بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعد:

فإن مما يأسف له كل غيور على التوحيد والسنة.. انتشار كتب بين أيدي الشباب تدعو إلى البدعة باسم الغيرة على الدين!!

وتدعو إلى مذهب الخوارج العفن باسم الجهاد لإنقاذ بلاد المسلمين!!
وتحرض على أولياء أمور المسلمين بوصفهم كفرة مرتدين!!

وحق لكل عاقل أن يتساءل:
ما الفكر الذي سيحمله الشباب إذا تربي على مثل هذه الكتب؟!!
وما هي النتائج المتوقعة لانتشار مثل هذه الأفكار في أوساط الناس؟!!

وفي الحقيقة لسنا بحاجة إلى كثير عناء لمعرفة الإجابة!!
فالإجابة جاءتنا من خلال ما رأيناه من تفجيرات في بلاد الحرمين ومهبط الوحي, والبلد الذي يحكم بشرع الله سبحانه, ويعلن التمسك بالإسلام في كل شؤون الحياة!!
وجاءتنا الإجابة من خلال ما نراه من وقوع الشباب في محاضن التكفير, وتهافتهم عليه, تهافت الفراش على النار:

[poem font="Simplified Arabic,4,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
فهو السراج وهم فراش حوله يتهافتون على سناه سقوطاًً[/poem]

ومن أئمة الضلالة في هذا العصر المدعو: عبدالعزيز ناصر الجليل, وهو قطبي خارجي موغل في البدعة, ويتبين ذلك بمعرفتنا ما يحتويه كتابه: التربية الجهادية في ضوء الكتاب والسنة, وكذب - والله – في ذلك, إذ الكتاب والسنة في وادٍ وهو في وادٍ آخر!!

ولو أسماه:

التربية الخارجية في ضوء كلام سيد قطب, لما كذب!!

ومن أبرز ما يحتويه هذا الكتاب ما يلي:

1- الدعوة الصريحة إلى الخروج على الحكام!!
2- التصريح بتكفير جميع الدول الإسلامية, وأنه لا توجد اليوم دولة إسلامية!!
3- أن توحيد الألوهية يتمثل في الحاكمية!!!
4- دعوته لحرية الاعتقاد!!
5- القول بكفر الحاكم بغير ما أنزل الله بدون تفصيل.
6-تفسيره الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتفسير الخوارج والمعتزلة.
7- القول بأن سبب ضعف المسلمين وتأخرهم هو ترك الجهاد
8-سوء أدبه مع الصحابة رضي الله عنهم, واتهامهم بتعطيل الجهاد.
9- جعله العلم بأصول التكفير, وما يترتب عليه من أحكام من العلم العيني الذي يجب على كل مسلم معرفته!!
10- دعوته مجاهديه إلى التجميع دون الالتفات إلى الخلافات مطلقاً, ولم يفرق بين مسائل العقيدة والمسائل الفقهية, بل واعتبرها جميعاً من الفروع (!!).
11- نقله من كتب أهل البدع أمثال سيد قطب ومحمد سرور ومحمد قطب والمودودي, وثناؤه عليهم!!


[frame="1 80"]والآن مع ما في هذا الكتاب من ضلالات بالتفصيل, وأتمنى من الإخوة المشاركة في الرد عليها, فإني لم أرد عليها في هذه العجالة, لأمرين:
الأول: ضيق الوقت.
الثاني: أنها ضلالات واضحة لا يحتاج الذي يعرف السنة - بإذن الله – إلى كثير عناء لكشفها.
كما أتمنى من الإخوة التحذير من هذا الكتاب وصاحبه, والسعي لمخاطبة من له الصلاحية لإيقاف توزيعه, حيث إنه لا تكاد تخلو منه مكتبة, كما أنه منشور على الشبكة العنكبوتية في عدة مواقع, ومنها موقع ناصر العمر "المسلم"!!..[/frame]

دعوته من سماهم بالمجاهدين إلى التريث وعدم التسرع في مواجهة ما أسماها بالأنظمة الكافرة المستقرة في بلدان المسلمين, حتى تتمكن "الحركة الإسلامية" من إعداد العدة وجمع السلاح (!!):

حيث قسَّم الناس (ص40-45) من حيث نظرتهم إلى الجهاد إلى موقفين:
الموقف الأول: من رأى استحالة الجهاد في هذا الزمان، ورضي بالأمر الواقع ولم يسع للإعداد والاستعداد.
الموقف الثاني: الذين ينظرون إلى أن قتال الكفار والمرتدين اليوم فرض دون أن ينظروا إلى أحوال المسلمين وضعفهم.

ثم قام بانتقاد كلا الفريقين, مبيناً أن الحق هو وجوب الصبر, مع الإعداد وجمع السلاح!!

ثم قال بعد ذلك, في ص46-47:

(....ليس المعني في الموقف الثاني تلك الحركات الجهادية التي تدافع عن المسلمين في أفغانستان والشيشان وغيرها، وإنما المعني هم أولئك الذين يرون مواجهة الأنظمة الطاغوتية في بلدان المسلمين دون الحصول على الحد الأدنى من الإعداد والقدرة، وقبل وضوح راية الكفر في تلك البلدان للناس، ودون وضوح راية أهل الإيمان في مقابل ذلك؛ مما ينشأ عنه اللبس والتلبيس على الناس، فتختلط الأوراق ويجد هؤلاء المجاهدون المستعجلون أنفسهم وجهًا لوجه أمام إخوانهم المسلمين الذين غرر بهم ولبس عليهم وقيل لهم بأن حكومتهم شرعية، وأن الخارجين عليها متطرفون إرهابيون مفسدون، ولم يجد الناس من يزيل عنهم هذا اللبس• فحينئذ تقع الفتنة بين المسلمين، ويقتل بعضهم بعضًا....).

وقال في ص 5:

(....وعندما نذكر المستعجلين للجهاد قبل الإعداد له فإنما نقصد أولئك الذين بادروا إلى المواجهة مع الأنظمة الكفرية المستقرة المتمكنة قبل الإعداد لذلك، وقبل وضوح الراية الكفرية للناس في هذه الأمكنة• أما الساحات الجهادية التي قد اتضحت فيها رايات الكفار فهذا جهاد مشروع ومطلوب كما هو الحال في كشمير وأفغانستان والشيشان وفلسطين....).

ويؤكد هذا التكفير بإشارته إلى عدم وجود دولة إسلامية, حيث يقول في ص47:

(....أما جهاد الطلب فإنه لا يكون إلا بعد قيام دولة وكيان قوي للمسلمين ينطلقون منه ويفيئون إليه، ويهاجر إليه وتصب طاقات المسلمين فيه• وقبل قيام هذا الكيان القوي الآمن فإنه ليس أمام المسلمين إلا إعداد العدة لإقامة هذا الكيان، والقيام بجهاد الدفع فيما لو تعرض المسلمون إلى عدو كافر يريد صرفهم عن دينهم أو استباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم وديارهم....).

إذن على رأي الجليل فلا دولة إسلامية موجودة اليوم, وعلينا الإعداد لإقامة هذه الدولة..!!

وقال في ص87:

(....وهذا الكلام في جهاد الدفع، وأسبابه اليوم منعقدة في بلدان المسلمين المعتدى عليها أما جهاد الطلب وغزو الكفار في عقر دارهم فهذا يسبقه قيام دولة وكيان للمسلمين وقدرة تمكنهم من فتح بلاد الكفار• ولذلك يجب الإعداد له بإقامة هذا الكيان أولاً، ثم تقويته وإعداد المجاهدين لقتال الكفار حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله....).

ويصدِّق ذلك نقلُهُ كلاماً عن سيد قطب يقرر فيه أن جميع الأرض – بلا استثناء - يحكمها الطواغيت!!

حيث نقل قول سيد في ص 42-43 وهو:


(....إننا نعرف لماذا يهولهم هذا الأمر ويتعاظمهم على هذا النحو •• إنهم ينسون أن الجهاد في الإسلام جهاد في "سبيل الله" •• جهاد لتقرير ألوهية الله في الأرض وطرد الطواغيت المغتصبة لسلطان الله •• جهاد لتحرير "الإنسان" من العبودية لغير الله، ومن فتنته بالقوة عن الدينونة لله وحده والانطلاق من العبودية للعباد •• "حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله" •• وأنه ليس جهادًا لتغليب مذهب بشري على مذهب بشري مثله؛ إنما هو جهاد لتغليب منهج الله على مناهج العبيد! وليس جهاداً لتغليب سلطان قوم على سلطان قوم؛ إنما هو جهاد لتغليب سلطان الله على سلطان العبيد! وليس جهادًا لإقامة مملكة العبد؛ إنما هو جهاد لإقامة مملكة الله في الأرض •• ومن ثم ينبغي له أن ينطلق في "الأرض" كلها، لتحرير "الإنسان" كله؛ بلا تفرقة بين ما هو داخل في حدود الإسلام وبين ما هو خارج عنها •• فكلها "أرض" يسكنها "الإنسان" وكلها فيها طواغيت تُعَبِّد العباد للعباد!)
ثم إنه يهولهم الأمر ويتعاظمهم لأنهم يواجهون هجوماً صليبيًا منظمًا لئيمًا ماكرًا خبيثًا يقول لهم: إن العقيدة الإسلامية قد انتشرت بالسيف، وإن الجهاد كان لإكراه الآخرين على العقيدة الإسلامية وانتهاك حرمة حرية الاعتقاد! ....).

ويؤكد ما ذهب إليه بادعائه أن هذه الأنظمة التي يعيش المسلمون تحت حكمها اليوم أشبه ما تكون بكفار قريش, وإن ادعت الإسلام (!!) دون أن يستثني, حيث قال في ص173-174:

(....ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وصبره وعدم عجلته في تلك الظروف العصيبة أسوة حسنة، وبخاصة من يعيش اليوم في ظل الأنظمة التي تدعي انتسابها إلى الإسلام في الظاهر بينما حقيقتها أنها عدوة للإسلام وأهله؛ حيث يحكم فيها بحكم الطاغوت ويوالى أعداء الله ويؤذى فيها أولياء الله عز وجل ودعاته المصلحون• فما أشبه واقع المصلحين اليوم في ظل هذه الأنظمة بواقع الرسول صلى الله عليه وسلم في ظل سلطة قريش، مع وجود فارق مهم يؤكد على ضرورة الصبر على الدعوة والبيان في هذا الزمان أكثر من أي زمان مضى؛ ذلك أن الأنظمة المعاصرة لا تعلن عداءها للإسلام صراحة ولا كفرها برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، بل تدَّعي الإسلام والإيمان زورًا وتلبيسًا• ولا يخفى ما في هذا من التلبيس والخداع الذي يحتاج فيه الدعاة والمجاهدون إلى وقت ليس بالقصير، وجهد ليس بالقليل ليصبروا ويكفوا أيديهم ويركزوا على إزالة هذا اللبس وبيان حقيقة الإيمان الحق، وحقيقة الكفر والنفاق، وحقيقة سبيل المجرمين مع الإعداد الشامل المذكور في المراتب السابقة•
ولو قفزت مرحلة البيان للناس والإعداد الإيماني للمجاهدين إلى مرحلة الصدام مع هؤلاء الزنادقة المعاصرين فلا يخفى على اللبيب المتتبع لسنن الله عز وجل، وسنن المرسلين، ورصيد التجارب في القديم والحديث ما نشأ وينشأ من جراء ذلك من المفاسد والفتن والشرور...).



ونقل عن سيد في ص 33 كلاماً يقرر فيه أن الألوهية تتمثل في الحاكمية!!! وأما أمور العقيدة الأخرى فهي متروكة لحرية الاعتقاد وحرية الوجدان!!

وهو قوله:

(....فالإسلام منهج الله للحياة البشرية• وهو منهج يقوم على إفراد الله وحده بالألوهية - متمثلة في الحاكمية - وينظم الحياة الواقعية بكل تفصيلاتها اليومية! فالجهاد له جهادٌ لتقرير المنهج وإقامة النظام. أما العقيدة فأمرها موكول إلى حرية الاقتناع، في ظل النظام العام، بعد رفع جميع المؤثرات .. ومن ثم يختلف الأمر من أساسه، وتصبح له صورة جديدة كاملة•
وحيثما وجد التجمع الإسلامي، الذي يتمثل فيه المنهج الإلهي، فإن الله يمنحه حق الحركة والانطلاق لتسلم السلطان وتقرير النظام، مع ترك مسألة العقيدة الوجدانية لحرية الوجدان •• فإذا كف الله أيدي الجماعة المسلمة فترة عن الجهاد، فهذه مسألة خطة لا مسألة مبدأ، مسألة مقتضيات حركة لا مسألة مقررات عقيدة....).

ونقل عن العلياني كلاماً يطلق فيه القول بكفر الحاكم بغير ما أنزل الله, قال في ص79:

(....لأجل هذا شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجهاد حتى مع الإمام الفاجر الذي لم يصل إلى درجة الكفر؛ لأن بقاء الإسلام وأهله يحكمهم فاسق خير لهم من أن يحكمهم كافر يحكم بغير ما أنزل الله؛ فإن الحكم بغير ما أنزل الله هو سبب فساد الأرض.....).

وذكر في الهامش: أهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية" د. العلياني: (ص252).

وقال في ص 28:

(....فمتى كان في المسلمين قوة وجب عليهم أن ينشروا هداية الله عز وجل في العالم، ولا يتركوا مكانًا تعلو فيه كلمة الكفر إلا فتحوه وأعلو كلمة التوحيد فيه• فإن لم يكن بهم قوة فلا أقل من أن يدافعوا عن بلادهم التي تحت أيديهم حتى لا يعلوا فيها الكفر ويفتن الناس في دينهم، مع إعدادهم لجهاد الفتح والطلب...).

تفسيره الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتفسير الخوارج والمعتزلة الذين يفسرونه بالخروج على الحكام (!!)

حيث يقول ص 3:


(....ومما لا شك فيه أن الجهاد في سبيل الله تعالى ضرب مهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ إذ لا بد منه للأمة التي تدعو إلى الله عز وجل وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؛ وذلك في مرحلة من مراحلها؛ وذلك إما بجهاد الدفع عندما تبتلى الأمة بمن يفتنها في دينها أو دمائها أو أعراضها فيفرض عليها المدافعة فرضًا حسب الإمكان وإلا الفناء والهلاك، أو بجهاد الطلب ونشر دين الله تعالى عندما تكون قادرة على ذلك؛ إذ إن من سنن الله تعالى أن يجد الدعاة أنفسهم وهم يتقدمون بالدعوة إلى الناس أن الطواغيت يحولون بينهم وبين وصول الحق إلى الناس وأن يكون الدين كله لله، فيشرع حينئذ جهاد المفسدين الصادين عن سبيل الله تعالى حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله تعالى• وهذا فرع عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي تقوم من أجله الدعوة وتبذل فيه التضحيات في سبيل الله تعالى....).


نقله نقولات سيئة عن سيده "سيد قطب" يدعو فيها إلى الخروج على الحكام:
فمنها:

قول سيد في ص 29:


(....إنها مبررات تقرير ألوهية الله في الأرض، وتحقيق منهجه في حياة الناس، ومطاردة الشياطين ومناهج الشياطين، وتحطيم سلطان البشر الذي يتعبد الناس، والناس عبيد لله وحده، لا يجوز أن يحكمهم أحد من عباده بسلطان من عند نفسه وبشريعة من هواه ورأيه! ....).

وقول سيد في ص 30:

(....حقًا إنه لم يكن بد لهذا الدين أن يدافع المهاجمين له؛ لأن مجرد وجوده، في صورة إعلان عام لربوبية الله للعالمين، وتحرير الإنسان من العبودية لغير الله، وتمثل هذا الوجود في تجمع تنظيمي حركي تحت قيادة جديدة غير قيادات الجاهلية، وميلاد مجتمع مستقل متميز لا يعترف لأحد من البشر بالحاكمية؛ لأن الحاكمية فيه لله وحده •• إن مجرد وجود هذا الدين في هذه الصورة لا بد أن يدفع المجتمعات الجاهلية من حوله، القائمة على قاعدة العبودية للعباد، أن تحاول سحقه، دفاعًا عن وجودها ذاته• ولا بد أن يتحرك المجتمع الجديد للدفع عن نفسه....).

ونقل عن سيد في ص 32 قوله:

(....والإسلام ليس مجرد عقيدة حتى يقنع بإبلاغ عقيدته للناس بوسيلة البيان. إنّما هو منهج يتمثل في تجمع تنظيمي حركي يزحف لتحرير كل الناس. والتجمعات الأخرى لا تمكنه من تنظيم حياة رعاياها وفق منهجه هو، ومن ثم يتحتم على الإسلام أن يزيل هذه الأنظمة بوصفها معوقات للتحرير العام. وهذا - كما قلنا من قبل - معنى أن يكون الدين كله لله؛ فلا تكون هناك دينونة ولا طاعة لعبد من العباد لذاته، كما هو الشأن في سائر الأنظمة التي تقوم على عبودية العباد للعباد! ....).
====================================

وقال في ص76:

(....ترك الجهاد كما مضى كبيرة من الكبائر؛ لأن فيه تعريض النفس لسخط الله عز وجل وعقابه في الدنيا والآخرة...).

فأطلق القول بأن ترك الجهاد كبيرة من الكبائر دون تفصيل!!

رغم أنه نقل قبلها بصفحة - 75 - عن ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر قوله: (الكبيرة التسعون والحادية والثانية والتسعون بعد الثلاثمائة: ترك الجهاد عند تعينه؛ بأن دخل الحربيون دار الإسلام أو أخذوا مسلمًا وأمكن تخليصه منهم، وترك الناس الجهاد من أصله، وترك أهل الإقليم تحصين ثغورهم بحيث يخاف عليها من استيلاء الكفار بسبب ترك ذلك التحصين).

فقيد الإثم بترك الجهاد عند التعين, وفي الصفحة التي تليها أطلق القول – أي الجليل – بأن ترك الجهاد كبيرة من الكبائر دون تفصيل!!


القول بأن سبب ضعف المسلمين وتأخرهم هو ترك الجهاد, قال في ص79:

(....وهذا أمر مشاهد وبارز في عصرنا اليوم؛ حيث تسلط الكفار على بلدان المسلمين، وعاش المسلمون في مؤخرة الركب؛ يأكل الكفار خيراتهم، ويتدخلون في شؤونهم، ويتسلطون عليهم بأنواع الذلة والمهانة؛ وما ذاك إلا بتعطيل أحكام الله وترك الاحتكام إلى شرعه، ومن ذلك تعطيل شعيرة الجهاد....).

أن سبب العداوة والفرقة بين المسلمين هو تعطيل الجهاد, وسوء أدبه مع الصحابة رضي الله عنهم, واتهامهم بتعطيلهم للجهاد:

قال في ص81-82 تحت عنوان المخاطر والعواقب السيئة لترك الجهاد:

5- إلقاء العداوة والفرقة بين المسلمين: وهذا أمر مشاهد؛ فما من وقت تركت فيه الأمة الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا انشغلت بنفسها ووجه المسلمون حرابهم إلى صدور إخوانهم وانشغل بعضهم ببعض•
ونظرة فاحصة إلى أيام الفتن التي تلت مقتل عثمان رضي الله عنه تطلعنا على أثر ترك الجهاد في سبيل الله، وما يحدثه من الفتن والاختلاف والافتراق؛ فلقد توقف غزو الكفار طيلة تلك المدة، ولم يستأنف المسلمون فتوحاتهم إلا بعد أن اجتمعت الكلمة على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وهدأت الفتنة•
ذكر الذهبي - رحمه الله تعالى - في السير عن سعيد بن عبدالعزيز قال: "لما قتل عثمان رضي الله عنه ووقع الاختلاف لم يكن للناس غزو حتى اجتمعوا على معاوية رضي الله عنه، فأغزاهم مرات، ثم أغزى ابنه في جماعة من الصحابة برًا وبحرًا حتى أجاز بهم الخليج وقاتلوا أهل القسطنطينية على بابها ثم قفل"(86).
ونظرة أخرى إلى واقعنا المعاصر وما جرى فيه من تعطيل لشرع الله عز وجل - ومن ذلك الجهاد في سبيل الله - ترينا كيف حلَّ بالمسلمين من الفرقة والتحزب والاختلاف بين المسلمين حيث انشغل بعضهم ببعض• وما ذاك إلا من الانحراف عن المنهج الحق وتعطيل هذه الشعيرة العظيمة وما ترتب عليها من تسلط الكفار على بلاد المسلمين وتأجيجهم نار الخلاف والفرقة والتحريش بين المسلمين، وهذه سنة الله عز وجل في كل من أعرض عن شرعه سبحانه ونسي حظًا مما ذكر به قال تعالى: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة:14)....).

ونخلص من كلامه السابق إلى أمرين خطيرين:
الأول:

أن سبب العداوة والفرقة بين المسلمين هو تعطيل الجهاد!!
قلتُ: وهذا ذهول عن السبب الحقيقي للعداوة والفرقة التي بين المسلمين!! الذي هو ابتعاد كثير من المسلمين عن العقيدة الصحيحة, بل ومحاربتهم لها!!
فالفُرقة بين المسلمين قد بدأت في آخر عهد الصحابة, وسببها هو ترك العقيدة السلفية من قبل كثير من طوائف المسلمين, والجري وراء البدع والضلالات من علم الكلام, وعقائد الفلاسفة والخرافيين.


الثاني:
اتهامه الصحابة بتعطيل الجهاد, وأن هذا التعطيل هو سبب الفتنة والقتال بين علي ومعاوية رضي الله عنهما (!!) وهذا قلب للحقائق لا يخفى على أحد.
وطعن وافتراء واضح في علي رضي الله عنه, إذ كيف يجرؤ على اتهام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأنه قد عطَّل الجهادّ!! وأن هذا التعطيل هو الذي أدى إلى الفتنة بينه وبين معاوية رضي الله عنه!!
(سبحانك هذا بهتان عظيم).


جعله العلم بأصول التكفير, وما يترتب عليه من أحكام من العلم العيني الذي يجب على كل مسلم معرفته!!

حيث قال في ص 105-106:


(....والعلم الذي يجب أن يستعد به المجاهدون في سبيل الله عز وجل نوعان: 1- عيني• 2- وكفائي•
أما العيني: فهو الذي يعنينا في هذا المقام وهو في حق المجاهد نوعان:
أ - نوع عام: يشترك فيه المسلمون جميعًا، وهو العلم بالفقه الواجب على كل مسلم، وهو: الفقه بالعقيدة، والفقه بالأحكام العينية، ومن ذلك فهم أصول الإيمان الستة على مذهب السلف الصالح، ومعرفة الإيمان والتوحيد وأنواعه، وما يضاده من الكفر والشرك والنفاق، والمعرفة المجملة بضوابط التكفير، وما يترتب على ذلك من الأحكام....).

قلتُ: وماذا لو دخل العوام في هذا المسلك الوعر الذي يدعوهم إليه الجليل, والذي لا يحسنه إلا القلة القليلة من العلماء الربانيين!! هل سيرجعون إلى علمائهم في أمور التكفير الخطيرة؟!! أم أنهم سيستبدون بآرائهم, وستنتشر فوضى التكفير في المجتمع!!


دعوته من سماهم بالمجاهدين إلى تبني وسائل إعلامية وموارد مالية خاصة بهم, حيث يقول في ص163:

(....كما لا ننسى وسائل الإعلام الحديثة وأثرها في توسيع قاعدة الدعوة وإيصالها إلى فئام كثيرة من الناس، وهذا يؤكد ضرورة تميز الدعاة والمجاهدين بمؤسساتهم الإعلامية المتميزة النظيفة التي يرى فيها الناس الحق ويسمعونه، ويرون القدوات والقادة من العلماء والدعاة الذين يصدرون عن مواقفهم ويستمعون توجيهاتهم، ويتبصرون بسبيل المجرمين فينفرون منها ومن أهلها•
كما لا ننسى دور المال في التعريف بسبيل المؤمنين وبسبيل المجرمين على نطاق واسع؛ فإذا لم يكن هناك ما يدعم الوسائل الإعلامية ويسهم في إنشائها فسيكون أثر البيان ضعيفًا• وهذا مما يعوق الدعوة ويؤخرها...).

وقال في ص200-201:

(....ولذا وجب السعي في توفير مصادر مالية ثابتة لدعم الجهاد والإعداد له؛ وذلك بإقامة المؤسسات الاقتصادية، وبث روح البذل في الأمة وبخاصة الموسورن فيها، وإقامة المؤسسات الخيرية التي تعلم وتدعو وتدعم المحتاجين من المسلمين المهاجرين والمستضعفين...).


دعوته مجاهديه إلى التجميع دون الالتفات إلى الخلافات مطلقاً, ولم يفرق بين مسائل العقيدة والمسائل الفقهية (!!) بل واعتبرها جميعاً فروع (!!) ولا عجب من ذلك, إذا عرفنا أن المؤلف قد تربى على دعوة الإخوان المفلسين. حيث يقول في ص165:

(....وهذا لا يعني أن لا يحصل اختلاف في وجهات النظر وبعض الاجتهادات بين الدعاة والمجاهدين، لكنها لا يجوز أن تؤدي إلى الافتراق والمنابذة، ولنا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ حيث اختلفوا في بعض المسائل لكنهم بقوا صفًا واحدًا وقلوبًا متآلفة فبارك الله فيهم وفي عملهم وجهادهم ودعوتهم• فالاجتماع أصل، والمسائل التي قد يختلف عليها فروع، فلا يجوز بحال أن نضيع الأصل وهو الاجتماع لنحافظ على فرع، وإلا كنا كمن يهدم مصرًا ليبني قصرًا...).


دعوته من أسماهم بالمجاهدين إلى إيجاد قاعدة من الرجال الأكفاء المخلصين, لأوقات الشدائد (!!) فقال في ص190-191:

(....مع التأكيد على ضرورة العناية بطائفة من الذين يعدون أنفسهم للجهاد، والذين تظهر عليهم علامات الصدق والجد والإخلاص والهمة العالية لتكميل هذه المراتب؛ فهؤلاء وأمثالهم ينبغي أن يكون لهم شأن آخر في الإعداد، وأن لا يتسامح معهم كما يتسامح مع غيرهم، وإنما يطلب منهم تكميل هذه المراتب قدر الإمكان؛ حتى يكونوا على قدر من العلم بالشريعة والواقع يؤهلهم لتربية أنفسهم والتأثير على الناس، ويكونوا على قدر كبير من: العمل الصالح، والإخلاص، والصدق، والتوكل على الله عز وجل، والزهد في الدنيا، والتقرب إلى الله عز وجل بالطاعات فرضها ونفلها؛ حتى يتحملوا الشدائد ويكونوا قدوات لغيرهم في العلم والعمل، ويكونوا على قدر كبير من الدعوة والتأثير في الناس وبيان الحق والباطل لهم، وعلى قدر عظيم من الصبر يتحملون به ما يواجههم من الأذى والابتلاء من الكفار والمنافقين وأصحاب القلوب المريضة•
وهذه الفئة من الدعاة والمجاهدين ضرورية لأنها بمثابة القاعدة الصلبة التي يثبتها الله عز وجل عند الشدائد، ويثبت بها الصف الإسلامي من التفكك والاضطراب عند النوازل...).

وهذه القاعدة الصلبة تحتاج لاستمراريتها إلى البحث الدائب عن المواهب, والعناية بها لتنخرط فيما بعد في صفوف المجاهدين!! ولذلك تجده يقول في ص 192:

(....لذلك كان من الواجب على الدعاة أن يختاروا ذوي المواهب العالية في العلم والعمل والذكاء والقدرة على الاستيعاب، والصبر والجلد والقيادة؛ يولوهم من العناية ما يأخذ بأيديهم إلى المستوى اللائق بهم، ويدربوهم على تحمل مسؤولياتهم؛ كلٌّ فيما يظهر أنه أنفع فيه من غيره، وذلك هو الذي يضمن بتوفيق الله استمرار صفوف الدعاة إلى الله وقادتها؛ لأن القائد الواحد يربي قادة، والصف يربي صفوفًا؛ كلما ذهب قائد حل قائد آخر محله، وكلما ذهب صف تقدم إلى مكانه الصف الذي يليه، كما يضمن بقاء الروح الجهادية في النفوس ...).

وحفاظاً على هذه القاعدة الصلبة فإنه يدعو من يسميهم بالمجاهدين إلى تحري السرية, وعدم السماح لمن أسماهم بالمنافقين (يقصد المباحث) باختراق الصف, حتى لا يوصلوا أخبار المجاهدين أوليائهم من الطواغيت والكفرة, فقال في ص193-194:

(....الحذر من اختراق المنافقين للصف المسلم، وتبوّئهم للمراتب العليا فيه :
وهو مرتبط بما قبله؛ وذلك من جهة التأكيد على ثمرة مهمة من ثمار الإعداد القوي للقاعدة الصلبة؛ ألا وهي تحصين الصف المسلم أثناء الإعداد وأثناء الجهاد من المنافقين الذين يظهرون الصلاح وحب الدعوة والجهاد حتى يخترقوا صفوف الدعاة والمجاهدين ويصلوا إلى مستويات متقدمة في التوجيه والتأثير، وهدفهم من الاختراق أمور خطيرة من أهمها: زعزعة الصف من داخله، وبث الشقاق والفرقة بين الدعاة والمجاهدين، ومن أخطر أهداف الاختراق: الإطلاع على خطط الدعاة وأسرار المجاهدين وإيصالها إلى أوليائهم من الطواغيت والكفرة حتى يقطعوا على الصف المسلم أهدافه ويعرضوا أهله للبلايا والمحن...).

ولذلك تجده يؤكد على عدم تمكين كل من كان له تاريخ في النفاق حتى وإن تاب!! فيقول في ص194:

(....ومن أهم وسائل التحصين الاهتمام بالقاعدة الصلبة، وحسن إعدادهم وتربيتهم ولو طال الزمان، وأن لا يصل إلى مستوى التوجيه والإعداد إلا من صهرته التربية وظهر صبره وفضله وتقواه وصدقه، وأن يحرص على التربية الجادة ودقة الاختيار، والحذر ممن كان له تاريخ في النفاق ولو صلح بعد ذلك، وكذلك الحذر من كل من ارتفع اسمه فجأة في أوساط الدعاة، ومعرفة السبب في اشتهاره هل هو عمله أم أن جهات أخرى تولت هذه المهمة؟! فينبغي الحذر من أمثال هؤلاء فلا تسند إليهم مسؤوليات مهمة في الدعوة والإعداد...).

ثم يذكر بعد ذلك كلاماً مطولاً لمحمد سرور نايف زين العابدين عن خطر المنافقين, ويسميه أحد الدعاة الناصحين (!!)

حيث قال ص 195-197:

(.... وعن خطر المنافقين في واقعنا المعاصر وضرورة تحصين الصف منهم يقول أحد الدعاة الناصحين : "مرت فترات من عصرنا الحديث اشتد فيها عود الجماعات الإسلامية، وقويت شوكتها، وعلا أمرها، وتحقق لها بعض أهدافها في أكثر من بلد من عالمنا الإسلامي الكبير•
وفي مثل هذه الأجواء يستغل المنافقون مبدأ التوبة إلى الله، فيترددون على المساجد، ويشهدون حلقات الذكر، ويكتبون المقالات التي يعربون فيها عن ندمهم على ما اقترفته أيديهم من ذنوب ومعاص، ويتبرأون من ماضيهم الأسود، ويشنون حربًا ضروسًا على رفاق دربهم القدامى من الفاسدين والعلمانيين•
ويرحب بتوبتهم الذين يأخذون الأمور على ظواهرها من الدعاة وبعض قادة الجماعات، وإذا قيل لهم: احذروا من هؤلاء الوافدين الجدد، ولا تسندوا إليهم مناصب قيادية، وتذكروا ظهور النفاق بعد غـزوة بـدر الكبرى، ولا تنسـوا أنَّ تفشي هـذه الظاهـرة يكثر بعـد انتصارات الدعاة والجماعات الإسلامية؛ قالوا: لم نكلف بالبحث عن نوايا الناس وما تخفيه قلوبهم، والذي نعلمه أن التوبة تجب ما قبلها، والله جل وعلا يغفر الذنوب جميعًا، إنه هو الغفور الرحيم•
ونحن لا نطلب من إخواننا الدعاة القادة البحث عن نوايا الناس، وما تكنه قلوبهم، ولا نريد منهم طرد من جاء تائبًا مستغفرًا؛ ولكن الذي نريده ونؤكد عليه ألا تسند لهؤلاء التائبين وظائف قيادية لأن علمهم الشرعي وماضيهم لا يسمحان بذلك•
وفي خضم هذه الأنشطة السياسية التي تنقصها التربية والإعداد تم اختراق معظم الجماعات الإسلامية من قبل أشخاص مشبوهين يقولون ما لا يفعلون، ويظهرون ما لا يبطنون، أو من قبل أشخاص مترفين يظنون أن الدعوة إلى الله، والعمل من أجل تحكيم شريعته خالية من التمحيص والابتلاء وخشونة العيش ••• وإذا كانت معارك الموحدين الدعاة مع الطغاة دائمة ومستمرة، وشعار الحذر يجب أن يستمر مرفوعاً، فهناك مراحل تتضاعف فيها الحاجة إلى الحذر، ومنها هذه المرحلة التي مضى عليها أكثر من عقدين، وشهدنا فيها سقوط أصنام متعددة: شهدنا سقوط الصنم القومي، والصنم الثوري الاشتراكي، وشهدنا سقوط رائد القومية والتقدمية والوحدة، الصنم الذي عبده كثير من الجماهير من دون الله•
كفر الناس بهذه الأصنام كلها، وأيقنوا أن بعدهم عن الإسلام هو سبب هذه الهزائم المتكررة، وعاد الشباب إلى دين الله أفواجاً، وأصبحت الصحوة الإسلامية حديث الشرق والغرب، وقويت شوكة الجماعات الإسلامية، وكثر أنصارها ••• إن قوة الدعاة والجماعات الإسلامية مسألة تهدد كل طاغية وتنذر بزواله، فلا بد من تسخير جميع إمكاناتهم وتنسيق جهودهم من أجل وأد الصحوة في مهدها• ومن الأساليب التي يستخدمونها كما قلنا فيما مضى زرع جندهم داخل الصف الإسلامي، والعمل على ضرب هذا الصف من داخله، وهذه هي المرحلة التي تتضاعف فيها الحاجة إلى الحذر واتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث كان يختار أمراءه وولاته من الصحابة الذين تنطبق عليهم الشروط الشرعية التي ينبغي أن تتوفر في أهل الحل والعقد، وكانت الأفضلية للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم، واستمر هذا النهج بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما كان في عهد أبي بكر رضي الله عنه وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذين كانا يتشددان في اختيار الولاة وكانا في شخصيهما قدوة حسنة لكل مسؤول ••• أما القواعد والأسس التي يتم على أساسها اختيار المسؤولين فثابتة• وأهمها: الأمانة والتقوى، وأن لا يكون المسؤول ممن يسعى ويعمل من أجل الوصول إلى المنصب"....).

ثم يقول في الهامش: انظر "مجلة السنة" الأعداد: (31، 33، 35، 36، 37، 39، 41، 42) باختصار شديد وتصرف يسير (!!)

دعوته الخطباء والدعاة إلى عدم الإنكار العلني على من أسماهم بالمجاهدين (!!) وفي الوقت نفسه يدعوهم إلى نقد الحكام (!!)

حيث يقول في ص204-205:


(....إن المجاهدين بشر كغيرهم يخطئون ويصيبون، ولا عصمة لأحد بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولكن ينبغي الحذر كل الحذر عندما يكون هناك حاجة إلى ذكر هذه الأخطاء والتناصح حولها أن لا تكون في منابر عامة قد يفهم منها التعريض بالجهاد والمجاهدين، وقد يكون إبرازها في المنابر العامة مقصود لذاته من قبل أعداء الدين وأعداء الجهاد والدعاة والمجاهدين؛ وذلك ليوظفوها في مخططهم الماكر في القضاء على الدعاة الصادقين وتعطيل شعيرة الجهاد والاحتساب• وفي عدم الانتباه لمآلات الكلام عن أخطاء المجاهدين مفسدة كبيرة قد يجد المتحدث نفسه متورطًا في الإسهام مع أعداء الدين في عرقلة الدعاة والمجاهدين في إحياء الأمة من سباتها• وقد يجد نفسه وهو لا يشعر في خندق الطواغيت من الكافرين والمنافقين•
ولو وجد الداعية نفسه مضطرًا للتعليق على بعض الأخطاء فيمكنه أن يتحدث عن ذلك بعبارة لا يستطيع الإعلام الماكر ومن وراءه أن يستفيدوا من ذلك في الوصول إلى مبتغاهم؛ وذلك كأن يثني على المجاهدين وأثرهم في إحياء الجهاد والعزة ودورهم في الدفاع عن بلدان المسلمين وأعراضهم، ودورهم في إرهاب الكفار، في الوقت الذي يتولى بالنقد والفضح تلك الأنظمة الطاغوتية التي تتولى الكفار وتضع نفسها في خندقهم في مواجهة الدعاة والمجاهدين• ثم يشير بعد ذلك إلى ما يراه من ملاحظات وأخطاء قد تصدر من بعض الطوائف الجهادية، وإن كان هناك ثمة عذر يشير إليه، وإن لم يجد فيضعها في حجمها الطبيعي، ويتوجه بالنصح للمجاهدين بعبارات مضمونها الود والشفقة والنصح والولاء•
إنه متى كان الحديث بهذه النفسية، وبهذا الحذر فلا أظن الإعلام الماكر سيسمح لأحد من الدعاة فضلاً عن أن يدعوه ويبرزه للناس ليقول هذا الكلام في منابره•
كما أن المجاهدين سوف لن تُجرح نفوسهم من هذا الداعية الذي هذا مقصده وهذا طرحه، ولن يتهموه بأنه من المخذلين أو أنه من الذين يعرضون بالمجاهدين ويشمتون بهم...).


قال في ص 28 في معرض كلامه في رد شبهة أن الجهاد في الإسلام إنما شرع للدفاع عن النفس والأوطان, فيقول:

(....فيكفينا فيه ما سطرته يد الداعية المجاهد سيد قطب رحمه الله تعالى في ظلال القرآن الكريم؛ حيث لم أعثر حسب إطلاعي القاصر على من تكلم في هذا الموضوع المهم بكل عزة وصراحة كما تكلم هذا الرجل عليه رحمة الله....).

فقلت:
هذا إما لأنك لا تقرأ إلا لسيد, أو أنك لا ترى إلا سيد, ولا ترى علماء السنة (!!) ولو قرأت لعلماء التوحيد والسنة لوجدتهم قد ردوا على هذه الشبهة.
فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: (.. فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف, أو في وقت هو فيه مستضعف, فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين, وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين, وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون ا.هـ.
الصارم المسلول على شاتم الرسول (2/413-414).

وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: (وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الطور الثاني وهو القتال لمن قاتل المسلمين والكف عمن كف عنهم قد نسخ, لأنه كان في حال ضعف المسلمين، فلما قواهم الله وكثر عددهم وعدتهم أمروا بقتال من قاتلهم ومن لم يقاتلهم, حتى يكون الدين كله لله وحده، أو يؤدوا الجزية إن كانوا من أهلها.
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن الطور الثاني لم ينسخ بل هو باق يعمل به عند الحاجة إليه، فإذا قوي المسلمون واستطاعوا بدء عدوهم بالقتال وجهاده في سبيل الله فعلوا ذلك عملا بآية التوبة وما جاء في معناها، أما إذا لم يستطيعوا ذلك فإنهم يقاتلون من قاتلهم واعتدى عليهم، ويكفون عمن كفَّ عنهم عملا بآية النساء وما ورد في معناها، وهذا القول أصح وأولى من القول بالنسخ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله, وبهذا يعلم كل من له أدنى بصيرة أن قول من قال من كتّاب العصر وغيرهم: أن الجهاد شرع للدفاع فقط قول غير صحيح، والأدلة التي ذكرنا وغيرها تخالفه، وإنما الصواب هو ما ذكرنا من التفصيل كما قرر ذلك أهل العلم والتحقيق، ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه رضي الله عنهم في جهاد المشركين اتضح له ما ذكرنا، وعرف مطابقة ذلك لما أسلفنا من الآيات والأحاديث, والله ولي التوفيق).
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة, للشيخ عبدالعزيز بن باز (2/440).



دعوته الدعاة وأصحاب الخطاب الدعوي إلى تعرية نظام "الطاغوت" للناس, وبيان حقيقته (!!) فقال في ص183-184:

(....وإن جهاد النفس، والبيان للناس ليس أمرًا هينًا• وأصحابه معرضون لأذى الأعداء وسجونهم وتعذيبهم؛ لأن جهاد البيان يقتضي بيان الحق، وفضح ما يضاده من الباطل، وهذا أمر لا يرضى به الكفار والمنافقون ومن ثم سيجندون وسائلهم المختلفة من تشويه، وترغيب وترهيب، وكل ما يستطيعون لإخماد صوت الحق وإسكات أهله• وهذا كله بلاء وفتنة يتعرض لها الدعاة الذين يعدون أنفسهم وأمتهم للجهاد، وليكون الدين كله لله•
وإن مما يؤسف له أن الخطاب الدعوي اليوم يفتقد إلى البلاغ المبين، بل إن كثيراً منه يعطي الشرعية للطاغوت إما ضمناً وهو الأكثر وإما تصريحاً؛ ولا يخفى ما في ذلك من التلبيس•
والواجب على رموز الدعوة أن يبينوا الحق والباطل للناس ويتجنبوا الخطابات السياسية التي تشوش وتلبس على الناس
فهذا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه لما سأله النجاشي عن قولهم في المسيح كان البيان منه واضحًا صريحاً• وكان هذا الجواب منه يمكن أن ينهي وجود المسلمين معه في الحبشة• لكن جعفرًا وأصحابه رضي الله عنهم قد تعلموا من مدرسة النبوة أن لا تنازل عن الثوابت والمحكمات حتى في مرحلة السلم والاستضعاف...).

وقال في ص93-94:

(....إذا كان العدو منافقًا أو مرتدًا قد التبس أمره على المسلمين فلا بد أن يسبق ذلك جهاد البيان وفضحه للناس حتى يستبينوا سبيل المجرمين وتتضح راية الكفر للناس، وفي نفس الوقت يُعَرِّف المجاهدون أنفسهم للناس حتى يتبينوا حقيقة دعوتهم وأهدافهم، وأنهم لا كما يصورهم إعلام المجرمين بأنهم إرهابيون مفسدون خارجون على الشرعية• وسيأتي تفصيل هذه المسألة قريباً إن شاء الله تعالى...).

وقال في ص150-152:

(....ولكن لما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يبدأ بجهاد البيان والبلاغ للناس، وتعريفهم بحقيقة سبيل المؤمنين الموحدين، وحقيقة سبيل الكافرين والمجرمين، كان لزامًا قبل جهاد الكفار والمرتدين أن يكون جهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تأخذ الدعوة حظها من البيان والتعريف للناس بحقيقة دين الإسلام وشموله، وحقيقة المنافقين والمجرمين الذين يتسلطون على الناس ويستعبدونهم، ويستخدمون في ذلك جميع الوسائل الإعلامية التي يسيطرون عليها في نشر باطلهم وثقافتهم والتلبيس على الناس بأنهم أصحاب حق وشرعية، وتشويه سمعة الدعاة الصادقين، ووصفهم بالتطرف والسعي إلى الفتنة والفساد، والخروج على الشرعية!! والحديث هنا منصب على جهاد الطلب في واقع لم يستبن فيه الناس سبيل المؤمنين ولا سبيل المجرمين، وإنما الوضع عندهم ملتبس أو منعكس؛ بحيث ينظرون إلى المجرمين على أنهم مصلحون وإلى المؤمنين على أنهم مفسدون•
أما جهاد الدفع، فكما أشرت في أكثر من مرة إلى أنه في الغالب تكون فيه راية الكفر قد اتضحت، وكذلك راية المؤمنين الذين يدفعون العدو عنهم وعن المسلمين، فلا لبس حينئذ ولا فتنة، وأما جهاد الطلب فإن من يتخطى فيه جهاد البيان إلى جهاد السنان سيجد نفسه متورطًا في مواجهة إخوانه المسلمين الذين يعيشون في ظل الأنظمة الكفرية التي لُبِّس أمرها على الناس فلم يعرفوا المجاهدين ولم تصل إليهم حقيقة دعوتهم، وليس عندهم إلا ما يتلقونه من إعلام المجرمين من تضليل وعكس للحقائق• وأما إذا أخـذت الدعـوة حظهـا من البيـان والبلاغ، ووصل الحق إلى الناس وزال اللبس عنهم واتسعت قاعدة الدعوة، وحصل الحد الأدنى من تربية الناس على المفاهيم الصحيحة لهذا الدين وبيان حقيقة المجرمين المتسلطين، وبيان كفرهم وفسادهم؛ فإنه حينئذ يستطيع المجاهدون إذا ملكوا الحد الأدنى من القدرة المادية والإعداد الإيماني أن يواجهوا عدوهم الذي قد عرَّفوا الناس حقيقته وعرَّفوا حقيقة سبيل المؤمنين وأهدافهم النبيلة، فإذا اختار أحد من الناس سبيل المؤمنين أو سبيل المجرمين فإنه يكون قد اختاره عن علم ورضى واختيار، فحينئذ يزول الحرج الشرعي من قتال الكفار ومن هو في صفهم؛ لأن البينة قد تمت، والحجة قد قامت، وحينها يهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة....).

ونقل كلاماً عن سيد يصدِّق قوله السابق, حيث يقول في ص 154:

(....ومن هنا يجب أن تبدأ كل حركة إسلامية بتحديد سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين؛ يجب أن تبدأ من تعريف سبيل المؤمنين وتعريف سبيل المجرمين، ووضع العنوان المميز للمؤمنين، والعنوان المميز للمجرمين، في عالم الواقع لا في عالم النظريات• فيعرف أصحاب الدعوة الإسلامية والحركة الإسلامية من هم المؤمنون ممن حولهم ومن هم المجرمون بعد تحديد سبيل المؤمنين ومنهجهم وعلامتهم، وتحديد سبيل المجرمين ومنهجهم وعلامتهم؛ بحيث لا يختلط السبيلان ولا يتشابه العنوانان؛ ولا تلتبس الملامح والسمات بين المؤمنين والمجرمين....).

ونقل عن سيد – أيضاً - في ص 155-156 قوله:

(....أشق ما تعانيه هذه الحركات هو عدم استبانة طريق المسلمين الصالحين، وطريق المشركين المجرمين، واختلاط الشارات والعناوين، والتباس الأسماء والصفات، والتيه الذي لا تتحدد فيه مفارق الطريق!
ويعرف أعداء الحركات الإسلامية هذه الثغرة فيعكفون عليها توسيعًا وتمييعًا وتلبيسًا وتخليطًا حتى يصبح الجهر بكلمة الفصل تهمة يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام! •• تهمة تكفير "المسلمين"!! ويصبح الحكم في أمر الإسلام والكفر مسألة المرجع فيها لعرف الناس واصطلاحهم، لا إلى قول الله ولا إلى قول رسول الله! هذه هي المشقة الكبرى •• وهذه كذلك هي العقبة الأولى التي لا بد أن يجتازها أصحاب الدعوة إلى الله في كل جيل!
يجب أن تبدأ الدعوة إلى الله باستبانة سبيل المومنين وسبيل المجرمين •• ويجب ألا تأخذ أصحاب الدعوة إلى الله في كلمة الحق والفصل هوادة ولا مداهنة، وألا تأخذهم فيها خشية ولا خوف، وألا تقعدهم عنها لومة لائم، ولا صيحة صائح: انظروا! إنهم يكفرون المسلمين! ••)
••• أجل، يجب أن يجتاز أصحاب الدعوة إلى الله هذه العقبة، وأن تتم في نفوسهم هذه الاستبانة، كي تنطلق طاقاتهم كلها في سبيل الله لا تصدها شبهة، ولا يعوّقها غبش، ولا يميعها لبس؛ فإن طاقاتهم لا تنطلق إلا إذا اعتقدوا في يقين أنهم هم "المسلمون"، وأن الذين يقفون في طريقهم ويصدونهم ويصدون الناس عن سبيل الله هم المجرمون" ا•هـ...).


ونقل في ص 44 قول سيد:

(....إنه لن يفقه أحكام هذا الدين إلا الذين يجاهدون في حركة تستهدف تقرير ألوهية الله وحده في الأرض، ومكافحة ألوهية الطواغيت....).


دعوته إلى الخروج للدعوة, الذي يشم منه رائحة جماعة التبليغ, وإن لم يصرح بذلك, حيث يقول في ص127-128:

(....وإن مما يعين على الزهد وترك الترف محاولة الانتقال من حياة الدعة والترف ما بين الفينة والأخرى؛ وذلك كأن يخصص الداعية أيامًا أو أسابيع في السنة يفارق فيها أهله وبلده ضمن برنامج دعوي في بعض القرى أو الهجر أو الأماكن النائية في الجبال والغابات التي يقطنها كثير من الناس الذين لا يعرفون التوحيد ولا كيف يصلون ولا يصومون وتنتشر فيهم الأخلاق والعادات السيئة؛ فإن مثل هذه الأجواء فيها تربية للداعية نفسه، وذلك بالتعود على حياة الخشونة والشظف، وفيها تربية وتعليم لسكان هذه الأماكن ما يجهلونه من أمر دينهم، ولا شك أن هذه الأعمال تحتاج إلى جهاد مع النفس بنقلها من حياة الدعة والترف التي تحبها إلى حياة الشظف والتعب التي تكرهها، كما أن في مثل هذه الأسفار بذلاً للمال في سبيل الله عز وجل ومجاهدة للنفس في حبها للمال والبخل به....).

في ص 178-182نقل نقلاً مطولاً من كتاب محمد قطب: "كيف ندعو إلى الإسلام"..

ونقل عن المودودي ص71 من كتابه: "شريعة الإسلام في الجهاد".


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

منقول...