النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: سبب كفر بني آدم هو الغلو في الصالحين

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2004
    المشاركات
    2,615

    سبب كفر بني آدم هو الغلو في الصالحين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    سبب كفر بني آدم هو الغلو في الصالحين


    قال شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه العظيم التوحيد باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين وقول الله عز وجل: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ) .
    وفي (الصحيح) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) قال: (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم، عبدت).
    وقال ابن القيم: قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.
    وعن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله) [أخرجاه].
    وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو).
    ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً.

    قال الشيخ العلامة الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله

    والغلو هو مجاوزة الحد بأن يجعل للصالحين من حقوق الله الخاصة به شيء , فإن حق الله الذي لا يشاركه فيه مشارك هو الكمال المطلق , والغنى المطلق , والتصرف المطلق من جميع الوجوه , وأنه لا يستحق العبادة والتأله أحد سواه , فمن غلا بأحد من المخلوقين حتى جعل له نصيبا من هذه الأشياء فقد ساوى به رب العالمين وذلك أعظم الشرك , ومن رفع أحدا من الصالحين فوق منزلته التي أنزله الله بها فقد غلا فيه وذلك وسيلة إلى الشرك وترك الدين .
    والناس في معاملة الصالحين ثلاثة أقسام : أهل الجفاء الذين يهضمونهم حقوقهم ولا يقومون بحقهم من الحب والموالاة لهم والتوقير والتبجيل , وأهل الغلو الذين يرفعونهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله بها , وأهل الحق الذين يحبونهم ويوالونهم ويقومون بحقوقهم الحقيقية ولكنهم يبرأون من الغلو فيهم وادعاء عصمتهم , والصالحون أيضا يتبرأون من أن يدعوا لأنفسهم حقا من حقوق ربهم الخاصة , كما قال الله عن عيسى صلى الله عليه وسلم :
    ( سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ) واعلم أن الحقوق ثلاثة : حق خاص لله لا يشاركه فيه مشارك وهو التأله له وعبادته وحده لا شريك له , والرغبة والإنابة إليه وحده حبا وخوفا ورجاء , وحق خاص للرسل وهو توقيرهم وتبجيلهم والقيام بحقوقهم الخاصة : وحق مشترك وهو الإيمان بالله ورسله , وطاعة الله ورسله , ومحبة الله , ومحبة رسله : ولكن هذه لله أصلا وللرسل تبعا لحق الله , فأهل الحق يعرفون الفرقان بين هذه الحقوق الثلاثة فيقومون بعبودية الله وإخلاص الدين له ويقومون بحق رسله وأوليائه على اختلاف منازلهم ومراتبهم والله أعلم .

    قال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله

    فهذه الآثار مع الآية الكريمة تدل على مسائل عظيمة:
    المسألة الأولى: تحريم الغلو في الصالحين؛ بمعنى ما ذكرناه في الغلو، وأنه يئول إلى الشرك، فإن غلو قوم نوح في الصالحين آل بهم إلى الشرك- والعياذ بالله- فهذا شاهد للترجمة: "باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين " وهذا ظاهر، فإن ما وقع في قوم نوح كان سببه الغلو في الصالحين .
    وفيه رد على عباد القبور اليوم، الذين يقولون: البناء على القبور من باب المحبة للصالحين، وكوننا نستغيث بهم، ونستشفع بهم، ونذبح لهم، وننذر لهم، ونتبرك بتربتهم، هذا ليس من الشرك، هذا من باب محبة الصالحين، ويقولون: للذين ينكرون هذا أنتم تبغضون الصالحين . هكذا فسروا المحبة والبغض، بأن المحبة: عبادتهم، والبغض: ترك عبادتهم، هذا من انتكاس الفطر، والعياذ بالله .
    فالآية والأثر يردان عليهم، لأن هذا ليس من محبة الصالحين، وإنما هو من الغلو فيهم الذي يئول إلى الشرك، والعياذ بالله .
    المسألة الثانية: في هذه الآثار دليل على أن الغلو في الصالحين من سنة اليهود والنصارى، قال الله تعالى: يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ فالغلو في الصالحين من سنة اليهود والنصارى، وليس من سنة المسلمين، فهؤلاء القبوريون سلفهم اليهود والنصارى، وبئس السلف .
    المسألة الثالثة: فيه التحذير من التصوير، ونشر الصور لأن ذلك وسيلة إلى الشرك، فأول شرك حدث في الأرض هو بسبب الصور المنصوبة، وهذه إحدى علتي تحريم التصوير؛ لأن التصوير ممنوع لعلتين:
    العلة الأولى: أنه وسيلة إلى الشرك .
    العلة الثانية: أن فيه مضاهاة لخلق الله عز وجل .
    وقد قال تعالى كما في الحديث القدسي: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة فالمصور يحاول أن يضاهي خلق الله تعالى بإيجاد الصورة، فلذلك يجعل لها أعضاء، ويجعل لها عينين، ويجعل لها أنفا، ويجعل لها شفتين، ويجعل لها وجها، ويجعل لها يدين، ويجعل لها رجلين، يضاهي خلق الله، إلا أنه لا يقدر على نفخ الروح فيها، ويجعل الصورة على شكل ضاحكة، أو على شكل باكية، أو شكل مقطبة الجبين، أو مسرورة، كل هذا مضاهاة لخلق الله، وإن كانوا يسمون هذا من باب الفنون، وهي فنون شيطانية، والجنون فنون، فتسميته من باب الفنون لا يسوغ عمله، والتصوير ملعون من فعله، ففيه: التحذير من التصوير ونصب الصور؛ لأن ذلك يئول إلى الشرك بالله -عز وجل- وهذا أعظم العلتين في النهي عن التصوير ونصب الصور، لا سيما صور المعظمين من الملوك والرؤساء ومن الصالحين والمشايخ إذا نصبت، فإن هذا يئول إلى عبادتها، ولو على المدى البعيد؛ لأن الشيطان حاضر ويستغل الجهل والعواطف .
    المسألة الرابعة: في الآية والآثار دليل على تحريم البدع في الدين وأنها تئول إلى الشرك؛ ولذلك قال العلماء: البدعة توصل إلى الشرك ولو على المدى البعيد، وهذه بدعة قوم نوح وصلت إلى الشرك، وهذا شيء واضح .
    المسألة الخامسة : فيه دليل على أن حسن النية لا يسوغ العمل غير المشروع لأن قوم نوح نيتهم حسنة، عندما صوروا الصور يريدون النشاط على العبادة، وتذكر أحوال هؤلاء الصالحين، ولا قصدوا الشرك أبدا، وإنما قصدوا مقصدا حسنا، لكن لما كان هذا الأمر بدعة صار محرما لأنه يفضي إلى الشرك ولو على المدى البعيد، فالنية الحسنة لا تسوغ العمل غير المشروع .
    المسألة السادسة: وهي عظيمة جدا: فيه بيان فضيلة وجود العلم والعلماء في الناس ومضرة فقدهم؛ لأن الشيطان ما تجرأ على الدعوة إلى الشرك مع وجود العلم ووجود العلماء، إنما تجرأ لما فقد العلم ومات العلماء، فهذا دليل على أن وجود العلم ووجود العلماء فيه خير كثير للأمة، وأن فقدهم فيه شر كثير .
    المسألة السابعة: فيه التحذير من مكر الشيطان وأنه يظهر الأشياء القبيحة بمظهر الأشياء الطيبة حتى يغرر بالناس، هذا من ناحية .
    ومن ناحية أخرى أنه يتدرج بالناس شيئا فشيئا؛ لأنه تدرج بقوم نوح من تذكر العبادة والنشاط والمقصد الحسن، تدرج بهم إلى المقصد السيئ والشرك بالله -عز وجل- وليس هذا مقصورا على شيطان الجن، بل وشيطان الإنس كذلك، يعمل هذا العمل، فدعاة السوء ودعاة الضلال- أيضا- يمكرون بالأمة الإسلامية مثلما يمكر الشيطان: شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا .
    المسألة الثامنة: فيه دليل على تحريم الغلو في قبور الصالحين فقول ابن القيم : "لما ماتوا عكفوا على قبورهم" فيه: التحذير من الغلو في قبور الصالحين، وذلك بالعكوف عندها، أو البناء عليها، أو غير ذلك من أي مظاهر الغلو، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حذر من البناء على القبور، وحذر -صلى الله عليه وسلم- من الصلاة عند القبور ، والدعاء عند القبور ؛ لأن 8 ذلك وسيلة إلى الشرك، وحذر -صلى الله عليه وسلم- من إسراج القبور فقال: لعن الله زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج لأن هذا يغر العوام، ويقولون: ما عمل به هذا العمل إلا لأنه يضر أو ينفع؛ ولذلك أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب - رضي الله عنه-
    قال: لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته المشرف: هو المرتفع بالبناء، "إلا سويته" يعني: هدمت البناء الذي عليه، وكذلك نهى -صلى الله عليه وسلم- عن تجصيص القبور، وطلائها بالجص، أو بالنورة، أو بالبويات أو الألوان المزخرفة؛ لأن هذا يغر العوام، ويظنون أنه ما عمل به هذا العمل إلا لأن له خاصية، ونهى -صلى الله عليه وسلم- عن الكتابة على القبور فلا يكتب على القبور اسم الميت، ولا تاريخ وفاته، ولا مكانته، فلا يقال: هذا قبر العالم الفلاني الذي عمل كذا وكذا، كل هذا لا يجوز؛ لأن هذا يغرر بالناس فيما بعد، ويقولون: ما كتبت هذه الكتابة إلا لأن هذا الميت له خاصية، كل هذه الأمور نهى عنها الشارع؛ لأنها وسائل إلى الشرك .
    والمشروع في القبور أن تدفن كما كان على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- تدفن بترابها، وترفع عن الأرض قدر شبر بالتراب من أجل أن تعرف أنها قبور فلا تداس، ويجعل عليها نصائب من طرفيها لتحديد القبر، لأجل أن لا يوطأ، وما زاد عن ذلك فهو ممنوع . هكذا كانت القبور في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذه سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في دفن الأموات .
    المسألة التاسعة: فيه أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وهذه قاعدة مشهورة؛ لأن عمل قوم نوح فيه مصلحة جزئية وهي: تذكر حالة الصالحين، لكن المفسدة أكبر من هذا، وهو أن ذلك يئول إلى الشرك، والعياذ بالله .
    التعديل الأخير تم بواسطة البلوشي ; 07-07-2008 الساعة 10:30 AM
    قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: فمن أعرض عن الله بالكلية أعرض الله عنه بالكلية، ومن أعرض الله عنه لزمه الشقاءُ والبؤس والبخس فى أحواله وأعماله وقارنه سوءُ الحال وفساده فى دينه ومآله، فإن الرب تعالى إذا أعرض عن جهة دارت بها النحوس وأظلمت أرجاؤها وانكسفت أنوارها وظهرت عليها وحشة الإعراض وصارت مأْوى للشياطين وهدفاً للشرور ومصباً للبلاءِ، فالمحروم كل المحروم من عرف طريقاً إليه ثم أَعرض عنهاْ....

    موقع فضيلة العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه الله
    http://www.sh-faleh.com/index.php

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •