بسم الله الرحمن الرحيم

قال الفقيه الإمام موافق الدين بن قدامة المقدسي قي كتابه العظيم المغني

{وإن اتفق عيد في يوم جمعة سقط حضور الجمعة عمن صلى العيد‏,‏ إلا الإمام فإنها لا تسقط عنه إلا أن لا يجتمع له من يصلي به الجمعة وقيل‏:‏ في وجوبها على الإمام روايتان وممن قال بسقوطها الشعبي والنخعي‏,‏ والأوزاعي وقيل‏:‏ هذا مذهب عمر وعثمان وعلي‏,‏ وسعيد وابن عمر وابن عباس‏,‏ وابن الزبير وقال أكثر الفقهاء تجب الجمعة لعموم الآية والأخبار الدالة على وجوبها ولأنهما صلاتان واجبتان‏,‏ فلم تسقط إحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد ‏.‏
ولنا ما روى إياس بن أبي رملة الشامي‏,‏ قال‏:‏ ‏(‏شهدت معاوية يسأل زيد بن أرقم‏:‏ هل شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عيدين اجتمعا في يوم واحد‏؟‏ قال‏:‏ نعم قال‏:‏ فكيف صنع‏؟‏ قال‏:‏ صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال‏:‏ من شاء أن يصلي فليصل‏)‏ رواه أبو داود‏,‏ والإمام أحمد ولفظه ‏(‏من شاء أن يجمع فليجمع‏)‏ وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏(‏اجتمع في يومكم هذا عيدان‏,‏ فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون‏)‏ رواه ابن ماجه وعن ابن عمر وابن عباس‏,‏ عن النبي - صلى الله عليه وسلم- نحو ذلك ولأن الجمعة إنما زادت عن الظهر بالخطبة وقد حصل سماعها في العيد فأجزأ عن سماعها ثانيا‏,‏ ولأن وقتهما واحد بما بيناه فسقطت إحداهما بالأخرى كالجمعة مع الظهر‏,‏ وما احتجوا به مخصوص بما رويناه وقياسهم منقوض بالظهر مع الجمعة فأما الإمام فلم تسقط عنه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏وإنا مجمعون‏)‏ ولأنه لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه‏,‏ ومن يريدها ممن سقطت عنه بخلاف غيره من الناس‏.‏
يقول الشيخ بن باز رحمه الله تعالى في برنامج نور على الدرب :
" حكم صلاة الجمعة إذا صادفت يوم العيد .
س: ما حكم صلاة الجمعة إذا صادفت يوم العيد هل تجب إقامتها على جميع المسلمين أم على فئة معينة ، ذلك أن بعض الناس يعتقد أنه إذا صادف العيد الجمعة فلا جمعة إذا؟
ج: الواجب على إمام الجمعة وخطيبها أن يقيم الجمعة وأن يحضر في المسجد ويصلي بمن حضر ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقيمها في يوم العيد يصلي العيد والجمعة عليه الصلاة والسلام وربما قرأ في العيد وفي الجمعة جميعا بسبحوالغاشية فيها جميعا ،كما قاله النعمان بن بشير رضي الله عنهما فيما ثبت عنه في الصحيح ،لكن من حضر صلاة العيد ساغ له ترك الجمعة ويصلي ظهرا في بيته أو مع بعض إخوانه إذا كانوا قد حضروا صلاة العيد ، وإن صلى الجمعة
مع الناس كان أفضل وأكمل ، وإن ترك صلاة الجمعة لأنه حضر العيد وصلى العيد فلا حرج عليه لكن عليه أن يصلي ظهرا فردا أو جماعة .
والله ولي التوفيق " اهـ
قول الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في رسالة الأجوبة النافعة
" حكم الجمعة في يوم العيد :
7 - ظاهر حديث زيد بن أرقم عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه بلفظ : " أنه صلى الله عليه وسلم صلى العيد ثم رخص
في الجمعة فقال : من شاء أن يصلي فليصل " .
يدل على أن الجمعة تصير بعد صلاة العيد رخصة لكل الناس فإن تركها الناس جميعا فقد عملوا بالرخصة وإن فعلها بعضهم
فقد استحق الأجر وليست بواجبة عليه من غير فرق بين الإمام وغيره وهذا الحديث قد صححه ابن المديني وحسنه النووي .
وقال ابن الجوزي : هو أصح ما في الباب وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم عن وهب بن كيسان قال : اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فأخر الخروج حتى تعالى النهار ثم خرج فخطب فأطال الخطبة ثم نزل فصلى ولم يصل الناس
يومئذ الجمعة فذكر ذلك لابن عباس رضي الله عنهما فقال : أصاب السنة . ورجاله رجال الصحيح وجميع ما ذكرناه يدل على أن الجمعة بعد العيد رخصة لكل أحد وقد تركها ابن الزبير في أيام خلافته كما تقدم ولم ينكر عليه
الصحابة ذلك "