى وغيرهما - من الصحابة فإنى أسقطهم لجلالة الصحابة، ولا أذكرهم في هذا المصنف، فإن الضعف إنما جاء من جهة الرواة إليهم.وكذا لا أذكر في كتابي من الآئمة المتبوعين في الفروع أحدا لجلالتهم في الاسلام وعظمتهم في النفوس، مثل أبى حنيفة، والشافعي، والبخاري، فإن ذكرت أحدا منهم فأذكره على الانصاف، وما يضره ذلك عند الله ولا عند الناس، إذ إنما يضر الانسان الكذب، والاصرار على كثرة الخطأ، والتجرى على تدليس الباطل، فإنه خيانة وجناية، والمرء المسلم / يطبع على كل شئ إلا الخيانة والكذب.وقد احتوى كتابي هذا على ذكر الكذابين الوضاعين المتعمدين قاتلهم الله، وعلى الكاذبين في أنهم سمعوا ولم يكونوا سمعوا، ثم على المتهمين بالوضع أو بالتزوير، ثم على الكذابين في لهجتهم لا في الحديث النبوى، ثم على المتروكين الهلكى الذين كثر خطؤهم وترك حديثهم ولم يعتمد على روايتهم، ثم على الحفاظ الذين في دينهم رقة، وفي عدالتهم وهن، ثم على المحدثين الضعفاء من قبل حفظم، فلهم غلط وأوهام، ولم يترك حديثهم، بل يقبل ما رووه في الشواهد والاعتبار بهم لا في الاصول والحلال والحرام، ثم على المحدثين الصادقين أو الشيوخ المستورين الذين فيهم لين ولم يبلغوا رتبة الاثبات المتقنين، ثم على خلق كثير من المجهولين ممن ينص أبو حاتم الرازي على أنه مجهول، أو يقول غيره: لا يعرف أو فيه جهالة أو يجهل، أو نحو ذلك من العبارات التى تدل على عدم شهرة الشيخ بالصدق، إذ المجهول غير محتج به، ثم على الثقات الاثبات الذين فيهم بدعة، أو الثقات الذين تكلم فيهم من لا يلتفت إلى كلامه في ذلك الثقة، لكونه تعنت فيه، وخالف الجمهور من أولى النقد والتحرير، فإنا لا ندعى العصمة من السهو والخطأ في الاجتهاد في غير الانبياء.)0