بسم الله الرحمن الرحيمسؤال :
تفسير قوله تبارك وتعالى : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللهُ فَأُولئكَ هُمُ الكَافِرُونَ }الشيخ العلامة الجليل محمد أمان الجامي يرحمه الله
يقول السائل نرجو تفسير قوله تبارك وتعالى : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللهُ فَأُولئكَ هُمُ الكَافِرُونَ } ( سورة المائدة : الآية : 44 ) ، وقول ابن عباس : " كفر دون كفر " .
الجواب :
هذه الآية الكريمة { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللهُ فَأُولئكَ هُمُ الكَافِرُونَ } جاء وصفهم بأنهم كافرون وبأنهم ظالمون وبأنهم فاسقون يحكى عن ابن عباس أنه قال : إن ذلك كفر دون كفر .
أولا / ينبغي التثبت عن صحة هذا الأثر عن ابن عباس ، وعلى فرض صحته يحمل على طائفة من طوائف بني آدم التي ذكرها أهل العلم عند تفسير هذه الآية لأن الذي يحكم بغير ما أنزل الله سواء كان ذلك قانونا مستوردا أو قانون يضعه أناس من بني جلدتنا ويتكلمون بلساننا وينتسبون إلى ديننا أو كان ذلك من سواليف شيوخ أهل البادية من حكم بغير ما أنزل الله لا تخلوا حاله من ثلاثة حالات :
الحالة الأولى : أن يحكم بغير ما أنزل الله معتقد أن هذا الذي حكم به خير وأحسن مما أنزل الله واعدل مما أنزل الله أو مساوي على الأقل لما أنزل الله وليس ما أنزل الله خير منه وأحسن وأنسب للناس من وصل لهذه الدرجة فكفره كفر بواح خارج عن الملة ولو لم يصدر الحكم بمجر هذا الاعتقاد يكفر .
الحالة الثانية : إنسان حكم بغير ما أنزل الله من القوانين الوضعية المستوردة أو المحلية ولكنه يعتقد من صميم قلبه أن ما أنزل الله خير وأحسن وأرحم للعباد ولكنه جارى الوضع القائم وجامل وداهن ولم يجرؤ على مخالفة الوضع القائم هناك وضميره من داخله يؤنبه لأنه يؤمن أن ما أنزل الله خير وأعدل هذا كفره ، كفر دون كفر وعلى هذا يحمل كلام ابن عباس .
الحالة الثالثة : إنسان اجتهد ليحكم بما أنزل الله ، قاضي اجتهد ليصدر الحكم بما أنزل الله فاجتهد فأخطأ فحكم بغير ما أنزل الله خطأ هذا خطأه مغفور له ويؤجر على اجتهاده .
هكذا ذكر كثير من أهل العلم هذه الأقوال أو هذه الأحوال الثلاثة عند تفسير هذه الآية وأقرب مرجع استحضره الآن شرح العقيدة الطحاوية إن لم تخني ذاكرتي هذا التفصيل موجود في شرح العقيدة الطحاوية فليرجع إلى ذلك طلاب العلم .
تفريغ محاضرة المستقبل لهذا الدين ، لمحمد أمان الجامي رحمه الله