بسم الله الرحمن الرحيم
--------------------------------------------------------------------------------





المقـــدمــــــة




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
الحمد لله الذي قال : } هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ {[الصف:9] وصدق رسوله الكريم القائل :" لاتزال طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق لايضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " أخرجه مسلم (1920).
وبشر وأنذر ومما أنذرها به قوله عليه الصلاة والسلام : " إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين " أخرجه أبو داود (2/203) ، والدارمي (1/70 , 2/311) ، والترمذي (3/231تحفة)، وأحمد (5/178) ومما أنذرها به في سياق الحديث عن الدجال قوله صلى الله عليه وسلم : " غير الدجال أخوفني عليكم " أخرجه مسلم (2137) .
فهذه النوعيات أشد خطراً على الإسلام من الدجال ومن أعداء الإسلام الواضحين .
إن هذه الأصناف لا تحارب الإسلام جهاراً وإنما تتظاهر بالإسلام وتحمل شعارات براقة خلابة وهي تحمل في ثناياها السموم القتالة والموت الزؤام ومن المؤسف أشد الأسف أن تجد هذه الأصناف أتباعاً وجنوداً يعظمونهم تعظيماً يؤدي إلى رفعهم فوق مستوى النقد مهما بلغوا من الضلال والانحراف ويؤدي إلى استصغار عظائمهم وطوامهم فتصير في أعينهم أدق من الشعر ولو كانت أعظم من الجبال الشامخة فيصدق عليهم قول أنس : " إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات " فلو عاش أنس وإخوانه أولي الأحلام والنهى حتى رأوا هؤلاء وعرفوا حالهم وواقعهم لذهلوا عما كانوا يعدونه من الموبقات ولرأوا الفروق الهائلة الشاسعة بين حال من عاصروهم وواقعهم وبين حال هؤلاء وواقعهم ، ولعل كثيراً منهم يفرون منهم إلى الجبال والشعاب .
إنه والله لواقع مرير وإن الأمر كما قال الله تعالى: ( إنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب في الصدور ) فنعوذ بالله من حال هؤلاء وإنا لنضرع إلى الله ونضرع إليه أن يعافي المسلمين من هذا البلاء وأن يأخذ بنواصي من أصابهم هذا البلاء إلى الحق والهدى .

ومما ابتلي به المسلمون في هذا العصر كتب ومناهج سيد قطب التي راجت في أوساطهم وروج لها كثيراً وعميت بصائر وأبصار كثيرٍ منهم فلا يدركون خطرها الماحق ولاضررها المدمر ، ومن أشدها خطراً " التصوير الفني في القرآن " الذي أعجب به كثيرٌ من عميان البصائر فاغتر سيد قطب بإعجاب هؤلاء العميان التائهين فاندفع بكل اعتزاز قائلاً في خاتمة كتابه التصوير الفني ص/253 : " منذ سبعة أعوام صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب وأحمد الله على أن صادف التوفيق فقوبل من الأوساط الأدبية والعلمية والدينية على السواء مقابلة طيبة إن دلت على شيء فإنما تدل على أن الدين لايقف في طريق البحوث الفنية والعلمية التي تتناول مقداساته تناولً طليقاً من كل قيد وعلى أن البحوث الفنية والعلمية لاتصدم الدين ولاتخدشه حينما تخلص فيه النية وتتجرد من الحذلقة والادعاء وأن حرية الفكر لاتعني حتما مجافاة الدين كما يفهم بعض المقلدين في التحرر… "

لقد أخذ سيد قطب من هذه المقابلة الطيبة في زعمه من الأوساط المذكورة دليلاً على أن الدين لايقف في طريق البحوث الفنية والعلمية التي تتناول مقاساته تناولاً طليقاً من كل قيد ولايشك عاقل أن هؤلاء الذين قابلوا كتابه هذه المقابلة إما جهال أغبياء وإما متحررون منفلتون في الدين كانفلاته الذي شهد به على نفسه حينما كتب هذا الكتاب ، ونقول لسيد قطب : فماذا يبقى لهذه المقدسات إذا تناولتها البحوث الفنية والعلمية تناولاً طليقاً من كل قيد وكيف لا تصدم المقدسات ولا تخدش مكانتها وقد انفلت في هذه البحوث من كل قيد فلا عقيدة تمسكه وتقيده ولا أدب ولا احترام ولا إجلال ولا هيبة لهذه المقدسات .

فهذا سيد قطب نفسه يصرح بقوله في خاتمة هذا الكتاب " وأنا أجهر بهذه الحقيقة الأخيرة وأجهر معها بأنني لم أخضع في هذه لعقيدة دينية تغل فكري عن الفهم "
ووالله لقد فعل الأفاعيل بسبب هذا الانفلات مهما زعم لنفسه من المزاعم ومهما زعم له غيره من المزاعم أيضاً .


--------------------------------------------------------------------------------


إن عقيدة الإسلام لا تغل العقل والفكر بل هي :-
1- تبصر العقل وتنيره وتوجهه التوجيه الصحيح إلى احترام الحق وتحري الحقائق والبحث عنها بتثبت وأناة وأدب.
2- وتفك أسره من الخرافات والتقاليد والعقائد الفاسدة التي وقع فيها سيد قطب وأمثاله .
3- وتحطم أغلالها وآصارها.
4- وتضع للعقل حدوداً لا يتعداها .
بخلاف ما يتصوره سيد قطب عنها ، ولقد أخذ عليه أحمد محمد جمال هذه المجاهرة في كتابه على مائدة القرآن (ص 50-51) فناقشه في خمس عشرة مسألة منها إنكاره لرؤية الله ، وقد قال في طليعة هذه المناقشة :" وأول ما أريد جدال المؤلف فيه إصراره الظاهر المكرورفي عدة مواضع من كتابه على أنه - مثلاً - لم يفكر هذا التفكير أو لم يتصور هذه الصورة -أو لم يقف هذه الوقفة لأنه رجل دين تغله عقيدته الدينية عن الفهم والبحث ولكنه لأنه رجل فكر يحترم فكره " .
أنا لا أريد أن أتدخل بينه وبين إشادته بفكره وعمله دائماً يوحي هذا الفكر فيما يرى من آراء ولكني أريد أن أتدخل فيما تشعر به هذه الإشادة السافرة الفاخرة من أن العقيدة الإسلامية التي ينفي المؤلف اعتبارها في عمله ليثبت اعتبار فكره فيه ، تحول دون الفهم الدقيق والبحث الطليق والانتهاء إلى رأي معقول مقبول فهل الأمر كذلك يا أستاذ سيد ؟
وإني لآسف على أحمد محمد جمال فإنه مع مناقشته لسيد قطب في أخطائه في المشاهد ولم يستوفها وفي الوقت نفسه أبدى إعجابه بكتابه التصوير الفني وبصاحبه فلا أدري ما هي الأسباب التي دفعته إلى هذا الإعجاب لا سيما وقد حوى التصوير الفني من الضلالات ما يتضاءل أمامها ما في كتاب المشاهد ولعله لم يطلع على هذه الضلالات التي أعتقد أنه لو وقف عليها لناقش فيها سيد قطب أو في أهمها - والله وحده - هو العليم بعباده .


--------------------------------------------------------------------------------




أصول سيد قطب التي بنى عليها تفسيره لآيات القرآن الكريم التي جعلها مجالاً لتطبيق أصوله ونظرياته



لقد بنى سيد قطب عمله في هذا الكتاب وغيره على أصول فاسدة مدمرة وهي :
1-على قاعدة التصوير الفني وما يتبعها وينبع عنها .

2- اعتقاده أن الدين والفن صنوان.

ومن هنا ومن أصل قاعدته يرى جواز التصوير اليدوي وما يرافقه من ريش ولوحات وقد استعان بأستاذ الرسم "التصوير " في عمله في كتاب " التصوير الفني " وهو التصوير المحرم الذي ورد فيه اللعن والوعيد الشديد ومن هنا يرى جواز العمل الموسيقي بأنواعه وقواعده وهو محرم ومن أخبث آلات اللهو ، ولقد استعان في عمله هذا بأستاذ الموسيقى كما صرح هو بذلك .

3- على انفلاته من العقيدة حيث صرح بقوله :" وأنا أجهر بهذه الحقيقة الأخيرة وأجهر معها بأنني لم أخضع في هذا لعقيدة دينية تغل فكري عن الفهم "( التصوير الفني ص/255) .

4- اعتداده بالفكر فيما يقرره عن القرآن وحقائق أخرى حيث قال في سياق الدفاع عن القرآن ومقرراته على حسب فهمه :" لم أكن في هذه الوقفة رجل دين تقيده العقيدة البحتة عن البحث الطليق بل كنت رجل فكر يحترم فكره عن التجديف والتلفيق " التصوير الفني ص(258) .

وليس الأمر كما يزعم فلقد جدّف ولفق كثيراً بسبب هذا الانفلات من العقيدة وبسبب الاعتداد بفكره ويكرر اعتزازه بهذا التحرر الفكري فيقول في كتاب ( مشاهد القيامة في القرآن ) :" لم تكن هذه كلمات رجل تنقصه حرية التفكير وإني لأعتز بالكلمة القصيرة الحاسمة التي وصف بها الأستاذ المحقق الكبير عبد العزيز فهمي باشا هذا الاتجاه فقال :" إنه ينم عن تحرر في العقل لم يتفق أن سمعنا بمثله من قبل " .

وحقاً قال عبد العزيز فهمي باشا إنه ما سمع بمثل تحرر سيد قطب .

5- إنه في عمله هذا ما كانت تحجزه عقيدة عن تطبيق قاعدته الفاسدة على نصوص القرآن بما يتبع تلك القاعدة من عرض مشاهد سينمائية ومسرحية وتمثيليات وتصوير وموسيقى بأنواعها وقواعدها ومناظر ونظارة إلخ … حيث جعل معظم نصوص القرآن مجالاً فسيحاً لهذه الاختراعات اليهودية والنصرانية بل والإلحادية لإفساد الدين والأخلاق .

6- انطلاقه من أصل الجهمية الذي قال عنه ابن تيمية رحمه الله : " إنه ينبوع البدع " وهو الاستدلال على حدوث العالم بحدوث الأجسام ، والاستدلال على حدوث الأجسام بحدوث الأعراض فقال : " الأجسام لا تنفك عن أعراض محدثة وما لاينفك عن الحوادث أوما لايسبق الحوادث فهو حادث " .
انظر منهاج السنة (1/112-113) الطبعة القديمة ، وقال في موضع آخر من المنهاج (1/403) الطبعة الجديدة ، والاستدلال بهذه الطريقة أوجب نفي صفات الله القائمة به وأوجبت من بدع الجهمية ما هو معروف عند سلف الأمة ، وسلطت بذلك الدهرية على القدح فيما جاءت به الرسل عن الله .

وقد جمع سيد قطب بين هذين الأصلين الفاسدين في تعطيل صفة استواء الله على عرشه وعلوه على خلقه .
فقال في تفسير سورة ( يونس ) في تفسيره من ظلال القرآن (3/1762) التي يقول عنها في فصل التخييل الحسي والتجسيم ص (71-72) : " حينما نقول : "أن التصوير هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن والقاعدة الأولى للبيان لا نكون قد انتهينا من الحديث عن هذه الظاهرة الشاملة فإن وراء ذلك بقية تستحق أن نفرد لها هذا الفصل الخاص " ثم واصل يوضح فكرته الباطلة فقال :" ثم استوى على العرش " والاستواء على العرش كناية عن مقام السيطرة العلوية الثابتة الراسخة باللغة التي يفهمها البشر ويتمثلون بها المعاني على طريقة القرآن في التصوير ( كما فصلنا هذا في فصل التخييل الحسي والتجسيم من كتاب " التصوير الفني في القرآن " في ظلال القرآن (3/1762) .

وقال في تفسير (سورة طه) من الظلال (4/2328) : " والاستواء على العرش كناية عن غاية السيطرة والاستعلاء " .
وفي تفسير سورة الفرقان من الظلال (5/2575) قال :" أما الاستواء على العرش فهو معنى الاستعلاء والسيطرة ولفظ " ثم " لا يدل على الترتيب الزمني إنما يدل على بعد الرتبة رتبة الاستواء والاستعلاء "

و في تفسير( سورة السجدة) من الظلال(5/2807) قال :" ثم استوى على العرش " والاستواء على العرش رمز لاستعلائه على الخلق كله أما العرش ذاته فلا سبيل إلى قول شيء عنه ولا بد من الوقوف عند لفظه وليس كذلك الاستواء فظاهر أنه كناية عن الاستعلاء ولفظ " ثم " لا يمكن قطعاً أن يكون للترتيب الزمني لأن الله سبحانه وتعالى لا تتغير عليه الأحوال ولا يكون في حال أو وضع- سبحانه - ثم يكون في حال أو وضع تالٍ إنما هو الترتيب المعنوي فالاستعلاء درجة فوق الخلق يعبر عنها هذا التعبير " .

وذهب يكرر الاستعلاء والسيطرة في سياق يدل أنه لا يعترف بعرش مخلوق استوى عليه الرحمن كما أخبر بذلك أخباراً متكررة يؤكد بعضها بعضاً .

وفي تفسير سورة الرعد من الظلال (4/2044-2045) قال :" ومن هذا المنظور الهائل الذي يراه الناس إلى المغيب الهائل الذي تتقاصر دونه المدارك والأبصار " ثم استوى على العرش فإن كان علو فهذا أعلى وإن كانت عظمة فهذا أعظم وهو الاستعلاء المطلق يرسمه في صورة على طريقة القرآن في تقريب الأمور المطلقة لمدارك البشر المحدودة ، وهي لمسة أخرى هائلة من لمسات الريشة المعجزة لمسة في العلو المطلق إلى جانب اللمسة الأولى في العلو المنظور تتجاوران وتتسقان في السياق ومن الاستعلاء المطلق إلى التسخير…"

وفي تفسيرسورة الحديد من الظلال (6/3480) يقول :" وكذلك العرش فنحن نؤمن به كما ذكره ولا نعلم حقيقته أما الاستواء على العرش فنملك أن نقول إنه كناية عن الهيمنة على هذا الخلق استناداً إلى ما نعلمه من القرآن عن يقين من أن الله - سبحانه -لا تتغير عليه الأحوال فلا يكون في حالة عدم استواء على العرش ثم تتبعها حالة استواء ،و القول بأننا نؤمن بالاستواء ولا ندرك كيفيته لا يفسر قوله تعالى :"ثم استوى " والأولى أن نقول : إنه كناية عن الهيمنة كما ذكرنا والتأويل هنا لا يخرج عن المنهج الذي أشرنا إليه آنفاً لأنه لا ينبع من مقررات من عند أنفسنا إنما يستند إلى مقررات القرآن ذاته وإلى التصور الذي يوحيه عن ذات الله سبحانه وصفاته".

فالقاريء يرى سيد قطب يؤول صفة الاستواء والعلو أينما وردت بهذا التفسير الجهمي ويبني تفسيره على قاعدة جهم "ينبوع البدع " ويؤيد ذلك بقاعدته في التصوير الفني وما يتبعها ( من التخييل والتجسيم) وهي أيضاً ينبوع آخر لبدع شنيعة دونها سيد قطب في كتبه التصوير الفني والمشاهد والظلال .

وقوله :" والتأويل هنا لايخرج عن المنهج الذي أشرنا إليه آنفا لانه لاينبع من مقررات من عند أنفسنا إنما يستند إلى مقررات القرآن " قول باطل فليس مستنداً إلى مقررات القرآن وإنما هو مستندٌ إلى مقررات سابقة فعلاً مستمدة من الفلسفة الجهمية الضالة التي تشربها من كتب أهل البدع والضلال وتشربها من فلسفة غلاة الصوفية التي أدت بهم وبه إلى القول بوحدة الوجود وأكدها بفلسفته الجديدة التي استمدها من دور السينما ومن المسارح وما يتبعهما وينبع عنهما من مشاهد ومناظر ونظرات ومن قواعد التصوير وقواعد السينما وفنونهما التي طبقها بكل جرأة على القرآن.
ولسيد قطب نظائر من هذا التلبيس والإيهامات فحينما يعطل صفات الله يقول مثل هذا الكلام وحينما يطعن في الصحابة يقول :" ولست شيعياً" كما قال هذا في(كتب وشخصيات) ومن أساليبه هذه تعلم أتباعه الذين يحاربون المنهج السلفي وأهله ثم يدعون أنهم سلفيون ويسلكون مسلكه في التمويه والتلبيس تشابهت قلوبهم والأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكرمنها اختلف فقد تناكرت نفوسهم ونفوس السلفيين وتآلفت نفوسهم ونفس سيد قطب وأشباهه .

7-غلوه في تقدير الفن واعتداده به من التصوير والتمثيل والموسيقى فالفن والدين صنوان عند سيد قطب كما قال في ص( 143-144 ) :من" كتاب التصوير الفني" وص( 231-232 ) من "كتاب مشاهد القيامة في القرآن" ، "والدين والفن صنوان في أعماق النفس وقرارة الحس وإدارك الجمال الفني دليل استعداد لتلقي التأثير الديني(1) حين يرتفع الفن إلى هذا المستوى الرفيع وحين تصفو النفس لتلقي رسالة الجمال "

وفي هذا الاعتقاد الباطل افتراءٌ على دين الله فالدين وهو الإسلام في كل الرسالات - تشريع الله رب العالمين _قال تعالى :} شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ {[الشورى:13] وقال تعالى : } وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ... { الآية [النحل:36] ومن الطواغيت الصور التي شرعها الشيطان وأضل بها أجيالاً وأجيالاً من عهد نوح وإلى يومنا هذا وبعث الأنبياء بخلعها وتحطيمها وتطهير الأرض والعقول منها روى البخاري في صحيحه في تفسير سورة نوح حديث (4920) أن وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسرا أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت " والشاهد أن التصوير من وحي الشيطان وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المصورين وقال صلى الله عليه وسلم :" إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون " أخرجه البخاري وورد في تحريم التصوير عدا هذين الحديثين أحاديث أخر مما يبين شدة تحريم التصوير وأنه من الكبائر .
وسيد قطب يستحله ويفسر به كتاب الله ويرى ذلك من أرقى ما يفسر به القرآن وقد استعان في "كتابه التصوير الفني في القرآن "بالأستاذ الفنان ضياء الدين محمد مفتش الرسم بوزارة المعارف في مراجعة القسم الخاص بتناسق التصوير انظر كتاب التصوير الفني في القرآن ص( 114) .

أما التمثيل فأصله عبادة وثنيه اخترعه اليونان وأخذه عنهم الرومان ونشره الكفار في بلاد المسلمين لما استعمروها وأهلها واستخدموا كل سلاح لإفساد المسلمين في دينهم وأخلاقهم ومنها دور السينما والمسارح والملاهي والتمثيليات الشيطانية ولاشك أن التمثيل حرام :-
1-لما فيه من الكذب إذ الكذب ركن من أركانه.ولما استخدمه سيد قطب وقع في الكذب كما سيأتي في مناقشته .
2-ولما فيه من التشبه بالكفار وتقليدهم الأعمى فيه .
3-ولما فيه من تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال واختلاط الجنسين فيه.

ولذا تشدد كثير من العلماء في إنكاره ومنهم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز والشيخ الألباني والشيخ حمود التويجري والشيخ صالح الفوزان والشيخ صالح اللحيدان . وقد ألفت كتب في تحريمه لأهل السنة بل ولأهل البدع كالشيخ الغماري .
وأما الموسيقى فهي من شر آلات اللهو ومن شر أنواع المعازف وقد ورد في تحريمها أحاديث صحيحة وحرمها علماء الإسلام .

راجع كتاب تحريم آلات الطرب للعلامة المحدث الألباني كله إن شئت وراجع فصل الأحاديث الفصل الأول من ص ( 36-74) حيث أورد سبعة أحاديث في هذا الفصل في تحريم الغناء وآلات اللهو وله كلام جيد في الموسيقى ذكره في مقدمة الكتاب المذكور حيث قال في ص(15) :" ومن ذلك مقال آخر نشرته مجلة الإخوان المسلمون أيضاً في العدد (5) تحت عنوان الموسيقى الإسلامية جاء فيه ( والسيمفونية) هي أرقى ما وصل إليه عباقرة الموسيقى أمثال " بيتهوفن "و" شورب "و " موزار" و " تشايكو فسكي" وهي تعبير عن عواطف وإحساسات تنعكس من الطبيعة أو الإنسان ، ويجمع لها أكبر عدد من العازفين المهرة بأحدث الآلات على اختلافها حتى يكون التعبير أقرب إلى الحقيقة بقدر الإمكان . وقد تألفت فرق لـ( السيمفونية ) المصرية تضم أكثر من ثلاثين عازفاً ، ساعدتهم جمعية الشبان المسيحية (!) وعزفت في الجامعة الإمريكية (!) فما أجدرنا بهذا ، وما أحوجنا إلى داعية (!) من نوع جديد سوف يكون فتحاً في عالم الموسيقى وتقدماً عالمياً لها ، وحينئذ يبرز لون فريد يسيطر على أفئدة العالم هو الموسيقى الإسلامية (!) " بدلاً من الموسيقى الشرقية …" !

قال العلامة الألباني :" قلت فهذا من أكبر الأدلة على أن استباحة الآلات الموسيقية قد فشت بين المسلمين حتى الذين ينادون منهم بإعادة مجد المسلمين وإقامة دولة الإسلام كالإخوان المسلمين مثلاً ، ولولا ذلك لما استجازت مجلتهم أن تنشر هذا المقال الصريح في استحلال ما حرم الله من الموسيقى ، بل والدعوة إليها ، وليس هذا فقط بل وسماها " الموسيقى الإسلامية " على وزن الاشتراكية الإسلامية و " الديمقراطية الإسلامية " وغيرها مما يصدق عليه قوله تبارك وتعالى : ( إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ) وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى شيء من ذلك بقوله :" ليستحلن طائفة من أمتي الخمر باسم يسمونها وفي رواية يسمونها بغير اسمها " وهو مخرج في الصحيحة ص ( 90 ) وسيأتي ص(86) انتهى كلام الشيخ الألباني - رحمه الله - فهذه بعض أصول سيد قطب الفاسدة التي سار عليها في تفسيره للآيات الكريمة التي أوردها في كتاب التصوير الفني في القرآن والتي جعلها ميداناً لتطبيق هذه الأصول الضالة ويرى أن القرآن كله مجال لتطبيق هذه الأصول وطبقها في كتابه " مشاهد القيامة في القرآن " وظهرت آثارها في الظلال وله أصول أخرى طبقها في كتاب الظلال.

ويتلوه إن شاء الله عدد من الحلقات


كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي