بسم الله الرحمن الرحيم

قال‏ الخراقي :‏ ‏[‏ والكفارة عتق رقبة‏,‏ فإن لم يمكنه فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ‏]‏
المشهور من مذهب أبي عبد الله أن كفارة الوطء في رمضان ككفارة الظهار في الترتيب‏,‏ يلزمه العتق إن أمكنه فإن عجز عنه انتقل إلى الصيام فإن عجز انتقل إلى إطعام ستين مسكينا وهذا قول جمهور العلماء وبه يقول الثوري‏,‏ والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وعن أحمد رواية أخرى‏,‏ أنها على التخيير بين العتق والصيام والإطعام وبأيها كفر أجزأه وهو رواية عن مالك لما روى مالك وابن جريج عن الزهري‏,‏ عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ‏(‏أن رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين‏,‏ أو إطعام ستين مسكينا‏)‏ رواه مسلم و ‏"‏أو‏"‏ حرف تخيير ولأنها تجب بالمخالفة فكانت على التخيير ككفارة اليمين وروي عن مالك‏,‏ أنه قال‏:‏ الذي نأخذ به في الذي يصيب أهله في نهار رمضان إطعام ستين مسكينا أو صيام ذلك اليوم‏,‏ وليس التحرير والصيام من كفارة رمضان في شيء وهذا القول ليس بشيء لمخالفته الحديث الصحيح مع أنه ليس له أصل يعتمد عليه ولا شيء يستند إليه‏,‏ وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحق أن تتبع وأما الدليل على وجوب الترتيب فالحديث الصحيح رواه معمر ويونس‏,‏ والأوزاعي والليث وموسى بن عقبة‏,‏ وعبيد الله بن عمر وعراك بن مالك وإسماعيل بن أمية‏,‏ ومحمد بن أبي عتيق وغيرهم عن الزهري‏,‏ عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏قال للواقع على أهله‏:‏ هل تجد رقبة تعتقها‏؟‏ قال‏:‏ لا قال‏:‏ فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين‏؟‏ قال‏:‏ لا قال‏:‏ فهل تجد إطعام ستين مسكينا‏؟‏ قال‏:‏‏)‏ لا وذكر سائر الحديث وهذا لفظ الترتيب‏,‏ والأخذ بهذا أولى من رواية مالك لأن أصحاب الزهري اتفقوا على روايته هكذا سوى مالك وابن جريج فيما علمنا‏,‏ واحتمال الغلط فيهما أكثر من احتماله في سائر أصحابه ولأن الترتيب زيادة والأخذ بالزيادة متعين ولأن حديثنا لفظ النبي -صلى الله عليه وسلم- وحديثهم لفظ الراوي ويحتمل أنه رواه بـ ‏"‏أو‏"‏ لاعتقاده أن معنى اللفظين سواء‏,‏ ولأنها كفارة فيها صوم شهرين متتابعين فكانت على الترتيب ككفارة الظهار والقتل‏.
منقول من كتاب المغني لابن قدامة المقدسي رحمه الله