عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن سول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لو يعطى الناس بدعواهم , لادعى رجال أموال قومآ ودماءهم , لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر )) .
حديث حسن رواه البيهقي (10/252) .
قال ابن حجر في ( البلوغ ، ح1408 ) : بإسناد صحيح, وقال في ( الفتح ، 5/283 ) : وهذه الزيادة ليست في الصحيحين وإسنادها حسن , وغيره هكذا , وبعضه في الصحيحين ( البخاري ، ح4552 ) , و( مسلم ، ح1/1711 ) .
الشرح:
قوله: (( لو يعطى الناس بدعواهم )) أي : بما يدعونه على غيرهم , وليعلم أن إضافة الشيئ تكون على أوجه :
الأول : أن يضيف لنفسه شيئآ لغيره, مثل أن يقول : ( لفلان علي كذا ) فهذا إقرار .
الثاني : أن يضيف شيئآ لنفسه على غيره, مثل أن يقول : ( لي على فلان كذا وكذا ) فهذه دعوى .
والثالث : أن يضيف شيئآ لغيره على غيره, مثل أن يقول : ( لفلان على فلان كذا وكذا ) فهذه شهادة .
والحديث الآن في الدعوى فلو ادعى شخصآ على آخر قال : ( أنا أطلبك مائة درهم مثلآ ) فإنه لو قبلت دعواه لادعى رجال أموال قوم ودماءهم , وكذلك لو قال لآخر : ( أنت قتلت أبي ) بدون بينة لكان أدعى دمه وهذا يعني أنها لا تقبل دعوى إلا ببينة , ولهذا قال : (( لكن البينة على المدعي )) فإذا ادعى إنسان على آخر شيئآ قلنا : أحضر البينة , والبينة كل ما بان به الحق سواء كانت شهودآ أو قرائن حسية أو غير ذلك .
(( واليمين على من أنكر )) أي : من أنكر دعوى خصمه إذا لم يكن لخصمه بينة فإذا قال زيد لعمرو : ( أنا أطلبك مائة درهم ) قال عمرو : لا , قلنا لزيد إئت ببينة, فإن لم يأتي بالبينة قلنا لعمرو: احلف على نفي ما ادعاه, فإذا حلف برئ.
الفوائد:
* منها أن الشريعة الإسلامية حريصة على حفظ أموال الناس ودماءهم لقوله: (( لويعطى النا س بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم )) .
* أن المدعي إذا أقام بينة على دعواه حكم له بما ادعاه , لقوله عليه الصلاة والسلام : (( لكن البينة على المدعي )) والبينة كل ما يبين به الحق ويتضح كما اسلفنا في الشرح, وليست خاصة بالشاهدين أو الشاهد بل كل ما بان الحق فهو بينه.
* أن اليمين على من أنكر دعوى المدعي .
* أنه لو أنكر المنكر وقال : ( لا أحلف ) فإنه يقضي عليه بالنكول ووجه ذلك أنه إذا أبى أن يحلف فقد امتنع مما يجب عليه فيحكم عليه به .
[ التعليقات على الأربعين النووية لفضيلة الشيخ ابن العثيمين - رحمه الله - ، ص86-88 ، رقم الحديث 33 ]
- يتبع -