البيـــع بالتقسيــط بدعــة ورثناهــا من الكفــار


السائـــل: موضــوع البيــع بالتقسيــط ، وحكــم الشــرع فيــه ، البيــع والشـــراء فيـــه يعنــي ومعامــلات البنــك الإسلاميــة بالضبـــط وشكـــراً.

الشيـــخ الألبـانـي رحمـه الله تعالــى: البيــع بالتقسيـــط أول شـــيء بدعـــة عمليـــة مـــا يعرفهـــا المسلمــون فــي كــل القـــرون الماضيـــة.

وإنمــا هــي أو هـــو مــن الوافــدات التــي وفــدت إليهـــم مــن الكفـــار الذيـــن كانـــوا مـــن قبـــل يحتلـــون بلادهـــم ويستعمرونهـــا ، ويحكمونهـــا بقوانينهـــم الكافـــرة.

ثــم لمــا رحلــوا عــن القســم الأكبـــر منهـــا ، خلفـــوا آثارهـــم السيئـــة فيهـــا.

فالمسلمـــون يعيشـــون اليـــوم علـــى تلـــك المعامــلات التــي طبعهـــم الكافـــر عليهـــا.

هــذا كبيـــان أن هـــذا النــوع مــن البيـــوع لـم يكــن ، وإنمــا حـدث بسبــب احتـــلال الكفـــار البلـــدان الإسلاميــــة.

ثانيـــاً: وهـــو الأهـــم: أن النبــي صلــى الله عليــه وسلـم كمــا قــال بـحق: (مــا تركــت شــيء يقربكــم إلــى الله إلا وأمرتكــم بــه ، ومــا تركــت شيئـــاً يبعدكـــم عــن الله ، ويقربكـــم إلــى النــار إلا ونهيتكـــم عنــــه).

مــن ذلــك أنـــه نهـــى عمــا يُسمـــى اليـــوم ببيــع التقسيــــط.

هــذا البيــع قلــتُ أولاً: إنـــه بدعـــة لـم يعرفهـــا المسلمـــون بكـــل قرونهـــم.

ولكنـــي أريـــد أن أقـــول أيضـــا هنـــا الاســم بدعــة ، مـــا فــي كتـــب الفقـــه شــيء يسمـــى (ببيــع التقسيــــط).

فـــي كتـــب المسلميــن مــا يسمـــى (بالدَّيــن) ، ويسمــى (بالقــرض الحســــن).

هــذا القـــرض الحســـن أصبــح فـي معامـــلات المسلميــن اسمـــاً بــدون اســم ، لا حقيقـــة لـــه فــي معاملاتهــم ، مــع أن النبــي صلــى الله عليــه وسلــم كمــا حــض علــى القــرض الحســـن ، وبالـــغ فيـــه إلــى درجـــة أنــه اعتبـــر قـــرض ديناريـــن كمـــا لـــو تصدقـــت بدينــار.

إذا أقرضـــت أخـــاك المسلـــم ديناريـــن ، كأنــك أخرجــت مــن جيبـــك صدقـــة دينــــار.

كمــا حــض علــى القــرض الحســـن ، نهــى عــن أخــذ الزيــادة مقابــل الصبــر علــى أخيــك المسلــم فــي الوفــاء ، وهـــذا الـــذي يسمـــى ببيـــع التقسيــــط .

فمـــاذا قـــال عليـــه الســــلام؟

قــال أولاً: (مــن بـــاع بيعتيــن فـي بيعــة فلــه أوكسهمــا).

وفـي حديــث آخـــر: (نهــى عــن بيعتيــن فــي بيعــة ، سئـــل الــراوي لهــذا الحديــث: عــن معنـــى هــذا النهــي (نهــى عــن بيعتيــن فــي بيعــة) ، قــال: أن تقــول أبيعـــك هـــذا نقـــداً بكــذا ، ونسيئـــة بكــذا وكـــذا.

أبيعـــك هـــذا الجهـــاز بـ(100) دينـــار نقـــداً ، وبــ(105) تقسيطـــاً ، أي بالديــــن.

قــال عليـــه الســـلام: (مــن بــاع بيعتيـــن فــي بيعــة فلــه أوكسهمـــا) أي أنقصهمـــــا.
أو إذا أخـــذ الزيـــادة فهـــو الربــــا.

هـــذا الجهــاز بعتَــه بـ(105) مقابـــل الصبــر ، لــو فيـــه حكـــم إسلامـــي عنـــد الأفـــراد فضـــلاً عــن الحكـــام ، لكـــان هـــذا الشـــاري المغبـــون المأخـــوذ منـــه خمســـة دنانيـــر زيـــادة مقابـــل الصبــر مــن التاجـــر للوفـــاء لـــه ، الحـــق أن يستعلـي عليـــه ، ويشكيـــه إلــى أهـــل العلـــم ، أنَّ هــذا أخـــذ منـــي خمســـة دنانيـــر ، لأنـــه صبرنـــي إلى ستـــة أشهـــر مثــــلاً.

يقولـــون لـــه: قــرض عليـــك بــأن لا تأخـــذ منــه إلا الـ(100) ، وإلا بتكـــون أخـــذت منـــه الخمســـة ربـــاً.

هــذا معنـــى قولـــه عليــه الســلام: (مـن بــاع بيعتيــن فــي بيعـــة) يعنـــي المبيـــوع واحـــد ، ولكـــن المعــروض بيعتيـــن نقــــداً بكـــذا ، ونسيئــــة بكـــذا وكــــذا.

هـــذا الرســـول عليـــه الســـلام يسمـــي الزيـــادة هـــذه هـــي النسيئـــة ، يسميهـــا ربـــاً بلســان عربــي مبيـــــن.

والحديـــث الثانـــي: (نهـــى عـــن بيعتيـــن فــي بيعـــة) يشـــرح للمسلميـــن إيـــش معنـــى بيعتيـــن فــي بيعــــة.

كذلـــك يقـــول : أن تقـــول: أبيعـــك هـــذا نقـــداً بكـــذا ، ونسيئـــة بكـــذا زائــــد كـــذا.

البنـــوك كلهـــا لا نستثنـــي منهـــا مــع الأســف مــا يُسمـــى بالبنـــوك الإسلاميــــة.

ذلـــك لأنهـــم يستغلـــون حاجـــة المحتـــاج ، فيأخـــذون منهـــم زيـــادة مقابـــل التقسيـــط ، مــع أنهــم هـــم ليســـوا تجـــاراً يبيعــــون ، وإنمــا بطريقـــة.... يعنـــي اللـــف والــدوران ، يعنـــي مـــا يسمـــى فـــي كتـــب الفقـــه بـ(الحيـــل الشرعيـــة).

بـــروح المحتــاج للبنـــك ، يقـــول لـــه: بــدِّي منــك قــرض حســـن (500) ألـــف ، كانــوا مـــن قبــل يعطــوه (500) تحــت عنـــوان القـــرض الحســن ، أمــا ألــف مــا فيـــه مجـــال ، خمـــسة عشـــر مــا فيـــه مجــــال.

كانـــوا إذا أحـــد طلـــب (500) ، مــع التدقيقـــات ، وقيـــود ، وشـــروط ، دقيقـــة ، قـــد لا يتسنـــى لكــل فقيـــر تحقيقهـــا ، مــع ذلـــك يعطـــون (500) لا أكثـــر.

أمــا إذا طلـــب ألـــف وزيـــادة ، فكانـــوا يقولــون ، ولا يزالـــون يقولـــون حتـــى بالنسبـــة للــذي يريــــد الـ(500) لأنــه هـــذا بـــاب أُغلـــق.

لمـــاذا أُغلــــق؟

لأنـــه لــم يكــن هـــو لتحقيـــق الحكـــم الشرعـــي ، أن صدقـــت قرض ديناريـــن صدقــــت دينـــــار.

مـُــو هـــذا كـــان مقصــــود.

نحـــن مـــا اطلعنـــا علـــى مـــا فــي القلـــوب ، لكـــن هـــذه أثارنـــا تــدل علينـــا ، انظـــروا بعدنـــا إلــى الآثــار ، لمـــاذا لــم يستمـــروا فــي هــذا القـــرض الحســـن ، لأنـــه مـــا كـــان لوجـــه الله ، إنمـــا كـــان لوجـــه الدعايـــــة.

لا أقـول انتهى كلام الشيخ رحمه الله تعالى ، ولكن أقول انتهى الشريط.