الفتوى رقم ( 17831 )

س : جاءتنا أشرطة مسجلة لعالمين جليلين ، هما الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني محدث الشام ، والشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي محدث اليمن ، يتحدثان فيها عن الداعية المعروف عبد الرحيم الطحان ، حيث إنهما جاءتهم رسائل واستفسارات من أهل السنة في قطر حول صحة ما يقوله الطحان من أقاويل ، منها :


(الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 168)

1- أنه يذهب إلى وجوب تقليد المذاهب الأربعة ، وأن نبذ تقليد هذه المذاهب ما هو إلا ضلال .

2- إنكاره لقاعدة الجرح والتعديل بالكلية .

3- تمجيده للمتصوفة واتهامه لمن يعاديهم بالضلال .

4- ذهابه إلى سماع الأموات في قبورهم ، بالإضافة إلى أنهم كذلك يصلون في هذه القبور ويرون من يأتي لزيارتهم .

5- قوله بجواز رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا في حال اليقظة ، واستشهد على ذلك بأن نور الدين زنكي قد رآه في الدنيا في اليقظة .

6- ادعاؤه بأن النظر في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - تعدل عبادة آلاف السنين ، وأن النظر في وجه الصحابة تعدل عبادة آلاف السنين ، وأن النظر في وجه الإمام أحمد تعدل عبادة سنة .

وبعض إخواننا هنا في مصر يعتذرون عنه بأنه لعله يقصد المتصوفة الذين مدحهم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في رسالة الصوفية والفقراء ، وأن رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تجوز في الدنيا ، واستدلوا على ذلك بأن عبد الله بن المبارك - رحمه الله- رآه بعض الحجاج في زمنه يحج معهم ، مع أنه لم يذهب إلى الحج ، ولما عادوا إليه قالوا له : رأيناك في الحج فسكت ولم يتكلم .


(الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 169)

فهل هذه القصة صحيحة ، ويستدل بها على رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا حال اليقظة ؟

وهل هذا الرجل قد تحول من منهج أهل السنة إلى منهج أهل البدع بعدما ترك الحجاز وذهب إلى قطر ؟

وهل نستطيع أن نصفه بأنه مبتدع ؟ وهل الموتى يسمعون في قبورهم ؟ وهل عدم تقليد المذاهب ضلال وزيغ عن طريق الحق ؟

وهل ما نسب إليه من أقوال صحيحة ، وقد ثبتت عنه ، وإذا ثبتت فهل ما قاله صحيح ؟

فنحن في مصر قد شغلنا أمر الطحان ، ونريد أن نعرف إلى أي أمر صار أمره ، إلى منهج أهل السنة أم إلى منهج أهل البدع ؟ لذلك نرجو من سماحتكم سرعة الرد علينا .

ج : هذه الأقوال المنسوبة إلى المدعو \ عبد الرحيم الطحان كلها أقوال باطلة يجب التحذير منها ؛ لمخالفتها لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه لا يجب تقليد أحد من العلماء ، وإنما يؤخذ بقول العالم إذا وافق الدليل .

والواجب على الجميع اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو القدوة لجميع المؤمنين ، قال الله تعالى : سورة الأحزاب الآية 21 لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

(الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 170)

وقال الله تعالى : سورة الحشر الآية 7 وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا . والجرح والتعديل للرواة مجمع عليه بين العلماء ؛ لأجل التوثق من صحة الحديث ، لا من أجل الطعن في الشخصيات وتنقصها ، ولكن لا يجوز الدخول في هذا الباب إلا لأهل الاختصاص من الراسخين في علوم الحديث .

والتصوف طريقة مبتدعة ما أنزل الله بها من سلطان ، وأغلب المتصوفة في هذا الزمان ضلال منحرفون ، لا يجوز مدحهم والثناء عليهم ، والواجب اتباع السنة . وأما سماع الموتى في قبورهم فلا يثبت إلا بدليل ، وهو من أحوال البرزخ التي لا يعلمها إلا الله ، وإذا ثبت سماع خاص لا يجوز بسببه دعاؤهم والاستعانة بهم ؛ لأن هذا من الشرك الأكبر .

ورؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليقظة ، أو رؤية غيره من الأموات غير حاصلة ولا ممكنة ، ولا دليل مع من أجازوها ؛ لأن الأموات لا يعودون إلى هذه الدنيا ، قال تعالى :

(الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 171)

سورة يس الآية 31 أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ، وقوله سبحانه : سورة المؤمنون الآية 15 ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ سورة المؤمنون الآية 16 ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ . ودعوى أن النظر إلى وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره ينفع ، غير صحيح ، وقد نظر إلى وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - كثير من الكفار والمنافقين ، ولم ينفعهم ذلك ، وإنما الذي ينفع هو الإيمان بالله ورسوله والعمل الصالح .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .


اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عضو عضو عضو عضو الرئيس
بكر أبو زيد عبد العزيز آل الشيخ صالح الفوزان عبد الله بن غديان عبد العزيز بن عبد الله بن باز