النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الإرهاب أسبابه ووسائل العلاج /المفتي المسلمين العلامة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2004
    المشاركات
    2,615

    الإرهاب أسبابه ووسائل العلاج /المفتي المسلمين العلامة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الإرهاب أسبابه ووسائل العلاج

    السماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ حفظه الله


    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وأشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . . . وبعد :
    فإنه لما كان انعقاد الدورة السابعة عشرة للمجمع الفقهي الإسلامي لهذا العام 1424هـ بمكة المكرمة ، وكان في جدول أعماله مواضع هامة تمس حاجة المسلمين ، وتعالج قضاياهم ، وعلى رأس هذه المواضع مشكلة التهديدات الإرهابية ؛ أسبابها وآثارها وحكمها الشرعي ، ووسائل الوقاية منها .

    ونظرا لأهمية الموضوع خصوصا في هذا الزمان ، وللحاجة الماسة إليه رأينا المشاركة فيه ببحث حول حقيقة الإرهاب ، ومن ثم

    نبين أسباب هذه الآفة ووسائل علاجها .

    وقبل أن نتكلم عن الأسباب والعلاج نحب أن نقدم الكلام عن مصطلح الإرهاب ، وما يتعلق بهذا المصطلح ، وما يراد به ، وبعض النقاط التي نرى أنها هامة ، ويجب تنبيه أهل الإسلام وغير المسلمين إليها ، مستمدين من الله العون والتوفيق .

    مصطلح الإرهاب :

    هذا المصطلح ظهر في الآونة الأخيرة وخصوصا بعد ما يطلق عليه ( أحداث 11 سبتمبر2001 ) وكان الاهتمام به على أعلى المستويات الإعلامية والدولية ، وركزت الحملة فيه على هذه القضية وعلى هذا المصطلح ( الإرهاب ) ومحاربته ، ومحاربة من ينتسب إليه ، وهو ما يسمى بالإرهابي ، ولكننا نرى أن هذه الحملة بدأت تحدد مسارها شيئا فشيئا وتضيق أطرها حتى كاد ينحصر هذا المصطلح في الإسلام والمسلمين ، فصارت الأصابع تشير إليهم دائما بهذه التهمة ، والتي تعتبر في العرف الدولي جريمة من أعظم جرائم العصر .

    لكن اللافت هو أن هذا المصطلح وإلى الآن لم يتحدد مفهومه ، بل تشن الحملة ضده بدون تحديد واضح المعالم لما هو الإرهاب ومن هو الإرهابي ومتى يكون إرهابيا ، وكيف يكون هذا الشخص أو تلك الجماعة أو الدولة أو الدول إرهابية .

    كل هذا لم يتحدد دوليا ، وقد ذكر البعض أن عدم التحديد هذا مقصود .

    وبكل حال فإن محاربة مصطلح وشن الحملات المتتابعة على أعلى المستويات الإعلامية والأمنية والدولية عليه ، مع عدم معرفة حدوده تعتبر حربا على مجهول ، وهذا من شأنه أن يوقعنا في


    إشكالات كثيرة منها : أن نعادى أطرافا على أنهم إرهابيون وليسوا كذلك ، وهذا ظاهر فيمن يحارب ويقاوم لأجل أن يخلص بلاده من المحتل مثلا .

    وأيضا من الإشكالات أن يترك أطراف هم أشد عنفا وعداوة وإفسادا ، فلا يقاومون ولا ينكر فعلهم ؛ لأن هذا المصطلح لم يطلق عليهم وإن كان منطبقا عليهم .

    نحن في دين الإسلام لا نقر استخدام الألفاظ المحتملة لعدة معان من غير تمييز المعنى المراد ؛ لأن ديننا إنما جاء بالوضوح والصراحة والصدق : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ .

    وديننا جاء بالعدل فلا يمكن أن يحملنا بغضنا وعداوتنا لأقوام على أن نعتدي عليهم ولو بالألقاب التي لا تنطبق عليهم و:َلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى .

    وتعلمنا في دين الإسلام أنه لا يمكن أن يحمل أطراف ذنوب أطراف أخرى ، وبعبارة أخرى لا يمكن أن يؤخذ أطراف بجرائر آخرين مهما كان ، يقول الله عز وجل : وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى .

    إذن الدين الإسلامي واضح في هذه القضية أشد الوضوح ، ولذا

    نجد أن العقيدة والأحكام الشرعية والعبادات وأحكام المعاملات وفقه الأسرة ونحو ذلك واضحة جلية في الشريعة الإسلامية .

    وعلى هذا كله نقول : إن المسلمين انطلاقا من دينهم يطالبون بتحديد الألفاظ والمصطلحات وتحديد معانيها ، ولا يمكن أن يكون المسلم الحق ساعيا في تعمية المصطلحات لأن دينه ينهاه عن ذلك . وإن كنا نعلم بما نشاهد في الواقع أن من المصطلحات ما يقصد إجمالها وعدم بيانها ، ويكون في ذلك مصلحة ومكاسب لمن يسعى إلى عدم بيانها ويقصد إلى غموضها ، بينما ديننا الإسلامي ينهانا عن ذلك ، فلا تغرير ولا خداع ولا غدر ولا خيانة ولا كذب في الإسلام ، بل هو الدين الواضح الصادق وهو المحجة البيضاء .

    وإذا كنا نريد تحديدا لهذا المفهوم في ديننا ، فإنه ينبغي لنا أن نبحث عن الأصل اللغوي لهذه الكلمة إذ الدين الإسلامي جاء بلغة العرب ، فننظر لأصلها وماذا تعنى في اللغة ثم ننظر إلى الاستعمال الشرعي من خلال النصوص لهذه الكلمة .

    ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا السياق أن الحقائق اللفظية عندنا ثلاثة أقسام : الحقيقة اللغوية ، والحقيقة الشرعية ، والحقيقة العرفية ، فإذا كنا بصدد البحث في لفظ أو مصطلح فالنظر أولا هل بحثنا عنه من جهة دلالته اللغوية ، فالعبرة إذن بقول أهل اللغة في ذلك ، أو يكون النظر فيه من جهة دلالته الشرعية فالعبرة فيه بقول أهل الشرع من خلال النصوص الشرعية ، أو يكون النظر فيها من جهة دلالتها العرفية فيكون المعتبر قول أهل العرف وعملهم .
    والإرهاب الذي نحن بصدد الحديث عنه . أصله في اللغة من مادة ( ر هـ ب ) وهذه المادة كما يقول ابن فارس - يرحمه الله - لها أصلان في اللغة : أحدهما يدل على خوف ، والآخر يدل على دقة وخفة .
    فالأول ( وهو الخوف ) : الرهبة تقول رهبت الشيء رهبا ورهبا ورهبة . والترهب : التعبد ، ومن الباب الإرهاب ، وهو قدع الإبل من الحوض وذيادها .

    وفي اللسان رهب بالكسر ، يرهب رهبة ورهبا بالضم ورهبا بالتحريك أي خاف ، ورهب الشيء رهبا ورهبا ورهبة : خافه . . . إلى أن قال : . . وأرهبه رهبه واسترهبه ، أخافه وفزعه .

    ونلاحظ هنا أن أصل الكلمة اللغوي يدل على الخوف وعلى استدعاء الخوف ، فالإرهاب من قولك أرهب يرهب إرهابا ، فأصله أرهب ، أي خوف وفزع كما مر .

    وهذا المعنى في نفسه لا يقتضي مدحا ولا ذما ، فالخوف والتخويف ليس مذموما مطلقا ولا ممدوحا مطلقا .
    فحين يخاف الإنسان من السبع فهذا خوف طبيعي لا يمكن أن يذم به الإنسان ، وحين يخوف المرء عدوه الذي يريد الاعتداء عليه فهذا أيضا لا يمكن ذمه ، فهذه جبلة في الإنسان بل والحيوان ، وقد هيأ الله لكل مخلوق ما يدافع به عن نفسه الأخطار سورة طه الآية 50 الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى . واستخدام ذلك عند وقوع الخطر أو توقعه لا يمكن أن يذم .

    أما حقيقة هذا اللفظ من الناحية الشرعية فإنا لم نجد هذا اللفظ بعينه في النصوص الشرعية ، وإنما يوجد أصله الثلاثي وما تصرف منه ، وكذلك أيضا ما تصرف من أصله الرباعي .

    فمن ذلك قوله تعالى :وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ . ومنه قوله تعالى : وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ .

    ومنه أيضا قوله تعالى : وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ . ومنه قوله تعالى : إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا .

    وكل هذه النصوص تدل على طلب الخوف من الله تعالى ، ومدح ذلك وأنه من العبادات ، وأقرب ما جاء من التصاريف لهذا المصطلح في النصوص هو قوله تعالى : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ .
    قال ابن جرير الطبري رحمه الله : ( يقال منه أرهبت العدو ورهبته ، فأنا أرهبه وأرهبه إرهابا وترهيبا ، وهو الرهب والرهب ، ومنه قول طفيل الغنوي :
    ويل أم حي دفعتم في نحورهم بنـي كلاب غداة الرعب والرهب
    ويقول في معنى الآية :
    ( وأعدوا لهؤلاء الذين كفروا بربهم الذين بينكم وبينهم عهد إذا خفتم خيانتهم وغدرهم أيها المؤمنون بالله ورسوله ما استطعتم من قوة ، يقول : ما أطقتم أن تعدوه لهم من الآلات التي تكون قوة لكم عليهم من السلاح والخيل ، ترهبون به عدو الله وعدوكم يقول تخيفون بإعدادكم ذلك عدو الله وعدوكم من المشركين ) .
    من هنا يظهر أن المراد إعداد القوة وإظهارها لإخافة من يخشى منهم الخيانة والغدر والاعتداء علينا .
    وهذا الأمر مشروع ، وهو أمر مصلحي ظاهر لدى كل الأعراف والدول . ولا يمكن لأي دولة أن تتخلى عن هذا ؛ لأن معنى التخلي عن هذا الاستسلام لكل عدو أراد أن يعتدي على الدولة ، فتكون الدولة لقمة سائغة لأعدائها .
    وهذا زيادة على كونه محرما على المسلمين في شريعة الإسلام ، فإنه أيضا مخالف لصريح العقول بل إن الأنظمة الدولية تنص على ذلك من باب الدفاع عن النفس ، وهذا يدل على أنه عرف عام لكل البشر ، وقد جاء ذلك في الفصل لسابع من ميثاق الأمم المتحدة حيث نصت المادة ( 51 ) منه على أنه : ( ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول ، فرادى أو جماعات ، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة ) إلى آخر المادة .
    والمقصود أن هذا حق لا يمكن لأي أحد أن يعترض عليه . ومن هنا نعلم أن مصطلح الإرهاب بهذه الصيغة لم يرد في الشرع أصلا حسب علمنا ، وإنما ورد بعض ما تصرف من جذره .
    وعليه فلا يمكن أن نجد لهذا المصطلح تعريفا شرعيا ، وإن كانت دلالته اللغوية واضحة ، وهي استدعاء الخوف ، ونحن حين نقول لا نجد لهذا المصطلح تعريفا شرعيا لا نعنى أن الشرع قد قصر
    عن بيان الأعمال التي تصنف على أنها أعمال إرهابية ، كلا فإن الإسلام قد بينها أجلى بيان ، وسنأتي على ذلك قريبا إن شاء الله تعالى ، لكن كما قدمنا فإن ديننا دين الوضوح ، فلا يمكن أن نأتي بتعريف شرعي لمصطلح لم يرد أصلا في الشريعة الإسلامية ينبني عليها أحكام وحدود ، وهذا كله لا يمكن أن يكون جزافا .
    ومع هذا فإن الحقيقة اللغوية ظاهرة فيه ، وهي أن هذا المصطلح " الإرهاب " يعني استدعاء الخوف والفزع أو بعبارة أخرى هو التخويف .
    بقي من الحقائق الحقيقة العرفية ، وهي ما لم تتبلور إلى الآن .
    ونحن نعرض هنا لبعض التعاريف التي وقفنا عليها :
    1 - في موسوعة السياسة : ( الإرهاب هو استخدام العنف غير القانوني أو التهديد به ، بأشكاله المختلفة : كما الاغتيال والتشويه والتعذيب والتخريب ، بغية تحقيق هدف سياسي معين مثل كسر روح المقاومة عند الأفراد ، وهدم المعنويات عند الهيئات والمؤسسات ، كوسيلة من وسائل الحصول على معلومات أو مال ، أو بشكل عام استخدام الإكراه لإخضاع طرف مناوئ لمشيئة الجهة الإرهابية ) .
    2 - الموسوعة العربية العالمية : " الإرهاب : استخدام العنف أو
    التهديد به لإثارة الرعب ) .
    3 - قاموس أكسفورد : جاء تعريف الإرهابي بأنه : الشخص الذي يستعمل العنف المنظم لضمان نهاية سياسية .
    وبالنظر في هذه التعاريف نجد أنها تتفق مع التعريف اللغوي في اللغة العربية ، من حيث إن الإرهاب هو تعمد التخويف ، أو استدعاء الخوف والفزع ، لكن يبقى بعض ألفاظ في هذه التعاريف لا تنضبط ؛ فمثلا كلمة " غير القانوني " وكلمة " طرف مناوئ " في التعريف الأول يرد عليها أن هذا القانون المذكور ينطبق على أي قانون ؟ ! ثم لو طبقته كل دولة حسب قانونها يبقى الإرهاب الدولي فمتى يكون العمل إرهابا بأي قانون نضبطه ؟ !
    وكذلك قولهم " طرف مناوئ " يمكن أن يقال من هو الطرف الأصيل ؟ ! وهل كل مخالف يكون المضاد له إرهابيا ؟ !
    هناك كلمات لم تحدد .
    وفي التعريف الثاني كذلك يمكن أن يقال : وهل كل عنف يثير الرعب يعتبر إرهابا ؟ بالتأكيد الجواب سيكون كلا ! ذلك أننا نشاهد في حياتنا اليومية آلاف الحوادث التي تثير الرعب بدرجة ما ، ولكنها لا تسمي إرهابا .
    وهكذا ما جاء في تعريف قاموس أكسفورد فإنه تعريف غير
    جامع إذ قد يكون العمل إرهابا وإن لم يقصد القائم به الوصول إلي نهاية سياسية .
    إذن فالجميع أو الغالب متفقون على أن الإرهاب هو تعمد التخويف ، لكن بأي درجة وبأي طريقة ومتى يصل إلي هذا الحد ؟ كل هذه تساؤلات أدت وجهات النظر المختلفة حيالها إلى عدم الوصول إلى تعريف مشترك معترف به .
    أما متى كان أول ظهور لهذا المصطلح ؛ فإنه وبحسب ما جاء في الموسوعة العربية العالمية : أنه ظهر إلى حيز الوجود إبان الثورة الفرنسية عام 1789 - 1799 م . حين تبنى الثوريون الذين استولوا على السلطة في فرنسا العنف ضد أعدائهم ؛ وقد عرفت فترة حكمهم باسم عهد الإرهاب ) .
    وبعد ذلك توالت العمليات والجماعات والحركات الإرهابية ، ومن أبرز ذلك :
    جماعة كوكلوكس كلات ، وهي جماعة أمريكية استخدمت العنف لإرهاب المواطنين السود والمتعاطفين معهم .
    وهناك جماعة الألوية الحمراء في إيطاليا ، وزمرة الجيش الأحمر في ألمانيا وكلاهما في ستينيات القرن العشرين .
    وكلا الجماعتين تقصد إلى تخريب الأنظمة السياسية والاقتصادية في بلديهما بقصد تطوير نظام جديد .
    وهناك عصابات يهودية إرهابية اشتهرت قبيل استيلاء اليهود على فلسطين منها منظمة الهاغانا الهاشومير ، وفرق العمل ، والبالماخ ، والأرغون ، وعصابة شيترن ، ومنظمة كاخ .
    ومن أبرز الشخصيات التي استخدمت العنف والإرهاب لإخماد أعدائها أدولف هتلر في ألمانيا ، وبنيتو موسولني في إيطاليا ، وجوزيف ستالين في الاتحاد السوفيتي ( سابقا ) .
    وبهذه اللمحة التاريخية الموجزة نستفيد عدة أمور منها :
    1 - أن ظهور هذا المصطلح ( الإرهاب ) كان في نهايات القرن الثامن عشر الميلادي بينما ظهور الإسلام كان قبل ذلك بأكثر من اثني عشر قرنا .

    2 - أن أول من أطلق عليهم مصطلح الإرهاب تاريخيا هم في أوربا ، فلا هم عرب ولا هم مسلمون .

    3 - أن تاريخ هذا المصطلح وتدرجاته كلها تسجل أن الإرهابيين ليسوا مسلمين بل ليسوا عربا .

    4 - وجود جماعات وأفراد يمكن أن ينطبق عليهم هذا المصطلح ( الإرهاب ) بوجه أو بآخر - بمعناه المذموم - وهم ينتمون إلى الإسلام ، هذا لا يعني إطلاقا أن دينهم هو سبب هذا الإرهاب ، وهذا يثبته التاريخ كما مر ، ويثبته العقل أيضا إذ لو كان الأمر كذلك وسلمنا بهذه الدعوى ونحن نعلم أن ظهور الإسلام كان قبل أكثر
    من ( 1400 عام ) من الآن والإسلام على هذه الفرضية هو السبب في الإرهاب ، إذن سيتكون في العالم مجتمع إرهابي متراكم عمره أكثر من ( 1400 عام ) وهذا لا يمكن تصوره فضلا عن تصديقه .
    بقي أن نعلم أن دين الإسلام قد صنف أعمالا ضمن أشد الأعمال جرما وأعظمها إثما ، وذلك منذ أكثر من ( 1400 ) هي الآن تصنف في القوانين المعاصرة ضمن الأعمال الإرهابية وهذا يسجل للإسلام تقدمه وسبقه في مكافحة هذه الآفة .
    ومن تلك الإعمال :
    1 - القتل العمد العدوان لمعصوم الدم : وهذا محرم مؤكد التحريم وجزاؤه في الإسلام القتل .
    : مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا .

    : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى .

    سورة النساء الآية 93 وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا .

    : وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ .

    2 - الإفساد في الأرض ، بقطع الطريق وترويع الآمنين ويدخل فيه التفجيرات واختطاف الطائرات والسفن والقطارات وغيرها : وهذا من كبائر الذنوب وجزاؤه مغلظ ، إما القتل أو الصلب أو تقطع الأيدي والأرجل من خلاف أو السجن ، زيادة على عذاب الله يوم القيامة .
    :إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ .
    3 - محاولة تغيير النظام بالقوة مع شرعية الحاكم ، وهذا من الكبائر وعقابه القتل . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم الإمارة (1852) ، مسند أحمد بن حنبل (4/341). من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه أخرجه مسلم .
    وهذا من حرص الإسلام على المحافظة على النظام العام في المجتمع الإسلامي .
    4 - السرقة : وجزاؤها في الإسلام قطع اليد سورة المائدة الآية 38 وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .
    وغير هذا كثير لذا نجد أن هذا التشريع الإلهي هو الصالح فقط لأن يطبق في جميع الأرض على اختلاف الطبقات والدول واللغات والأعراف ، وأنه متى طبق سعدت البشرية وأمنت .
    هذا وقد عرف المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته السادسة عشرة عام 1422 هـ بمكة المكرمة الإرهاب في بيانه وجاء فيه أن الإرهاب هو :
    ( العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيا على الإنسان ( دينه ، وعقله ، وماله ، وعرضه ) ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق ، وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق ، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ، ويهدف إلي إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم ، أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر ، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة ، أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر ، فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها ) . وهو من أمثل التعاريف في هذا الباب .
    هذا وإن مما يجب التنبيه عليه هنا من الأمور الخطيرة التي تنذر بشر عظيم للبشرية كافة ، ألا وهو محاولة إقصاء ومحو بعض
    المصطلحات الإسلامية الشرعية والتي وردت في كتاب الله عز وجل ، وذلك من نحو الجهاد في سبيل الله ، الولاء والبراء ، ونحو ذلك من المصطلحات .
    فإن هناك من الدول والأفراد من يطالب بمحو ذلك من التعليم والحياة العامة ، ويواصلون الضغط في هذا الجانب بحجة مكافحة الإرهاب ونشر التسامح . إن هذا الأمر هو السبب الأعظم في نشر الإرهاب المقيت لماذا ؟ لعدة أمور :
    أولا : أن هذا تدخل سافر في شريعة أنزلها رب العالمين ورضيها وأمر بها ، وهذا التدخل في نفسه من أعظم أنواع الإرهاب الفكري والعقدي .
    ثانيا : أن هذه المصطلحات الشرعية مهما بذلت الجهود في محوها فإنها ستبقى لسبب يعرفه المسلم والكافر ، ألا وهو أن هذا الدين وهذا القرآن مما تكفل الله بحفظه وبقائه : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ .
    ومحاولات طمس الألفاظ الشرعية والعبادات الربانية لن تصل في قمة ضغطها ، وتواصل الجهود فيها إلا إلى نتيجة ، وهي محاولة إزاحة تعليم هذه الألفاظ في الظاهر أي في النور أي بشكل واضح وصريح
    مع العلم أنها ستبقى في القرآن ، وفي قلوب المسلمين عقيدة يدينون بها ، وهذا يعني أن ذكرها سيبقى ، وهذا يعني أنه سيكون هناك مناخ جيد لتجار الظلام الذين سيستغلون هذه الأوضاع - وهي المنع من إظهار التعليم لهذه الألفاظ والعبادات تعليما شرعيا صحيحا منضبطا - فيرفعون شعارات تهتف بها ، ويبقى تفسيرها حسب توجهاتهم وأهوائهم ، وهنا يكون الخطر إذ اللفظ لا يمكن لمسلم أن ينكر شرعيته وقد جاء في كتاب الله أصدق كلام وأصح كتاب .
    لكن يبقى المعنى ، فلما منع وحجب بيان المعنى الصحيح المنضبط ظهر المعنى الباطل في أجلى صورة وبلا مقاومة شرعية ظاهرة ، وعندئذ ستسخر البشرية ، وستعاني من الإرهاب أجيالا وعقودا حتى يتراجعوا عن هذه المبادئ السيئة التي تجر إلي الخراب والدمار . هذا ما أحببنا بيانه حول هذا المصطلح وبعض ما يتعلق به
    أسباب الإرهاب :
    أما من جهة أسباب الإرهاب فسأجملها فيما يلي :
    فأول الأسباب وأعظمها خطرا وأوسعها ظهورا وانتشارا هو : الإعراض عن تطبيق شرع الله في الأرض :
    إن الله سبحانه وتعالى لما خلق خلقه كان هو سبحانه الأعلم بما يصلحهم يقول سبحانه : سورة الملك الآية 14 أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ .
    وقد وضع الله سبحانه في هذا الدين الإسلامي الذي هو خاتم الأديان كل ما يصلح البشرية في دنياها وأخراها إن هي طبقته ، والله سبحانه قد حفظ هذا الدين للعالمين بحفظه لدستوره وهو القرآن الكريم الذي هو في الحقيقة كلام رب العالمين .
    وهنا حقيقة قد تغيب عن الأذهان ألا وهي أننا كمسلمين حين نطالب بتطبيق الشريعة في العالم بأجمعه لا يعني أننا نطالب بإجبار الجميع على الدخول في دين الإسلام فإن هذا ليس مرادا قطعا لأن الله تعالى يقول : لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ نحن ندعو الجميع للدخول في هذا الدين ونرغب في عموم الخير للجميع ، لكننا لا نجبر أحدا على الدخول فيه ، والله تعالى يقول : سورة يونس الآية 99 وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ .
    إننا في هذا السياق بالخصوص نطالب الجميع بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ، عند ذلك سيأمن الجميع ويهنأ الجميع ، إن البشرية في العهود الأولى من الإسلام قد نعمت بحكم مستقر آمن ونعمة سابغة استفاد منها المسلم وغير المسلم ، وكلهم كان داخلا تحت حكم الإسلام .
    والله تعالى يوجهنا لكيفية التعامل مع غير المسلمين في الحكم والتحاكم :فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
    إن البعد عن شريعة الله هو سبب الضلال والعمى والشقاء الذي نعاني منه الآن فالله تعالى يقول : سورة طه الآية 124 وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . والمعيشة الضنك هي الضيقة وهي الشقاء .
    إذن فالبعد عن تطبيق الأنظمة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في شئون الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها - وكل هذه الشئون قد جاء بيانها في الدين الإسلامي بيانا واضحا - هو سبب للشقاء ، ومن أنواع الشقاء الإرهاب .
    ومن الأسباب : الغلو : وهو مجاوزة الحد ، وهذا الغلو أو ما قد يصطلح عليه بـ ( التطرف ) خطير جدا في أي مجال من المجالات ، حتى ولو كان لباسه دينيا ، وديننا الإسلام قد حذر منه حتى ولو كان
    بلباس الدين يقول النبي صلى الله عليه وسلم : إياكم والغلو ويقول صلى الله عليه وسلم : هلك المتنطعون .
    والغلو أو التطرف ، تارة يكون في الدين وهذا منهي عنه ، وتارة يكون في محاربة الدين وهذا تطرف مقابل ، ومعلوم أن هذين طرفا نقيض ، والعلاقة بينهما أن كل واحد منهما يغذي صاحبه ، فالغلو في محاربة الدين ينتج غلوا في الدين وتنطعا فيه وكذا العكس .
    ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه ، وأمة الإسلام وسط بين الأمم ، والغلاة ليسوا متمسكين بالدين على الحقيقة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمثال هؤلاء : فمن رغب عن سنتي فليس مني متفق عليه .
    ويقابلهم من أعرض عن الدين بل وحاربه ، فهذا تطرف في الجفاء عن الدين ، وقد ينتج منه أنواع من الإرهاب الفكري أو المسلح ، أو يكون هو سببا في نمو الإرهاب كردة فعل لهذا النهج الخاطئ الضال .
    ومن الأسباب : التصور الخاطئ :
    وذلك أن من يقوم بمثل هذه العمليات لا يقوم بها إلا بعد إعداد ذهني وفكري ، وقد يكون الخلل من هذا الإعداد ، فإما أن يكون هو في نفسه جاهلا فيتصور الأمور على خلاف الواقع ، أو يكون
    صاحب هوى غلب عليه هواه حتى نسي الحق أو تناساه ، وصار يبحث عما يبرر له أعماله الإجرامية .
    وقد يأتي التصور الخاطئ عن طريق التضليل فتصل إلى يديه معلومات مضللة يعمل بناء عليها فيقع فيما لا تحمده عقباه .
    وقد أخبر الله عز وجل عن أقوام هم من أهل النار والعذاب الشديد مع أنهم يتصورون أنهم على حق : قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا سأُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا .
    ومن الأسباب : العوائق التي تقام في وجه الدعوات الصادقة :
    إن وضع العوائق الإعلامية أو الأمنية أو غيرها في وجه الدعوة الحق التي تدعو إلي دين الله على بصيرة ، وتنقي الدين من شوائب الغلو والجفاء ، من شوائب التطرف بجميع أشكاله ، كل هذا سبب في ظهور الإرهاب ، بل إنه هيأ لظهوره وسهل طريقه في دخول عقول فارغة أو مضللة ، والأمر دائر بين الحق والباطل فمتى ضعف جانب الحق ظهر جانب الباطل والعكس كذلك سورة يونس الآية 32 فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ .
    علاج الإرهاب
    علاج الإرهاب يكمن في أمور عدة :
    منها : العمل الجاد على تعميم تعاليم الإسلام وتطبيقها ، وذلك من خلال العرض المبسط لتعاليم الإسلام ونظمه في الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها ، وبثها في الناس والمطالبة بتطبيقها لأنها هي فقط الكفيلة بتحقيق العدالة ونبذ الشر بكافة صوره ، وهذا يحمل المختصين من العلماء والمنظرين والإعلاميين في العالم الإسلامي مسئولية كبيرة يجب أن ينهضوا بها طاعة لله وابتغاء مرضاته .
    ومن وسائل العلاج : تأصيل العلم الشرعي الرصين المبني على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة . إننا حين نقرر أن الوسطية هي الحل ضد التطرف بكافة أشكاله المعلوم منها لدينا الآن والمجهول ، يجب أن نبحث عن طريق الوسطية وماهيته ؛ إن طريق الوسطية الحقيقي الذي سيضمن لها القوة والاستمرار هو الالتزام التام بالكتاب والسنة وفق فهم السلف الصالح ؛ لأنهم عاصروا التنزيل وهم أعلم بمراد الله عز وجل ، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم من غيرهم .
    والله تعالى يقول : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .
    فليس ثمت إلا طريق الله المستقيم أو طريق الضلالة والغواية والله تعالى يقول : سورة النساء الآية 115 وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا .
    وتأصيل هذا المنهج الوسطي الرصين يجب أن يكون من خلال مناهج التعليم ، وكذلك عبر وسائل الإعلام من خلال حملة إعلامية قوية ومركزة ومكثفة . ومن خلال العلماء والدعاة والواعظين يجب أن يستنفر المجتمع لهذا الأمر الجليل محتسبين في ذلك لله عز وجل وعندئذ سنسعد جميعا بالأمن والأمان والسعادة .
    ومن وسائل العلاج : الوضوح والصراحة في محاربة هذه الآفة من خلال الطروحات الإعلامية والدعوية وغيرها ، فلا مجال لألفاظ محتملة ، ولا مجال لمعان واسعة الدلالة إننا أمام داء خطير بدأ يدب في المجتمعات الإسلامية بل وغيرها ، فإما أن نقف معه بحزم مستشعرين مسئوليتنا أمام الله عز وجل ، وإما أن نتهاون في ذلك وسينتج عن هذا التهاون ما لا تحمد عقباه وسنكون شركاء في المسئولية والتبعة أمام الله عز وجل : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ .
    ومن الوسائل : تحرير المصطلحات الشرعية وضبطها بضوابط واضحة حتى لا تكون مجالا لتجار الظلام والإفساد .
    وذلك كمصطلح الجهاد ؛ ودار الحرب ؛ ودار الإسلام ؛ وولي الأمر ما يجب له وما يجب عليه ؛ والعهود عقدها ونقضها لمن يكون ؛ والخروج على الولاة ما حكمه . . . وغيرها من الموضوعات التي تثار في الساحة الإسلامية ولها تأثيرات قوية .
    إن من الواجب علينا ضبط هذه المصطلحات .
    وأنا من هذا المكان أدعو مجمعكم الفقهي الموقر إلى عقد دورة استثنائية خاصة يجتمع لها العلماء المسلمون ، ويكون الطرح فيها واضحا لنخرج بضوابط شرعية لهذه المصطلحات حتى لا تكون مجالا للمزايدة عليها من قبل تجار الظلام .
    وقبل أن أختم الكلام أحب أن أنبه إلى أن أعظم أسباب المصائب والبلايا من الإرهاب وغيره هي ظهور الذنوب وانتشارها يقول الله تعالى : سورة الروم الآية 41 ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ .
    ويقول سبحانه : وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ .
    وطريق العلاج هو التوبة ، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة .
    وفق الله الجميع للتوبة النصوح ، وأصلح الله أحوال المسلمين ووقانا الشرور والبلايا إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه .
    خلاصة البحث وأهم النتائج :
    1 - الإرهاب مصطلح جندت لمحاربته وسائل الإعلام والأمن من قبل الدول لكن لم يتحدد مفهومه حتى الآن .
    2 - الإرهاب في اللغة هو استدعاء الخوف أو الفزع ، أي التخويف .
    3 - لم يرد لفظ الإرهاب في النصوص الشرعية وإنما ورد ما تصرف من جذره .
    4 - لا يوجد تعريف شرعي للإرهاب لأن هذه اللفظة لم ترد في نصوص الشرع .
    5 - بداية ظهور مصطلح ( الإرهاب ) كان في الفترة بين عامي 1789 - 1799 م على يد الفرنسيين وكان يسمى ( عهد الإرهاب ) .
    6 - لا علاقة بين الإسلام والإرهاب ، يثبت ذلك التاريخ والنقل والعقل .
    7 - الإسلام قد سجل سبقا كبيرا في مكافحة هذه الآفة .
    8 - وردت عدة تعاريف اصطلاحية للإرهاب أمثلها تعريف المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته السادسة عشرة بمكة المكرمة عام 1422 هـ حيث جاء فيه : " العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيا على الإنسان ( دينه ، وعقله ، وماله ، وعرضه ) ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق ، وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم ، أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر . ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر ، فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها )
    9 - القصد إلى محاربة بعض الشعائر الدينية بحجة حرب الإرهاب ونشر التسامح هو في نفسه إرهاب فكري عقدي ، وسبب في نمو الإرهاب بكافة صوره .
    10 - للإرهاب أسباب منها : تعطيل شرع الله وعدم تطبيقه في الأرض ؛ الغلو والتطرف ؛ التصور الخاطئ ؛ العوائق التي تقام في
    وجه الدعوات الصادقة .
    11 - علاج الإرهاب يكون بوسائل منها : تعميم تطبيق الشريعة الإسلامية ، تأصيل العلم الشرعي ، الوضوح والصراحة في مكافحة هذه الآفة ، ضبط المصطلحات الشرعية .

    12 - الدعوة إلى إقامة ندوة يشترك فيها العلماء لبيان المصطلحات الشرعية الهامة في هذا الباب وضبطها بالضوابط الشرعية .

    13 - من أعظم أسباب المصائب بكافة صورها انتشار الذنوب وظهورها مع عدم من يقاومها وينكرها وأعظم علاج هو التوبة لله عز وجل .

    هذا وإني لأسأل الله العلي القدير أن ينفع بهذا الجهد كاتبه وقارئه ومن اطلع عليه ، وأن يقي أمتنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

    مجلة البحوث الإسلامية العدد السبعون - الإصدار : من رجب إلى شوال لسنة 1424هـ
    قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: فمن أعرض عن الله بالكلية أعرض الله عنه بالكلية، ومن أعرض الله عنه لزمه الشقاءُ والبؤس والبخس فى أحواله وأعماله وقارنه سوءُ الحال وفساده فى دينه ومآله، فإن الرب تعالى إذا أعرض عن جهة دارت بها النحوس وأظلمت أرجاؤها وانكسفت أنوارها وظهرت عليها وحشة الإعراض وصارت مأْوى للشياطين وهدفاً للشرور ومصباً للبلاءِ، فالمحروم كل المحروم من عرف طريقاً إليه ثم أَعرض عنهاْ....

    موقع فضيلة العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه الله
    http://www.sh-faleh.com/index.php

  2. جزاك الله خيرا
    قال ابن عون- رحمه الله-:(من يجالس أهل البدع أشد علينا من أهل البدع)

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    الدولة
    \\\\\\\\\
    المشاركات
    2,713
    وياك أخي الفاضل
    قال العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي{{ وإنني أحذر المسلمين من هذه الشبكة الخبيثة -شبكة سحاب-المفسدة كما أرى أنه يجب على كل ناصح أن يحذرها، ويحذر منها؛
    فقد أصبحت ملتقى لأصحاب الطيش، والجهل وسيئ الأدب }}


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2004
    المشاركات
    2,615
    جزاكم الله خيرا
    قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: فمن أعرض عن الله بالكلية أعرض الله عنه بالكلية، ومن أعرض الله عنه لزمه الشقاءُ والبؤس والبخس فى أحواله وأعماله وقارنه سوءُ الحال وفساده فى دينه ومآله، فإن الرب تعالى إذا أعرض عن جهة دارت بها النحوس وأظلمت أرجاؤها وانكسفت أنوارها وظهرت عليها وحشة الإعراض وصارت مأْوى للشياطين وهدفاً للشرور ومصباً للبلاءِ، فالمحروم كل المحروم من عرف طريقاً إليه ثم أَعرض عنهاْ....

    موقع فضيلة العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه الله
    http://www.sh-faleh.com/index.php

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •