س 17:ما حكم من يبكي في الدعاء و لا يبكي عند سماع كلام اللّه تعالى؟

الجواب:هذا ليس باختياره، فقد تتحرك نفسه في الدعاء و لا تتحرك في بعض الآيات، لكن ينبغي له أن يعالج نفسه و يخشع في قراءته أعظم مما يخشع في دعائه، لأن الخشوع في القراءة أهم، و إذا خشع في القراءة و في الدعاء كان ذلك كله طيبًا، لأن الخشوع في الدعاء أيضًا من أسباب الإجابة، لكن ينبغي أن تكون عنايته بالقراءة أكثر، لأنه كلام اللّه فيه الهدى و النور، كان النبي عليه الصلاة و السلام يتدبر و يتعقل و هكذا الصحابة رضي اللّه عنهم و أرضاهم يبكون عند تلاوته و لهذا لما قال النبي عليه الصلاة و السلام لعبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه: ( إقرأ عليّ القرآن ) قال عبد اللّه: كيف أقرأ عليك و عليك أنزل. قال: ( إني أحب أن أسمعه من غيري ). فقرأ عليه أول سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى: (( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا )) (4) قال: ( حسبك). قال فالتفت إليه، أو قال: فرفعت رأسي إليه فإذا عيناه تذرفان يعني يبكي، و ظاهره أنه يبكي بكاء ليس فيه صوت و إنما عرف ذلك بوجود الدمع. كذلك حديث عبد اللّه بن الشخير أنه سمع لصدره صلى اللّه عليه و سلم أزيزًا كأزيز المرجل من البكاء. فهذا يدل على أنه قد يحصل صوت و لكنه ليس بمزعج.

س 18:ما حكم التباكي؟ و صحة ما ورد في ذلك؟

الجواب:ورد في بعض الأحاديث: ( إن لم تبكوا فتباكوا ) و لكن لا أعلم صحته و قد رواه أحمدو لكن لا أذكر، لأن صحة الزيادة المذكورة و هي: ( فإن لم تبكوا فتباكوا ) إلا أنه مشهور على ألسنة العلماء لكن يحتاج إلى مزيد عناية لأني لا أذكر الآن حال سنده. و الأظهر أنه لا يتكلف بل إذا حصل بكاء فليجاهد نفسه على أن لا يزعج الناس بل يكون بكاءً خفيفًا ليس فيه إزعاج لأحد حسب الطاقة و الإمكان.

س 19:ما معنى التغني بالقرآن؟

الجواب:جاء في السنة الصحيحة الحث على التغني بالقرآن، يعني تحسين الصوت به و ليس معناه أن يأتي به كالغناء، و إنما المعنى تحسين الصوت بالتلاوة و منه الحديث الصحيح: ( ما أذن اللّه لشيء كإذنه لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به ) و حديث: ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن يجهر به ) و معناه تحسين الصوت بذلك كما تقدم. و معنى الحديث المتقدم: ( ما أذن اللّه ) اي ما استمع اللّه ( كإذنه )أي كاستماعه، و هذا استماع يليق باللّه لا يشابه صفات خلقه مثل سائر الصفات، يقال في استماعه سبحانه و اذنه مثل ما يقال في بقية الصفات على الوجه اللائق باللّه سبحانه و تعالى، لا شبيه له في شيء سبحانه و تعالى كما قال عز و جل: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ آلسَّمِيعُ آلْبَصِيرُ ) (5) و التغني الجهر به مع تحسين الصوت و الخشوع فيه حتى يحرك القلوب بهذا القرآن، حتى تخشع، و حتى تطمئن، و حتى تستفيد، و من هذا قصة ابي موسى الأشعري رضي اللّه عنه لما مر عليه الرسولصلى اللّه عليه و سلم و هو يقرأ فجعل يستمع له عليه الصلاة و السلام و قال: ( لقد أوتي هذا مزمارًا من مزامير آل داود ) فلما جاء أبو موسى اخبره النبي عليه الصلاة و السلام بذلك قال أبو موسى: لو علمت يا رسول اللّه أنك تستمع إليّ لحبرته لك تحبيرًا. و لم ينكر عليه النبي عليه الصلاة و السلام ذلك فدل على أن تحبير الصوت و تحسين الصوت و العناية بالقراءة أمر مطلوب ليخشع القارىء و المستمع و يستفيد هذا و هذا.

س20:ما اقل مدة يختم فيها القرآن؟

الجواب:ليس فيه حد محدود إلا أن الأفضل أن لا يقرأه في أقل من ثلاث كما في حديث عبد اللّه بن عمرو: ( لا يفقه من قرأ في أقل من ثلاث ) فالأفضل أن يتحرى في قراءته الخشوع و الترتيل و التدبر، و ليس المقصود العجلة، بل المقصود أن يستفيد و ينبغي أن يكثر القراءة في رمضان كما فعل السلف رضي اللّه عنهم و لكن مع التدبر و التعقل فإذا ختم في كل ثلاث فحسن، و بعض السلف قال: إنه يستثنى من ذلك أوقات الفضائل و أنه لا بأس ان يختم كل ليلة أو في كل يوم كما ذكروا هذا عن الشافعي و عن غيره، و لكن ظاهر السنة أنه لا فرق بين رمضان و غيره، و أنه ينبغي له أن لا يعجل، و أن يطمئن في قراءته، و أن يرتل كما أمر النبي عليه الصلاة و السلام عبد اللّع بن عمرو فقال: ( اقرأه في سبع ) هذا آخر ما أمره به و قال: ( لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث ) و لم يقل إلا في رمضان، فحمل بعض السلف هذا على غير رمضان محل نظر و الأقرب و اللّه أعلم أن المشروع للمؤمن أن يعتني بالقرآن و يجتهد في إحسان قراءته و تدبر القرآن و العناية بالمعاني و لا يعجل، و الأفضل أن لا يختم في أقل من ثلاث هذا هو الذي ينبغي حسب ما جاءت به السنة و لو في رمضان.

س 21:ما حكم تحديد الإمام اجرة لصلاته بالناس خصوصًا إذا كان يذهب لمناطق بعيدة ليصلي بهم التراويح؟

الجواب:التحديد ما ينبغي، و قد كرهه جمع من السلف، فإذا ساعدوه بشيء غير محدد فلا حرج في ذلك. اما الصلاة فصحيحةلا بأس بها إن شاء اللّه، و لو حددوا له مساعدة، لأن الحاجة قد تدعو إلى ذلك لكن ينبغي أن لا يفعل ذلك، و أن تكون المساعدة ما فيها مشارطة، هذا هو الأفضل و الأحوط كما قاله جمع من السلف رحمة اللّه عليهم. و قد يستأنس لذلك بقوله صلى اللّه عليه و سلم لعثمان بن أبي العاص رضي اللّه عنه: ( و اتخذ مؤذنًا لا يأخذ على آذانه أجرًا ) و إذا كان هذا في المؤذن فالإمام أولى ؟! و المقصود أن المشارطة في الإمامة غير لائقة و إذا ساعده الجماعة بما يعينه على أجرة السيارة فهذا حسن من دون مشارطة.

س 22:ما حكم المداومة على قراءة ( سبح اسم ربك الأعلى ) و ( قل يا أيها الكافرون ) و ( قل هو اللّه أحد ) في الركعات الثلاث الأخيرة من صلاة التهجد. و ما ورد من قراءة السور الثلاث الأخيرة من القرآن في الركعة الأخيرة التي يوتر بها؟
الجواب:هذا هو الأفضل لكن إذا تركه بعض الأحيان ليعلم الناس أنه ليس بواجب فحسن و إلا فالأفضل التأسي بالنبي صلى اللّه عليه و سلم فإنه كان يقرأ ( بسبح ) و ( الكافرون ) و ( قل هو اللّه أحد ) في الثلاث التي يوتر بها. لكن إذا تركها الإنسان بعض الأحيان ليعلم الناس أنه ليس بلازم مثل ما قال بعض السلف في ترك قراءة سورة السجدة و هل أتى على الإنسان في بعض الأحيان في صلاة الفجر يوم الجمعة من باب إشعار الناس أنها ليست بلازمة، و إلا فالسنة قراءتهما في صلاة الفجر في كل جمعة لكن إذا تركها الإمام بعض الأحيان ليعلم الناس أن هذا ليس بواجب فهذا لا بأس به مثل ترك قراءة ( سبح ) و ( الكافرون ) و ( قل هو اللّه أحد ) في الثلاث التي يوتر بها كما تقدم ليعلم الناس أن قراءتها ليست بواجبة لكن الأفضل أن يكثر من قراءتها و يكون الغالب عليه ذلك، و أما ما ورد من قراءة السور الثلاث الأخيرة من القرآن فضعيف، و المحفوظ أن يقرأ بعد الفاتحة سورة ( قل هو اللّه أحد ) فقط. في الركعة التي يوتر بها.

س 23:ما حكم دعاء ختم القرآن؟

الجواب:لم يزل السلف يختمون القرآن و يقرأون دعاء الختمة في صلاة رمضان و لا نعلم في هذا نزعًا بينهم فالأقرب في مثل هذا أنه يقرأ لكن لا يطول على الناس و يتحرى الدعوات المفيدة و الجامعة مثل ما قالت عائشة رضي اللّه عنها: كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يستحب جوامع الدعاء و يدع ما سوى ذلك فالأفضل لفمام في دعاء ختم القرآن و القنوت تحري الكلمات الجامعة و عدم التطويل على الناس و يقرأ اللهم اهدنا فيمن هديت الذي ورد في الحديث الحسن في القنوت و يزيد معه ما تيسر من الدعوات الطيبة كما زاد عمر، و لا يتكلف و لا يطول على الناس و لا يشق عليهم، و هكذا في دعاء ختم القرآن يدعو بما تيسر من الدعوات الجامعة، يبدأ ذلك بحمد اللّه و الصلاة على نبيه عليه الصلاة و السلام و يختم فيما تيسر من صلاة الليل أو في الوتر و لا يطول على الناس تطويلاً يضرهم و يشق عليهم. و هذا معروف عن السلف تلقاه الخلف من السلف، و هكذا كان مشائخنا مع تحريهم للسنة، و عنايتهم بها يفعلون ذلك، تلقاه آخرهم عن أولهم، و لا يخفى على أئمة الدعوة ممن يتحرى السنة و يحرص عليها. فالحاصل أن هذا لابأس به غن شاء اللّه و لا حرج فيه بل هو مستحب لما فيه من تحري إجابة الدعاء بعد تلاوة كتاب اللّه عز و جل، و كان أنس رضي اللّه عنه إذا أكمل القرآن جمع أهله و دعا في خارج الصلاة، فهكذا في الصلاة فالباب واحد، لأن الدعاء مشروع في الصلاة و خارجها و جنس الدعاء مما يشرع في الصلاة فليس بمستنكر. و معلوم أن الدعاء في الصلاة مطلوب عند قراءة آية العذاب، و عند آية الرحمة يدعو الإنسان عندها كما فعل النبي عليه الصلاة و السلام في صلاة الليل فهذا مثل ذلك مشروع بعد ختم القرآن، و إنما الكلام إذا كان في داخل الصلاة أما في خارج الصلاة فلا أعلم نزاعًا في أنه مستحب الدعاء بعد ختم القرآن، لكن في الصلاة هو الذي حصل فيه الإثارة الآن و البحث، فلا أعلم عن السلف أن أحدًا أنكره هذا في داخل الصلاة، كما إني لا اعلم أحدًا أنكره خارج الصلاة هذا هو الذي يعتمد عليه في أنه أمر معلوم عند السلف قد درج عليه اولهم و آخرهم فمن قال إنه منكر فعليه الدليل و ليس على من فعل ما فعله السلف، و إنما إقامة الدليل على ما أنكره و قال أنه منكر، أو إنه بدعة هذا ما درج عليه سلف الأمة و ساروا عليه، و تلقاه خلفهم عن سلفهم و فيهم العلماء و الأخيار و المحدثون، و جنس الدعاء في الصلاة معروف من النبي صلى اللّه عليه و سلم في صلاة الليل فينبغي أن يكون هذا من جنس ذاك.

س 24:ما موضع دعاء ختم القرآن؟

و هل هو قبل الركوع أم بعد الركوع؟


الجواب:الأفضل أن يكون بعد أن يكمل المعوذتين فإذا أكمل القرآن يدعو سواء في الركعة الأولى أو في الثانية أو في الأخيرة، يعني بعدما يكمل قراءة القرآن يبدأ في الدعاء بما يتيسر في أي وقت من الصلاة في الأولى منها أو في الوسط أو في آخر ركعة. كل ذلك لا بأس به، المهم أن يدعو عند قراءة آخر القرآن، و السنة أن لا يطول و أن يقتصر على جوامع الدعاء في القنوت و في دعاء ختم القرآن. و قد ثبت أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قنت قبل الركوع و قنت بعد الركوع و الأكثر أنه قنت بعد الركوع، و دعاء ختم القرآن من جنس القنوت في الوتر، لأن أسبابه الانتهاء من ختم القرآن، و الشيء عند و جود سببه يشرع فيه القنوت عند و جود سببه و هو الركعة الأخيرة بعدما يركع، و بعدما يرفع من الركوع، لفعل النبي صلى اللّه عليه و سلم، و أسباب الدعاء في ختم القرآن هو نهاية القرآن، لأنه نعمة عظيمة أنعم اللّه بها على العبد فهو أنهى كتاب اللّه و أكمله، فمن هذه النعمة أن يدعو اللّه أن ينفعه بهدي كتابه، و أن يجعله من أهله، و أن يعينه على ذكره و شكره، و أن يصلح قلبه و عمله، لأنه بعد عمل صالح، كما يدعو في آخر الصلاة بعد نهايتها من دعوات عظيمة قبل أن يسلم بعد أن منّ اللّه عليه بإكمال الصلاة و إنهائها، و هكذا في الوتر يدعو في القنوت بعد إنهاء الصلاة و إكمالها.

س 25:هل هناك دعاء معين لختم القرآن؟ و ما صحة الدعاء المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللّه تعالى؟

الجواب:لم يرد دليل على تعيين دعاء معين فيما نعلم، و لذلك يجوز للإنسان أن يدعو بما شاء، و يتخير من الأدعية النافعة، كطلب مغفرة الذنوب، و الفوز بالجنة، و النجاة من النار، و الاستعاذة من الفتن، و طلب التوفيق لفهم القرآن الكريم على الوجه الذي يرضي اللّه سبحانه و تعالى و العمل به و حفظه و نحو ذلك، لنه ثبت عن أنس رضي اللّه عنه أنه كان يجمع أهله عند ختم القرآن و يدعو، أما النبي صلى اللّه عليه و سلم فلم يرد عنه شيء في ذلك فيما أعلم. أما الدعاء المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللّه فلا أعلم صحة هذه النسبة إليه و لكنها مشهورة بين مشائخنا و غيرهم و لكنني لم أقف على ذلك في شيء من كتبه و اللّه أعلم.

س 26:ما حكم تتبع الختمات في المساجد؟


الجواب:هذا له أسبابه، فإذا كانت رجاء قبول الدعاء، لأن اللّه عز و علا قد وعد بالإجابة و قد يجاب هذا و لا يجاب هذا، فالذي ينتقل إلى المساجد إذا كان قصده خيرًا لعله يدخل في هؤلاء المستجاب لهم، يرجو ان اللّه يجيبهم و يكون معهم فلا حرج في ذلك، إذا كان بنية صالحة، و قصد صالح رجاء أن ينفعه اللّه بذلك، و يقبل دعاءهم و هو معهم.

س 27:ما حكم السفر إلى مكة و المدينة لقصد حضور الختمة؟

الجواب:السفر إلى مكة أو المدينة قربة و طاعة، للعمرة أو للصلاة في المسجد الحرام أو للصلاة في المسجد النبوي في رمضان و في غيره بإجماع المسلمين و لا حرج في هذا، لأن حضور الختمة ضمن الصلاة في الحرمين وقد يكون معه عمرة فهو خير يجر إلى خير.

س 28:ما حكم دعاء القنوت في الوتر و في الفجر؟

الجواب:دعاء القنوت في الوتر سنة و إذا تركه بعض الأحيان فلا بأس. أما القنوت دائمًا في صلاة الفجر فليس بمشروع بل هو محدث. فقد ثبت في مسند أحمد و سنن الترمذي و النسائي و ابن ماجة رحمهم اللّه عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي أن سعدًا قال: ( يا أبت إنك صليت خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و خلف ابي بكر و عمر و عثمان و علي رضي اللّه عن الجميع، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني محدث ). فبين طارق أن هذا محدث و ثبت من حديث أنس و من حديث غير أنس كابي هريرة و جماعة: ( أنه كان يقنت في النوازل في الصبح و غيرها ) فإذا وقع ابتلاء من عدو نزل بالمسلمين أو سرية قتلت من سرايا المسلمين أو ما أشبه ذلك شرع القنوت من الأئمة في المساجد في الركعة الأخيرة من الفجر بعد الركوع بقدر النازلة، أيامًا أو شهرًا، أو نحو ذلك ثم يمسكون لا يستمرون. هذا هو السنة، عند الحاجة و النازلة يدعو و يقنت الأئمة من غير استمرار دائمًا في الفجر أو غيرها فهذا خلاف السنة.

اما الأحاديث الواردة في القنوت في الصبح دائمًا فهي ضعيفة عند المحققين من أئمة الحديث. و اللّه ولي التوفيق.

س 29:ما حكم رفع اليدين في قنوت الوتر؟

الجواب:يشرع رفع اليدين في قنوت الوتر، لأنه من جنس القنوت في النوازل، و قد ثبت عنه صلى اللّه عليه و سلم أنه رفع يديه حين دعائه في قنوت النوازل. أخرجه البيهقي رحمه اللّه بإسناد صحيح.

س 30:هل من السنة أن يبدأ الإمام دعاء القنوت بالحمد للّه و الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام؟
الجواب:لم يبلغني عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و لا عن أحد من الصحابة أنهم كانوا يبدأون في دعاء القنوت بالحمد و الصلاة على النبي عليه الصلاة و السلام، و الذي جاء في حديث الحسن بن على رضي اللّه عنهما أن النبي صلى اللّه عليه و سلم علمه ان يقول في قنوت الوتر:

( اللهم اهدني فيمن هديت ) إلى آخره و لم يذكر فيه أنه علمه أن يحمد اللّه و أن يصلي على النبي ثم يقول اللّهم اهدني ...

لكن من حيث الأصل قد ثبت عنه صلى اللّه عليه و سلم أنه بدأ في الدعاء بالحمد للّه و الصلاة على النبي عليه الصلاة و السلام كحديث دعاء الحاجة: ( إن الحمد للّه نحمده و نستعينه ... ) الحديث،

و كحديث فضالة بن عبيد أن النبي عليه الصلاة و السلام سمع رجلاً يدعو في صلاته فلم يحمد اللّه و لم يصل على النبي عليه الصلاة و السلام

فقال: عجل هذا. ثم قال: ( إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى اللّه عليه و سلم، ثم يدعو بما شاء ) فهذا الحديث و ما جاء في معناه يدل على شرعية البدء بالحمد و الثناء على اللّه و الصلاة و السلام على النبي أمام الدعاء، و لكن يُرد على هذا أن العبادات توقيفية، و أنه لا يشرع فيها إلا ما شرع اللّه، فالقول بأنه يشرع للداعي في القنوت أن يبدأ بالحمد و الصلاة على النبي عليه الصلاة و السلام يحتاج إلى دليل واضح خاص، لأنه يوجد أدعية دعا بها النبي عليه الصلاة و السلام لم يذكر فيها الحمد و الصلاة على النبي عليه الصلاة و السلام مثل الدعاء في السجود. و لم يبلغنا أنه جاء في شيء من الأحاديث أنه صلى اللّه عليه و سلم

قال في السجود فليحمد اللّه و ليصل على النبي مع انه عليه الصلاة و السلام قال: ( أقرب ما يكون العبد من ربه و هو ساجد فأكثروا الدعاء ) و قال عليه الصلاة و السلام: ( أما الركوع فعظموا فيه الرب و أما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن ان يستجاب لكم ) رواهما مسلم في صحيحه و معنى قوله: ( فقمن ) أي حري أن يستجاب لكم. و لم يذكر في الحديثين الحمد و الصلاة على النبي عليه الصلاة و السلام في هذا المقام، و هكذا في الدعاء بين السجدتين، كما يدعو بين السجدتين: رب اغفر لي. و جاء عنه عليه الصلاة و السلام أنه دعا بقوله: ( اللهم اغفر لي و ارحمني و اهدني و اجبرني و ارزقني و عافني ) و لم يذكر في الرواية أنه حمد اللّه و صلى على النبي في هذا الدعاء. فيظهر من هذا أن استحباب الحمد و الثناء و الصلاة على النبي عليه الصلاة و السلام في أول الدعاء هذا هو الأصل في الدعاء الذي يدعو به الإنسان، لكن الدعوات المشروعة التي لم ينقل فيها الحمد و الثناء امامها، الأظهر أنه يؤتى بها على ما نقلت، و أن لا تبدأ بالحمد و الثناء و الصلاة على النبي عليه الصلاة و السلام، لأن ذلك لم يرد في النص، و لو بدأ الإنسان بحمد اللّه و الصلاة على النبي عليه الصلاة و السلام فيها لم نعلم في هذا باسًا عملاً بالأصل، لكن لا أعلم أن أحدًا نقله عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و لا عن الصحابة في دعاء القنوت، فالأفضل عندي و الأقرب للأدلة أنه يبدأ فيه بالدعاء ( االلهم اهدنا فيمن هديت ) كما نقل، و قد ادركنا مشائخنا رحمهم اللّه هكذا يبدأون في القنوت بهذا الدعاء ( اللهم اهدنا فيمن هديت ) في رمضان، و لم أعلم غلى يومي هذا عن أحد من أهل العلم أو من الصحابة و هم أفضل الخلق بعد النبياء، لا أعلم أن أحدًا بدا القنوت في الوتر أو النوازل بالحمد و الصلاة و السلام على النبي عليه الصلاة و السلام، و من علم شيئًا يدل على ذلك شرع له المصير إليه، لأن من علم حجة على من لم يعلم. و اللّه ولي التوفيق.