الرد على من زعم أن تأخير أذان العشاء في رمضان في الحرمين من البدع (2)

الحمد لله وحده ،والصلاة على من لانبي بعده.
وبعـــــــــد:


الأخ(ابن خلدون) لقد تعجبت وذهلت من ردك علي وعلى الأخ الفاضل (شخص عايدي) حينما نبهناك على خطأ وخطل ماذهبت إليه من التبديع المزعوم،في حين كان الحري بك الرجوع والانصياع للحق بدل المكابرة والمراوغة والتناقض بله التعالم،وحتى لايكون كلامي من الأسلوب الذي يترفع عنه،فدونك تقرير وتأكيد ماقلتـــــه عنك:

1ـ ما معنى كلامك الآتي:
" نعم ، من المنكر إنكار ما ليس بمنكر ، ولكن إذا لم يكن بالفعل منكرًا ، فالمقصود بما ليس بمنكر ( وهو المعروف ) ما هو معروف في الشرع وليس ما اعتاده الناس أو بعضهم ، والمنكر ما ينكره الشرع ، فموضع نقاشنا في ( أين هو المنكر في هذه المسألة ؟ ) "؟؟
قلت:سبحان الله كل ماذكر لك من الأدلة الدامغة في ردنا السابق على بشاعة وفظاعة ومنكر ماجئت به و زعمته ،ولاتراه منكراً ،فلاحول ولاقوة إلا بالله.

2ـ قولك:" لكني أقول إن الأصل هو أداء الأذان في الوقت الشرعي المحدد له ، وأنكم أنتم ينبغي أن تكونوا عالمين بهذا التغيير فيه ( متيقنين منه ) ، فالبينة على من ادعى كما تعرفون ، و ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )" .
قلت:ماهذا التحاذق؟ إن نقاشنا لك لم يكن في بيان أن الأصل هو أداء الأذان في وقته المشروع ،وإنما في عدم التسليم لك بماادعيت أنه تغيير وبنيت عليه تبديعك المزعوم،وبعد كل ما أورد عليك من الحجج ،تطالبنا بالبرهان ،فالله المستعان.

3ـ حينما بين لك الأخ(شخص عايدي)بشاعة عنوان مقالك:(أخطر بدعة...)وأن أخطر بدعة هي الشرك بالله فلم هذا التهويل؟ ما كان منك إلا أن قلت:"طبعًا أخطر بدعة لا تكون إلا شركاً وكفراً ، وطبعًا البدع تقسم إلى شركية ودون ذلك ، ولكن العنوان أخي العايدي لم يجئ مطلقًا ولكنه مقيد بـ (رمضانية في أرض الحرمين ) ولا يخفى عليك الفرق بين المطلق والمقيد ، وما زلت أعتقد أنها على هذا الوصف بهذا التقييد "؟؟ماشاء الله على هذا التحاذق،والروغان.

4ـ نبهك الأخ(شخص عايدي)على ضعف حجتك في رد حديث فوات الفجر ،وأفادك فائدة عزيزة في كيفية فهم التعا مل مع نصين بينهما بعض الفروق إلا أنهما تشابهافي العلة ،فما كان منك إلا أن قلت:
"لا أعلم أخي العايدي أين الضعف في عدم حجية حديث فوات الفجر وأنت نفسك تقول : ( وكلها لا تهمنا إلا تشابها في علة تجمع بين النصين ) ، فأولاً : القياس لا يكون بين نصين ، وإنما بين مسألتين إحداهما ورد حكمها بنص والأخرى لم يرد ، وثانيًا : أنت تتحدث عن تشابه العلة ، ومع تجاوز أنك جمعت نوعي القياس في عبارة واحدة ( قياس الشبه وقياس العلة ) فلعلك تقصد اتحاد العلة ، إلا إني أسألك : أين هو ( تشابه ) العلة في تأخير الأذان لعذر شرعي منصوص عليه ( النوم ) ، وبين تأخيره رغم انتفاء وجود هذا العذر الشرعي المنصوص عليه ؟!! "
ويبدوا أنك لاتعير لكلام أهل العلم أدنى اهتمام، فهلا راجعت كلامهم حول الحديث وأمعنت النظر فيه،أم أن المسألة كما قال لك الأخ(عايدي):قدقضيت وحسمت لديك،وانظر إن شئت كلام العلامة الزرقاني عند شرحه للحديث في "شرحه للموطأ"(1/35-36)،وماقاله ابوبكربن العربي كما في" تفسير القرطبي"(2/167):"لاخلاف في مذهبنا أن تأخيرالصلاة رجاء الجماعة أفضل من تقديمها،فإن فضل الجماعة معلوم ،وفضل أول الوقت مجهول وتحصيل المعلوم أولى ".

5ـ تأكيدلما سبق من أنك لاتعير لكلام أهل العلم أي اهتمام ،قدأحالك الأخ(عايدي)لكلام الحافظ ابن حجر،وكذلك مانقلته لك من كلام العراقي حول حديث الإبراد _ولاأدري لما سكتت عن كلام الشيخ العثيمين_ وقوة الاستدلال به في المسألة ،فما كان منك إلا أن قلت:
"نقلك عن ابن حجر رحمه الله في الفتح ونقل الأخ الناقد عن الحافظ العراقي رحمه الله في طرح التثريب أعتبرهما نقلاً واحدا فالمعاني متقاربة ( والحافظ ابن حجر كان تلميذًا للحافظ العراقي كما هو معروف ) لذا فالكلام الآتي موجه لكليكما في هذه النقطة ، فما فهمته أنكما تريدان قياس تأخير أذان العشاء على الإبراد في صلاة الظهر ، والذي يظهر واضحًا أن هذا قياس مع الفارق ..."؟؟؟
قلت :ماهذه الظاهرية العقيمة ؟

6ـ قولك:"كما أرى أن فهم خلاف العلماء المشهور وقع بطريقة معكوسة ، فبدلا من خلاف تكون صيغته ( هل الأذان للعبادة أم للوقت ؟ ) وهو خلاف في علة تشريع الأذان وليس في تحديد وقته الأصلي ، فوقته محدد بالأحاديث المعروفة ، فقد ظهر لي ــ بالنظر إلى اعتبار أداء بعض المسلمين صلاة المغرب في غير وقتها نتيجة تأخير أذان العشاء ــ أن الخلاف فهم وكأنه (هل العبادة تؤدى وقت الأذان أم وقت دخول الوقت ) ".
قلت :هذاالفهم المعكوس لايوجد إلا في ذهنك -مع الأسف-لأننا قدمنا لك سابقاً وقبل قليل أننا لانناقشك في أن الأصل أداء الصلاة أوالأذان في الوقت بل في ما زعمته من بدعية تأخير الأذان ،فلم هذا التمحل والمرواغة في تقرير أمورهي خارج محل النزاع،فالله المستعان.

7ـ قولك:"إذا لم يكن تأخير أذان العشاء بسبب عدم استعجال الناس للفراغ من طعامهم ، فما هي يا ترى المصالح التي لأجلها أفتى ( من أفتى !!!!! ) بجواز تأخير أذان العشاء ( لكل البلاد في كل يوم من أيام رمضان في كل سنة ) ... أليس من الأفضل إعلان هذه المصالح لعل المسلمين في البلاد الأخرى ينتبهون إليها ويأخذون بهذه ( الرخصة ) ؟ ".
قلت :قد ذكرت لك فيما سبق بعضها غير أنك عازف عنها وعن فهمها بدليل تهكمك هذا،ونضيف هاهنا :حتى يجتمع الناس لها.ويبدوا أن لديك حمية منعتك من تناول الطعام ،ولذا تدندن حوله .

8ـ قولك:"ولماذا لا نقول إن ( الأحوط ) هو إعلان الأذان في وقته ؟! ".
ياليتك اكتفيت بقولك(الأحوط) لهان الخطب معك ولكنك ناقضته بقولك:(أخطر بدعة..)فالبدعة لايقال فيما يخالفها(الأحوط) بل يقال :(السنة)،ولكن الحق أنطقك،فتأمل.

9ـ قولك:"من قال إنه يفترض أن كل ما هو واقع وموجود في هذه البلاد فإنه شرعي أو أفتى به العلماء أو أنهم راضون عنه إذا لم يصدروا فتوى تفصيلية محددة فيه؟ ، فالبدع موجودة في كل بلاد العالم الإسلامي ، وفي أرض الحرمين ــ بل في المسجدين الشريفين وفي كل صلاة ــ بدع أخرى ( كالتبليغ بعد الإمام بغير حاجة إلى ذلك ، وزخرفة المساجد ، .. ) من غير إنكار لها ، وقد تكون هناك أسباب أخرى تمنع هذا الإنكار غير أن يكونوا لا يعدونها بدعة ".
قلت:هداك الله ماهذه المغالطات ،تبادر بالرد وتتعجل فيه_ويبدو أن هذا ديدنك_دون أن تستوعب مالوحظ وأخذ عليك فقد طلبت منك_ولاأزال_أن تحيلناعلى مليء من أهل العلم قال بهذا، أو أقرك على دعواك ،ولكنك أخذت تأتي بكلام هوعليك ،فمن أين عرفت بدعية ماذكرت؟ أليس من تنصيص علماء أهل السنة على بدعية هذه الأمور في كتبهم ودروسهم،فلم هذا التمحل .

10ـ قولك:"والذي أعرفه عن علماء هذه البلاد هو تشددهم في مثل هذه الأمور حتى إنهم يبدعون جهر المؤذن بالصلاة والسلام على النبي وذكر الدعاء المأثور عقب الأذان ، فكيف يظن بهم أنهم يفتون بشرعية أن يتواطأ ويتفق جميع مؤذني بلد ما على نقل وقت الأذان مدة شهر كامل ؟ "
قلت:لاأدري ماذا أقول على هذا التناقض،يقرر مدى لزوم علماء هذه البلاد للسنة والحرص عليها ويناقضه بما سبق من أنهم قد لايرضوا عن أمور ومع هذا يسكتون ولايفتون فيها ،ثم انظر إليه كيف يعكس الأمرحينما قال :(فكيف يظن..). ياسبحان الله :عمل يتواطأ ويتفق جميع مؤذني الحرمين على تأخير أذان العشاء مدة شهر كامل ويصلي معهم ويحضر لفيف من العلماءدون إنكار على هذا الفعل ،بل واقرار له أيما إقرار ،ويأتينا الشيخ ابن(خلدون)قائلاً:(كيف يظن بهم أنهم يفتون بشرعيته)؟؟؟ غفرالله لـــــك.

11ـ قولك:(لقد ناديت في تعقيبي على الأخ نادر أن من كان يعرف فتوى في هذه المسألة المهمة لهيئة كبار العلماء أو للشيخ ابن باز فليأت بها أو ليدلنا على مصدرها وموقعها ، ولم يأت أحد بشيئ ، وها أنا ذا أناشد مرة أخرى من كان يعلم فتوى ( لأي عالم ) نفيًا أو إثباتًا فليأتنا بها ويريحنا ويريح القراء ، ويتحمل هذا العالم تبعة فتواه ــ إن أجرًا وإن غير ذلك ــ ).
قلت:إن عجائبك لاتنتهي ،تتعجل وتبادر في التبديع ،دون سؤال أهل العلم وعرض ما ذهبت إليه عليهم لتستنير بفهمهم وعلمهم،ولم تكلف نفسك عناء ذلك البتة،ثم تطالب غيرك وتناشدهم احضارفتوى بهذا الشأن ،وهذا منك من باب التنزل وإلا فمثلك لايبدي حفاوة بكلام أهل العلم_كماتقدم_ فهلا سألت قبل أن تشغل نفسك وغيرك بمثل هذه الغرائب ،وإني هاهنا أسدي لك ولنا جميعاً نصيحة قالها إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل _رحمه الله_ لابنه:(يابني إيّاك أن تقول بقول ليس لك فيه إمام).

12ـ قولك:"إنني أربأ بنا جميعًا أن يكون منطلقنا في الأخذ والرد ( إنا وجدنا آباءنا على أمة .. ) ، ولكني مع ذلك أطرح عليكم هذه الأسئلة ، وأستحلفكم بالله أن تجيبوا عليها ــ ولو في أنفسكم ــ بتجرد وموضوعية :
ـــ ما مدى الفرق بين تأخير أذان العشاء وما يتبعه من احتمال صلاة المغرب في غير وقتها لهذه المصالح الغامضة والمطاطة وبين تأخيره لمصالح اقتصادية أو معيشية أخرى ؟
ـــ ألا ترون أن هذا المنهج التبريري يقود إلى فتاوى ( علمانية ) ..."
قلت: غفرالله لك ،بعد كل الحجج التي أوردت عليك ترانا هلكى التقليد والتبعية ، وماذكر لك من المصالح أصبحت :غامضة ومطاطة،وكلامنا يقود إلى (فتاوى علمانية)؟ألاتعرف ما يخرج من رأسك ،ولعلمك نحن في أرض الحرمين _حرسها الله_ولسنا في دول العلمنة.

13ـ قولك:"ـــ إذا لم تحدث هذه البدعة في هذه البلاد وحدثت في بلد آخر كبنجلاديش أو مصر أو اليمن أو المغرب .. مثلاً ، فهل كان موقفكم سيكون نفس موقف التبرير والبحث عن مخارج شرعية لإبقاء الواقع كما هو، أم ستردون فورًا وبتلقائية بالآيات والأحاديث التي أوردتها أنا في هذه المشاركة المتواضعة ؟ "
قلت:نحن لانقر ولانسلم لك القول بعدم شرعية تأخير الأذان للمصلحةلما سقناه لك من الأدلة،ثم إن كلامك كان مقيداً بفعلها في الحرمين فمابالك الآن وسعت الدائرة؟.
لازال سوء الظن ملازمك _ولاحول ولاقوة إلا بالله_فجئت بكلام ينم عن عنصرية مقيتة.

14ـ ثم ختمت كلامك بقولك:" لقد سعدت ــ رغم كل ذلك ــ بما طرحتموه ، فإنه بلا شك أثرى الحوار وقدح الأفكار ، ولكن لماذا أنتما في عجالة من أمركما ؟ أمامكما رمضان وما بعد رمضان ، ابحثا في تؤدة وعلى مهل ، وأرحب أخواي بقبول الحق حتى وإن خالف ما ذهبت إليه ، أو على الأقل سوف يستفيد القراء ".
قلت:أين هذه السعادة؟،أهي في المكابرة والمراوغة والتناقض،أم في سوء الظن والتعالم.
أما المستعجل في أمره فهو من بادر في التبديع وأهمل كلام العلماء والفقهاء وتسنم أمراً لايحسنه.
وختاماً:فهذا غيض من فيض وقليل من كثير في الرد على غرائبك ،عسى أن ترعوي وتعود الى الصواب ،وإن عدت عدنا والله الموفق والمعين.