النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: التقارب بين الأديان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    10

    التقارب بين الأديان

    الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 123)



    حكم الدعوة للتقارب بين الأديان

    السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 7807 ) :

    س2: هل الدعوة للتقارب بين الأديان (الإسلام - المسيحية - اليهودية) دعوة شرعية؟ وهل يجوز للمسلم المؤمن حقا أن يدعو لها ويعمل على تقويتها. سمعت أنه هناك مثل ذلك يقوم به علماء في الأزهر وغيره في المؤسسات الإسلامية، وكذلك هل الدعوة لتقارب بين أهل السنة والجماعة والطوائف الشيعية والدرزية والإسماعيلية والنصيرية وغيرها فيه فائدة للمسلمين؟ وهل ممكن هذا اللقاء وأكثر، بل كل هذه الطوائف تحمل في معتقداتها الشرك بالله والإساءة لرسوله صلى الله عليه وسلم والحقد على الإسلام وأهل السنة والجماعة ؟ وهل يجوز هذا اللقاء والتقارب شرعا؟

    ج2: أولا: أصول الإيمان التي أنزل الله بها كتبه على رسله: التوراة، والإنجيل والزبور، والقرآن، والتي دعت إليها رسله عليهم الصلاة والسلام إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء والمرسلين - كلها واحدة بشر سابقهم بلاحقهم وصدق لاحقهم سابقهم وأيده، ونوه بشأنه وإن اختلفت الفروع في الجملة حسب مقتضيات الأحوال والأزمان ومصلحة العباد؛ حكمة من الله وعدلا، ورحمة منه سبحانه وفضلا، قال الله تعالى: سورة البقرة الآية 285 آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ

    (الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 124)

    وقال تعالى: سورة النساء الآية 152 وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا وقال تعالى: سورة آل عمران الآية 81 وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ سورة آل عمران الآية 82 فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ سورة آل عمران الآية 83 أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ وقال تعالى: سورة آل عمران الآية 84 قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ سورة آل عمران الآية 85 وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ وقال تعالى بعد ذكره دعوة خليله إبراهيم إلى التوحيد وذكر من معه من المرسلين: سورة الأنعام الآية 89 أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ سورة الأنعام الآية 90 أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ

    (الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 125)

    وقال تعالى: سورة آل عمران الآية 68 إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ وقال تعالى: سورة النحل الآية 123 ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وقال: سورة الصف الآية 6 وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ وقال تعالى: سورة المائدة الآية 48 وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا الآيات. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3443) ، صحيح مسلم الفضائل (2365) ، سنن أبي داود السنة (4675) ، مسند أحمد (2/437). أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد رواه البخاري. ثانيا: حرف اليهود والنصارى الكلم عن مواضعه، وبدلوا قولا .غير الذي قيل لهم، فغيروا بذلك أصول دينهم وشرائع ربهم، من ذلك قول اليهود : عزير ابن الله، وزعمهم: أن الله مسه لغوب

    (الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 126)

    وأصابه تعب من خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام فاستراح يوم السبت، وزعمهم: أنهم صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه، ومن ذلك أنهم أحلوا الصيد يوم السبت بحيلة، وقد حرمه الله عليهم، وأنهم ألغوا حد الزنا في حق المحصن، ومن ذلك قولهم: سورة آل عمران الآية 181 إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ وقولهم: سورة المائدة الآية 64 يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ إلى غير ذلك من التحريف والتبديل القولي والعملي عن علم اتباعا للهوى، ومن ذلك زعم النصارى أن المسيح عيسى عليه السلام ابن الله وأنه إله مع الله، وتصديقهم اليهود في زعمهم أنهم صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه، وزعم كل من الفريقين أنهم أبناء الله وأحباؤه، وكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وحقدهم عليه، وحسدهم إياه من عند أنفسهم، وقد أخذ عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا به ويصدقوه وينصروه وأقروا على أنفسهم بذلك، إلى غير ذلك من فضائح الفريقين وتناقضهم، وقد حكى الله الكثير من كذبهم وافترائهم وتحريفهم وتبديلهم ما أنزل إليهم من العقائد والشرائع، وفضحهم، ورد عليهم في محكم كتابه، قال الله تعالى: سورة البقرة الآية 79 فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ سورة البقرة الآية 80 وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ

    (الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 127)

    الآيات، وقال تعالى: سورة البقرة الآية 111 وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ الآية. وقال تعالى: سورة البقرة الآية 135 وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ سورة البقرة الآية 136 قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ … الآيات، وقال تعالى: سورة آل عمران الآية 78 وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وقال تعالى: سورة النساء الآية 155 فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلًا سورة النساء الآية 156 وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا سورة النساء الآية 157 وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا سورة النساء الآية 158 بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا

    (الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 128)

    الآيات، وقال تعالى: سورة المائدة الآية 18 وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ … الآيات، وقال تعالى: سورة التوبة الآية 30 وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ سورة التوبة الآية 31 اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ الآيات، وقال: سورة البقرة الآية 109 وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ إلى غير ذلك مما لا ينقضي منه العجب من افترائهم وتناقضهم ومخازيهم وفضائحهم، والقصد ذكر نماذج من أحوالهم ليبنى عليها الجواب فيما يأتي. ثالثا: مما تقدم يتبين أن أصل الديانات التي شرعها الله لعباده واحد لا يحتاج إلى تقريب، كما يتبين أن اليهود والنصارى قد حرفوا وبدلوا ما نزل إليهم من ربهم حتى صارت دياناتهم زورا

    (الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 129)

    وبهتانا وكفرا وضلالا، ومن أجل ذلك أرسل إليهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ولغيرهم من الأمم عامة؛ ليبين ما كانوا يخفون من الحق، ويكشف لهم عما كتموه، ويصحح لهم ما أفسدوا من العقائد والأحكام ويهديهم وغيرهم إلى سواء السبيل، قال الله تعالى: سورة المائدة الآية 15 يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ سورة المائدة الآية 16 يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وقال: سورة المائدة الآية 19 يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لكنهم صدوا وأعرضوا عنه؛ بغيا وعدوانا وحسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبـين الحق، قال الله تعالى: سورة البقرة الآية 109 وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ وقال: سورة البقرة الآية 89 وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ الآيات،

    (الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 130)

    وقال: سورة البقرة الآية 101 وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ الآيات، وقال: سورة البينة الآية 1 لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ سورة البينة الآية 2 رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً الآيات. فكيف يرجو عاقل يعرف إصرارهم على الباطل وتماديهم في غيهم عن بينة وعلم؛ حسدا من عند أنفسهم، واتباعا للهوى - التقارب بينهم وبين المسلمين الصادقين، قال الله تعالى: سورة البقرة الآية 75 أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الآيات، وقال: سورة البقرة الآية 119 إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ سورة البقرة الآية 120 وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ وقال سبحانه: سورة آل عمران الآية 86 كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الآيات،

    (الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 131)

    بل هم إن لم يكونوا أشد من إخوانهم المشركين كفرا وعداوة لله ورسوله والمؤمنين فهم مثلهم، وقد قال الله تعالى لرسوله في المشركين: سورة القلم الآية 8 فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ سورة القلم الآية 9 وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ الآيات: وقال له: سورة الكافرون الآية 1 قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ سورة الكافرون الآية 2 لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ سورة الكافرون الآية 3 وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ سورة الكافرون الآية 4 وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ سورة الكافرون الآية 5 وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ سورة الكافرون الآية 6 لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ إن من يحدث نفسه بالجمع أو التقريب بين الإسلام واليهودية والنصرانية كمن يجهد نفسه في الجمع بين النقيضين، بين الحق والباطل بين الكفر والإيمان، ومـا مثله إلا كما قيل: أيها المنكـح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان هـي شاميـة إذا ما استقلت وسهيـل إذا استقل يمان

    رابعا: لو قال قائل: هل تمكن الهدنة بين هؤلاء أو يكون بينهم عقد صلح حقنا للدماء واتقاء لويلات الحروب وتمكينا للناس من الضرب في الأرض والكد في الحياة لكسب الرزق وعمارة الدنيا والدعوة إلى الحق وهداية الخلق؛ إقامة للعدل بين

    (الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 132)

    العالمين - لو قيل ذلك قولا متجها وكان السعي في تحقيقه سعيا ناجحا. والقصد إليه قصدا نبيلا له مكانه، وعظيم أثره، لكن مع المحافظة على إحقاق الحق ونصره فلا يكون ذلك على سبيل مداهنة المسلمين للمشركين وتنازلهم عن شيء من حكم الله، أو شيء من كرامتهم وهوانهم على أنفسهم، بل مع الإبقاء على عزتهم، والاعتصام بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم؛ عملا بهدي القرآن، واقتداء بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: سورة الأنفال الآية 61 وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ الآيات، وقال تعالى: سورة محمد الآية 35 فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وقد فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم عمليا، وحققه بصلحه مع قريش عام الحديبية ، ومع اليهود في المدينة قبل الخندق وفي غزوة خيبر ، ومع نصارى الروم في غزوة تبوك ، فكان لذلك الأثر العظيم والنتائج الباهرة من الأمن وسلامة النفوس ونصرة الحق والتمكين له في الأرض ودخول الناس في دين الله أفواجا، واتجاه الجميع للعمل في الحياة لدينهم ودنياهم، فكان الرخاء والازدهار وقوة السلطان وانتشار الإسلام والسلام، وفي التاريخ

    (الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 133)

    وواقع الحياة أقوى دليل وأصدق شهيد على ذلك لمن أنصف نفسه أو ألقى سمعه واعتدل مزاجه وتفكيره، وبرئ من العصبية والمراء، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، والله الهادي إلى سواء السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

    خامسا: إن الدروز والنصيرية والإسماعيلية ، ومن حذا حذوهم من البابية والبهائية قد تلاعبوا بنصوص الدين، وشرعوا لأنفسهم ما لم يأذن به الله، وسلكوا مسلك اليهود والنصارى في التحريف والتبديل؛ إتباعا للهوى، وتقليدا لزعيم الفتنة الأول: عبد الله بن سبأ الحميري رأس الابتداع والإضلال والإيقاع بين جماعة المسلمين، وقد عم شره وبلاؤه وافتتن به جماعات كثيرة فكفروا بعد إسلام، وتمكنت بسببه الفرقة بين المسلمين، فكانت الدعوة إلى التقارب بين هذه الطوائف وجماعة المسلمين الصادقين دعوة غير مفيدة، وكان السعي في تحقيق اللقاء بينهم وبين الصادقين من المسلمين سعيا فاشلا؛ لأنهم واليهود والنصارى تشابهت قلوبهم في الزيغ والإلحاد والكفر والضلال والحقد على المسلمين والكيد لهم، وإن تنوعت منازعهم ومشاربهم واختلفت مقاصدهم وأهواؤهم، فكان مثلهم في ذلك مثل اليهود والنصارى مع المسلمين. ولأمر ما سعى جماعة من علماء الأزهر المصريين مع القمي الإيراني الرافضي في أعقاب الحرب العالمية الثانية،

    (الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 134)

    وجدوا في التقارب المزعوم، وانخدع بذلك قلة من كبار العلماء الصادقين ممن طهرت قلوبهم ولم تعركهم الحياة، وأصدروا مجلة سموها: (مجلة التقريب) وسرعان ما انكشف أمرهم لمن خدع بهم فباء أمر جماعة التقريب بالفشل، ولا عجب فالقلوب متباينة والأفكار متضاربة والعقائد متناقضة، وهيهات هيهات أن يجتمع النقيضان أو يتفق الضدان.

    وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.


    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


    عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
    عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الدولة
    ارض الله الواسعة
    المشاركات
    57
    جزاك الله خيرا وبارك فيك ياابااسامة.

    وحياك الله
    اهل السنة يدورون مع الحق حيثما دار وهذه منقبة لهم.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •